بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

في مثل هذا اليوم 13 يونيو1980.. اغتيال الدكتور يحيى المشد عالم الذرة

الدكتور يحيى المشد
الدكتور يحيى المشد عالم الذرة

لا يزال الدكتور يحيى المشد عالم الذرة المصري الذي تم اغتياله في مثل هذا اليوم 13 يونيو 1980، يمثل حلقة من حلقات الصراع العربي الإسرائيلي، خاصة وأنه كان قائد المشروع النووي العراقي في أوجه، أثناء التعاون العراقي مع فرنسا آنذاك، فمن هو هذا العالم المصري؟!

 

إنه الدكتور يحيى أمين أحمد المشَد، الذي عمل أستاذًا محاضرًا في قسم الهندسة الكهربائية، بالجامعة التكنولوجية بالعراق، وقاد برنامج العراق النووي. 

 

وُلد الدكتور يحيى المشد في مدينة بنها التابعة لمحافظة القليوبية بجمهورية مصر العربية، في 11 يناير 1932، وتلقى تعليمه الأساسي في مدارس مدينة طنطا وتخرج من قسم الكهرباء بكلية الهندسة، جامعة الإسكندرية سنة 1952م. 

 

ومع المد العربي سنة 1952، تم اختياره للذهاب في بعثة علمية لنيل الدكتوراه من لندن سنة 1956، لكن العدوان الثلاثي على مصر، غير وجهة البعثة إلى موسكو.
 

تزوج وسافر وقضى في موسكو 6 سنوات، عاد بعدها سنة 1963، متخصصاً في هندسة المفاعلات النووية.


عند عودته لمصر، انضم إلى هيئة الطاقة النووية المصرية، وقام بعمل بعض الأبحاث، ثم انتقل إلى النرويج بين عامي 1966 و 1964، وعاد بعدها أستاذًا مساعدًا بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية، وما لبث أن تمت ترقيته إلى "أستاذ"، وأشرف على الكثير من الرسائل الجامعية ونشر أكثر من 50 بحثًا.

 

بعد حرب يونيو 1967 تم تجميد البرنامج النووي المصري جزئيًا، مما أدّى إلى إيقاف الأبحاث في المجال النووي بمصر.
 

أصبح الوضع أصعب بالنسبة له بعد حرب أكتوبر 1973، حيث تم تحويل الطاقات المصرية إلى اتجاهات أخرى، وهو الأمر الذي لم يساعده على الإبداع، فأدى ذلك إلى ذهابه إلى العراق ليبدع في أبحاثة في المجال النووي.

 

الدكتور المشد في العراق 


كان لتوقيع نائب الرئيس العراقي صدام حسين في 18 نوفمبر 1975 اتفاقية التعاون النووي مع فرنسا، أثره في جذب العلماء المصريين إلى العراق، فانتقل الدكتور يحيى المشدّ للعمل بالعراق وأشرف علي البرنامج النووي العراقي.

وحدث أن رفض بعض شحنات اليورانيوم الفرنسية لمخالفتها المواصفات وأصرت فرنسا بعدها على حضوره شخصيًا إلى فرنسا لتنسيق استلام اليورانيوم.

 

اغتيال المشد


في يوم الجمعة 13 يونيو عام 1980م وفي حجرته رقم 941 بفندق الميريديان بباريس، عُثر على الدكتور يحيى المشد جثة هامدة، مُهشم الرأس ودماؤه تغطي سجادة الحجرة بعد أن اغتالته مخابرات المو ساد الإسرائيلية.
وأُغلق التحقيق الذي قامت به الشرطة الفرنسية على أن الفاعل مجهول.

 

هذا ما أدت إليه التحقيقات الرسمية التي لم تستطع أن تعلن الحقيقة التي يعرفها كل العالم العربي وهي أن الموساد وراء اغتيال المشد.

 

والحكاية تبدأ بعد حرب يونيه 1967م عندما توقف البرنامج النووي المصري جزئيًا، ووجد كثير من العلماء والخبراء المصريين في هذا المجال أنفسهم مجمدين عن العمل الجاد أو مواصلة الأبحاث في مجالهم، وبعد حرب 1973 م، وبسبب الظروف الاقتصادية لسنوات الاستعداد للحرب أعطيت الأولوية لإعادة بناء الحياة من جديد في مشروعاته المجمدة.

 

البداية في العراق في ذلك الوقت وبالتحديد في مطلع 1975 م كان صدام حسين نائب الرئيس العراقي وقتها يملك طموحات كبيرة لامتلاك كافة أسباب القوة؛ فوقّع في 18 نوفمبر عام 1975 م اتفاقًا مع فرنسا للتعاون النووي.

 

من هنا جاء عقد العمل للدكتور يحيى المشد العالم المصري، والذي يعد من القلائل البارزين في مجال المشروعات النووية وقتها، ووافق المشد على العرض العراقي لتوافر الإمكانات والأجهزة العلمية والإنفاق السخي على مشروعات البرنامج النووي العراقي.

وكعادة الاغتيالات دائما ما تحاط بالتعتيم الإعلامي والسرية والشكوك المتعددة حول طريقة الاغتيال.
 

أول ما نسبوه للدكتور يحيي المشد أن المو ساد استطاع اغتياله عن طريق غانية فر نسية،
إلا أنه ثبت عدم صحة هذا الكلام؛ حيث إن "ماري كلود ماجال" أو "ماري إكسبريس" كشهرتها، باعتبارها، الشاهدة الوحيدة، وهي امرأة ليل فرنسية كانت تريد أن تقضي معه سهرة جنسية.

وقد أكدت في شهادتها أنه رفض تمامًا مجرد التحدث معها، وأنها ظلت تقف أمام غرفته لعله يغيّر رأيه، حتى سمعت ضجة بالحجرة، ثم اغتيلت أيضًا هذه الشاهدة الوحيدة.
 

كما دافعت عنه وبشدة زوجته "زنوبة علي الخشاني" حيث قالت: "يحيى كان رجلًا محترمًا بكل معنى الكلمة، وأخلاقه لا يختلف عليها اثنان، ويحيى قبل أن يكون زوجي فهو ابن عمتي، تربينا سويًّا منذ الصغر؛ ولذلك أنا أعلم جيدًا أخلاقه، ولم يكن له في هذه "السكك" حتى إنه لم يكن يسهر خارج المنزل، إنما كان من عمله لمنزله والعكس".

 

كما تردد أيضًا: أن هناك شخصًا ما استطاع الدخول إلى حجرته بالفندق وانتظره حتى يأتي، ثم قتله عن طريق ضربة على رأسه، وإذا كان بعض الصحفيين اليهود قد دافعوا عن الموساد قائلين: إن جهاز الموساد لا يستخدم مثل هذه الأساليب في القتل؛ فالرد دائمًا يأتي: ولماذا لا يكون هذا الأسلوب المتبع، لكي تبتعد الشبهات عن الموساد؟! ودليل ذلك أن المفاعل العراقي تم تدميره بغارة إسرائيلية بعد اشهر من مقتل المشد.

 

والغريب أيضا والمثير للشكوك، أن الفرنسيين صمّموا على أن يأتي المشد بنفسه ليتسلم شحنة اليورانيوم، بالرغْم من أن هذا عمل يقوم به أي مهندس عادي كما ذكر لهم في العراق بناء على رواية زوجته، إلا أنهم في العراق وثقوا فيه بعدما استطاع كشف أن شحنة اليورانيوم التي أرسلت من فرنسا غير مطابقة للمواصفات، وبالتالي أكدوا له أن سفره له أهمية كبرى.

 

الغريب أنه بعد رجوع أسرة المشد من العراق؛ قاموا بعمل جنازة للراحل، ولم يحضر الجنازة أي من المسئولين أو زملاؤه بكلية الهندسة إلا قلة معدودة، حيث إن العلاقات المصرية العراقية وقتها لم تكن على ما يرام بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وأصبحت أسرة المشد الآتية من العراق، لا تعرف ماذا تفعل بعد رحيل المشد، لولا المعاش الذي كانت تصرفه دولة العراق الذي صُرف بناء على أوامر من صدام حسين مدى الحياة (بالرغْم من أنه توقف بعد حرب الخليج)، ومعاش ضئيل من الشئون الاجتماعية التي لم تراع وضع الأسرة أو وضع العالم الكبير.

 

كما أن الإعلام المصري لم يسلط الضوء بما يكفي على قصة اغتيال المشد بالرغْم من أهميتها، ولعل توقيت هذه القصة وسط أحداث سياسية ساخنة جعلها أقل أهمية مقارنة بهذه الأحداث!!

[[system-code:ad:autoads]

تم نسخ الرابط