«من البحيرة إلى نوبل».. «زويل» العالم الذي أصرّ على خدمة وطنه فحاربه المسؤولين

الخميس 02 اغسطس 2018 | 11:08 صباحاً
كتب : سارة أبو شادي

«الغرب ليس أذكى منّا ولكنهم يقفون ويدعمون الفاشل حتى ينجح .. أما نحن فنحارب في الناجح حتى يفشل» مقولة جميعنا نرددّها كل يوم، قيلت على لسان نموذجًا لن ينساه التاريخ، مصري عانى في وطنه فدعمّه الغرب، كان مثاثلًا لجيلًا بأكمله، سطّر اسمه بحروف من نور في سجل العلماء ليس في المحروسة فقط بل على مستوى العالم بأكمله، كان عالمًا جليلًا، بالرغم من رحيله إلّا أنّه ترك أثرًا في نفوس جميع طلاب العلم، رحل ولكن ما زال علمه باقي ومتواجد ينهل منه الملايين في العالم، اليوم وفي الثاني من أغسطس، تحل الذكرى الثانية لوفاة العالم الراحل أحمد زويل.

 

نبذة عن حياته

بأقصى شمال مصر وتحديدًا بمدينة دمنهور التابعة لمحافظة البحيرة وفي السادس والعشرين من فبراير عام 1946، وعن طريق الصدفة ولد أحمد زويل أثناء زيارة والدته لجدته بدمنهور وهناك أتاها ألم المخاض فأنجبت أحمد أو كما أطلقوا عليه إسم شوقين بسبب اشتياقهم لمولود بعد زواج دام 5 سنوات دون إنجاب.

 

كان نابغًا متفوقًا منذ نعومة أظافره، أتمّ دراسته الابتدائية والتوجيهية، وكان يطمح أن يلتحق بكلية العلوم، وبالفعل حققّ رغبته والتحق بكلية العلوم جامعة الإسكندرية، ولأنّها كانت أمنيته، تفوّق بها لدرجة أنّ الكلية كان تصرف له مكافأة قدرها 13 جنيهًا، في هذا الوقت كان مرتب خريج الجامعة 17 جنيهًا.

 

 تفوّق «زويل»  في البكالوريوس بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى بنسبة 93% وتم تعيينه معيدا بكلية العلوم حيث حصل على الماجستير بعد تحصيل دراسي ثمانية أشهر كان يحصله غيره ما بين سنتين وأربعة سنوات.

 

 

 تفوقه الدراسي

بعد تعيينه معيدًا بكلية العلوم في الإسكندرية وحصوله على الماجيستير، ولأن لديه رغبة في الوصول إلى هدف محدد قرر التقدم لبعثة خارجية، واختار أمريكا وجهة له، ولكن حظه وقتها كان يعارضه، لأن مصر آنذاك كانت تمنع السفر إلى أمريكا، ولم يكن أمامه خيار سوى الاتحاد السوفيتى والمجر وذلك في عام 1967،ولكن المفاجأة أنه استقبل خطابا بالمنحة في أمريكا.

 

لم يمر الأمر بسهولة كما كان يتوقع الشاب فالروتين المصري يقف عائقًا أمام أي تقدم، فبدأ معاناته حيث ذهب بالخطاب إلى الجامعة وقدمه لأحد المسئولين، لكن كان الرد صادمًا: «مين اللى قالك إنك انت صاحب المنحة، هو علشان اسمك فيه يبقى انت اللى تروح انت فاكر البلد سايبة؟، لازم تجيب موافقة جميع زملائك المعيدين وكانوا 30 معيدًا وقام بالحصول على موافقتهم جميعا بعدم رغبتهم في المنحة»، بعد ذلك اصطدم زويل بقانون يؤكد وجوب عمله عامين كمعيد بالجامعة قبل السفر، لم يجد أمامه سوى الذهاب إلى وزارة التعليم العالي والتي طلبت موافقة رئيس الجامعة، وبعد معاناة وافق رئيس الجامعة على سفر زويل.

 

واجه زويل العديد من الصعوبات أثناء وصوله لأمريكا بداية مع عدم اتقانه اللغة الإنجليزية، والتي عوّضها بحصوله على كورسات تقوية، وظل باحثا في جامعة كاليفورنيا حتى عام 1976، ثم انتقل إلى جامعة «كالتك» التي تضم علماء مختلفين من الحاصلين على جائزة نوبل، وظل يعمل بها حتى وصل إلى منصب مدير معمل العلوم الذرية ورئيس قسم علوم الكيمياء الفيزيائية، وكان خلفا لأحد كبار العلماء في أمريكا وكان يشغل رئاسة القسم قبله وهو «لينوس باولنج» صاحب جائزة نوبل مرتين.

 

حياته الأسرية

عاش "زويل" في سان مارينو، لوس أنجلوس، وتزوج من السيدة ديما زويل "الفحام"، وهي ابنة شاكر الفحام وتعمل طبيبة، وله 4 أبناء: مها، أماني، نبيل، هاني.

 

جائزة نوبل

في 21 أكتوبر 1999م، حصل "زويل"، على جائزة نوبل في الكيمياء عن أبحاثه التي أدت إلى اختراعه لكاميرا لتحليل الطيف تعمل بسرعة فمتو ثانية ودراسة التفاعلات الكيميائية باستخدامها، فمتو ثانية.

 

وتمّ انتخاب العالم المصري عضوًا في أكاديمية العلوم و الفنون الأمريكية، كما تم اختياره كمستشار للرئيس الأمريكي، وورد اسمه في قائمة الشرف التي تضم أهم الشخصيات التي ساهمت في نهضة الولايات المتحدة الأمريكية على مر العصور وكان رقم 9 في قائمة ضمت 29 شخصا منهم ألبرت أينشتاين، ألكسندر جراهام بيل.

 

  خدمة وطنه

 حرص زويل على أن يخدم مصر بكل ما يملك من قوة وعلم وفكر، وقرر إنشاء مشروع قومى يخدم الدولة المصرية، لكن أكثر ما أغضب زويل هو وجود عدد من المسئولين كانوا يعارضون مشروعه، وفى أحد لقاءاته الأخيرة، كشف الدكتور زويل أن وزير التعليم العالى الأسبق الدكتور مفيد شهاب كان ضد مشروعه العلمى بمصر، ووقف ضده ولم يساعده رغم أن حلمه الكبير كان يتمثل في وجود الصرح العلمى لمدينة زويل العلمية، رغم أن مجلس الوزراء وقتها قرر إطلاق اسم زويل على المشروع، وقال زويل قبل وفاته بـ5 أشهر إن المدينة العلمية محصنة بالقانون، ولا يستطيع أي وزير الاقتراب منها نهائيا.

 

وفاته

رحل العالم المصري أحمد زويل عن عالمنا في الثاني من أغسطس عام 2016، بعد معاناة مع المرض، رحل لكنّ أثره وعلمه ما زالا باقيان ينهل الكثيرين منهم.

 

اقرأ أيضا