في وطن ”العُزّاب“.. لا يمكن أن تعيش ”روقة“ مع ”حسين“

الاثنين 03 سبتمبر 2018 | 04:21 مساءً
كتب : بلال همام

رحلة بحث عن "روقة" يخوضها الرجال، وفي الحارة المقابلة لهم على طريق الزواج تنتظر الفتيات "حسين" فتى أحلام معظمهن، أما عن الطريق ذاته فهو ملئ بالعثرات والوعود الزائفة ورقم العمر الذي يهرول مسرعًا فيما يحاول البعض اللحاق به ولا يلتفت له آخرون.

"روقة" الزوجة المثالية.. لا تناقش ولا تجادل

العديد من تدوينات الرجال التي حازت على آلاف الإعجابات لا تدع مجالا للشك في أن غاية قطاع كبير منهم بسيطة للغاية، إذا ما قرر أحدهم الشروع في انشاء عائلة مستقبلية والإقدام على أولى خطواتها المقدسة "الزواج"، فشريكة حياتهم يجب أن تكون غير معقدة ولا تحمل الكثير من صفات الطبيعة البشرية كالبحث عن الذات واثباتها أو السعي لتحقيق طموح فردي، فكل تلك الأمور سوف تقلص من حجم اهتمامها بزوجها وتلبية طلباته اليومية من الراحة وتنظيف عش الزوجية إلى أخر تلك الاساسيات في حياتنا، وبالطبع لا يضر بعض التدليك للقدمين واستدعاء الأنوثة البالغة في أي وقت قد يحتاجها الزوج فيه، أو على الأقل ذلك ما قامت الفنانة "نورا" بتجسيده عندما تخيل الكاتب محمود أبو زيد ملامح شخصية زوجة تاجر المخدرات مشغول البال "نور الشريف" الذي يحتاج إلى راحة البال التي لن يجدها خارج أركان منزله.

ولكن من ناحية أخرى فتقريبا معظم حالات الخيانة الزوجية التي تُقص علينا تأتي تحديدا كانت بسبب تلك ال"روقة"، فالراحة أمر مهم ومطلوب أيضًا في غالبية مراحل العمر، إلا أن خط وجود شخص من المفترض أن يتمم معك رحلتك في تلك الحياة لن يكون مستقيمًا ما لم تكن لذلك الشخص ملامحه الخاصة، هواياته وطموحاته وكينونته التي بالتأكيد سوف تتصارع معها أحيانًا ولكنها سبب كافي لوجود المزيد من "الحياة" لتعيشها مع نفس الشخص دون ملل، فحينها يُصبح كل يوم شبه مختلف قليلاً عن اليوم الذي يسبقه أثناء الشد والجذب والمفاجأة بتفصيلة جديدة لم تكن تعرف أنها موجودة بالفعل هناك حيث يجلس نصفك الآخر في انتظارك.

أما "روقة" فقد تكون هي الفتاة المناسبة لليلة تستمتع فيها بأنوثتها ودلالها تنتهي بعد ساعات قليلة بعدما تقوم بإعداد "الشيشة" لك، ثم تجلس وأنت تعلم أنه لا حديث من الممكن أن تخوضه معها بعد ذلك، فأنت تحفظ شكلها وصوتها وحركاتها لكنك في الحقيقة لا تعرف من هي، ماذا تحب وماذا تكره؟، كيف تستطيع أن تُعطيك نصيحة ما وفي أي مجال؟، هل هي جيشك في أيام ضعفك حقًا أم مجرد جندي يحمل سلاحه ولا يعرف كيف يُطلق الرصاص منه وجد نفسه على أي حال في أرض المعركة؟.

"حسين" الذي تعشقه الفتيات ويتقمص دوره بعض الرجال

كما أنصف كاتب فيلم العار الرجال وقدم لهم "روقة"، فالكاتبة لطيفة الزيات دافعت بشراسة عن "ليلى" في رواية الباب المفتوح التي أصبحت فيما بعد فيلمًا مؤثرًا في طريق الفتيات نحو التحرر، وعلى الرغم  من أن العمل يُناقش في الأساس قضية حرية المرأة إلا أنه نال على إعجاب الكثير من الرجال أيضًا، فشخصية "حسين" التي قام بها صالح سليم تلمس حالة من الرقي داخل عقول الرجل قد يُنكرها أحيانًا ولكنه يحاول تقمصها في مواجهة المجتمع غالبًا.

ظل بطلنا يُدافع عن كيان "ليلى" طوال أحداث الفيلم حتى بعد تعثراتها المتعددة، وتستطيع دائمًا رؤية حرصه على إظهار شخصيتها الحقيقية وليست تلك التي يحاول كل من حولها رسمها لها، حتى أصبحت شاحبة الملامح والشخصية إلى درجة جعلتها تعيش في جسد لا تملكه وحياة لم تختارها، فهو يعلم أن "ليلى" إذا تحررت وامتلكت قرارها سوف تسعى إلى ما يمليه عليها عقلها وعاطفتها فقط دون أي تأثيرات أخرى من أب أو أخ أو مجتمع يضع كل تحركاتها وفقًا لمعاييره الظالمة في كثير من الأحيان، و"حسين" يثق في أنها سوف تختاره إذا ما فعلت ذلك لكي يسير بجانبها في ما تبقى من رحلتها في الحياة، وإن لم يحدث فهو سوف يكون مطمئن أن تلك الفتاة التي أحبها بصدق، تعيش وفقًا لما ترتضيه هي مستمتعة بكل تفاصيل حياتها وهو أمر كافي لكل رجل والشرط في ذلك قلناه مسبقًا "أن يُحب بصدق".

ماذا لو اجتمعت "روقة" مع "حسين" في رحلة واحدة؟

للإجابة عن ذلك السؤال عليك أن تعرف أولًا، هل أعجبتك شخصية "حسين" أم لا، وفي حالة الإجابة بالموافقة فأنت على موعد مع مشاهدة قصة حب ستنتهي في لحظات قليلة، غير قادرة على الصمود مطلقًا، "حسين" لن يرضى بما تقدمه له "روقة" ليس ترفعًا منه ولكن لأنه سوف يجد خلف تلك الأنوثة الطاغية فراغ وعبث، وحسين ذلك الرجل العاقل الراقي سوف يعلم بكل تأكيد أنه بعد مرور بضع سنوات سوف تذهب الأنوثة وحينها لن يجد شئ ما قد بقي من "روقة"، وسيبدأ مجددًا في رحلة البحث عن "ليلى".

ولنشرح ذلك بمثال مبسط، ماذا لو قررت أن تقوم بتصميم زي لك لترتديه بالطبع سوف تحب ذلك إذا ما امتلكت الأدوات اللازمة والمهارات أيضًا، حسنًا ماذا سيحدث بعد ذلك؟.. سوف يكون عليك كل مرة أن تقوم بتنفيذ التصميم حتى يُناسب تمامًا مزاجك، ولكن في وقت ما سوف تقف لتسأل نفسك عن ماذا تحب حقًا، لماذا تختار ذلك اللون تحديدًا وتلك الثنية في الزي الذي يقوم بتصميمه كل مرة؟، يتوقف العقل وتتشابك الأراء داخلك فتقع في حيرة أنك لا تستطيع تقديم تصميم يُرضيك، فماذا ستفعل وقتها؟.

سوف تبحث عن تصميم جديد لا تعرفه فقد مللت رؤية الأمور من زاويتك فقط، حتى أنك قد تجرب لونًا فاقعًا لم ترتاح له أبدًا بدلًا من ذلك اللون الأسود الذي تفضله، وكذلك الحياة حينما نقف ولا نعرف ماذا نختار نذهب مباشرة إلى من يعرفنا جيدًا ويستطيع الإختيار عنا، ليس فقط يعرف تاريخنا ولكنه شخص ذكي سيحاول التوفيق بين التجديد المطلوب وذوقنا ليحقق لنا الإرتياح، هنا ستقف "روقة" قائلة لك: "انت بتحب اللون الإسود يا سي حسين"، وعلى الجانب الآخر تقف "ليلى" ممسكًة بعديد الإختيارات الأخرى التي تمكنت من حصرها لأنك لم تقتل فيها حرية الرأي والتفكير والتعبير، لم تطفئ نورها من أجل استمتاعك بليلة مظلمة، ولم تُفرغ عقلها حتى تملئه بما في عقلك أنت، الأمر ببساطة أن "حسين" حتى ولو تزوج من "روقة" فسوف يبحث عن "ليلى" لأنه سوف يشعر معها بالكمال الذي ينشده فهو في قرارة نفسه يعلم أنه ينقصه الكثير و"روقة" لا تحمل إلا ما وضعه على عاتقها فقط.

"أنتي في قرارة نفسك بتؤمني بالتحرر، بالحب، بالحياة، اعملي اللي بتؤمني بيه قبل فوات الأوان".. من رسائل حسين إلى ليلى

 

اقرأ أيضا