قصور الثقافة تستغيث.. منارات التنوير تتحول إلى أماكن مهجورة وأوكار للمخدرات

الخميس 27 سبتمبر 2018 | 08:01 مساءً
كتب : مصطفى محمود-أنور أسامة

توقف العمل على مسرح الريحاني رغم إنفاق الملايين.. و«السامر»تحول إلى جراج للسيارات

قصرالمطرية بلا وحدة إطفاء ويحتاج لإعادة ترميم.. والسرنجات المدممة تملأ«روض الفرج»

مدير فرع القاهرة: البنية التحتية تحتاج للدعم والتطوير المستمر..ونعانى من عدم توافر الحماية المدنية

نيفين مجدى: العاملون يدفعون ثمن المستلزمات «من جيوبهم».. ولا توجد تجهيزات لإقامةالاحتفاليات

يوسف القعيد: الجهود المبذولة تذهب سدى بسبب استهلاك الرواتب لـ90% من ميزانية الوزارة

نشوى الديب: نحتاج مبدعين للقيادة وتقديم أشياءكثيرة بأقل القليل من الموارد

 

شهدعام 1945، نشأة "الجامعة الشعبية فى مصر"، وهذا الاسم كان يطلق فىالسابق على الهيئة العامة لقصور الثقافة، وتغير اسمها فى سنة 1965 إلى"الثقافة الجماهيرية"، وفى عام 1989 صدر القرار رقم 63 لتتحول إلى هيئة عامة ذات طبيعة خاصة، وأصبح اسمها "الهيئة العامة لقصور الثقافة" وأصبحت تابعة لوزارة الثقافة.

 

وتهدف قصور الثقافة فى المقام الأول، إلى رفع المستوى الثقافى وتوجيه الوعى القومى للجماهير فى مجالات السينما والمسرح والموسيقى والفنون الشعبية والفنون التشكيلية وخدمات المكتبات فى المحافظات، ليس هذا فقط بل إن قصور الثقافة لها دور كبير فى أن تواجه الأفكار المتطرفة، ومكافحة الإرهاب، وذلك بما تقدمه من ندوات تثقيفية، ترتقى بعقول الجماهير فى مواجهة مثل تلك الأفكار.

 

وفى بداية العام 2011، دخلت الدولة المصرية فى حالة مختلفة تماما عن ما سبقها من سنوات ومراحل، وذلك بعد ما شهدته وللمرة الأولى من أحداث عصيبة، تزامن معها ظهور العديد من الجماعات الإرهابية، التى تسعى لنشر أفكارها المتطرفة فى الأوساط الشعبية، وخلق حالات من الانقسام المجتمعى، إلا أنه وللأسف الشديد فإن الوضع الحالىالذى تشهده قصور الثقافة، يشير إلى أن هناك أمدا بعيدا يحول بينها وبين الدور الذى يجب أن تؤديه، وذلك لما تشهده من تدهور كبير على مستوى البنية التحتية.

ليس هذا فقط بل شهدت تلك المرحة، عدم الاهتمام بتوفير الإمكانات اللازمة التى من شأنها أن تساهم فى تقديم عروض تثقيفية بما تشمله جميع معانيها، هذا بالإضافة إلى أن قصور الثقافة مهددة بل إن بعضها بالفعل أصبحت أوكارا لتعاطى المخدرات، نظرا لابتعادها عن الدور المفترض عليها القيام به، ليكون العكس هو الحقيقة القائمة، ما يهدد بزوالها.

 

البنية التحتية والدعم المستمر

الدكتور فؤاد مرسى، مدير عام فرع ثقافة القاهرة، تحدثعن أن الوضع الذى تعيشه قصور الثقافة الآنينقسم إلى مستويين، المستوى الأول، يتمثل فى البنية التحتية الممثلة فى الأماكن التى يتم تقديم الأعمال الثقافية من خلالها، فلاشك أن تلك الأماكن تحتاج إلى شكل من أشكال الدعم والتطوير المستمر، ويتم العمل عليه من خلال الإمكانات الموظفة من موارد الدولة برفع مستوى هذه الأماكن وتحسين مستوى الخدمة فيها وكذلك تحسين بيئتها؛ حتى تكون بيئات حاضنة للعمل الثقافى، فلا نقف على المعوقات باعتبار أنها حواجز تحول بيننا وبين المواطن.

 

وإن كانت هناك أى مشكلة فى مكاننا تحتاج إلى درجة من رفع الكفاءة، يتم اللجوء إلى مراكز الشباب والعمل مع الناس فى الميادين والحدائق، ومحاولةالوصول بالثقافة إلى مستحقيها فىأى مكان سواء داخل قصور الثقافة أو فى المكان الذىيكونون فيه، كـ"مراكز الشباب والجمعيات والمدارس وكل مؤسسات المجتمع"، فليست هناك  مشكلة فى هذا الأمر إطلاقا، وإن كنا نطمح بأن الثقافة تقع فى الاعتبار الأول لدى المواطن المصرى، فأنا من الطامحين بأن تكون على أجندة المواطن المصرى، وقصر الثقافة يكون واحدا من الأماكن التى يضعها المواطن ضمن أولوياته.

 

غياب الحماية المدنية

وأضاف أن المستوى الثانى يتمثل فىعدم توافر الحماية المدنية،وهذا الأمر يفوق إمكاناتنا، لكننا نستعين بجهاز الحماية المدنية بوزارة الداخلية فى أن تسد هذا الاحتياج، مشيرا إلى أنه فىأى مكان عام لا يجب الوقوف أمام أى محبطات أو أىمعوقات عن تقديم عملنا، فنحن نؤدى عملنا،وفى نفس الوقت نرفع من كفاءة الأماكن، فقد تكون هناك بعض الكراسى تحتاج إلى التصليح أو الكهرباء تحتاج إلى صيانة، فنعمل على إصلاحها أثناء قيامنا بالعمل، لكن لا نقف أمامها كمعوق كبير.

 

احتياج بيولوجى

وعن مدى إقبال المواطنين على قصور الثقافة، أوضح مدير عام فرع ثقافة القاهرة، أن الثقافة هىاحتياج طبيعى وبيولوجى لدى الإنسان، مؤكدا أنه مؤمن جدا بأن الثقافة احتياج بيولوجى، وكل مواطن يبحث عن التغذية الوجدانية والفكرية أينما كانت، سواءفى"قصر ثقافة أو مركز شباب أو حديقة أو مدرسة".

 

وحاجة الإنسان للثقافة هى حاجة أساسية، حتى عندما يجلس ليتحدث مع صديقه؛ فهذه ثقافة لأن هناك تبادلا للخبرات والمعارف خلال تلك الجلسات، فالمواطن يحتاج دائما إلى تغذية هذا الجانب لديه، ونحن دورنا التقاط هذا الاحتياج ونبدأ فى وضعه فى المسار الصحيح وفقا لخطتنا وإمكاناتنا، فنحن لدينا موسيقى وفن تشكيلى وأندية أدب وتكنولوجيا وندوات وحفلات موسيقية ومسرح عرائس للأطفال، ونحاول أن نقدم الاحتياج الوجدانى والذهنى عبر أشكال مختلفة ولا نركز على عنصر بعينه بمحاولة دفعه، لكننا نحاول تقديم كل مكون فى وقت واحد.

خدمات المطرية

قالت نيفين مجدى مديرة ثقافة المطرية، إن القصر يقدم خدمات للأيتام، ويجرى احتفالات فى كل مناسبة، وكل احتفالية يشارك فيها أهالى الحى، كما أن لدينا مكتبة طفل وهناك مكتبة عامة ونوادى تكنولوجيا وفنون تشكيلية ونادى مرأة وكل ذلك بالمجان.

 

وعن مدى الإقبال، أضافت مجدى، أن هناك إقبالا من المواطنين فى فترة الإجازة، حيث يحضرون أطفالهم لتعليمهم فنون الرسم والموسيقى ودخول المسرح، والمشاركة فىفرقة للفنون الشعبية، كما أن نادى التكنولوجيا يقدم دورة icdl، بشهادة معتمدة من وزارة الاتصالات وبأقل سعر وهو 75 جنيها.

الحاجة إلى الترميم

وأكدت مجدى، أنه لا توجد خامات بالإضافة أن القصر يحتاج إلى صيانة وإعادة ترميم، موضحة أنه لأجل عمل ماكيت عن الهجرة النبوية على سبيل المثال؛ فشراء المستلزمات اللازمة لأجله، يقوم العاملون بالقصر بشرائها من حسابهم الخاص.

 

وأشارت إلى أن المكان غير مجهز لإقامة الاحتفاليات، نظرا لتردى الأوضاع به، فلا توجد كراسى كافية أو حتى مراوح للتهوية فالقاعة غير مجهزة، ومن المفترض أن يكون المكان أقْيَم مما هو عليه، لافتة إلى أنها تعمل فى القصر منذ 4 أعوام ولم تحدث أى ترميمات له طوال هذه الفترة.

ولفتت إلى أن الرواتب التى يحصلون عليها هى أقل الراوتب، لأنهم جهة خدمة تخدم المجتمع، مشيرة إلى أن أعلى راتب يتم الحصول عليه لا يتخطى 2000 جنيه، فهم يخبروننا أننا جهة خدمية تخدم المواطنين ولا ندخل إنتاجا.

 

غياب وحدة الإطفاء

فيما تحدث رمضان عبدالله، من نادى الأدب بقصر ثقافة المطرية، ومسئول الموهوبين بإدارة المطرية التعليمية، أن القصر يحتاج إلى وحدة إطفاء وماكينة تصوير، ومجموعة مراوح داخل القاعة، فمن سيدخل إلى القاعة سيجد درجة الحرارة بها مرتفعة جدا، وهذا يشكل عبئا على الضيوف والجمهور، بالإضافة إلى وجود معوقات إدارية أخرى، فلا توجد وحدة صوت خاصة بالقصر، فهذه الوحدة خاصة بالفرع، والفرع يكون لديه ندوات أخرى، ومن المفترض أن تكون لديه وحدة صوت مستقلة، وغرفة كمبيوتر، وفى عدد من المرات تأتى متابعات من فرع القاهرة والإقليم ويصورون المستندات بمبلغ وقدره على حساب مديرة القصر، فهناك حاجة لإمدادات ورقية وكتابية وخط تليفون.

 

أنشطة روض الفرج

فيما تحدث محمد شحات، مدير قصر الثقافة بروض الفرج، عن أن القصر كغيره من القصور فى أنحاء الجمهورية، تقام به الأنشطة المختلفة مثل الرقص والغناء والعزف، بالإضافة إلى المكتبات حيثُ توجد به مكتبة أطفال من 3 سنوات وحتى 15 سنة، وألعاب للأطفال وقصص قصيرة ومسرح للعرائس، بالإضافة إلى مكتبة عامة يوجد بها كتب دينية وتاريخية وفلسفة ولغات وجميع الكتب المختلفة لجميع الأعمار.

وأشار إلى أن القصر بحاجة إلى تطويرفى كل الأقسام، مشيرا إلى عدم وجود مسرح لتقديم العروض والأنشطةمع العلم بوجود قاعة ولكنها غير مجهزة، والمكتبات أيضًا فى حاجة إلى تطوير وكتب جديدة، بالإضافة إلى مدربى الأنشطة فى حاجة إلى بعض الأدوات مثل اللوِّح والأقلام وغيرها.

 

دعم الوزارة لا يكفى

طارق أدهم، مشرف مسرح  قصر ثقافة روض الفرج، أشار إلى أن القصر يوجد به فرق متنوعة، مثل فريق فنون شعبية وموسيقى عربية وفرقة مسرح، ولكن المسرح يواجه بعض المشكلات، فهو فى حاجة إلى التطوير والمعدات اللازمة لتقديم العروضات الفنية.

 

وأكدأدهم، أن قصور الثقافة لا تحصل علىحقوقها الكاملة، ووزارة الثقافة لا تقدم لنا الدعم الكافى ولاتقوم بالرد على متطلبات القصر، بل ونحنُ فى بعض الأوقات نقوم بدفع جزء من مالنا الخاص لإقامة الحفلات.

 

الريحانى بلا خدمات

قال كمال عزام، مخرجمسرحى، وأحد رواد قصر ثقافة نجيب الريحانى منذ 30 عاما، إن قصر ثقافة نجيب الريحانى لا يقدم أى خدمات للمنطقة، مشيرا إلى أنه يسكن فى المنطقة منذ 30 عاما، والقصر منذ عام ونصف، لا يقدم أى خدمات، ولا يوجد أى نشاط مسرحى أو موسيقى.

وأكد، أن ما فى القصر عبارة عن مجموعة من الموظفين يحصلون على راتب ولا يقدمون أى خدمات للمنطقة، حتى أننى أعرف أن هناك عددا كبيرا من الموظفين فى القصر يصل عددهم إلى88، ولا أرى منهم إلا 10 فقط.

 

وأضاف أن الموظف ليس فنانا من الأساس، وحتى الفنان الذى يعمل فى القصور، أهواءه الشخصية هىالتى تتحكم فيه، فمشكلة قصر ثقافة نجيب الريحانى هو أنه منذ أكثر من عام والموظفين الموجودين فيه لا يرغبون فى أن يعملوا تحت رئاسة مديرة القصر، فالمديرة الموجودة فى المكان تريد أن تحافظ على منصبها، فمن يعمل من الممكن أن يكون لديه بعض السلبيات أو الأخطاء، أما فى القصر فلا نية للعمل إطلاقا.

 

النشاط

وأشار إلى أنه منذ فترة كان المكان مغلقا، لأنه كان خطراعلى الناس تواجدهمفى المسرح، وتم إغلاقهلما يقرب من 10 سنوات، وافتتاحه مرة أخرى بعد أن أنفق عليه بالملايين، إلا أنه وبعد افتتاحه مرة أخرى لم يقدم عرضا واحدا باسم قصر ثقافة نجيب الريحانى، ثم تحججوا لإيقاف نشاط المسرح بأن المكان غير آمن، وهنا السؤال بأن لماذا تم إنفاق كل هذه الملايين؟، فإذا تم الحديث عن البنية التحتية من حمامات أو السلم أو أى شىء من هذا القبيل، فهل يوجد رواد من الأساس يترددون على المكان؟

 

وتابع:"أنا مستعد أن أجزم بأن قصر ثقافة نجيب الريحانى، من الممكن أن يستغرق عشرة أيام، ولا يدخله فرد واحد غير مجموعة الموظفين".

إهدارالملايين

وأكد أن القصر من المفترض أنه يقدم فنونا تشكيلية، وموسيقى، ومجموعة من الأنشطة، ولكن السؤال الذى يجب طرحه هو لمن ستقدم هذه الأنشطة، لافتا إلى أن المبدعين ممنوعون من دخول المكان بحجة أن المكان غير جاهز أمنيا، وهذا هو السؤال الذى أردده بصوت عال، الملايين التى أنفقت على المكان منذ إغلاقه لمدة 10 سنوات، يجب على الدولة إخبارنا من هو السبب فى أن المكان غير آمن بعد إنفاقها، فوفقا لما سمعناه فقد تم إنفاق 4 ملايين جنيه لإعادة تأهيل المسرح، ولا نرى هذا لأن المتلقى عندما يجلس على الكرسى يقع مرة أخرى.

 

الموظفون غير مؤهلين

ولفت إلى أنه لا بد أن يعلم موظفو الهيئة العامة لقصور الثقافة، الدور الذى تقدمه الهيئة العامة لقصور الثقافة، فدور الهيئة العامة لقصور الثقافة هو تقديم خدمات فنية لأهل المنطقة، ولكنهم غير مؤهلين تماما لهذه الخدمات، فإذا بحثت عن مسئول الفن التشكيلى سيكون موجودا وهو رجل محترم ورجل فاضل، لكن العلاقات العامة التى تربط بينه وبين المبدع غير موجودة، لأن المكان لا يقدم دعايا بشكل جيد على الأنشطة.

كما أكد أنه يتمنى أن يكون عام فى الهيئة العامة لقصور الثقافة بلا إنتاج، بألا تنفق الدولة جنيها واحدا فى قطاع المسرح لفنون الثقافة، ويتركون المبدعين للإبداع مجانا، فشريحة أى قصر لا تقل عن 30 ألف جنيه لأجل إنتاج مسرحية واحدة، متمنيا أن تتبنى وزارة الثقافة "عاما بلا إنتاج فى قصور الثقافة"؛ للقضاء على السرقة والفساد، ويتم فتح المخازن وإعطاء فرصة للشباب الجديد للعمل، لكن الإمكانات فى المسرح لا تعطل المبدع أبدا.

 

وتابع:"أكثر مكان به بلطجة وليس به عمل هو الهيئة العامة لقصور الثقافة، وأنا أتحدث عن تجربتىفى قصر ثقافة الريحانى، ومن يقرأ ما أقول فى مديرية فرع ثقافة القاهرة، سيعلمون أننى لا أقول إلا الحق".

 

مهرجان نوادى المسرح

ووجه عزام تساؤلا لرئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، بأن هناك مهرجانا لنوادى المسرح، وهو الذى تم تحضيره للشباب الذين يخطون خطواتهم الأولى فى الإبداع بأن يكونوا مخرجين، ونظام المهرجان يبدأ بتقديم المشروع، ثم مناقشته، ثم يتم قبوله أو رفضه، وتكون هناك أعداد كبيرة من المشاريع، فهناك ما لا يقل عن 40 مشروعا تم تقديمها لمديرية ثقافة القاهرة، وتم الموافقة على 5 مشاريع، وتم إقامة مهرجان لها، وللأسف الشديد المخرجون هم الذين أنفقوا من حسابهم الخاص، فلم يتم توفير الإنتاج لهم.

 

ومن المفترض أن شريحة نادى المسرح يمولها إنتاج ضعيف جدا بألفى جنيه، إلا أن مدير الفرع قال "انفقوا من حسابكم، وأرسلوا إلينا الفواتير، وعقب ذلك سنصرف لكم الأموال".

 

وسؤالىلرئيس الهيئة: "هل هذا سليم من الناحية القانونية أم لا، بأن ينفق المبدع على الهيئة العامة لقصور الثقافة؟"، فأنا لا أريد شيئا منها، ولكن قانونيا العرض الذى يتم تقديمه باسم قصر ثقافة الريحانى على سبيل المثال، هل يعقل أن يكون المبدع هو المنتج أيضا؟، فهل تحول المبدع إلى مبدع ومنتج فى نفس الوقت؟

 

النهب والسرقة

قال مجدى حنفى ممثل مسرح وفيديو، وعضو فى فرقة القاهرة اليومية، إنه يؤدى مهنة التمثيل منذ 20 عاما، مشيرا إلى أنه كان هناك اهتمام كبير جدا بقصور الثقافةفىالسابق، أما الآن فالعكس هو القائم، على الرغم من أن رئيس الجمهورية أوصى بالاهتمام بها منذ توليه المنصب.

 

وأوضح أن أساسقصور الثقافةهو مواجهة الأفكار المتطرفة والإرهاب، إلا أن أساسها الآن هو النهب والسرقة للأسف الشديد، لافتا إلى أن كل عمل يؤديه سنويا يجد سرقة ونهبًا، حتى أنه لا يجد أحدا من الشباب فرصته، فمن المفترض أن كل من يمر فى الشارع من حقه أن يأخذ فرصته فى التمثيل، لكن هناك هيمنة منتشرة فى جميع قصور الثقافة فى مصر، فهي تحولت إلى إمبراطوريات بالفعل.

فرقة القاهرة القومية بلا مسرح

وأشار إلى أنه لا يمكن لأحد أن يتخيل أن فرقة القاهرة القومية ليس لها مسرح أو حتى قصر ثقافى، أو حتى مكانا لعرض البروفات، فنذهب لتأدية البروفة فى قصر ثقافة منشية ناصر أو روض الفرج، وعقب ذلك يختارون لنا أى مسرح، لافتا إلى أن فرقة الجيزة تم إنشاء قصر ثقافة لها، أما بالنسبة للقاهرة فلم يتم.

جراج السامر

وتابع:"وكل عام يتم تنظيم مهرجان لقصور الثقافة والفرق القومية، ولك أن تتخيل أن ختام هذا المهرجان، يتمثل فى أن هناك مسرح السامر بالعجوزة بجوار السيرك، الذى يتم تأجيره كـ "فراشة"، ويتم تكليفه آلاف الجنيهات، حتى يستفيدوا منه ماديا؛ لأجل إقامة حفل غنائى، وعقب ذلك يتم هدمه مرة أخرى".

 

وتساءل حنفى، عن عدم إقدامهم على بناء مسرح، فهذا المسرح الآن هو عبارة عن أرض فارغة، ويتم استغلاله كجراج، والسيرك استقطع جزءًا منه عنوة، والآن هو فارغ، وفى كل عام فقط يتم الاكتفاء بتنظيم حفل ختام مهرجان".

مخدرات فى روض الفرج

ولفت إلى أن هناك قصورا جيدة جدا كالقناطر الخيرية وبنها والإسماعيلية، على عكس قصور أخرى كقصر روض الفرج، فالجزء الأكبر منه متخذ كمنفعة عامة، وللأسف هذه المنفعة يوجد بها تجار للمخدرات وغيرها، مؤكدا أن مسرح روض الفرج هذاتم بناؤه بحضورهم، إلا أنهم فوجئوا بوجود حقن للمخدرات مختلطة بالدماء، متسائلا عن الفن الذى يمكن تقديمه فى ظل هذه الأجواء،التى لا يمكن وصفها سوى بـ"المهزلة".

 

وأكد أن مدير قصر روض الفرج، لديه نية للعمل لكن لا تتوافر أمامه الإمكانات اللازمة التى تساعده على التطوير، فهذا الرجل فنان فعلا، لكن إذا توافرت أمامه الإمكانات اللازمة، فقصر روض الفرج سيصبح له شأن آخر.

 

بلطجية الجنينة

وتابع:"وكانت هناك ستائر سوداء فى القصر والتى اشتريناها بجهودنا الذاتية تم تقطيعها بالكامل، حتى أن السبب فى وضع الحمامات المزرى أن "أى أحد يدخل الحمام من خارج القصر لا يستطيع أحد إيقافه، فسائق الميكروبوصفى الخارج أو البلطجية الذين هم داخل الجنينة، لا أحد يستطيع إيقافهم، حتى أننا عندما كنا نؤدى عروضنا المسرحية، كانوا يقذفوننا بالحجارة، بالإضافة إلى السب والشتيمة".

الوزارة لا تؤدى دورها

وأكد أن الهيئة العامة لقصور الثقافة أو حتى وزارة الثقافة، لا تؤديان دورهما على الإطلاق، ولا يتحرك أحد منهما لإيقاف هذه المهازل.

 

وأوضح أنه من ضمن المهازل أيضا، أنهم كانوا يؤدون عرضا مسرحيا "شحاته نسيب يزل" فى العام قبل الماضى، فتم عمل بروفات وتقديم العرض لمدة 20 يوما، إلا أنهم حصلوا على رواتبهم بعد العرض بـ9 أشهر، فمن سيكون لديه النية بعد ذلك للعمل".

ديكور العرض المسرحى

فيما تحدث محمد السويسى ممثل عن فرقة السويس القومية، عن أن من مساوئ قصور الثقافة، عندما يتم تقديم عرض مسرحى؛ يتم تخزين الديكور الخاص به ولا يتم الاستعانة به مرة أخرى، متسائلا عن السبب وراء عدم استخدامه مرة أخرى، ليس هذا فقط بل الملابس التى يتم تخزينها هى الأخرى، ولا يتم التفكير فى استعادتها للاستعانة بها فى أعمال أخرى، بل يتم تركها حتى تتلف.

 

عرض واحد سنويا

وعن عدد العروض التى يتم تقديمها، أكد أنه يتم تقديم عرض واحد سنويا، بميزانية 70 ألف جنيه، إلا أن الشباب لديهم استعداد لتقديم عرض آخر بل عرضين مجانا، لكن يتم توفير الديكور الذى تم تقديمه فى العرض السابق لهم، بالإضافة إلى الملابس التى يتم تخزينها، ولا يستطيع أحد أن يقترب منها أو أن يستعيرها مرة أخرى، ناصحا بتقديم هذه الملابس مرة أخرى لتعرض على التلفاز فى المسلسلات التاريخية على سبيل المثال، بل من الممكن إذا تم تقديم عرض تاريخى لعصر من العصور، وفرقة من محافظة أخرى ولتكن على سبيل المثال بنى سويف تقدم نفس العرض، لم لا يتم إعارتها نفس الملابس، بإعادة تشكيلها.

 

وتابع:"وهذا العام تكلفت العروض ما يقارب مليون و700 ألف جنيه من أصل المليون يتم استخدامها فى الديكورات والملابس، والباقى يتم تقديمه كأجور، فلما لا يتم إعادة تصنيع هذا الديكور مرة أخرى فى العام القادم، بإعادة تدوير هذا الديكور فيتقلص مبلغ الـ700 ألف جنيه إلى 300 ألف، و400 ألف يتم الاستعانة بها لعرض آخر فى نصف السنة الثانى المالى".

 

ولا تتوقف الأزمة على تخزين الديكورات، بل أشار السويسى، إلى أنها تكمن أيضافى الكتب التىتتم طباعتها يتم وضعها هى الأخرى فىمخازن قصور الثقافة، فهل يتم طباعة الكتب لوضعها فى المخازن، فلم لا يتم توزيع الكتب على أعضاء الفرق، مؤكدا أنه لولا ذهابه شخصيا إليهم، يحصل على عدة نسخ من الكتب لأن هناك سابق معرفة بينه وبينهم.

وأشار السويسى، إلى أن قصور الثقافة، أصبحت تسيطر عليها"السبوبة"، موضحا أنه منذ 3 سنوات كان يعمل مع الفرقة المركزية، وأدى عرضا معهم، ثم أكد أنه لن يعمل معهم مرة أخرى، مع أن هذه الفرقة من الممكن أن تقدم 4 عروض سنويا.

 

وتابع:"أنا أخبرتهم أننا فرقة العشرين مخرج وممثل واحد، فنحن أعضاء الفرق نختار فى كل مرة واحدا منا للإخراج فى الشريحة القادمة، وفى المرة القادمة يتم اختيار شخص آخر".

 

تقارب الشباب وقصور الثقافة

وعن مدى التقارب بين قصور الثقافة والشباب، أكد السويسى، أنه لا يوجد تقارب على الإطلاق، فقصور الثقافة تقوقعت فى 20 نَصّا، والاكتفاء بـ7 مؤلفين على الأكثر هم الذين تتم الاستعانة بهم فقط، فإذا تقدم مؤلف بنص جديد للجنة قصور الثقافة، يتم الموافقة عليه وحفظه، ليس هذا فقط بل إن المخرجين على الساحة يتساهلون فى العروض، فيقدمون على سبيل المثال عروضا منذ 10 سنوات، بإعادة تقديمها مرة أخرى باعتبارها أعمالا جديدة، لافتا إلى أنه كان فى متناول يده نصا جيدا جدا، إلا أن المؤلف تقاعس عن تقديمه للجنة قصور الثقافة؛ لأنه لن يجد مقابلا ماديا نظير هذا النص، مفضلا العمل فى القطاع الخاص بدلا من المغامرة بتقديمه، فهو سيحدث نفسه بأنه سيقضى مرات عديدة بين ذهاب وإياب من الهيئة، واتباع الإجراءات بالتنازل والتقييم وغيرها من الإجراءات.

90% من الميزانية رواتب

الروائىوعضو لجنة الثقافة بمجلس النواب، يوسف القعيد، أكد أن ميزانية وزارة الثقافة المصرية 90% أجور وحوافز ومرتبات، و10% أنشطة، وهذا الوضع معكوس تماما،حتى يتم محسابتهم، فيما فعلوه وفيما لم يفعلوه، وهذا ينعكس على الثقافة الجماهيرية، فمن يريد أن يفتتح بيتا فى قرية يمكن أن يشغله فرد أو فردان، وهذا يستعين بواسطة، والآخر يستعين بعضو مجلس شعب، فيتضخموا، فينتج أن ما يتم صرفه على البيت "ملاليم"، وهذا هو المأزق الأساسىفى الثقافة المصرية كلها، والثقافة الجمالية جزء منها.

 

وأشار إلى أنه لا يطالب بتقليل الميزانية، أو إعادة النظر فيها إطلاقا، ولكنه يتحدث عن الخلل القائم فيها، لافتا إلى أنه تم تقديم العديد من طلبات الإحاطة فى هذا الشأن، وتم استقبال أحمد عواض رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، مرات عديدة، ودار النقاش حول هذ المعنى أن هناك جهودا مبذولة، لكن أين الميزانية التى تمكنهم من أداء واجبهم؟، حتى أن هناك قصر ثقافة فى المنصورة ليس له مثيل، وافتتاحه يتوقف على اعتمادات مالية.

وتابع:"أنا ضد تسمية قصور الثقافة بهذا الاسم، لأن اسم قصر، مُنفِّر بالنسبة للمواطن البسيط، فأنا مع الثقافة الجماهيرية، فكلمة قصور جمع قصر، والتى ترجع إلى العهد الملكى القديم أنا ضدها، ولكن ما يجب أن يكون هو الثقافة الجماهيرية، ويجب بداية حل مشكلاتها المالية، ويتم محاسبتها بعد ذلك".

 

استبدال الموظفين بالمبدعين

بدورها استهلت النائبة نشوى الديب عضو لجنة الثقافة بمجلس النواب، حديثها بأنه على الرغم من وجود طفرة ثقافية حقيقية فى عهد الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة، إلا أن هناك حاجة إلى نظرة منها بالفعل إلى قصور الثقافة، خاصة فى المناطق النائية، والمناطق التى بها احتياج شديد للثقافة والمعرفة.

 

وأكدت، أن قصور الثقافة إذا تحركت، أنارت عقول المصريين فى كل مكان، فوزارة الثقافة غنية بالعديد من قصور الثقافة الموجودة فى كل مكان، وبالتالى نحن أمام فرصة عظيمة لتطوير هذه القصور، كما أنه يجب أن يديرها المبدعون، فنحن لا نحتاج إلى عقول الموظفين، بل نحتاج إلى عقول المبدعين.

 

وكما أن الوزيرة فنانة ومبدعة وتحاول بأقل القليل، أن تقدم عملا جيدا، خاصة أن وزارة الثقافة تعانى جدا من قلة الموارد المالية والموازنة، إلا أن المبدع يستطيع الإنتاج تحت أى ظرف، ولهذا نتمنى من الوزيرة، أن تجعل كل مسئول عن قصور الثقافة، ذوى عقول مبدعة وفنانة، وليس عقول موظفة ليس لديها القدرة على ذلك، وبالتالى تنتظر الأوامر والأموال، لكن المبدع يستطيع تقديم أشياءً كثيرة بأقل القليل من الموارد.

 

وطالبت الديب، بضرورة أن تساهم الدولة فى زيادة ميزانية وزارة الثقافة، وأن تعتبر الثقافة أمرا ضروريا فى حياة المصريين، فليس كل شىء يندرج تحت المساءل المالية، ويتم حسابه وفقا للمكسب والخسارة، فمنطق الشركة لا ينطبق على التليفزيون المصرى، أو على وزارة الثقافة بكل محاورها، ولكن هناك الربح الأكبر الذى ننتظره منها، وهو التنوير، فطالما كنا ندفع لأجل محاربة الإرهاب، وطالما اشترينا سلاحا لمواجهته، فعندما يتم محاربة الإرهاب بالفكر والتنوير، فبهذا سنوفر على الدولة إنفاقا كثيرا ضده، وبالتالى ستصبح الثقافة هى اليد القوية، ويتم استخدامها دائما لمحاربة الإرهاب.

اقرأ أيضا