برلمان دول حوض النيل.. هل يقرّب وجهات النظر ويقضي على الأزمات؟

السبت 27 أكتوبر 2018 | 12:00 مساءً
كتب : مصطفى عبد الفتاح

رضوان: سيضم نحو 11 دولة مرتبطة بالنهر.. وفكرته موجودة منذ الثمانينيات

باشات: نتمنى أن يرى النور قريبا.. ويجب مراعاة بعض الاعتبارات المهمة أولا قبل تدشينه

رسلان: سيشبه التجربة الأوروبية.. ومهامه ستقتصر على التنسيق فى القضايا المشتركة

 

تداولت أحاديث خلال الفترة الأخيرة داخل أروقة البرلمان، عن ظهور برلمان دول حوض النيل إلى النور؛ من أجل المساهمة فى تقوية روابط العلاقة والصداقة بين دول حوض النيل، وتجاوز ما يواجهونه من أزمات.

مصر هى صاحبة فكرة إنشاء برلمان حوض النيل، من خلال وزير الرى الأسبق الدكتور محمود أبوزيد،  والذى طرأت الفكرة على ذهنه عام 2004 بعد أن استضافت مصر وفداً برلمانياً وإعلامياً إثيوبياً، رداً على زيارة وفد برلمانى وإعلامى مصرى لإثيوبيا عام 2002.

فكرة تم إجهاضها

تم التنسيق بين أبوزيد وبين رئيس مجلس الشعب وقتها، وأعد مقترحا لإنشاء البرلمان شمل أهدافه واختصاصاته، والأجهزة واللجان التابعة له.

وأعد مجلس مجلس الشعب- وقتها- اللائحة التأسيسية لبرلمان حوض النيل، وعقد اجتماعا لرؤساء برلمانات دول حوض النيل، ووافقوا على المقترح، لكن مع رحيل الدكتور محمود أبوزيد أجهض المشروع واختفى حتى عاد الحديث عنه من جديد خلال الآونة الأخيرة.

برلمانيون وخبراء فى الشأن الأفريقى أكدوا أن البرلمان سيكون أداة من أدوات تقريب وجهات النظر بين دول حوض النيل، خصوصًا فى ملف المياه وغيرها من الملفات التى بها بعض الخلاف.

قوامه 11 دولة

النائب طارق رضوان، رئيس لجنة الشئون الإفريقية، قال إن هناك توجها لإنشاء برلمان دول حوض النيل، مشيرًا إلى أنه سيضم ما يقرب من 11 دولة لها علاقة مباشرة بنهر النيل.

وأضاف رضوان أنه من الواجب علينا تفعيل هذا البرلمان حاليا لأنه فكرة اقترحت منذ عام 1981 لكنها حتى الآن لم تفعل فقد اتخذ نحوها مراحل إعداد فى عام 2004 لكن هدأ الموضوع مرة أخرى.

وتابع رئيس لجنة الشئون الإفريقية أنه فى ظل إصرار الرئيس عبدالفتاح السيسى على توطيد العلاقات مع إفريقيا ودول حوض النيل تحديدًا، فالإرادة السياسية مصرة على إنشاء هذا البرلمان، خصوصًا وأنه لا توجد علاقات برلمانية مباشرة، حيث تنحصر الحالية على عقد لقاءات على هامش فعاليات البرلمان الإفريقى أو برلمان الاتحاد الدولى فكان لزامًا علينا دعم الحركة فى إفريقيا؛ لأن عدم وجود مصر بقارتها؛ يخلق فجوة، وهذه الفجوة تخلق مناخا جاذبا للآخر لملء كل الفجوات.

عوائق

أما حاتم باشات، عضو لجنة الشئون الإفريقية، فتمنى أن يرى البرلمان النور، لكنه أشار فى الوقت نفسه إلى مجموعة من الاعتبارات التى تأخذ فترة من الوقت فى إعدادها، وعلى رأسها الملفات الأمنية، والتى عندما يتم الانتهاء منها بالفعل؛ سيرى البرلمان النور.

وأضاف باشات أن الاعتبار الأمنى ليس العائق الوحيد فى وجود هذا البرلمان، لكن هناك اعتبارات أخرى تشمل مكان وجوده، ومتى سينعقد وكيف سيكون تشكيله.

وواصل عضو لجنة الشئون الإفريقية أنه قبل ظهور البرلمان يجب أن ننسق علاقاتنا مع السودان وأن توضع فى الإطار الذى يجب أن تكون موجودة فيه، خصوصًا وأن علاقات البلدين قوية جدًا لكنها متأثرة بشكل كبير فى الفترة الأخيرة، مؤكدًا أننا مطالبون باسترجاع هذا التنسيق مع الجانب السودانى من جديد، وبناء عليه يتم الانتقال إلى دول حوض النيل.

تعاون مصرى سودانى

وأكمل اللواء باشات أن العلاقات مع دول حوض النيل مرت بفترات من عدم الاستقرار ونحن فى حاجة للوصول إلى نقطة مشتركة من التفاهم بحيث عندما نبدأ فى فكرة البرلمان الإفريقى يكون "على ميه بيضه" مثل ما يقال فى العامية، متمنيًا أن تكون هناك سرعة تنفيذه للانتهاء من هذه المراحل.

وتابع أن هناك تجاوبا بين النواب المصريين ونظائرهم السودانيين فى البرلمان الإفريقى، فهذا يفتح الطريق أمامنا للتعاون بشكل مثمر وبناء، خصوصًا وأن مواقفنا مشتركة نحو القضية الفلسطينية فى البرلمان الإفريقى، مضيفًا: "كان لنا دور كبير فى دعم السودان ورفع العقوبات عنها، فهناك توافق فى مختلف القضايا ونأمل أن هذا التوافق ينتقل إلى باقى الملفات فى إفريقيا ومياه النيل".    

مصر والعودة للقارة

أما الدكتور هانى رسلان، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فقال إن مصر تهدف فى الوقت الحالى إلى العودة لإفريقيا من جديد وبشكل كبير، وهذا يتم عبر عدة وسائل سواء من خلال العلاقات فى كل المجالات بينها والبلدان الإفريقية، وعبر العمل الجماعى الإفريقى سواء فى الاتحاد الإفريقى نفسه كمؤسسة سياسية، وعبر النشاط الاقتصادى من خلال المشاركة فى المؤتمرات المختلفة أو استضافة هذه المؤتمرات.

وأضاف رسلان أن هذه الاستراتيجية من المستحيل أن تعمل فقط على المجال السياسى، وإنما تحتاج إلى حزمة من الإجراءات التى تساند بعضها البعض وبالتالى فإن فكرة طرح برلمان دول حوض النيل واحدة من هذه الأفكار لأنه لابد من خلق روابط ذات طبيعة اجتماعية وسياسية واقتصادية وهذا لا يتعارض مع الخلافات الموجودة فى ملف المياه، لأن جزءا من الخلافات بشأنه أنه كان هناك مناخ غير إيجابى فى العلاقات بين مصر وبلدان حوض النيل والآن مصر تسعى إلى تغيير هذا المناخ من الصراع إلى التعاون، وهذا ما ذكره الرئيس السيسى خلال زيارته الأولى للبرلمان الإثيوبى.

فوائده

وتابع مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن خلافات المياه لا زالت قائمة لأنها قضايا معقدة وتحتاج إلى وقت طويل، لكن هذا ليس معناه اليأس وأن نقلب الطاولة، لأن العلاقات بين الدول ستستمر، فنحن موجودون فى إقليم واحد وبيننا مصالح مشتركة ويجب تأسيس عملية التعاون هذه على أسس صحيحة.

وأكمل أن المهام الرئيسية لهذا البرلمان إذا رأى النور ستكون التنسيق فى القضايا المشتركة، مشيرًا إلى أنه سيشبه البرلمان الأوروبى، لكن التجربة الأخيرة أصبحت أكثر نضجًا.

وأشار إلى أن هذا البرلمان إذا تم إنشاؤه؛ سيساهم فى تحسين بيئة العلاقات بين مصر ودول حوض النيل، لكنه لن يكون عاملًا رئيسيًا لحل مشكلات هذه الدول لأنها مشكلات لها طبيعة مختلفة ومؤثرة تأثيرا كبيرا فى كل جوانب الحياة فى هذه البلدان.

وواصل أن علاقتنا مع السودان مختلفة عن باقي دول حوض النيل؛ لأنها علاقة تاريخية ممتدة، فهناك تواصل شعبى واجتماعى وثقافى، وتاريخ مشترك يمكن البناء عليه، والشعبان يتحدثان لغة واحدة وبينهما روابط اجتماعية فحالة مصر والسودان حالة خاصة، رغم ما تعانيه من بعض الأزمات من وقت لآخر، فمحاولة تدشين برلمان وادى النيل بين مصر والسودان ستكون محاولة لترميم ما خرب سابقًا.

 

 

 

اقرأ أيضا