«250 سنة».. مراحل تطور التعليم المجاني

الاثنين 12 نوفمبر 2018 | 10:58 صباحاً
كتب : سارة محمود

كلمة ترددت كثيرًا على ألسنة المسؤولين، أثارت الجدل في بعض الأحيان، بعضهم يطالب بإلغائها، وآخرون يبحثون عن تطويرها، تهمّ فئة وشريحة كبيرة من المجتمع، فعواقب إلغائها لا تعد ولا تحصى، خاصة إن كان عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين هو أول مَن رفع هذه الجملة شعارًا مناديًا من خلالها بمجانية التعليم، وأن يكون حقًا للجميع، مثل الماء والهواء.

 

"مجانية التعليم" تلك المنظومة التي أثير حولها الجدل خلال الأيام القليلة الماضية، بعدما خرج طارق شوقي، وزير التربية والتعليم ليطالب بإلغائها، ما أدى إلى حدوث اعتراضات وانقسامات بين مؤيدين ومعارضين، حتى وصل إلى البرلمان.

 

 محمد على والتعليم مجاني للأعيان  

لم تكن مجانية التعليم وليدة السنوات القليلة الماضية، ولكن جاء محمد علي ليصبح هو الأول الذي يهتم بتطوير التعليم، خاصة أنه كان يقتصر فقط على الكتاتيب والمساجد والجامع الأزهر، ومع اهتمامه بالتعليم مع مطلع 1820، كانت مجانية التعليم في ذلك الوقت مقتصرة على قلّة من الأعيان، وكان في الأزهر يقوم على الجراية للفقراء والأغراب من الشعوب الإسلامية.

ولكن مع دخول الاحتلال الإنجليزى فرضت المصروفات على التعليم الحديث، واقتصر التعليم فى المدارس لتكوين الموظفين وكوادر الدولة.

 

التعليم أساسي بنص الدستور

ولم يستمر الوضع كثيرًا ليلزم أول دستور مصري لـ1932،  بحق التعليم للجميع، وتنص المادة الـ19 من القانون "التعليم الأولى إلزامى للمصريين بينن وبنات وهو مجاني في المكاتب العامة".

 وجاء ذلك بتمثيل انطلاقة حقيقية لمسئولية الدولة وتطورها في شئون التعليم، خاصة في المدارس التي بدأت الدولة فى إنشائها مجانيًا، وظل باقي التعليم التجهيزي والجامعي بمصروفات ولعدد محدود من أبناء كبار الملاك الزراعيين والتجار وكبار موظفى الحكومة.

 

الفكر الليبرالي والتعليم الابتدائي

كما تتوقف العصور عن تطوير مجانية التعليم في المراحل التعليمية؛ حيث صدر أحمد نجيب الهلالي باشا، هو آخر رؤساء الوزارة في عصر الملكية بمصر، وصاحب الفكر الليبرالي، قانون مجانية التعليم الابتدائي، فى المدارس الحكومية فى المدن كافة، وذلك بجانب التعليم الإلزامي الذي ظل فى القرى إلى جانب التعليم الحديث الرسمي مجانيًا.

 

طه حسين والتعليم الثانوي

واتسم فكر الدكتور طه حسين، باهتمامه الخاص بالتعليم وحرصه فى الوصول إلى جميع المواطنين، ومع تولي عميد الأدب العربي مهام وزارة التعليم في 12 يناير 1950، أصدر قرارًا في 1951، بمجانية التعليم الثانوي، اتساقًا مع فكرة أن التعليم متاح ومشاع كالماء والهواء.

 

حبيب الملايين والثورة التعليمية

واستمر الوضع هكذا حتى إعلان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في ٢٦ يوليو ١٩٦٢، مجانية التعليم في جميع مراحله، سواء في المدارس أو المعاهد أو الجامعات، ابتداءً من العام الدراسي التالي، وهو ما ظل مستمرًا حتى اليوم، ثم جاء دستور عام 1964، وعدَّل المادة الخاصة بمجانية التعليم، وأصبح التعليم بجميع مراحله، الجامعية وما قبلها، مجانيًّا.

 

بطل الحرب وتدهور التعليم 

وفي عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذي كان يلقب بـ"بطل الحرب والسلام" بدأ التعليم في التدهور، ويرجع ذلك إلى العديد من العوامل والظروف التاريخية في حينها، خاصة أن قوانين الاستثمار، وما صاحبها من القوانين فى فترة "السادات" أدت إلى تشجيع الاستثمار في التعليم الخاص، وقلّت الكفاءة في التعليم، لتنطلق ظاهرة الدروس الخصوصية من تلك الفترة، والمستمرة حتى الآن.

 

تراجع الترتيب الدولي 

وفي عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، تعرّض التعليم لمؤامرة حقيقية؛ تهدق إفراغه من مضمونه، فقد حصلت مصر في مؤتمر «دافوس»، على المرتبة الـ139، طبقًا لجودة التعليم الابتدائي، والمركز الـ 59 ضمن 140 دولة فى نسب الالتحاق بالتعليم الابتدائي.

ويرجع ذلك ربما لزيادة عدد تولى وزارة التعليم، في عهد مبارك، ومن ضمنهم الدكتور أحمد فتحي سرور، وذلك قبل توليه رئاسة مجلس الشعب عام 1990، وقام بإضافة «سنة سادسة»؛ لطلاب المرحلة الابتدائية، ليقوم بعد ذلك الدكتور حسين كامل بهاء الدين، بإلغائها؛ مما تسبب في فجوة بين طلاب الجامعات لعام كامل.

كما أقرّ نظام العامين في الثانوية العامة، بعد أن كانت الثانوية منذ اختراعها سنة واحدة فقط؛ لتنتشر في عهده الدروس الخصوصية بشكل غير مسبوق، ولتنتشر ظاهرة مراكز الدروس الخصوصية، لأول مرة في تاريخ مصر بشكل فج، وظلت مستمرة حتى الآن.

 

السيسي والتعليم

وبعد الانتهاء من تلك الفترة، التي لم تكن قليلة على الكثيرين، طلّ علينا الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، بتصريحاته المتناقضة فى أغلب الأحوال، ليتحدث عن إلغاء مجانية التعليم، داخل أحد اجتماعات اللجان النوعية بالبرلمان، ليعاود نفيها قائلًا " لا مساس بمجانية التعليم ".

اقرأ أيضا