قانون الإيجار القديم.. سنوات من الصراع والحسم يغيب عن المجلس

الجمعة 23 نوفمبر 2018 | 04:05 مساءً
كتب : شروق عز الدين

يشتد الصراع القائم منذ منتصف التسعينات، حول قانون الإيجار القديم، طرفين يرى كلًا منهم إنه هو المجني عليه، وأن الآخر هو الجاني، فإن كان العقد دائمًا شريعة للمتعاقدين، كيف أصبح الآن مصدر الصراع، فالمستأجر يعتبر هذا العقد هو عقد ميراث لوحدة أدخرها مع الزمان وزادت قيمتها ولكنه لم يتأثر بهذه الزيادة، والمالك يرى أن هذا العقد يسلب ميراثه ويسرقه أمام عينه ليأخذ فيه شهريًا ما يقرب من 6 جنيهات، فكيف نخرج بهذا القانون من الغيام إلى النور ليعرف كل ذي حق حقه، وهل يستطيع قانون أن يحقق الرضا للطرفين، أم أن الصراع سيظل قائمًا حتى بعد وضعه في حقيبة مجلس النواب لحل النزاع.

 

البرلمان: قضية المالك والمستأجر خطيرة وتحتاج إلى قانون تدريجي

عبد الحميد كمال، عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، قال إن العلاقة بين المالك والمستأجر علاقة خطيرة، حيث إنها تُبنى على الإستقرار الأسري وتؤثر عليه اجتماعيًا وانسانيًا وهي التي تعمل على السكينة والاستقرار في المجتمع، ولذلك هذا القانون من القوانين الهامة، مشيرًا إلى  أن الدستور في مواده شدد على أهمية السكن وأعطى له حرمة خاصة، وأعتبر أن السكن شئ أساسي في باب الحقوق والواجبات للمواطن.

 

وأوضح عضو مجلس النواب، أن المادة 78 في الدستور، تكفل الدولة للمواطنين الحق في السكن، والذي وصفته بالملائم والأمن والصحي بما يحفظ الكرامة الإنسانية، وهذا يجعلنا أمام نص صريح وواضح يتحدث عن السكن، ولم يغفل عن ذكر الحريات في السكن فجعل له حرمة بأن لا يقوم أحد بالتعدي على المساكن الأمنة وغيرها، ولذلك هذه القضية تخظى بالخطورة.

 

وأستطرد كمال، أنه من شروط التشريع الجيد أن يكون مقبول بشكل عام من جميع الأطراف ويكون هذا القبول من الأغلبية، حيث أن هذا القانون لا يجب أن لا ينحاز إلى جانب على حساب الآخر وإلا أصبح القانون غير دستوري، وبالتالي يجب أن تنطبق هذه الشروط  والمواصفات للوصول إلى التشريع، من المفترض أن تكون هناك علاقة موائمة واضحة بين المالك والمستأجر، والتتي تتمثل في الإيجار العادل، ويتم تحديد هذا الإيجار العادل من خلال لجنة ومن هنا أطالب بعودة لجنة تقدير المساكن، والتي ستساعد على تحديد القيمة الإيجارية المناسبة، حيث أن الوحدة في الحي الشعبي ستختلف بالطبع عن وحدة بمكان متوسط أو وحدة بمكان راقي كما أن إختلاف المواقع سيكون له دور في تحديد القيمة الإيجارية.

 

وتابع، أنه لابد من وجود ملائمة في التشريع حيث أن لجنة تحديد الإيجارات سيكون منوط بها تحديد طبيعة هذا السكن من حيث المساحة والموقع والنوعية من حيث كونه جيد أو ردئ، ولذلك لا نريد الإيجار المشروط بسنوات في القانون الجديد، حيث أنه بدوره ياهم في زيادة معدل الجريمة من خلال عدم الإنتماء للمسكن، على عكس الماضي فحق الاستدامة كان يجعل الجيران تستطف يدًا واحدة وتقف بجانب بعضها وتعرف بعضها البعض، بينما العقود الجديدة فتحت باب لوجود الأشخاص الغريبة بيننا والذي قد لا نعرف عنهم شيئًا من خلال السكن المؤقت والقانون الجديد، خاصة وأن عملية عدم الإستقرار تزود من أعباء الأسر في التنقل وغيرها، ولذلك يجب على القانون الجديد أن يكون عادل، أما عن الوحدات القديمة فعددها يقل مع الوقت، يجب توزيع القيمة التجارية بها أيضًا بشكل عادل، ويكون هناك نوعًا من العدالة بين الطرفين.

 

الأزمة تستلزم قانون تدريجي

قال النائب محمد فؤاد، عضو اللجنة التشريعية لمجلس النواب، إن الأزمة حول قانون الإيجار القديم تستلزم قانون تدريجي، يبدأ بالحكومي والتجاري و المغلق ثم السكني، مشيرًا إلى أن هذا هو الحل المثالي.

 

وأضاف عضو اللجنة التشريعية في تصريحات خاصة، إنه بعد إتخاذ هذه الخطوات يتم عمل صندوق يتم من خلاله دعم الغير قادرين، مؤكدًا أن القانون سيشمل جميع الفئات، قائلًا إن "لو حد قاعد في شقة ب6 جنيه وبقت ب ١٠٠  مش هيموت"، مشيرًا أن هذا هو دور الصندوق يث إنه يحمل العبء عن غير القادرين.

 

وتابع عضو مجلس النواب، أنه تقدم بمشروع قانون إلى رئيس المجلس حول هذا الشأن، وكان يهدف المقترح إلى عدة نقاط هامة:

-التوازن بين حقوق المؤجر والمستأجر بحيث يتحقق الاستفادة المتبادلة بينهم وليس تحقيق الاستفادة لطرف أخر.

-تعظيم العائد المادي من الضرائب العقارية.

-مواجهة ظاهرة الوحدات المغلقة والتي ستوفر عدد ضخما من الوحدات مما سيوفر عددًا من الاحتياجات الإسكانية.

- احداث حالة من الحراك في ملف قانون الإيجارات عن طريق تطبيق تحرير العلاقة الإيجارية بشكل تدريجي.

 

ما نريده هو العدل بين المستأجر والمالك

قال المحامي علي عبد الونيس وكيل لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، إن الإيجار يختصر معناه في دفع مبلغ مقابل الإنتفاع بشئ محدد، ولكن ليس معنى إرتضائي بمبلغ الإيجار منذ ثلاثون عام هو أنه يصبج مناسب للوقت الحالى، فما كان مناسب الأمس قد يصبح غير مناسب اليوم، وهل يعقل أن يكون هناك فلل ومساكن فاخرة إيجارها قد يكون 6 جنيهات فقط وثمنها قد يتخطى ال200 مليون جنيهًا.

 

وأضاف عضو مجلس النواب في تصريحات خاصة، أن ما نريده هو العدل بين المستأجر والمالك مع مراعاة الطرفين، ولكن الحل هو الموائمة والتكافل لغير القادرين، وأن تكون الزيادة بنسبة لا تضغط على محدودي الدخل، ولكننا نتحدث في المقام الأول عن القادرين.

وتابع عبد الونيس، أن وجود لجنة تنظم الأمر وتحدد الأسعار وتتابع الإمكانيات الخاصة بكل مسكن هي الحل الأمثل والعادل بين الطرفين، لوجود طرف خارجي هو ما يرى المناسب للطرفين.

 

متضرري القانون: المستأجر بيبيع ويشتري فينا ويدفع 6 جنيه

قال مجدى بدير رئيس منتدى أصحاب العقارات القديمة، إن لجنة الإسكان هي المنوطة بحل هذه الأزمة ولكن القائمين عليها أشخاص يستثمرون في الاستثمارات العقارية، قائلًا "طبعا طول ما السوق عطشان طول ما الدنيا ماشية كويس وأما تتحل الأزمة السوق عندهم هيقف ولذلك هم ليس لديهم مصلحة في حل الأزمة ولذلك لم يتم حل الأزمة حتى الآن".

 

وأضاف بدير في تصريحات خاصة، أن الموضوع سيحل في حالة وجود رغبة حقيقية من القيادة السياسية، والواضح أن هناك إرادة سياسية بالفعل لحل الأزمة، خاصة بعد حكم المحكمة الدستورية بعدم قانونية صدر المادة 18من قانون 136، والتي تنص على عدم قدرة المالك في أن يطلب من المستأجر أن يترك الوحدة السكنية حتى بعد إنتهاء مدة العقد.

 

وأوضح رئيس منتدى أصحاب العقارات القديمة، أن المالك لا يريد إلا أن يحصل على إيجار عادل ولا يريد طرد المستأجر مطلقًا، فليس من المعقول أبدًا أن توجد شقق فاخرة حتى الآن إيجارها 6 جنيهات فقط، مشيرًا إلى أن أهم ميزة هي ربط الإيجار بالضريبة العقارية، حيث أن الضريبة العقارية حددت الإيجار لكل شقة، فعند الإخلال بالمنصوص عليه يصل الخلل للقانون الخاص بالضريبة العقارية، ولكن في حالة غير القادرين أقترح أن يأخذ المستأجر مدة سنتين ليتدبر أمره فيهم وتقوم الدولة بخصم هذا الإيجار الغير مدفوع من الضرائب المقررة على الوحدة السكنية، على أن يتقدم المواطن بما يثبت عدم قدرته على الدفع ويتم ماسبة من يدعي ذلك، بينما القادر لا يجب إعفائه حتى يستطيع المالك دفع الضرائب للدولة.

 

وتابع بدير، إنه تقدم بمفترح إلى المجلس بتطبيق زيادة الإيجار على النحو الذي أقرته الضريبة العقارية، ويقوم الملاك بتنازل عن استلامه لمدة سنتين ليضع في صندوق إعانة غير القادرين على تكلفة السكن الإيجارية وإعانة الشباب الغير قادر في تحمل القيمة الإيجارية من خلال الفائدة التي تعود من المبلغ المودع في هذا الصنودق، مشيرًا إلى أنه يستطيع أن يملأ إستاد القاهرة بألاف الملاك الموافقين على هذا مما قد يجعلنا نجمع ما يقرب من 100 مليار جنيه، وسيجعلنا نحظى بقيمة فوائد كبيرة قد تساعد الكثير من غير القادرين في هذا الشأن، ولكن الرد على المقترح من المجلس كان "الصمت الرهيب".

 

وفي سياق متصل طالب محمود أبو زيد أحد المتضررين من قانون الإيجار القديم، بإلغاء قانون الإيجار القديم وتحرير العقود وإلغاء الإمتداد والتوريث، وأن يكون الإيجار بالسعر السوقى لكل منطقة والعمل بقانون إسكان موحد والعودة إلى القانون المدنى.

 

وتابع، قائلًا "أنا وأشقائى نملك عمارة إيجار قديم بمنطقه راقيه بالإسكندرية ونسكن فيها مع باقى المستأجرين وما يتم تحصيله من إيجار ندفعه فى الصيانة ولكن عندما احتاجنا إلى ترميم أجزاء من العمارة رفض السكان التعاون ودياً لتجميع المبلغ المطلوب لإجراء الترميم فلجأنا كملاك إلى تأسيس اتحاد شاغلين طبقاً للقانون لإلزام السكان معنا بدفع نصيب كل شقة طبقاً للمقايسة المقدمة من مكتب استشارى، ومن هنا بدأ تكتل السكان ضدنا ورفضهم الاشتراك فى الترميم وادعاؤهم أن هذه مسئولية المالك وحده لأن العماره تعتبر بناء قديم فلجأنا إلى القضاء لتطبيق القانون وهذا استغرق ما يقربمن  ثلاث سنوات حتى حكم لنا القضاء وفى خلال هذه المدة ازدادت حالة العقار سوءًا وارتفعت الأسعار بعد تعويم الجنيه وما تبعه من زيادات متتالية فى الأسعار، هذا بخلاف ما تم دفعه في إجراءات التقاضى ورفع الدعاوى واستئناف درجات التقاضى".

 

وأوضح أبو زيد، أن نوعية السكان عندهم من المقتدرين فمنهم الأطباء والمهندسين وغيرهم، منهم من توفى وترك الشقه ويتم تحرير إيصالات الإيجار باسم ورثة المرحوم فلان الفلاني، ولم تنتهي الخصومة هنا ولكن أحد السكان يستأجر عيادة وشقة بالعمارة، اتفق مع ساكن آخر وهو طبيب أيضاً وقاموا بعمل محاضر كيدية اتهموا فيها الملاك بكسر شققهم وسرقة مبالغ كبيرة ومنقولات ذهبية، وطبعاً النيابة وجهت التهمة لمجهولين لم يستدل عليهم وأفرجت عن الملاك بعد أن وكلنا محامى للترافع عنا أمام النيابة.

 

 

كما إتفق هيثم السيد علي العتباني، مع أراء المتضررين من الأزمة، مؤكدًا أن الأزمة تتلخص في أن حق المالك واضح ولكن بعض المنتفعين ببعض الأماكن القيادية لا تريد إصدار القرار، خاصة وأن عقد الإيجار لا يجب أن يورث، مستنكرًا ما يحدث بقوله "إيجاااااار"، مشيرًا إلى أن المستأجرين يقولون أن قانون المحكمه الدستورية هو من ينص على ذلك، ولكن لا يوجد قانون محصن من الخطأ ولا يجوز التغيير فيه فمن وضعه بشر ووارد أن يخطأ ولا يجوز أن يظلم القانون طرف على حساب الآخر.

 

وأوضح العتباني في تصريحات خاصة، أن عقد الإيجار لا يحتوي على بند بنص على التوريث ، ولذلك نطالب بإلغاء التوريث وتعديل القيمه الإيجارية الذي يدغها المستأجر خلال الفترة الإنتقالية حيث إنها تساعد المالك علي الأقل في أن  يعيش حياة كريمة، وأن يتم تحرير العقود التجارية والادارية بشكل فوري بدون فترات انتقالية، مشيرًا إلى أنه ليس جميع المستأجرين محدودي الدخل، ولكن المالك يريد أن يشعر بأنه يملك الوحدة بشكل جاد ولكن الوضع الحالي يجعل المستأجر بيبيع ويشتري في المالك.

 

وأضاف هيثم، أن مقترح وجود لجنة تقوم بالدفع عن غير القادرين جيد، خاصة وأن الدستور بنص على أن الدوله ملزمة بتوفير المسكن للمواطن، من يعيش في منطقة راقية وهو غير قادر على السداد في هذه الحالة من الممكن أن ينتقل إلى مكان أخر يناسب وضعه وتقوم الحكومة بمساعدته.

وتابع أنه ،" كان لدينا منزل في حلوان واخر بالمنصورة، وقام أحد سكان منزل حلوان المحرر بأسمه عقد الايجار، بترك الشقة لأخوه ليسكن بها وهو يعمل بالخارج في  السعودية، ولديه برج سكني مكون من ٢٠ شقة ، ولكن لأن القانون يقف في  صفه يفعل ما يحلو له، و بعد سنوات في المحكمة وقضايا متبادلة، قرر في النهاية صحاب المنزل ببيع المنزل علي حاله، فقام الساكن بطلب مليون جنيه من مشتري المنزل حتى يترك الوحدة".

 

المستأجرين: مطالبات تغيير القانون مخالفة لأحكام القانون الدستوري

 

وعلى الجانب الآخر، قال محمد عبد العال، أحد مؤيدي قانون الإيجار القديم، أن بداية الدعوة لتغيير قانون الإيجار القديم منذ منتصف التسعينات من القرن الماضى، والتي صدر بعدها قانون الايجار الجديد رقم 4 لسنة 1996، مشيرًا أن المحكمة الدستورية بدأت منذ هذا التوقيت أيضًا فى إصدار أحكام متعددة فى هذا الشأن حتى بلغ مجموع الأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية مايزيد عن عشرين حكمًا، غير أن المحكمة وهى تتعرض لهذا القانون كانت حريصة على ألا يحدث خلخلة اجتماعية تؤثر على السلم الإجتماعى للوطن فأبقت على الضمانتان الرئيسيتان، لعقد الايجار القديم وهما ضمانى الامتداد لمرة واحدة للاسرة المقيمة مع المستأجر الاصلى الزوجة / الزوج والأولاد كذلك وضعت ظوابط لاى زيادة للقيمة الايجارية بحيث تكون فى إطار الزيادة القانونية طبقا لتوقيت نشأة العلاقة.

 

وأضاف عبد العال، في تصريحات خاصة، أن مع بدء فعاليات البرلمان الحالى بدأت هذه الدعوة تاخذ شكلا مغايرًا حيث ظهرت أصوات من عدد محدود من السادة النواب لتغيير قانون الايجار وتقدم بعضهم بالفعل بمقترحات قوانين إلا أن هذه المقترحات جميعها قد خالفت ما استقرت عليه أحكام المحكمة الدستورية التى هى ملزمة لجميع الجهات فى الدولة وعلى رأسها البرلمان كما يقضى الدستور، وكما أكدت المحكمة الدستورية ذاتها فى العديد من حيثيات أحكامها.

 

وأوضح محمد عبد العال، أن ما يعيب هذه المقترحات ايضًا ليس فقط مخالفتها للأحكام الدستورية وإنما ماتتضمنه من اقرار زيادات فى القيم الايجارية مبالغ فيها فضلًا عن وضع تصور لمدة زمنية أسموها فترة انتقالية لإنهاء العقود أو العلاقة الايجارية قسرًا وهو الأمر الذى يمثل خلل اجتماعى واقتصادى لايمكن تدارك نتائجه، مشيرًا أن هذه المقترحات قد تجاهلت العناصر الواقعية التى نشأت فيها علاقات الايجار القديم كدفع غالبية المستأجرين لمقدمات أو خلوات تكاد تعادل قيمة تكلفة انشاء الوحدة المستأجرة، وأن امتداد العقد كان عنصرًا مهما فى تقييم العلاقة وتقدير هذه المقدمات أو الخلوات التى اضطر المستاجر لدفعها فى اطار الأزمة الإسكانية التى كانت معروفة وقتها.

 

وتابع، أن أى مقترح قانون يقصد تغيير قانون الايجار القديم يقدم دون مراعاة لكافة العناصر السابقة على المستوى القانونى او الاجتماعى او الاقتصادى سيكون بمثابة تشريع قد يؤدى إلى خلل اجتماعى يؤثر على أمن المجتمع وسلامته.

 

موضوعات متعلقة..

- عبد الحميد كمال يمتنع عن التصويت على قانون الطاقة النووية

- ”إسكان البرلمان” تكشف تفاصيل جديدة عن قانون الإيجار القديم

اقرأ أيضا