«ود متبادل وسند دائم» .. تاريخ حافل من التعاون بين مصر والسعودية

الثلاثاء 27 نوفمبر 2018 | 09:05 صباحاً
كتب : سارة محمود

«ود متبادل وسند دائم».. كلمات بسيطة يمكن بها وصف العلاقات المصرية السعودية، خاصة وأنها تمتد لأكثر من 90 عامًا، تتسم  بأسس وروابط أخوية قوية نظرًا للمكانة والقدرات الكبيرة التي تتمتع بها البلدين على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية والسياسية، وكذلك الإقليمية، مما يجعل العلاقات بين البلدين أكثر قوة وتماسكا، فيقع على منها العبء الأكبر في تحقيق التضامن العربي في المنطقة، خاصة وأن تتسم العلاقات بين القاهرة والرياض بالمتانة والاستمرارية وتعزز من وضعهما بين دول المجتمع الدولي.

 

تاريخ دبلوماسي طويل مرّ بالكثير من المحطات؛ فكانت بداية علاقات  مصر والسعودية في 1936، مرورًا برؤساء مصر متذبذبة، حيث سعي الملك فاروق على توطيد العلاقات، وتوترت إلي حدا ما فى عهد جمال عبدالناصر، وهاجمها السادات، وميّزها مبارك، ووطدها  السيسي، ومن ثم يؤكد ثبات واستقرار العلاقات الثنائية وتطويرها فى شتى المجالات.

 

الملك فاروق.. توطيد العلاقات 

وبدأ التعاون المثمر بين مصر والسعودية، حيننا جاء الملك فاروق لحكم المحروسة،  وأدرك أهمية العلاقات بين البلدين فسعي على توقيع معاهدة الصداقة ‏بين البلدين، والتي أيدت فيها المملكة مطالب مصر بجلاء القوات البريطانية من أراضيها، ووقفت بجانبها ‏وأيدتها أمام الجامعة العربية والأمم المتحدة، وفي كل المحافل الدولية.

 

جمال عبدالناصر.. شد وجذب

واستمر التعاون بين البلدين، فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، لإدراكه أهمية توطيد العلاقات بين البلدين، حيث شهدت  تتطورا كبيرا في  1955، خاصة بعد توقيع الأمير فيصل بن عبدالعزيز اتفاقية للدفاع المشترك بين مصر والسعودية، مما سعادت على ازاله الاحتلال البريطاني لـمنطقة «البوريمى» بالسعودية، وتمكنت  من تنبيه وتحريك القوة الحقيقية القادرة على استعادة الواحة الغنية بمنابع البترول وهى أمريكا.

 

ولم تتوقف العلاقات عند هذا الحد بين البلدين، حيث شهدت العلاقات إبان نكسة 1967، مساعدات الرياض لمصر، حيث نادى الملك السعودي فيصل بن عبدالعزيز، آنذاك، ‏الزعماء العرب، بضرورة الوقوف إلى جانب مصر، وتخصيص مبالغ مالية لتتمكن من خلالها الصمود ‏بعد الحرب مع إسرائيل.

 

"تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن"، لتشهد العلاقات بين البلدين مد وجزر، بعد أن أيدت مصر موقف الثورة اليمنية وأرسلت جنودها هناك، بينما رفضت السعودية ذلك، وأيدت موقف الإمام اليمني محمد البدر حميد الدين، خوفا من امتداد الثورة إليها، حتى انتهى الأمر وحدث الصلح بين عبدالناصر والملك فيصل بعد نكسة 1967 في مؤتمر الخرطوم، ودعا الملك فيصل الزعماء العرب للوقوف إلى جانب مصر والدول المضارة من العدوان.

 

 أنور السادات.. وتوتر العلاقات

أما فى  عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات كانت العلاقات المصرية السودانية وثيقة بشكل كبير، حيث واصلت  السعودية  دعمها للجانب المصري أيضًا، وذلك خلال حرب أكتوبر 1973، حيث ساهمت بالكثير من ‏النفقات المالية أثناء الحرب، وتزعمت معركة البترول ضد الدول المساندة للجانب الإسرائيلي، وعلى ‏رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، لخدمة مصر في الحرب والضغط عليهم بهذا السلاح.‏

وأصدر الملك فيصل قرارا بقطع إمدادات البترول عن الولايات المتحدة التي كانت تساند إسرائيل، وطاف الملك فيصل بعدد من المدن المصرية وسط استقبال شعبي، وقال مقولته الشهيرة لوزير الخارجية الأسبق هنري كسنجر عند محاولته إثناءه عن قرار وقف ضخ البترول: "عشنا وعاش آباؤنا على التمر واللبن، وسنعود لهما".

ولكن هذه العلاقات الجيدة لم تستمر طويلا، حيث جاءت اتفاقية كامب ديفيد لتعصف بها، حيث قررت السعودية قطع العلاقات الدبلوماسية مع مصر في أبريل 1979 في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز. وهاجم السادات السعودية وقتها،  مؤكدا أن موقفها من حملة قطع العلاقات يعود إلى الاحتجاج على أمريكا، لأنها تخلت عن شاه إيران، وإثبات زعامة لا يستطيعون تحمل مسؤوليتها.

مبارك.. تميز العلاقات

وعقب وفاة الرئيس محمد أنور السادات، زادت حدة التوتر بين البلدان العربية ومصر، حتي أن  تولي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، حكم المحروسة، وسعي إلي إعادة العلاقات بين البلاد مرة آخري.

 

حيث وقفت مصر بجيشها مع السعودية في حرب الخليج لتحرير الكويت عام 1990 , بعدها قدمت السعودية ضمن خمس دول عربية دعماً سخياً للاقتصاد المصري، بلغ في ذلك الوقت 6.4 مليار دولار، ووصل الآن بفوائده إلى 9 مليارات دولار.

 

وازدهرت العلاقات في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وكان هناك تقاربا في السياسة ولم تشهد هذه الفترة أي توترات بين البلدين.

 

  ثورة 25 يناير.. وهجوم مبارك

 

حينما قامت ثورة يناير عام 2011، تحولت العلاقات على الساحة المصرية بصفة خاصة والعربية بصفة عامة، حيث شنت السعودية هجوما على نظام مبارك، ثم سرعان ما عادت تأييدها، عن طريق الملك عبدالله، الذي أعلن انحيازه لمبارك وقتها، وعرضت السعودية، في موقف يعكس قوة العلاقة بين البلدين، أن تقدم مساعدات مالية، بدلا من المعونة الأمريكية.

وتردد عن رغبة السعودية عدم محاكمة الرئيس حسنى مبارك بعد الثورة ممارسة ضغوطا على مصر منها التهديد بإعادة العمالة المصرية، ووقف الاستثمارات السعودية، وصاحب ذلك بعض الأحداث في التظاهر حول السفارة السعودية بالقاهرة، وتلفيات وأضرار على يد بعض المندسين والمشاغبين في ظل الانفلات الأمني الذي صاحب اقتحام السفارة الإسرائيلية المجاورة، لكن سرعان ما عاد الهدوء للموقف بفضل ذلك الدبلوماسي الكفء أحمد عبدالعزيز قطان سفير السعودية بالقاهرة، والذي نفى نفيا قاطعا أية إشاعات ترددت في ذلك الحين، مؤكدا أن استقرار مصر يهم السعودية من الدرجة الأولي.

 

محمد مرسى

وعقب تولي محمد مرسي، رئاسة الجمهورية قام بزيارة المملكة العربية السعودية بناء على دعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز واستغرقت يومين لبحث العلاقات الثنائية.

 

 السيسي.. متانة وصلابة 

 

ليتولى الرئيس الرئيس عبد الفتاح السيسي، حكم المحروسة وتزداد العلاقات المصرية السعودية، متانة وقوة وصلابة في المستقبل في أفضل حالاتها بدعم من قيادتي، وتأكيدًا من "السيسي" أن أمن دول الخليج جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وأن بلاده لن تسمح بالمساس بأمن الخليج وأنها ستتصدى بفعالية لما يتعرض له من تهديدات.

اقرأ أيضا