”أين أنتم ؟“.. اختفاء الأحزاب فى ظروف غامضة.. وخبراء: لا تعلم دورها والمصالح الشخصية غلبت على قادتها

الخميس 29 نوفمبر 2018 | 02:14 مساءً
كتب : عمار حلمي

يُعرف الحزب السياسى بأنه، تنظيم يسعى إلى بلوغ السلطة السياسية داخل الحكومة من خلال مرشح فى الانتخابات الرئاسية، والمشاركة فى الحملات الانتخابية، والأحزاب السياسية تُمارس الديمقراطية فى داخلها من خلال انتخاب أعضائها فى أمانات الحزب المختلفة وصولًا إلى انتخاب رئيس الحزب، وترشيح أعضاء ينتمون للحزب لخوض الانتخابات.

 

والأحزاب السياسية كثيراً ما تتبنى أيديولوجية معينة ورؤى، ولكن يمكن أيضًا أن تمثل التحالف بين المصالح المتباينة.

 

شهدت الفترة الأخيرة بعدا سياسيا وتجنب كثير من الأحزاب عن الظهور على الساحة السياسية، فمن الأحزاب من لا يقوم بدور ومنها من يتجه إلى القيام بدور المؤسسات والجمعيات الأهلية، تاركين دورهم الرئيسى المتمثل فى «تنشئة الكوادر، والتعبير عن المواطنين ومصالحهم، وتقديم منافسين على مناصب سواء فى البرلمان أو فى الرئاسة»، فدور الحزب السياسى أنه يجد حلا لأى مشكلة، وتكون لديه رؤية وبعد سياسى.

 

وفى هذا الصدد نستعرض ردود رؤساء الأحزاب، حول موقفهم من الحياة السياسية، وكيف صارت الأحزاب بعيدة عن الساحة.

 

كمال أحمد: أكثر من 100 كيان لا وجود لها على الساحة

قال النائب كمال أحمد، عميد البرلمانيين، إن مصر بها أكثر من 100 حزب سياسى، وعلى الرغم من ذلك ليس لها وجود ولا تقوم بأى دور، فلم نرها مؤخرا إلا أثناء بيعها للبطاطس، لافتا إلى أن هناك فرقا بين أن أحزابا تقول إنها تقوم بدور، وبين أن الشارع يقول شيئا آخر.

 

وأوضح "عميد البرلمانيين" أن الحزب فكرة وعقيدة وبرنامج يطرح بالطرق السلمية، ويناقش وسط جماهير وذوى قدرات متخصصة، كما يدخل وسط البرلمان أو التجمعات السياسية، ومن ناحية أخرى يقوم الحزب بالنزول على أرض الواقع ليلتمس مشكلات المواطنين، وتوفير الخدمات لهم على المستوى الشعبى.

 

وأشار إلى أن الأحزاب السياسية على الرغم من أنها لا تقوم بأى دور سياسى، إلا أنها مازالت موجودة إلى الآن لأن هناك ما يسمى بـ"قانون تنظيم الأحزاب" هو الذى ينظم وجودها، فهى استكملت الشكل من الناحية القانونية، أما المضمون؛ فلا يوجد.

 

مصر الوطن: 97% منها لا تقوم بدورها.. والباقى أسماء على ورق

وقال المستشار محمد مجدى صالح، رئيس حزب مصر الوطن "تحت التأسيس"، إن نحو 97 فى المئة من الأحزاب لا تقوم بدورها، بينما هناك أحزاب أخرى لا تعمل من الأساس، بل مجرد أسماء على ورق، فضلا عن وجود أخرى تقوم بدور المجتمع المدنى "المؤسسات الأهلية" تاركة دورها الرئيسى.

 

وأشار إلى أن ما يقال عن أن الأحزاب المصرية غير موجودة على الساحة السياسية، حقيقة، وليس ادعاءً، لأن الأحزاب الموجودة تنظر للأمور بنظرة سطحية، حتى باتت تنظر للعمل على الأرض بنظرة المؤسسات الأهلية بل أقل، وذلك يتمثل فى أن قيام بعض الأحزاب بـ"إطلاق فعالية فى الشارع، بينما البعض الآخر "تبيع بطاطس أو لحمة بأسعار مخفضة"، لكن الحقيقة الأسعار ليست مخفضة واللعب يكون من خلال التجار".

 

وأكد أن هذا ليس دور الأحزاب السياسية، لأن الأحزاب دورها محصور فى التشريعات، والتدخل فى القوانين، وأن تكون حلقة وصل بين الدولة والشعب من خلال النزول للشارع وحل مشكلات المواطنين، وليس لتوزيع البطاطين والكراتين، لأن هذا دور المجتمع المدنى والمؤسسات الأهلية، موضحا أن رئيس الحزب هو من يمثل أعضاءه أمام الدولة، فإذا كان رؤساء الأحزاب غير قادرين على ذلك؛ فتكون الأحزاب ليس لها قيمة، بل كرتونية، ووجودها بين أروقة المصالح الحكومية لمجرد الوجاهة الاجتماعية، وليس لتحقيق شىء على الأرض.

 

وأشار المستشار محمد مجدى صالح، إلى أن حزب مصر الوطن، حزب وليد "تحت التأسيس"، يتكون من أشخاص عاديين ليسوا قامات أو أسماء رنانة فى المجتمع، لكن لديهم الرغبة فى خدمة البلد من خلال التعاون مع الوزارات والهيئات الحكومية، وبالفعل فى الفترة الأخيرة تعاوننا مع وزارات "التربية والتعليم، والثقافة، والشباب والرياضة"، فى وقت وجيز، قائلا: "وجهة نظرى إن اللى عايز يشتغل هيشتغل.. واللى عايز ينجح هينحج.. لكن الأهم أن تكون لديه رغبة فى العمل، لأن تلك الرغبة هى المحرك الأساسى له، فإن وجدت؛ سينجح، وإن لم تجد لن ينجح".

 

الجيل: الانشغال بالعمل المجتمعى السبب.. والبطاطس أبرز المواقف لـ«مستقبل وطن»

أما ناجى الشهابى رئيس حزب الجيل، فأشار إلى أن الحزب بمضمونه المتعارف عليه فى العالم؛ هو عبارة عن مواقف سياسية يقوم بها تجاه قرارات الحكومة أو مجلس النواب أو الإجراءات التى تتخذها الدولة، لافتا إلى أن حزب الجيل يعد أنشط الأحزاب السياسية المصرية، وليس أدل على ذلك سوى مواقفه السياسية التى ينشرها يوميا عبر مواقع التواصل الاجتماعى.

 

وأضاف "الشهابى"، أن أى حزب يقوم ببيع السلع التموينية مثل الزيت والسكر، كما كان يفعل حزب الإخوان "الحرية والعدالة"، أو بيع البطاطس حاليا كـ"حزب مستقبل وطن" وغيرها، لا تكون أحزابًا سياسية.

 

وأشار إلى أن المهام الرئيسية لأى حزب فى العالم تنحصر فى تحديد الموقف السياسى تجاه سياسات وقرارات الحكومة المختلفة، وليس النزول للشارع لبيع البطاطس والسلع المختلفة، لأن هذا ليس دور الأحزاب السياسية.

 

وأضاف ناجى الشهابى، أن سبب توقف النشاط الحزبى فى البلاد؛ يرجع إلى أن معظم الأحزاب الموجودة، لا تقوم بأى دور، وليس لها مواقف سياسية.

 

خبير سياسى: لا تفهم ما هو منوط بها.. وتحتاج إلى دورات تدريبية

فما أشار الدكتور حسن سلامة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إلى أن الأحزاب السياسية لا تؤدى دورها لأنها لا تفهم معناه، متابعا: "يوجد أكثر من 100 حزب كان من الممكن أن يتم اقتصارها على 10 أو 15 حزبا فقط لمراعاة المصالح الوطنية، لأنه لا يمكن أن يوجد أكثر من 100 اتجاه أو 100 توجه سياسى، وبالتأكيد هناك تقاطعات بينها وبين بعضها، لكن المصالح الشخصية والوجاهة غلبت عليها، فهذا لا يثرى التجربة الحزبية فى مصر؛ بل يؤدى إلى تشردها، كما يقدم صورة سيئة وسلبية؛ لأن هذه الكيانات كان من المفترض أن تقوم بدورها الحقيقى المتمثل فى "تنشئة الكوادر، والتعبير عن المصالح، وتقديم منافسين على مناصب سواء فى البرلمان أو فى رئاسة الجمهورية"، وهذا الأمر لا يتحقق؛ لأنه يكمل الصورة الديمقراطية الحقيقية.

 

وأوضح أستاذ العلوم السياسية، أن إنشاء الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب؛ جاء بعدما شعرت رئاسة الدولة بأن عليها دورًا فى تنشئة شباب مصر سياسيًا، وإيجاد كوادر قادرة على قيادة المستقبل، لافتا إلى أن الأحزاب السياسية كانت هى الأولى بهذه المهمة، لكن الرئاسة اضطرت لإنشاء هذه الأكاديمية وتحمل هذا العبء؛ نظرا لتقصير الأحزاب السياسية فى أداء هذا الدور.

 

وشدد على ضرورة أن تنظر الأحزاب إلى ذاتها ثم تؤدى ما يسمى بـ "الحوكمة الداخلية" بمعنى درجة الديمقراطية الداخلية الموجودة داخلها من طول فترة رئيس الحزب، ثانيًا إعادة النظر فى بناء الكوادر، حيث يجب النظر إلى "هل هى لديها كوادر تقوم بدور الأحزاب؟، وهل هى تفهم ما هى أدوار الأحزاب؟"، لافتا إلى أنها تحتاج لدورات تدريبية من أول زعمائها إلى أعضائها، وتعيد النظر فى أدوارها ووظائفها، ثالثا لابد أن تكون هناك دعوة حقيقية لاندماج الأحزاب السياسية، ففكرة وجود أكثر من 100 حزب أسماء فقط لا تؤدى دورها، ولا يشعر بها الشارع؛ فهذا لا يجوز، ولا بد من وجود تشريع ينص على أن الأحزاب السياسية التى لا تمثل مقعدًا أو تفشل مرتين متتاليتين فى حصد مقعد واحد؛ تشطب من الحياة السياسية نهائيًا.

 

ولفت إلى أن اتجاه حزب معين إلى القيام بدور المؤسسات والجمعيات الأهلية؛ يرجع إلى أنه لا يفهم ما هو دور الحزب السياسى، والمتمثل فى إيجاد حل للمشكلة وتكون لديه رؤية، فهناك خلط كبير بين الأحزاب والجمعيات الأهلية، فالجمعيات الأهلية تؤدى دورًا مجتمعيًا، تطوعيًا، توعويًا سياسيًا، لكنها لا تمارس النشاط الذى تمارسه الأحزاب السياسية، فدور الأخيرة أن تقدم مرشحين للمنافسة فى الحياة السياسية وهذا لا يتحقق، والعيب يعود على الأحزاب وليس على البيئة، لأن البيئة متاحة لمن يعمل، فمن لديه رؤية؛ يستطيع أن ينفذها على الأرض وأن يتجاوز كثيرا من العقبات إذا أراد.

 

الأمة: الأحزاب الجديدة أخذت الصدارة بدعم رجال الأعمال.. ومن يدعو لحلها يحفر قبره بيده

وقال خالد العطفى رئيس حزب الأمة، إن مصر بها نحو 124 حزبًا سياسيًا، إلا أنه لا يوجد سوى 17 حزبا فقط مُمثلة تحت القبة، ومضاعفات هذا الرقم خارج المجلس، لافتًا إلى أن الأحزاب الوليدة فقط هى التى أخذت سبق الوصول إلى المجلس؛ نتيجة الدعم اللوجستى الضخم من رجال الأعمال، وهذا الدعم هو الذى يصنع الأحزاب الوليدة، لأن المال السياسى هو الذى لعب دورًا فى ظهورها على الساحة.

 

وأضاف "العطفى"، أن الأحزاب السياسية دورها قوى لكنها لا تعى ذلك، حيث طبقًا للدستور، كان من الممكن أن يُطالب حزب المصريين الأحرار بتشكيل الحكومة؛ إلا أنه اصطدم بمادة تنص على حصول الحزب على ثقة ثلثى المجلس، لكنه لم يقدر على ذلك، مؤكدا أن النائب علاء عابد وشركاءه الذين قادوا جمعية من أجل مصر التى اندمجت فى حزب مستقبل وطن، يشكلون حزب الأغلبية وليس الحزب الحاكم.

 

وأشار رئيس حزب الأمة إلى أن حزب "حماة الوطن" فى الآونة الأخيرة، كان يُمهد الطريق لنفسه ليقود الانتخابات المحلية، وذلك من خلال الوصول إلى رؤوس العائلات ورؤساء المجالس المحلية، والمدينة، والمركز، والقرية، لكن فجأة تم سحب الأصوات منهم، الأمر الذى أسفر عنه أن قام الحزب بعرض فكرة التحالف والاندماج مع بعض الأحزاب مثل "المؤتمر-المحافظين- الدستورى الاجتماعى الحر"، لكن اصطدموا بقوة حزبية كبيرة سيطرت على الأوضاع وأسست قواعدها التنظيمية فى مختلف المحافظات، فأصبح حزب حماة الوطن الآن فى أزمة واحتقان داخلى؛ نتيجة فقده كل الأوراق التى كان يلعب بها.

 

وأوضح أن هناك عضوا من حزب المصريين الأحرار تقدم بمشروع قانون لحل الأحزاب ودمجها، فهذا العضو يحفر قبره بنفسه، مضيفا أن حزب مستقبل وطن، يُعد هو الحزب المتصدر للمشهد فى الوقت الحالى.

اقرأ أيضا