”تركيا تغتال أبناء سوريا”.. ”أردوغان” يغلق باب اللجوء في وجه الفارين من الموت

الاحد 23 ديسمبر 2018 | 03:55 مساءً
كتب : سارة أبوشادي

لم يكن الهروب والرحيل بإرادتهم، بل فروا رغما عنهم الموت كان يحاوطهم من كل اتجاه، الأمان لم يعد موجود بين جدران منازلهم، فلاجدوي أمامهم من المكوث وسط هذا الخراب، لم يعلموا وجهتهم لم يخططوا لمستقبلهم الذي بات مظلمًا، خرجوا في جوف الليل حاملين أطفالهم وقليل من عتادهم، بل خرج الكثيرون منهم بملابسهم فقط، نال الدمار من كل شيئ قتل الصديق والجار، النجاة من هذا المكان هو النجاح الأكبر في تلك المرحلة.

 

منذ بداية الحرب السورية في عام 2011، وبدأت معها قصة هروب السوريون ونزوحهم خوفا من القتل والتدمير الذي طال بلادهم ، وبالرغم من أنّ وجهتهم لم تكن معلومة إلّا أنّ الآمان في نظرهم كان في البلاد القريبة منهم وعلى رأسها تركيا، فاضطر الآلاف منهم لللجوء إليها، وفي المقابل فتح أردوغان ذراعية للترحيب منهم، في البداية بدا الأمر إنسانيّا لكن بعد فترة قصيرة تمّ اكتشاف أنّ هذا الاستقبال لم يكن لغرض الإنسانية فل وراءه مصالح واستفادات عدة.

رفض الهروب لألمانيا

شابا في مقتبل العمر قضى عمره في بلاده لم يفكر أنه سيأتي اليوم الذي يخرج منها هاربا من الموت برفقة أسرته، لم يكن أمامهم مكان آمن سوى تركيا خاصة بعدما فتحت السلطات هناك أمامهم الباب للدخول، ظنّ الشاب أنّه الآن بات الأمان يحاوطه فلم يعد يخاف الحرب أو الموت، لم يدري أنّ المستقبل سيقسوا عليه ويواجه من هو أشد من الحرب.

 

 بعد شهور قضاها الشاب العشريني في تركيا، بدأت العنصرية وأعمال التنمر تواجهه من قبل بعض الأتراك، حتى وصل الحال بهم إلى التنمر في المدارس والشوارع، لم يتحمل الشاب أو أسرته الحال في تركيا فقرروا الهروب إلى ألمانيا، وبعد رحلة عذاب واجه خلالها أشكال عديدة للموت استطاع الشاب وأسرته الوصول إلى الحدود الألمانية، لكن المفاجآة كانت صادمة بالنسبة لهم، فرفضت السلطات الألمانية دخول الأسرة وأمرتهم بالعودة.

 

ومع رفض ألمانيا طلبات اللجوء الخاصة بالشاب وأسرته، اضطروا إلى العودة إلى تركيا للعمل 12 ساعة في مصانع تفتقر لأدنى وسائل السلامة، إلى جانب 100 سوري آخرين.

تركيا تطرد اللاجئين

في تقرير نشر بمجلة نيوز وويك" ذكرت خلاله أنّ تركيا  كانت من أوائل البلدان التي رحبت بالسوريين، وتبنت سياسة "الباب المفتوح"، وسمحت للآلاف منهم بالدخول، معتبرة إياهم "ضيوف"، لكن ومع مرور 7 أعوام تغيرت المواقف لتدفع أنقرة بآلاف اللاجئين السوريين إلى المغادرة بذريعة عودة الهدوء خاصة إلى شمال سوريا، إلا أن الوقائع تؤكد أن الخطر ما زال قائماً.

 

وبحسب الأمم المتحدة، فإن 3.5 مليون لاجئ سوري يعيشون في تركيا، نسبة كبيرة منهم تعاني الأمرين للحصول على لقمة عيشها، كما أن نسبة كبيرة حولت طريقها نحو أوروبا بحثاً عن مستقبل أفضل.

الأزمة الاقتصادية تصيب اللاجئون

بعد الأزمة الاقتصادية التي عاشتها تركيا في الشهور  الآخيرة، تحول مبدأ الترحيب إلى التنفير، الذي ظهر في عدم المساواة في مجالات التعليم والتوظيف بالدرجة الأولى، كما وينادي 80% من مناصري حزب العدالة والتنمية الحاكم بمغادرة السوريين لتخفيف وطأة الأزمة.

المصلحة انتهت

بدأ تغيير المواقف التركية من أردوغان، الذي كان أول من أطلق شعارات الترحيب، واعتبر السوريين "ضيوفاً". فالآن يبحث عن بديل أخر يسعى به لتوطيد حكمه خاصة مع اقتراب الانتخابات في يونيو القادم، مطلقاً شعار: "نهدف إلى جعل جميع الأراضي السورية آمنة". تمهيداً لإخراج السوريين برضاهم أو بالضغط الذي بدأ فعلياً، إذ تقود القوات التركية حملة لتفكيك مخيمات اللاجئين، وإغلاق مكاتب المنظمات الخيرية الغير حكومية والعيادات الطبية، لإرهاق السوريين وإجبارهم على الخروج.

 

كانت تركيا من أوائل الدول الموقعة على اتفاق الأمم المتحدة للاجئين في 1951، والذي أكد ضرورة حماية الدول المستضيفة للاجئين على أراضيها، والتزمت تركيا في بادئ الأمر بالقرار وكانت تمنح صفة "لاجئ" لبعض اللاجئين الأوروبيين فيها، لكن وعند اندلاع الحرب السورية، اعتبرت اللاجئين السوريين ضيوفاً، فهي غير ملزمة على منحهم صفة "لاجئ" إلا أنها مجبرة على تأمينهم والحفاظ على حياتهم حتى استباب الأمور في بلادهم، لكنها سرعان ما غيرت سياسة "الضيوف" إلى الدفع بهم للنار من جديد.

عنصرية وتهمييش

ومعنى سياسة "الضيوف الدائمين" قانونياً في تركيا، هو منع السوريين من الوصول للعمل القانوني، أو تملك المنازل، أو حتى إعادة التوطين، لأنها لا تعتبرهم لاجئين.

التنمر من الشعب

لعب الشعب التركي دوراً إلى جانب الحكومة في مضايقة السوريين، رغم القرابة بين الشمال السوري والجنوب التركي، ورغم الترحيب الأولي، أصبح الأتراك متشائمين الآن من وجود السوريين أكثر من أي وقت مضى.

 

وتؤكد مجموعة "الأزمات الدولية"، أن معدل العنف بين الأتراك والسوريين ارتفع في الأشهر الستة الأخيرة من 2017 مقارنة بالفترة نفسها من 2016، بل وصل الحال من قبل بعض الأتراك إلى استغلال النساء السوريات في العمل بأعمال منافية للأخلاق مقابل السماح لهم بالعيش في تركيا.

اقرأ أيضا