بالأرقام.. كيف تحقق الدولة التنمية وتحمى محدودى الدخل فى آنٍ واحد؟

الاربعاء 20 يونية 2018 | 07:57 مساءً
كتب : إلهام صلاح

برامج حماية اجتماعية.. وقوانين لمنع جشع واستغلال التجار

50% زيادة فى دعم البطاقات التموينية.. و3% تراجعا فى معدلات البطالة

إشادة دولية بالإصلاحات.. وتوقعات بأن يكون الاقتصاد المصرى الـ15 عالميًا عام 2050تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز بنه

اية 2018.. والتحول لمركز إقليمى للطاقة

شاب فى العشرين من العمر، يجلس على كرسى بجانب النافذة فى أحد أتوبيسات النقل العام -قادنى القدر أن أجلس فى المقعد الملاصق له، حيث كنت ذاهبة لأمرٍ ما بمدينة التجمع الخامس- تبدو عليه علامات الحسرة والألم، وهو يتمتم بكلماتٍ غير مفهومة، والعرق يتصبب من جبينه، رغم أن المركبة التى نستقلها مكيفة، ما دعانى على غير عادتى أحاول أن أعرف ما جعله على هذا الحال، لعلى أستطيع أن أخفف عنه بعضًا مما هو فيه.

تحرك الأتوبيس، وبعد ما يرقب من 15 دقيقة على خروجه من المحطة، وجدتنى أربت على كتف الشاب، ربما يكون بمقدورى أن أتفهم بعضًا مما يشغله "خفف عنك يا بنى لا شىء فى هذه الدنيا، يستحق كل هذا الحزن"، فجأة، الدموع تنهمر من عينيه كأنها سيلٌ جارف متحدثًا "إيه إيه ولا إيه يا أستاذة.. الحياة بقت صعبة.. الأسعار نار.. وكل يوم قرار نلاقى معاه زيادة فى حاجة جديدة.. مش عارف أعمل إيه ولا أو أجيب منين".

ربت على كتفه ثانية، ثم دار بيننا حديث: "أتفهم جيدًا حجم المعاناة التى تشعر بها -لست وحدك- أنت وغيرك من المواطنين البسطاء.. لكن هل تعرف الفارق بين الإصلاح الجذرى والحلول المؤقتة؟"، ليرد: "فى الحقيقة.. لا.. أنا عايش أرزقى على باب الله.. وتعليمى قد لا يجعلنى أدرك معنى ما تسألين عنه جيدًا".

بادرت بتوضيح ما أقصد للشاب، الذى ما تنظر إليه تشعر كأنه يحمل جبلًا فوق كتفه من شدة ما يعانيه "الإصلاح هو ما يتم حاليًا، بغرض إحداث تنمية حقيقية، تقود البلاد نحو نهضة حقيقية، وليس كما كان يحدث من قبل، بقرارات لحظية سرعان ما يزول أثرها، ويعود المواطن للمعاناة من جديد".

استدار العشرينى ناحيتى -حيث أجلس- بنظرات كلها ضيق ونفور "وأنا المواطن الغلبان، اللى رزق يوم بيوم، أتحمل الإصلاح ده..؟"، فقاطعته: "أكيد لأ طبعًا.. والدولة تعمل جاهدةً حتى تحقق حياة كريمة للمواطنين وفى مقدمتهم محدودو الدخل، وتتخذ الإجراءات التى من شأنها تعزيز ذلك".

أعلم جيدًا أنك لست وحدك الذى ينتابه هذا الشعور فى الفترة الراهنة، جراء عملية الإصلاح الاقتصادى التى تنفذها الحكومة، وما ينجم عنها من زيادة فى الأسعار، ليس فحسب، بل أدرك أن الجميع يترقب من آنٍ لآخر، قرار رفع الدعم عن المواد البترولية، خاصة أنه لم يعد مفاجأة، فى ظل تصريحات الوزراء المعنيين بالأمر، التى تشير إلى أن ذلك بات ضرورة ملحة لا بد منها.

أن تسمع ما يدور فى الخارج دون معرفة ما هو يتم داخل غرفة صناعة القرار، يفرق كثيرًا، وهناك مسئولون يقدرون حجم الصعوبات التى يحملها برنامج الإصلاح الاقتصادى، وما يعانيه المواطن البسيط الذى يسترزق يوما بيوم، ويجد نفسه أمام فاتورة عليها أن يدفعها، جراء خلل ناتج عن عقود مضت، وتأخرت الدولة كثيرًا فى سبيل إصلاحه.

بدأ مشروع الإصلاح فى نوفمبر عام 2016، أى لم يمر على تنفيذه سوى 18 شهرًا، ونحن فى منتصف عام 2018، فى حين تُشير التقديرات الحكومية إلى أن البرنامج يحتاج فى غضون من 7 إلى 8 سنوات، حتى يشعر المواطن بالنتيجة كاملة.

الدولة لم تقف مكتوفة الأيدى، أمام المدة الزمنية المقررة لبرنامج الإصلاح -تمت مراجعة الآثار الناجمة عنه أكثر من 9 مرات- وأكدت أنه كون هناك فترة زمنية محددة للتنفيذ، لا يعنى أن المواطن لن يشعر بتحسن، ولكن تدريجيًا.

وتسعى الحكومة إلى إجراءات من شأنها حماية المواطن، وتخفيف آثار الإصلاح، حيث تتجه إلى زيادة الأجور والمعاشات، بالإضافة إلى مد مظلة الحماية الاجتماعية، حتى تشمل أكبر قدر من محدودى الدخل.

كما أن قانون حماية المستهلك -تم إقراره مؤخرًا- سيعمل بشكل كبير على ضبط الأسواق، ومواجهة الزيادة غير المبررة فى الأسعار، من قبل بعض التجار الجشعين، الذين يستغلون المواقف لتحقيق مكاسب على حساب المواطن البسيط.

ولا يتوقف المسئولون عند هذا الحد، من أجل حماية محدودى الدخل، لكن هناك أيضًا دراسة تتم حاليًا، الهدف منها بحث إمكانية زيادة الدعم على البطاقات التموينية، بنسبة تتراوح ما بين 40% و50% خلال الموازنة العامة "2018 - 2019"، فى يوليو المقبل، وهو ما يعنى زيادة نصيب الفرد من 50 إلى 70 أو 75 جنيهًا.

وتعد تلك هى الزيادة الثانية للمستفيدين من البطاقات التموينية، فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى، وتأتى بالتزامن مع القرار المرتقب برفع أسعار الوقود، للتخفيف على المواطنين، من حدة الآثار الناتجة عن الإصلاح.

الحكومة كان فى مقدورها أن تسير على خطى السابقين، باقتراض الأموال فى مسارات الدعم المختلفة، لكنها أبت ذلك، لأنه يقودنا فى النهاية نحو طريق مسدود فى نهايته خراب ودمار اقتصادى كامل.

الرئيس عبد الفتاح السيسى يكاد لا يترك لقاء مع الوزراء، دون السؤال عن معدل البطالة وتوفير فرص عمل، يكاد يكون شغله الشاغل فى الفترة الحالية.

لذا نجد أن الدولة حملت على عاتقها الاستثمار فى المشروعات الكبرى، تلك التى وفرت، ومن المتوقع أن توفر الملايين من فرص العمل، وهو ما أظهرته معدلات البطالة التى تراجعت من 13.6% إلى 10.6%، أى بمقدار 3% خلال فترة وجيزة.

كما أن هناك برامج يتم تنفيذها، الهدف منها تقليل العبء على الأسرة، حيث تطبق وزارة التضامن حاليًا، برنامج "الألف يوم الأولى فى حياة الإنسان"، فى 3 محافظات وهى "أسيوط، سوهاج، قنا"، يستهدف 40 ألف سيدة حامل فى مرحلته الأولى، بمنحة قدرها 96 جنيهًا شهريًا، للأم، مقدمة من برنامج الغذاء العالمى.

فيما يُظهر الحساب الختامى، للعام المالى "2016 – 2017"، أن الإنفاق على البعد الاجتماعى زاد من خلال زيادة الأجور، وتعويضات العاملين، حيث بلغ ما يقدر بـ225.5 مليار جنيه لهذا العام، مقابل 213.7 مليار جنيه عن العام المالى السابق، أى بنسبة زيادة قدرها نحو 5.5%، كما زاد الإنفاق على دعم السلع التموينية بقيمة 47.5 مليار جنيه، لهذا العام.

وعلينا أن ندرك أن الدولة لا تطبق أى قرار دون إجراءات مسبقة، فهناك دراسة يجريها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، بهدف معرفة تأثير الزيادات المرتقبة فى أسعار المواد البترولية، على تعريفة نقل الركاب بالقاهرة الكبرى والمحافظات، فيما يخص السيارات الخاصة بنقل الركاب والبضائع.

وستكون نتائج الدراسة التى يجريها المركزى للتعبئة والإحصاء، بمثابة دليل استرشادى، يتم توزيعه على المحافظين حول تعريفة الركوب المتوقع تطبيقها، بعد تحريك أسعار السولار والبنزين، منعًا لاستغلال بعض السائقين فى زيادة الأجرة عن الحد، وهو ما يضر بالمواطن.

هذا فيما أعلنت الدكتور غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى، منذ أيام قليلة، عن تسلم الدفعة الثانية من قرض مشروع "مستورة" وقدرها 100 مليون جنيه، من صندوق "تحيا مصر"، الذى أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى عام 2017، بإجمالى تمويل 250 مليونًا.

ويأتى المشروع، بهدف تقديم تمويل متناهى الصغر للمرأة، حتى يمنحها فرصة أكبر للتمكين الاقتصادى، وخلق مصدر للدخل، للارتقاء بالمستوى المعيشى لأسرتها.

وحقق المشروع نجاحًا كبيرًا -حسب ما أعلنت "والى"- بتمويل 6483 مشروعًا بقيمة تزيد على 97.5 مليون جنيه، تنوعت أنشطتها ما بين صناعى وتجارى وخدمى.

أما عن معدلات النمو التى حققها الاقتصاد المصرى، خلال الفترة الأخيرة -ما بعد قرارات الإصلاح الاقتصادى- نجد أن هناك تقدما كبيرا على المستويات كافة، على الرغم من الصعوبات التى تواجهها الدولة، كما أن إجمالى الودائع لدى الجهاز المصرفى بخلاف البنك المركزى، ارتفع بنحو 65 مليار جنيه، لتصل فى يناير الماضى، إلى 3.394 تريليون جنيه، مقابل 3.329 فى ديسمبر السابق له.

أما على الصعيد الدولى، فهناك إشادة كبيرة بالإصلاحات الاقتصادية التى تنفذها مصر، حيث أكد وزير الاستثمار البريطانى جراهام ستوارت -فى زيارته الأخيرة للقاهرة- أن التقارير الدولية تبرهن على أن مصر ستكون الاقتصاد الخامس عشر الأكبر على مستوى العالم فى عام 2050.

ووصف "ستيوارت"، مصر، بأنها دولة واعدة، وأن بريطانيا تريد مساعدتها فى دفع هذا النمو، وتحقيق الرفاهية للأجيال المقبلة.

ونجد أنه على الرغم، من أن حالة الغضب التى حدثت بعد قرار زيادة أسعار تذاكر المترو، وأنها تمثل عبئًا كبيرًا على المواطن، بادرت وزارة النقل، على الفور فى إظهار أولى خطوات التطوير التى سيتم تنفيذها الفترة المقبلة من طرق وكبارى، والسكة الحديد، والموانئ البحرية والنهرية.

وأعلن الدكتور هشام عرفات، وزير النقل، عن أن الوزارة تعتزم حاليًا، تنفيذ عدد من المشروعات الضخمة، من بينها خطوط جديدة فى مترو الأنفاق، بهدف تسهيل التنقل النظيف والحضارى فى القاهرة الكبرى بالكامل.

أما على جانب الطاقة، فنجد إنتاج حقل ظهر للغاز الطبيعى تضاعف 3 مرات منذ ديسمبر 2017، على حسب ما ذكر المهندس طارق الملا، وزير البترول، والذى قال إن الحقل تخطى مليار قدم مكعب يوميًا.

وأكد "الملا" أن المخطط إضافة مليار قدم غاز أخرى قبل نهاية العام الحالى، وهو ما يسهم إلى جانب المشروعات الأخرى فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز المستهدف نهاية 2018.

وتسعى مصر لجعل صناعة الإلكترونيات إحدى أكبر دعائم نمو الاقتصاد وزيادة الدخل القومى، والمساهمة فى مضاعفة الصادرات من هذا المنتج، لذا قررت الحكومة برئاسة المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، التباحث مع نائب رئيس شركة "فوكس كون تكنولوجى" يس سين وانج، الذى كان يزور القاهرة مؤخرًا، حول إمكانية تنفيذ مجمع لتصنيع الإلكترونيات فى المنطقة الصناعية التكنولوجية بأسيوط، بالإضافة للتوسع فى إنشاء مجمعات صناعية أخرى فى باقى المناطق التكنولوجية.

وأشار رئيس الوزراء إلى أن هناك تطلعا للتعاون مع "فوكس كون"، خاصة فى ظل اهتمام الدولة بصناعة الإلكترونيات والتحول الرقمى وما تحققه من زيادة فى فرص العمل.

وفيما يخص الجهاز الإدارى للدولة، نجد أن هناك خططا يجرى حاليًا، على المستويات كافة، بهدف التحسين وتطوير أداء الموظف الحكومى، وأعلنت الدكتور هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، عن أنه سيتم الانتهاء فى يوليو المقبل، من تقييم 4000 قيادى بالجهاز الإدارى.

ولفتت "السعيد" إلى أنه سيتم تقييم القيادات بالمحافظات فى سبتمبر المقبل، بالتوازى مع تقييم موظفى الجهاز الإدارى، الذين تم تعيينهم على مدى 10 سنوات مضت، ويصل عددهم إلى نحو 10 آلاف موظف، وذلك بهدف إتاحة الحد الأدنى من المعلومات الإدارية والقانونية والمعرفية للموظفين.

وعلينا أن ندرك أن مصر تنفذ عملية إصلاح اقتصادى، فى ظل تهديدات إقليمية وعالمية كبيرة، بالإضافة إلى الحرب الضروس التى تخوضها ضد الإرهاب الأسود فى سيناء، والجهود التى تقوم بها القوات المسلحة والشرطة، فى سبيل تحجيمه وإتمام عملية التطهير بشكل كامل لكل شبر من أرض الوطن.

كما أن هناك ملفا فى غاية الأهمية، يعد واحدًا من ملفات الأمن القومى، وهو سد النهضة، والمفاوضات التى تجريها الدولة المصرية، مع الجانب الإثيوبى، لمنع تأثير بناء السد على حصة مصر من مياه نهر النيل.

وتعمل القيادة المصرية حاليًا، على تدعيم العلاقات مع دول الجوار، خاصة الأشقاء الأفارقة، لما يمثلونه من عمق استراتيجى فى غاية الأهمية، فضلًا عن علاقات قائمة على مبدأ "المصالح المشتركة".

ويأتى برنامج الإصلاح الاقتصادى، بالتزامن مع تطبيق الدولة لقانون التأمين الصحى الشامل، بهدف تحسين جودة الخدمة المقدمة للمواطن، وتقديم الأفضل له، بالإضافة إلى سعيها لتطوير العملية التعليمية، من خلال بناء مدارس جديدة، وتطبيق معايير ونظم عالمية، منها تجربة المدارس اليابانية، مع الاهتمام بالتعليم الفنى، بهدف تخريج شباب قادر على قيادة سفينة الوطن إلى بر الأمان.

وفى ظل كل تلك الأمور، تسعى مصر، من خلال الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، إلى تحقيق بنية تشريعية شاملة، وتوفير تمويل جديد للشباب، وتسهيل عملية التعاقدات والبنية التحتية اللازمة.

وينتظر المصريون الانتهاء من زراعة مشروع المليون ونصف المليون فدان، وإنشاء مائة ألف صوبة زراعية، وتنفيذ ما وعد به الرئيس عبد الفتاح السيسى، من تحول مصر إلى مركز عالمى للطاقة والغلال.

هنا.. وصل الأتوبيس إلى حيث نحن قاصدون، فنظر الشاب إلى وبادرنى بالحديث "هناك أمور كثيرة كنت لا أعرفها وأعتقد أن الكثير ممن على حالى كذلك، فنحن ربما ننظر للوضع من جانب واحد فقط، وكلامك يؤكد أن الدولة تسعى بالفعل لتحقيق تنمية حقيقية وليس مجرد كلام كما كنا نسمع من قبل".

ربت على كتف العشرينى أخيرًا، وأخبرته أن عليه أن يدرك جيدًا أن قيادات الدولة المصرية فى الفترة الراهنة، لا هم لهم سوى النهوض بالبلد، وأنهم يشعرون ويقدرون حجم ما يعانيه المواطن البسيط، جراء عملية الإصلاح، لكنهم يؤكدون أن كل هذا سيزول ويسشعر كل مصرى، أن هناك تنمية حقيقية سيستفيد منها الآباء والأبناء.

وأنهيت حديثى معه، أن هناك أمرًا علينا جميعًا -ليس هو وحده- أن يعيه جيدًا، وهو عدم الانسياق خلف أولئك الذين يستغلون القرارات الاقتصادية، بهدف تحقيق مصالح خاصة لهم أو لجهات أخرى قد تحركهم بشكل غير مباشر، بهدف الإضرار بمصر، وإضعاف مكانتها التى تزداد قوة يومًا بعد يوم بفضل قيادتها الرشيدة.

وبقى أن أذكركم جميعًا ونفسى، بأن كل مُر سيمر، وأن الصعاب مهما كانت سيتم تجاوزها، بوطن حقيقى قائم على أسس ومؤسسات قوية.

اقرأ أيضا