عضو بمجلس ”الأطباء”: يجب وضع قوانين حاكمة للعمل الطبي فى مصر

الاثنين 01 أكتوبر 2018 | 11:57 مساءً
كتب : حوار: مصطفى محمود

الإنفاق على المنظومة الصحية يمثل نصف ما نص عليه الدستور ولا بد من زيادته

التحقيق مع الأطباء والأطقم وفق الحضور والانصراف «هزار».. ويجب أن يتم وفقا للإنتاج

لا بد من وضع خطة للتعليم والتدريب المستمر على نفقة جهة العمل

نطالب الإعلام والمسجد والكنيسة بالمساعدة فى التوعية لتفعيل قانون زراعة الأعضاء

قال الدكتور إيهاب الطاهر، عضو مجلس نقابة الأطباء، إن مصر كانت من أوائل الدول التى بدأت فى إعداد منظومة الصحة، إلا أنه للأسف الشديد فى الوقت الحالى سبقتنا العديد من الدول فى تلك المنظومة، نتيجة لعوامل عديدة لدينا، أبرزها عدم الإنفاق على المنظومة الصحية وفقا لما نص عليه الدستور.

وأضاف الطاهر، أنه يجب أن تكون هناك خطة زمنية محددة، فنحن نعلم أن المنظومة الطبية منهارة، ولأجل إصلاحها، لا بد من وضع خطة زمنية تطبق على 5 سنوات، لتحقيق نسبة إصلاح تقدر بـ20% سنويا على قطاعات يتم تحديدها، على أن تجرى المحاسبة فى نهاية العام على مدى تحقيق تلك النسبة.

-        كيف ترى منظومة الصحة فى مصر؟

بالنسبة للصحة، فنحن لدينا مشكلة بأننا كنا من أوائل الدول، التى بدأت فى إعداد منظومة للصحة، وللأسف الشديد سبقتنا كثير من الدول فى المنظومة الصحية حاليا، نتيجة للعديد من العوامل، فنحن لدينا كفاءات طبية على مستوى عال جدا، وهذه الكفاءات تثبت وجودها وكفاءتها فى أى دولة فى العالم تسافر إليها، لكن المواطن المصرى لا يحصل على الرعاية الصحية المطلوبة حتى الآن، وهذا للعديد من الأسباب.

وعلى رأس هذه الأسباب الإنفاق على المنظومة الصحية، لأنه لا يصح أبدا القول إننا سننشئ منظومة صحية لكن لا نريد أن ننفق عليها، فهذا الأمر ليس منطقيا؛ لأن لدينا تكاليف مستلزمات طبية وأدوية، ومعظمها مستوردة من الخارج، ومع اختلاف سعر العملة، تضاعفت أسعارها عدة مرات، فلا يمكن أن يكون الإنفاق على الصحة قليلا، ونتوقع أن تكون النتيجة جديدة.

فالخطوة الأولى مطلوبة من الدولة، بزيادة الإنفاق على المنظومة الصحية، ونحن نعلم أن ظروفنا الاقتصادية ليست جيدة، لذلك لا نطالب بمبلغ معين.

ونحن لا نطمح فى الوقت الحالى لتقديم رعاية طبية كتلك التى تقدمها الدول المتقدمة، التى تنفق المليارات على المنظومة الصحية، ولكن طبقا لظروفنا فالدستور نص فى المادة 18، على ألا يقل الإنفاق على القطاع الصحى عن 3% من الناتج القومى الإجمالى، وهذا يعنى بلُغة الأرقام أن إنفاق الحكومة على القطاع الصحى يجب أن يكون 100 مليار جنيه ولا أقل من ذلك، ومن المفترض أن تزيد كل عام عن الذى قبله، ولكن الحكومة تنفق نصف هذه الأرقام، وبالتالى القطاع الصحى ينقصه نصف حقه الدستورى، حتى يكون لديه الحد الأدنى للمنظومة، ليس بأن يقدم خدمة صحية جيدة، ولأجل تقديم خدمة صحية جيدة هذه فالمائة مليار يجب أن تتضاعف.

والأمر الذى نحتاجه أيضا، هو وضع قوانين حاكمة لمنظومة العمل الطبى، فكل شخص يجب أن يعرف حقه وواجبه، ووضعهما فى مقابل بعضهما البعض، فنحن لدينا مشكلة فى القطاع الطبى، بأن الكثير من العاملين به يقولون إنهم لا يأخذون حقهم، فبالتالى لن نعمل، وعندما نحصل على حقنا سنعمل، ومن الناحية الأخرى نجد الإدارة تقول إنهم لا يؤدون عملهم، فيجب أن يؤدوا عملهم فى البداية، ثم يحصلون على حقوقهم.

وفى الحقيقة كلاهما على خطأ، فلا بد أن يكون هناك شىء يربط الحق بالواجب، فليس من المنطقى أبدا أن يحصل الطبيب على مرتب 2000 جنيه، ومطلوب منه المذاكرة وتحضير دراسات عليا ويعمل لمدة 24 ساعة داخل المستشفى، فبالطبع سيضطر للعمل فى ثلاثة وأربعة أماكن ليواجه ظروف الحياة، وبالتالى لن يؤدى واجبه على الوجه الأكمل، ما يؤكد أنه لا بد من زيادة الأجر ليوفر الحد الأدنى من الحياة الكريمة.

 وفى مقابل هذا لا بد من وجود رقابة على المنظومة الطبية طبقا للقواعد العلمية على مستوى العالم، فلا  يصح أن تتم مراقبة الأطباء بدفتر الحضور والانصراف "فأنت كده بتهزر"، فعندما أجد مسئولا كبيرا ذهب لتفتيش أحد المستشفيات على دفتر الحضور والانصراف، ويقول إنه وجد 10 أطباء متغيبين وتم تحويلهم للشئون القانونية ومعاقبتهم، فهذا المسئول إما لا يفهم، أو يحاول تضليل المواطنين، لأن المنظومة الطبية تسير عن طريق محاسبة الطبيب طبقا لعمله بأنه "كشف على العيانين ولا ماكشفش مش مضى فى الدفتر ولا مامضاش"، وكذلك العمل الذى أداه كان مطابقًا للأصول العلمية وبروتوكولات العمل أم لا.. وعندما تم استدعاؤه جاء فى الوقت المطلوب أم لا؟!!

وأضاف أننا نجد أحيانا بعض المسئولين يمرون ويقولون إن المشكلة تكمن فى تغيير الأطباء، وفى نفس المكان الذى يمر فيه، المرضى يخبرونه أن الجهاز عطلان ويطالبوننا بإجراء أشعة فى الخارج، فلماذا لا ينظر إلى دوره هو فى هذا الشأن؟ لأن الجهاز مسئول منه وهو مطالب بتدبير الأموال اللازمة لإصلاح الجهاز، فهو لا يعمل لعدم وجود أموال، ففى الحقيقة كفانا تضليلا للمواطنين، فجميعنا فى مركب واحد نحاول السير به للأمام.

 

-        هل هناك أمور أخرى تحتاجها منظومة الصحة؟

يجب أن تكون هناك خطة زمنية ذات جدول محدد، فنحن نعلم أن المنظومة الطبية منهارة، ولأجل إصلاحها سنحتاج إلى 5 سنوات على سبيل المثال، ونصلح كل عام 20%، وهذه النسبة يتم تحديدها من الآن بمقدار أموال معينة وهذه الأموال تنفق على إصلاح قطاعات معينة، وفى آخر العام يتم المحاسبة على هذه النسبة، حتى نجد أنفسنا بعد 5 سنوات استطعنا إصلاح المنظومة الطبية.

كما أن هناك جزءا آخر مهم، يكمن فى التعليم والتدريب المستمر، فلا يصح للطبيب أو الممرضة بعد التخرج، أن يظلا بنفس المعلومات التى تخرجا بها، فالطب به الجديد يوميا، كما أن هناك أمراضا جديدة تظهر يوميا، فضلا عن أن هناك أساليب تشخيص وعلاج جديدة كل يوم، فلا بد من المذاكرة يوميا أيضا، ما يلزم وجود خطة موضوعة بأن يكون هناك تعليم وتدريب طبى مستمر، ولكن على نفقة جهة العمل، لأن هذا جزء أساسى من تكاليف التشغيل، وهذا ما يحدث فى جميع أنحاء العالم، لأنه لأجل تقديم خدمة طبية أفضل فلابد من تدريب العمال والأطباء والموظفين تدريبا مستمرا، على نفقة جهة العمل.

كما يجب أن تكون هناك خطة لزيادة المتاح من الدراسات العليا، فنصف الطلاب الخريجين الآن ليست لديهم فرصة تسجيل فى الدراسات العليا، وهذا أمر خطير جدا على المجتمع، لأنه يعنى أن نصف الأطباء الذين يعالجون المواطن المصرى غير مؤهلين بأكثر من البكالوريوس، فكل واحد ليست لديه الفرصة لذلك.

وفى الحقيقة مشكلات الطب معروفة، ومشكلات المنظومة الصحية معروفة، ولدينا خبراء على مستوى عال جدا يستطيعون وضع خطة على جدول زمنى حتى نسير عليها جميعا، وعقب ذلك تأتى منظومة المتابعة والمراقبة المستمرة للمنظومة الصحية، وبهذا نستطيع الانطلاق للأمام؛ لتقديم رعاية صحية حقيقية للمواطن.

-  هل قرار تعديل مدة الدراسة إلى 5 سنوات فقط لنيل بكالوريوس الطب كفيل بتخريج طبيب ذو كفاءة؟

هناك العديد من دول العالم، تسير بهذا النظام "الساعات المعتمدة" والذى يقضى بالاكتفاء بخمس سنوات لدراسة الطب بالإضافة إلى عامين تدريب بدلا من عام واحد، فنحن كنا نسير بنظام 6 سنوات دراسة وسنة امتياز الخاصة بالتدريب، فتصبحان 7 سنوات سويا، والمقترح الجديد بأن يكون عدد الدراسة 5 سنوات وسنتين عملى، أمر جيد جدا من الناحية النظرية.

ولكن لدينا مشكلة حقيقية فى سنة التدريب الموجودة الآن، وهم سيحددون عامين، فهل الطبيب بعد تخرجه فى مصر يتدرب تدريبا حقيقيا فى سنة التدريب؟، فى معظم الأحوال لا للأسف، ففى بعض الأحيان فى غياب التمريض وغياب العمال، يتم تشغيل طبيب الامتياز بديلا للممرضة والعامل، "روح هات الأشعة، روح هات كيس الدم، وهذا ما يقوم به طوال اليوم، ولكن تدريبا حقيقيا فى معظم الأحوال مافيش"، فهل بعد إن كان لدينا عام لا يتدرب فيها الطبيب، نضاعفها لعامين لا يتدرب فيهما الطبيب أيضا، فهذا إهدار للوقت، "وهيخلى الكلمتين اللى فاكرهم أيام الجامعة ينساهم".

وعندما ذهبنا للمجلس الأعلى للجامعات، فهم فى الحقيقة طلبوا رأينا، أخبرناهم بالموافقة بتقليص سنين الدراسة لخمس سنوات، ولكن لدينا تحفظا شديدا فى أن تتضاعف سنة التدريب لعامين، إلا بعد تحقيق شروط معينة، بأن يكون هناك تدريب حقيقى فى هذين العامين ببروتوكول حقيقى من المجلس الأعلى للجامعات، وأن تكون هناك رقابة على تنفيذ هذا البروتوكول، ويكون هناك حد أدنى من المعاملة الآدمية لطبيب الامتياز، فلا يمكن أن يتم مطالبته بالمكوث 48 ساعة فى المستشفى، ولا يجد مكانا ليستريح فيه أو لا يجد الطعام، وأن تكون له مكافأة لا تقل عن الأحد الأدنى للأجور، فبدلا من حصوله على 250 جنيها، يجب أن يحصل على 1200 جنيه شهريا، وتكون له نبطشيات معروفا عددها، حتى يمكن تدريبه فعليا، ونحصل منه على عمل حقيقى، فى هذه الحالة، فـ 5+2 سيكون أمرا جيدا.

 

هل ترى من اللائق أن يستمر الطبيب فى العمل لـ48 ساعة ويؤدى المطلوب منه كما ينبغى؟

هذا الأمر مستحيل، فنحن بشر ولا يمكن لأى بشر العمل لمدة 48 ساعة، وهو بكامل اليقظة والحرص والكفاءة، وهذه أمور مهمة جدا فى المنظومة الطبية على وجه الخصوص، فأنا لست عاملا على البوابة من الممكن أن أنام بعض الوقت واستيقظ البعض الآخر، فمن المفترض أننى فى كامل يقظتى أؤدى الخدمة على الوجه الأكمل.

وقد أعددنا قانونا كاملا وأرسلناه إلى مجلس النواب، يسمى بكادر الأطباء، ولكنه قانون لتنظيم العمل، يوضح الحقوق الوظيفية والفنية والمالية، ومن ضمنها أنه لا يجوز تشغيل الطبيب أكثر من 12 ساعة متصلة، إلا فى حالات الطوارئ القصوى جدا.

ما موقف النقابة من أزمة الحصول على قرنية عين المتوفين بالمستشفيات؟

قرنية العين بها شق قانونى، وهو الموجود منذ سنوات طويلة، يسمح بأن تقوم بعض المستشفيات الحكومية التى يتم فيها زراعة القرنية، بالحصول على قرنيات المرضى المتوفين فيها قبل السماح بالدفن، حتى بدون موافقة أهل المريض.

ولكن بالنظر إلى زراعة الأعضاء بصفة عامة ومن ضمنها القرنية، فهناك قانون لزراعة الأعضاء، ولكنه غير مفعل، فما هو الشىء الذى يجعل تجارة الأعضاء فى مصر تنتهى، فنحن لدينا بالفعل تجارة أعضاء، وهى تتم بالاتفاق بين جميع الأطراف المشاركة فى الجريمة، سواء الطبيب أو السمسار أو المريض، فجميعهم يتفقون سويا، لأن لديهم مصلحة من هذه الجريمة، وبالتالى لا يتم اكتشاف نسبة كبيرة من هذه الجرائم، فلأجل القضاء على هذه المشكلة، نحتاج إلى تفعيل القانون عن طريق نقل الأعضاء من المتوفين حديثا، فهذا ما سيحل المشكلة، فعندما تتوافر لدينا 200 أو 300 كلية، يتم إجراء الزراعة للمرضى مجانا، وبالتالى لن يكون هناك مجال للتجارة.

 

-        ولكن أليس ما تطالب به سيكون مخالفا للشرائع الدينية؟

دينيا لن أتحدث فى هذا الأمر لأن هذا ليس دورى، لكن المعلومات التى لدينا أن الأزهر وافق على هذا القانون، والحديث فى هذا الأمر دينيا، يتكفل به رجال الدين، لكن الأمر الخاص بالتبرع بالأعضاء، مفعل فى المملكة العربية السعودية، فبها أكثر من 3 ملايين مواطن مسجلين أسماءهم فى قائمة المتبرعين بأعضائهم بعد الوفاة، فالبيئة من حولنا سبقتنا فى هذا الأمر.

ونحن نحتاج إلى دعم إعلامى شديد، ودعم من المسجد والكنيسة، لأجل إفهام المواطن، بأى الأمرين أفضل، بأن تتحلل الأعضاء بعد الوفاة فى التراب ويأكلها الدود، أم الأفضل أن يستفيد بها مواطن آخر يستطيع استكمال حياته، وبعد هذا، من يوافق على بيع أعضائه، يتم استخراج كارت مخصوص له، بأن تكون له الأولوية فى إجراء عملية زراعة أعضاء، إذا حدث هذا سيكون له الأولوية فى الزراعة، ولا ينتظر الطابور، فمن ينتظر الطابور هو المواطن الذى لن يتبرع، والمتبرع يصبح على رأس الطابور وتكون له الأولوية، وبهذا نشجع المواطنين لتقبل هذا الأمر، ولكن لن يتم تقبل هذا الأمر بسهولة من قبل المواطنين، فنحن لدينا "إكرام الميت دفنه"، ونريد دفن الميت سريعا، لذلك هذا الأمر سيستغرق منا وقتا وجهدا كبيرا.

 

-        ما رأيك فى أداء وزارة الصحة فى الوقت الحالى؟

نحن استبشرنا خيرا بالوزيرة الجديد، لأنها قادمة من داخل الوزارة، وكانت إحدى القيادات بها، وتعلم المشكلات، ومن المفترض أن لديها رؤية لحلول هذه المشكلات، ولم تأخذ الوقت الكافى بعد حتى يتم الحكم عليها بالإيجاب أو السلب، لكن نتمنى لها التوفيق، فالتحديات والمشكلات الكثيرة، فهناك أمور تستطيع أن تقدم فيها حلولا سريعة كالأمر الخاص بالقضاء على قوائم الانتظار، وهناك أمور خاصة بالفريق الطبى وتستطيع الوزيرة، إجراء حل سريع لها، كالأمر الخاص بعلاج الأطباء، فعندما يمرض الطبيب لا يجد من يعالجه، فلا بد من إصدار قرار من وزيرة الصحة بعلاج الفريق الطبى فى داخل منشآت وزارة الصحة نفسها، والتأمين الصحى يدفع ما يخصه فى هذا العلاج، وإذا زادت التكاليف تتكفل بها وزارة الصحة، وهذا من حقوق مقدمى الخدمة الطبية.

كما أن هناك حلا آخر يتمثل فى بدل العدوى، فلا يصح أن يكون بدل العدوى 19 جنيها، وما زلنا حتى الآن ننادى بأن هناك أطباء يموتون، كما أن هناك طبيبات أنجبن أطفالا مشوهين، نتيجة تعرضهن للعدوى، وهذا ملف تستطيع وزيرة الصحة إنهاءه سريعا مع الحكومة ورئيس الوزراء، بزيادة قيمة بدل العدوى، وهذا هو المطلوب فى الفترة الأولى على الأقل من عمل وزيرة الصحة قبل الحديث فى الخطة متوسطة الأمد؛ لإصلاح المنظومة كلها.

-        وما هو الرقم المناسب ليكون قيمة بدل العدوى؟

نقابة الأطباء تقدمت بطلب لزيادة طلب العدوى، ليتراوح من ألف إلى 3 آلاف جنيه، تنقسم حسب تعرض كل فئة للعدوى، فهناك نسب تعرُّض عالمية، فأكثر فئة معرضة للعدوى، هم أطباء الرعاية المركزة والأسنان والجراحات، ويليهم فئات أخرى، ثم فئات أقل، وهكذا.

-        هل طالبت النقابة بالفعل بزيادة راتب الطبيب ليصل إلى 30 ألف جنيه؟

نعم طالبنا بذلك، فوفقا لرؤيتنا نحن نريد أن يعمل الطبيب فى مكان واحد، حتى يقدم كل جهده له، ويحصل على راتب حقيقى، فنحن نريد جهدا حقيقيا بمرتب حقيقى لتقديم خدمة حقيقية، ونحن لا نريد أن نضحك جميعا على بعضنا البعض، "فالحكومة تضحك على بإعطائى مرتب قليل، وأنا أضحك على الحكومة بأنى مقدمش حاجة للحكومة، والحكومة بتضحك على المواطن إنها حطاله دكتور، وكلنا بنضحك على بعض".

وهذا الرقم ليس كبيرا على الإطلاق، لأنه من المفترض أن النسبة التى ينفقها المواطن من جيبه على المنظومة الصحية، تقترب من ثلثى النفقات على المنظومة، فعندما يتم تنفيذ نظام صحى حقيقى، ويدفع فيه المواطن اشتراكا حقيقيا من راتبه؛ بحيث أنه عندما يمرض يحصل على علاج جدِّى، ومن ناحية الدولة ستوفر للطبيب وقتا كاملا بمرتب كامل، حتى يقدم رعاية طبية حقيقية، وبهذا يستفيد الطبيب والمريض، ومعظم الأطباء فى هذه الحالة سيتركون القطاع الخاص.

 

وهل يوجد المال الكافى لتوفير هذه الرواتب؟

بالفعل يوجد مال، فعندما تحدثنا فى العام الماضى، وصدر لنا الحكم الخاص ببدل العدوى، أخبرتنا الحكومة بعدم القدرة على التنفيذ لعدم وجود أموال، إلا أننا أطلعناهم على كشف داخل موازنة الدولة، به بند تنفيذ أحكام باحتياطى الموازنة، وأن هناك بندا آخر الخاص بالخطة الاستثمارية لوزارة الصحة نفسها والخاص بأموال المنشآت، وهذه الأموال تكون موازنتها حوالى 10 مليارات جنيه، وتعود منها أموال أكثر من 3 مليارات لوزارة المالية كل عام، إما لعدم تنفيذ مشروعات أو عدم انتهاء المقاول من الإنشاءات أو لأى سبب من الأسباب، لذا فمبلغ الثلاثة مليارات سيزيد عن المطلوب لبدل العدوى.

والحديث عن عدم وجود أموال، ليس صحيحا، والأمور محسوبة بالورقة والقلم، حيث أن اشتراكات المواطنين الحقيقية الخاصة بالتأمين الصحى، ستساعد فى تقديم مستلزمات حقيقية وتحسين خدمة المستشفيات، وتقدم رواتب حقيقية، وتعمل على تشغيل الأطباء بجدية.

-        ما رؤية النقابة لقانون التأمين الصحى؟

نحن كنقابة، لدينا تحفظات على هذا القانون، ونرى أن به العديد من السلبيات، فنحن نحتاج فعليا إلى تأمين صحى شامل، وكل المواطنين يعالجون وفقا له، ولكن القانون الموجود بصياغته الحالية، يفتح الباب أمام خصخصة المنشآت الطبية الحكومية مستقبلا، وهذا أخطر ما فى الموضوع، لأنه تحت شعار "الجودة"، ينص على التعاقد مع المنشآت الطبية الحكومية، لتدخل منظومة التأمين الصحى عن طريق التعاقد محدد المدة، وبعد انتهاء تلك المدة سنرى إمكانية تجديد التعاقد أم لا.

فإذا افترضنا أن مستشفى معهد ناصر أبرم تعاقدا للعمل وفقا لقانون التأمين الصحى، وبعد 3 سنوات قلت الجودة الخاصة به، هل نقول بعدم إدخاله المنظومة مرة أخرى؟، وما هو مصيره؟، فهل سيتم بيعه؟ أو إغلاقه؟ أو خصصته؟ أو إحضار شركة أجنبية لإدارته؟، وهذا التساؤل طرحناه على واضعى القانون، ولم يكن لديهم إجابة.

ولكننا نقول إن جميع المستشفيات الحكومية ستكون ركيزة النظام الجديد، فتكون تابعة لمنظومة التأمين الصحى إجباريًّا، ولكن مع متابعة جودتها بصورة مستمرة، فلا نتركها 3 سنوات وعقب ذلك يتم التفتيش عليها، بل يتم متابعتها شهريا؛ للتأكد من جودتها فى تقديم الخدمات الطبية للمرضى، دون إخراجها من المنظومة.

فإذا خرجت وسيطر القطاع الخاص على منظومة الصحة؛ ستكون هناك مشكلتان كبيرتان، الأولى عدم معرفة من وراء الجنسيات الأجنبية التى ستشترى المستشفيات؟، وما مصير المرضى؟، وهل سيستعملوننا كفئران تجارب لتجربة أدوية جديدة؟، والأمر الثانى ما يمس كل مواطن أن هيئة التأمين الصحى تفرض أسعارها على القطاع الخاص، ولكن عندما تنقلب الصورة؛ سيزيد القطاع الخاص التكلفة على الحكومة وعلى المريض المصرى نفسه.

اقرأ أيضا