الوجه الآخر للظاهر بيبرس.. اضطهد المسيحيين ومات مسمومًَا بعد قضائه حياة مليئة بالبذخ

الثلاثاء 03 يوليو 2018 | 12:02 صباحاً
كتب : أحمد بدر-محمد حسام-هديل شعيب

شخصية وصفها التاريخ بأسطورة في زمنها، صاحب السيف، المقدام الذي أنقذ الوطن من بطش المحتلين، تلك الشخصية التي عرضتها السينما في صورة حفرت في ذاكرة الصغير والكبير، المملوك الذي قدم إلى المحروسة لينصب على عرشها بعد سنوات من الجهاد، ليست دائمًا الحقيقة تسطر في كتب التاريخ، فهناك سطورًا دائمًا ما تخفى عن الأعين، اليوم، وفي ذكرى وفاته، نستعرض في هذا التقرير الوجه الخفي للظاهر بيبرس.

 

 

ولد الملك الظاهر ركن الدين بيبرس العلائي البُنْدُقْدارِي الصالحي النجمي لقب بـأبي الفتوح، وبعدما قدم إلى مصر لقب أيضًا بالظاهر بيبرس،  سلطان مصر والشام ورابع سلاطين الدولة المملوكية ومؤسسها الحقيقي، عام 620 هـ / .1223

 

بدأ بيبرس حياته مملوكاً يباع في أسواق بغداد والشام وانتهى به الأمر كأحد أعظم السلاطين في العصر الإسلامي الوسيط، فقد جاء من بلاد القفجاق ، واقعا في شباك الرق ، صبي في الرابعة عشر من عمره ، ذو بشرة سمراء ، وعينان زرقاوان في أحدهما بقعة بيضاء صغيرة ، صاحب صوت جهوري ، باعه واشتراه أصحاب الشأن في الدولة المملوكية ، حتى ترقى في المناصب إلى أن تربع على عرش السلطنة المملوكية ( 17 عاما ) .

في عهد "بيبرس" كان يقطن بمصر عناصر من السكان إلى جانب أهل البلاد الأصليين ، ولم يكن هناك نفوذ سوى للماليك فقد ترفعوا عن الاختلاط بالمصريين والمصاهرة معهم ، وبينما كان المماليك وبيبرس يعيشون عيشة الترف ، كان المصريون على العكس من ذلك لا عمل لهم إلا زراعة الأرض ودفع الضرائب .

 

 كما عامل "بيبرس" المسيحيين بكل قسوة وعنف ، فقد حدث حريق بالقاهرة أثناء اشتغاله بالحرب ، وأشيع أن المسيحيين هم الذين أشعلوا هذه النيران ، وعندما عاد بيبرس من حربه أمر بإحراقهم لولا تدخل " الأمير فارس الدين أقطاي " على أن يلتزموا بدفع قيمة ما أحرق ، وأن يقدموا لبيت المال خمسين ألف دينار في كل عام .

 

 ولم يكن المسيحيين وحدهم من عانوا في عهده، بل هناك العديد من الطوائف المخالفين له الذي ذاقوا من مرار اضطهاده ، فقد استولى "بيبرس" على حصون الطائفة الإسماعيلية الواقعة في الشام ، وجاء بهم إلى مصر ، وأقطعهم بعض الأراضي ليستوطنوها ، حتى قضى على قوتهم التي شغلته زمنا طويلا .

حارب كثيرا ، وأحب القمز ( النبيذ ) ، وكان شديد الوطأة على النساء ، حيث يرجع "المقريزي" ذلك إلى أنة كان سنيّا مغاليّا في مذهب السنة ، وتزوج من أربع ( ابنة حسام الدين بركة خان التتري ، ابنه سيف الدين نوكاي التتري ، ابنة سيف الدين كراي التتري ، ابنة سيف نوغاي التتري ) هذا إلى جانب الجواري .

 

عاش حياه مليئة بالبذخ والترف ، لا تخلو من الشك في من حوله ، فكان له مشرف على الطعام ، يأكل قبل أن يأكل "بيبرس" خوفا من دس السم له ، إلّا أنّ من خاف منه تحقق بالفعل ففي الثاني من يوليو، مات بيبرس مسمومًا ودفن في المكتبة الظاهرية بدمشق،  وخلفه في الحكم ابنه سعيد بركة خان الذي هو من زوجتة ابنة حسام الدين بركة خان التتري .

 

 البعض تحدّث أيضًا أنّه كان لبيبرس أمورًا تشتفع له، فلم يكن سيئّا طوال الوقت، بل ذكر التاريخ في إحدى كتبه  إحدى موافقه البطولية، حيث اعتاد الظاهر بيبرس تفقد الرعية ليلا متنكرا في زي العامة؛ ليستطلع أحوالها ، وفي إحدى جولاته رأى أحد رجال الشرطة يعتدي على امرأة ويعري سراويلها، فثارت حميته وقطع يده رفقة مجموعة من الولاة والمقدمين، الذين لم يثوروا لنصرة هذه المرأة خوفا من بطش الوالي.

ويحكي التاريخ قصة أخرى ظهر فيها بيبرس أمام قائد جيوش أرتوا الذي انقض على القصر السلطاني محاولا قتل شجرة الدر.

 

لمحت شجرة الدر الظاهر بيبرس من شرفات القصر واستنجدت به، إلا أنه سبقها ملبيا النداء، فوقف أمام ثورة أرتوا الذي كان يقاتل قتال اليائس الذي أحيط به فيبطش كالمجانين، وتسلل من خلف فرقة الحرس السلطاني إلى أورتوا وجنوده، وقضى على من قضى منهم وهرب الآخرين خائفين.

 

بعد هذا المشهد الأشبه بالدرامي، يرفع بيبرس رأسه نحو شرفة شجرة الدر، باعثا برسالة اطمئنان، مفادها: حرم السلطان آمن بوجود نصير النساء.

 

وقد جاء في وصيتة لابنه : " إنك صبي وهؤلاء الأمراء يرونك بعين الصبي ، فمن بلغك عنه ما يشوش عليك ملكك ، وتحققت من ذلك عنه فاضرب عنقه في وقته ، ولا تعتقه ، ولا تستشر أحدا في هذا . وافعل ما أمرتك به ، وإلا ضاعت مصلحتك " .

 

وهكذا ... فما بدأه "بيبرس" بالدماء (قتل قطز) ينهيه بالدماء .

 

 

 

اقرأ أيضا