بعد استمرار تكرارها.. متى يتخلى أحمد آدم عن ”القرموطي”؟

الاثنين 24 ديسمبر 2018 | 12:33 مساءً
كتب : أحمد حامد

خيرية البشلاوي : هل هناك ثمة قوة خفية تعوض الفيلم الفاشل تجاريا عن الخسارة ؟

شاهندا محمد : " أدم " أصبح محروقا .. والفنان الذي يكرر نفسه مصاب بـ " البارانويا "

جمال فرويز : الخوف من المجهول سبب التكرار.. والقص واللصق اسهل لهم

 

يستعد الفنان " أحمد أدم " لدخول السباق الفني لإجازة منتصف العام بفيلمه الجديد " قرمط بيتقرمط " ، والقديم في نفس الشخصية " القرموطي " والتي بدأ في تقديمها منذ حوالي نصف قرن في تسعينات القرن الماضي ، وكانت إنتاج التليفزيزن المصري بالتعاون مع وزارة الزراعة بهدف نشر التوعية للمزارعين وتقديم النصائح إليهم ، وبالفعل حققت الشخصية نجاحا كبيرا لأنها لم تكن معتادة ، وجديدة على المشاهد وقتها ، ليستثمر " ادم " نجاحها " ويقدمها بعدها بأربعة أعوام في مسلسل " القرموطي في مهمة رسمية " وحقق بها نجاحا ايضا ، ويحاول " أدم " تكرار الشخصية مرة ثالثة ولكن من خلال السينما ويقدم عام 2005 فيلم " معلش احنا بنتبهدل " ليعتقد الجميع انه بذلك اكتفى وتشبع من شخصية القرموطي ، ولكن كان له رأي أخر ويقدم بعدا بـ 12 عام وتحديدا في عام 2017 فيلم " القرموطي في أرض النار " الذي لم يحقق نجاحا مطلقا بعد غيابه عن السينما ثمانية أعوام ، وأصبح لدى الجميع يقين أنه لن يكرر نفسه للمرة الخامسة خاصة بعد الفشل التجاري في التجربة الرابعة ولكنه يقرر تقديمها للمرة الخامسة في فيلم " قرمط بتقرمط " ليصبح السؤال متى تسقط عباءة القرموطي؟ ، وكأنه لم يصبح في جعبته الفنية إلا تلك الشخصية حينما يشعر بأن ليس لديه الجديد لتقديمه ، يخرج شخصية القرموطي من الجعبة التي يحملها ويحاول تلميعها لاستعادة بريقها الذي افتقدته منذ ربع قرن ، معتقدا أن حب الجمهور له لايظهر إلا في تلك الشخصية فقط ، ولكنه تناسى أن فشله في المرة الخامسة يعني نفاذ رصيده عند جمهوره ويجعل اسهمه الجماهيرية في حالة هبوط ، لذا كان لابد لنا من مناقشة النقاد الفنيين وأطباء التحليل النفسي لتحليل ظاهرة التكرار وتاثيرها على الفنان ، وهل هي استثمار للنجاحات الماضية أم استسهال فني ؟ .

 

صرحت الناقدة الفنية " خيرية البشلاوي " إن إسم الفيلم نفسه " مبتذل " ومن الواضح انه يخاطب به عقول سطحية ، ومن حقه أن يكرر نفسه في شخصية " القرموطي " مادام ذلك يرضيه ولكننا نترك الحكم للجمهور ، هو من يقرر الإقبال على الفيلم أو مقاطعته بسبب التكرار ، فلو الجمهور يريد ذلك النوع من الفن المكرر الذي لاجديد به في الشكل والمضمون ، فنترك من يصفق لذلك يتحمل وحده هذا الفن الغريب ،" ولو الجمهور مفلس ثقافيا يبقى لايقين على بعض" .

 

واضافت " البشلاوي " حتى لو كان اعتبرنا ان " أحمد أدم "  يقدم قضايا فنية من خلال أعماله ، فيتم تقديمها بدون شكل جذاب للجمهور وبنفس النمطية التي اعتاد عليها ، لذلك ط " قلتها افضل " ، لأن الفن الجميل أهم دائما من القضايا لأن القضايا من الممكن مناقشتها في الكتب ، أما الفن فهو الصورة الجذابة المبتكرة التي تضع من خلالها قضيتك التي تود مناقشتها، ولكن بأفضل صورة وبإبهار لافت للعين .

 

واندهشت " البشلاوي " في ختام حديثها بأن أفلام " أدم " عن شخصية القرموطي دائما تفشل تجاريا وأخرها فيلم " القرموطي في أرض النار" الذي لم يحقق نجاحا على مستوى الإيرادات رغم أنه كان يناقش قضية تنظيم داعش ، ولكن كما ذكرت أن الفن الجميل أهم من القضايا التي تقدم دون شكل لها ، ومن المتعارف عليه أن الفيلم سلعة تجارية ، والمنتج دائما يبحث عن المكسب والحصول على أرباح العمل الفني وذلك لايحققه " ادم " موجهة سؤالا للرأي العام   " هل هناك ثمة قوة خفية تعوض الفيلم الفاشل تجاريا عن الخسارة " ؟ .

 

وأبدت الناقدة الفنية " شاهندا محمد " تعجبها واندهاشها من الفنان الذي يتعمد عن قصد تكرار نفسه في أعماله الفنية، ولديه إصرا على ذلك، متجاهلا الجمهور تماما ، مؤكدة أن فئة الجمهور الأأقل ثقافة هي من تقبل على تلك النوعية من الأعمال الفنية ،وبالنسبة لها "أصبح أحمد أدم فنانا محروقا " لأنه لايقدم الجديد ، والفنان يجب دائما أن يتنوع في أعماله الفنية التي يقدمها للجمهور، حتى يضمن استمراريته اطول وقت على الساحة بنفس النجاح .

 

وقالت " شاهندا " لدي مشكلة مع الفنانين الذين لديهم إصرار غريب على تكرار نفس النمط من الشخصية من اعمالهم مثل عادل إمام " فشخصيته الكوميدية بإفيهاته أصبحت محفوظة لدى الجمهور ، وايضا " نيللي كريم " اصبحت  تعتمد على النمطية والتكرار بصورة غريبة في أغلب شخصياتها الفنية ، عكس تماما فنانة مثل " سوسن بدر " التي تتلون وتتغير في كل عمل فني تقدمه بحيث لايمكن للجمهور توقع ماستقدمه مسبقا ، لأنها دائما تفاجيء الجميع بأدوارها ، وذلك مطلوب في الفنان .

 

ونوهت " شاهندا " أنه من الممكن أن نجد فنانا لكنه ليس مبدعا ، فهو يعتمد على" النحت مش الإبداع " على حد قولها، لأن الإبداع والابتكار أهم اسلحة الفنان  ، وهناك أيضا فنان دائما مصاب بـ " البارانويا " وهو داء العظمة أو تضخيم الذات وأهميته المفرطة معتقدا أن الأخرين يعملون على اضطهاده ، وذلك في رأيها مايصل إليه الفنان الذ يعتمد على التكرار متجاهلا كل من حوله وكل الأراء ، لأنه يعتبر ذلك نوع من اضطهاده والتقليل من نجاحاته التي يتخيلها .

 

ومن الناحية الطبية النفسية أكد الدكتور " جمال فرويز " استشاري الطب النفسي أن تكرار الفنان لشخصية معينة في كل أعماله الفنية هو " غباء فني "  ، والسبب الذي يجعله يلجأ لذلك دائما هو " الخوف من المجهول "، فالتغيير بالنسبة له مخاطرة كبيرة لايجرؤ على تحمل نتائجها ، فالنمطية والاستنساخ أسهل بكثير له من الدخول في شخصيات جديدة لايعرف أبعادها وجوانبها وتتطلب منه دراسة وافية لها ، فيصبح الحل الأسهل هو " القص واللصق والاستسهال" ينسخ من هنا ويضيف هناك .

 

وبسؤاله هل ذلك يعتبر غرورا من الفنان أن يقدم نفس الشخصية عدة مرات أجاب " فرويز " بالطبع لا ، ذلك لايعد غرورا ، ولكنه إحساس كاذب لديه بالنجاح والوصول للقمة المتخيلة في ذهنه كما يراها ، وأيضا بمنطق لديه " عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة " فهو لايحب ولايريد المغامرة ، واكتشاف مناطق جديدة في شخصيته الفنية التي اعتاد عليها طوال تاريخه .

 

كما أوضح " فرويز " أن الفنان الذي يصل لدرجة عالية من التمثيل والقيمة عند الجمهور لايكرر نفسه ابدا ولنا في رشدي أباظة و نور الشريف و محمود عبد العزيز أكبر الأمثلة لذلك ، مضيفا أن الفنان " توفيق الدقن " بكى مرة على خشبة المسرح وهو يقدم مسرحية عندما ناداه الجمهور بشخصية نالت نجاحا كبيرا في فيلم سينمائي قائلا " أنا فشلت إني أغير جلدي " ، فذلك هو الفنان الحقيقي الذي يسعى دائما لتقديم الجديد في كل مرة ، متمنيا أن يكتشف " أدم " أبعادا فنية جديدة في شخصيته مثلما فعل " محمد سعد " وخروجه من عباءة " اللمبي " في فيلم " الكنز " ليؤكد أنه ممثل من العيار الثقيل ، ولكنه أهمل موهبته الفنية بحصرها في شخصية معينة .