”سلسال الدم عرض مستمر”.. ”الثأر” ظاهرة تؤرق الصعيد

الاربعاء 02 يناير 2019 | 04:38 مساءً
كتب : الاء محمد

"كر وفر العديد من الأشخاص مع ارتفاع صيحات السيدات، لينفرد المشهد 3 أشخاص يُظهر احمرار أعينهم شدة غضبهم، وتزدحم في أيديهم الأسلحة البيضاء مختلفة الأحجام، وبينهم رجلًا لا يستطيع الوقوف على قدميه، تكسوه الدماء، مخاطبين تجمعات الأهالي التي أرادت الدفاع عن المسكين الذي غرق في دمائه بعد طعنات الأسلحة "ابعدوا عنّا نأخذ ثأر أبينا ممن غدر به"، وعلى الجانب الأخر زغاريد من السيدات وذلك فرحا بانتصارهم وكأنهم انتصروا على عدوا لهم.

 

مسلسل جرائم الثأر يحصد الأرواح دون توقف. 

آخر المحطات كانت في قرية البرمبل بمركز أطفيح جنوب محافظة الجيزة، إذ قُتل شخص على يد آخر بسبب خصومة ثأرية.

 

تلقى العميد خالد كامل، مأمور قسم شرطة أطفيح، إخطارا من إدارة شرطة النجدة بالعثور على جثة شخص مقتولا بقرية البرمبل.

 

وكشفت التحريات الأولية للعقيد أحمد الوليلي مفتش مباحث شرق الجيزة أن الجثة لشخص يدعى "رجب.س" بها آثار طعنات بالرأس، وأن المشتبه به الرئيسي يدعى "رمضان.ش"؛ بسبب خلافات ثأرية بين عائلتي "الديب" و"سلام".

 

وأفاد شهود عيان بأن المتهم سدد طعنات نافذة للضحية بسلاح أبيض "خنجر" وفر هاربا، ووجه اللواء محمود شوقي، مدير قطاع شرق الجيزة، بإعداد أكمنة لضبطه والسلاح المستخدم.

 

«اقتل اللي يوجع» هذه هى القاعدة الشيطانية التى يسير عليها القتلة حاليا فى معارك الثأر التى تبذل كل الجهود الأمنية والاجتماعية والتعليمية والإعلامية للقضاء عليها لاسيما فى الجنوب المكلوم ببعض بنيه الذين أعمتهم شهوة الانتقام.

 

ها هو الطفل يوسف يسير ممسكا بيد جده تملأ وجهه السعادة بعد موافقة جده «علي» على أن يصطحبه فى مشوار له سيقضيه فى أطراف القرية، لكن فجأة دوى الرصاص لينبش الألم المفاجئ قلب الطفل لتنفجر الدماء وتتناثر على تراب الطريق.

 

وهنا أيضا، لم تعد براءة الطفولة حصنا للأطفال من الانتقام منذ عهد ليس بالقريب، فنبأ قتل طفل فى جريمة ثأر لم يعد نبأ غريبا ولكنه بقى نبأ مفجعا تصاب منه القلوب بالفزع وتبلس العقول عند سماعه.

 

فى لحظة ما أدرك الجد أن الذين قتلوه هم خصوم عائلته الموتورين بثأرهم، بل ربما كان الجد «علي» ينتظر ما بين حين وآخر رصاصة من متربص فى مكان ما تنهى حياته كثمن لهذا الثأر، ولكن سرعان ما تحقق تخوف الجد، إذ أصابته رصاصة أودت بحياته بجوار حفيه.

 

ومن خلال الخطة التى أشرف على تنفيذها اللواء عمر عبد العال مساعد وزير الداخلية مدير أمن سوهاج، تم تحديد الجناة فى حادث مقتل الجد على والطفل يوسف، حيث تشكل فريق بحث امر بها اللواء جمال عبد البارى مساعد وزير الداخلية لقطاع الامن العام و قاده اللواء خالد الشاذلى مدير مباحث سوهاج واللواء اشرف توفيق مساعد مدير الادارة العامة للمباحث الجنائية بقطاع الامن العام وألقى القبض على القتلة وضبط سلاحهم المستخدم فى الجريمة.

 

بائع خضار يفلت من الموت بعد استهدافه بعدة رصاصات داخل السوق

وخلال أشهر قليلة شهدت مدن جنوب الجيزة الثلاثة البدرشين والعياط والصف، العديد من حوادث الثأر وكان أخرها، تلك التى وقعت الشهر الجارى فى مركز البدرشين، حينما هاجم شخصان مسلحان بائع خضار أثناء قيامه بممارسة مهام عمله، وأطلقوا صوبه وابل من الطلقات النارية، حيث أصابته إحدى تلك الطلقات، ولكن العناية الإلهية أنقذته، وتم إسعافه داخل المستشفى، وخلال أيام قليلة تم القبض على المتورطين فى تلك الواقعة، وصدر قراراً بحبسهم.

 

 

10 طلقات نارية أنهت حياة سائق فى خصومة ثأرية بالطريق الزراعى

وقبل واقعة البدرشين بـ6 أيام اجتمع 5 أفراد على قتل عامل بمركز الصف بجنوب الجيزة، بعد خصومة ثأرية امتدت لعدة سنوات بين عائلتى "أبو القاسم" و"عبد السلام"، خطط خلالها المتهمين وجهزا أنفسهم جيداً، واشتروا السلاح اللازم، للثأر من غريمهم بطريقتهم التقليدية، وبعد تتبعهم لخط سيره، وعلمهم باستقلاله سيارة ميكروباص بالطريق الزراعى، توجهوا إليه وانتظروا قدومه، وما أن وصل حتى أمطروه بـ10 طلقات نارية، أسقطته غارقا فى دمائه مفارقاً الحياة.

 

شاب دفع حياته ثمناً للثأر بالحوامدية

فى قانون وضعه العرف وأشعلته العصبية القبلية، لم يسلم من الثأر قريب أو حبيب فالكل يدفع الثمن،  فجميع أفراد العائلة فى مرمى النيران، ما دامت الخصومة قائمة، ولذلك فقد قتل فى مركز الحوامدية خلال شهر أبريل الجارى شاب فى أوائل العشرينيات من عمره، على يد أسرة عمه، فقط لكون شقيقه ذبح نجل عمه لسرقة الـ"توك توك" الخاص به، ولم يشفع للأسرة أنه ألقى القبض عليه وصدر قراراً بحبسه، ولكنهم قرروا أن يأخذوا ثأرهم.

 

وخلال الـ 5 سنوات الأخيرة، شهدت محافظة الفيوم في مختلف قراها ومراكزها، 8 حالات ثأر، في تطور كبير وانتشار واسع للظاهرة في محافظة الفيوم، والتي تشتهر بالسلام وتبتعد عن عصبية الصعيد.

 

ولم نستطع أن نرصد أرقامًا دقيقة حول إحصائية عدد حالات ظاهرة الثأر في محافظة الفيوم بشكل دقيق، إلا أنه في الأيام الأخيرة شهدت المحافظة تزايد في الانتشار مقارنة بالفترة القريبة الماضية.

 

حكم الثأر في الإسلام

أكدت دار الإفتاء المصرية، على أن الإسلام حرص أشدَّ الحرص على حماية الحياة الإنسانية، وجعل صيانتها من حيث هي مَقْصِدًا شرعيًّا، وحَرَّم الاعتداء عليها، وتَوَعَّد المعتديَ بالوعيد الشديد؛ فالإنسان بنيان الله تعالى في الأرض، مَلعونٌ مَن هَدَمه.

وأضافت أنه لا يجوز الأخذ بالثأر إلأ من شخص تعمد قتل آخر بقصد، ولا يؤخذ الثأر من قتل خطأ أو دون تعمد.

اقرأ أيضا