"شرق آسيا" ملاذ "الإرهابية" الجديد

الخميس 08 اغسطس 2019 | 09:05 مساءً
كتب : مصطفى عبدالفتاح

سامح عيد: عامل اللغة عائق كبير أمام الإخوان في شرق آسيا

عمرو فاروق: الإخوان الإسلاميين استفادوا من صبغة شرق آسيا الإسلامية

الزعفراني: ماليزيا وسنغافورة وكوريا الجنوبية وجهة جديدة لعناصر الجماعة

فرغلي: ماليزيا عنصر رئيسي في اقتصاد الإخوان

تسببت عملية التضيق والخناق الواقع على جماعة الإخوان الإرهابية بسبب الضربات الأمنية المتتالية والأزمات التي مرت جماعة "تنظيم الإخوان الإرهابي" في مصر وغيرها من الدول، فضلًا عن عملية المقاطعة التي أطلقتها الدول العربية ضد قطر التي تعتبر الداعم الرئيسي للجماعة الإرهابية وللدول التي تساند وتمول وتدعم أنشطة الجماعة، وتأوي قاداتها في إحداث حالة من الخلل والإرباك في صفوفها.

أماكن جديدة

ما سبق نتج بدء عناصر الإرهابية في البحث عن أماكن جديدة تتوسع فيها، ويكون لها قاعدة جماهيرية هناك وبمثابة وطن جديد، بحيث إذا ما ضيق عليها الخناق في أماكن جديدة، لتكون منطقة شرق آسيا هي الخيار الأول لعناصر الجماعة، وبالفعل في اجتماع سابق بحث التنظيم الدولي للإخوان، هذه الفكرة واستقروا على أن دول شرق آسيا توفر المناخ الخصب للجماعة، كما أنها دول بعيدة عن المنطقة، حيث تعتبر ماليزيا أول دولة عالمية تؤيد وتمول وتدافع عن أنشطة الجماعة، ولن تتردد في استقبال الإخوان الفارين من قطر وتركيا.

الفلبين

وفي نفس الوقت ذكرت تقارير صحفية أن هناك دولة أخرى وهي الفلبين تتجه إليها أنظار الإرهابية مع داعم رئيسي في الشمال وهو إيران، تلك الدولة التي دخلت على خط الصراع، وأصبحت الواجهة التي تصدرها قطر في حربها مع المملكة العربية السعودية قطر، والتي فتحت بالفعل أرضيها لجماعة الإخوان الإرهابية، بل ومولت أنشطة حماس أيضًا.

وعندما نتحدث عن الفلبين فهذه مرحلة أخرى جديدة بدأت أنظار الإرهابية في الاتجاه إليها، فضلًا عن عناصر داعش التي نفذت عمليات انتحارية هناك، لتصبح هذه الدولة هي عاصمة الإرهاب الجديدة في الفلبين، بفضل الجماعة الإسلامية المتشددة التي انتشرت هناك وعلى رأسها الإخوان.

مهاتير محمد

قال سامح عيد، الباحث في حركات الإسلام السياسي، إن الحركات الإسلامية وعلى رأسها الإخوان المسلمين متواجدين في ماليزيا وبكثرة، خصوصًا رجال الأعمال منهم، مشيرًا إلى أن ذلك يرجع إلى عاملين أساسين هما أن مهاتير محمد متعاطف مع الإخوان وغيرهم، والسبب الثاني أن ماليزيا بلد منفتح اقتصاديا.

وأضاف "عيد"، لـ"بلدنا اليوم"، أن هناك عوائق رئيسية لبقاء الإخوان في شرق آسيا، هي القدرة على العمل والعيش هناك، على رأسها فرص العمل للمتحدثين بالعربية، فهناك مشاكل كثيرة، وبالتالي فالطبقة الوسطى من هذه الجماعات لن تستطيع نقلها، حتى توفر لها فرص عمل مناسبة لها، مشيرًا إلى أن المراكز الإسلامية هي العنصر البديل لهم وهي منتشرة في أماكن مختلفة في كل بقاع العالم.

أوروبا مختلفة

وتابع الباحث في الحركات الإسلامية أن الوضع في أوروبا مختلف ففيها متحدثين كثر بالعربية، ومطاعم للعرب، وبالتالي فهناك فرص عمل كثيرة للعرب متاحة لهم، فضلًا عن المراكز الإسلامية المنتشرة بشكل مكثف هناك، لكنهم غير قادرين على أن يخلقوا وضعًا مشابهًا له في شرق أوروبا بسبب عامل اللغة المفقود في شرق آسيا.

وواصل، أنه في حالة ما إذا حدث تصالح في المستقبل سيكون من السهل السفر إلى أوروبا، ضاربًا المثل بما حدث في خلية الإخوان الأخيرة التي تم ضبطها في الكويت، عندما هربت بعض العناصر الإخوانية إلى أوروبا خوفًا من الزج باسمهم في هذه القضية، موضحًا أنهم يدخلون عن طريق السياحة ثم يأخذون لجوء إلى هذه الدول، مشيرًا إلى أن أزمة الليرة الأخيرة التي حدثت في تركيا قام بعض عناصر جماعة الإخوان باستغلالها والحصول على إقامة دائمة في تركيا وهذا ما نتج عنه حصول الكثير منهم على الجنسية.

أوروبا لا تتصدى

وأكمل "عيد"، أن ما يقوله البعض عن محاولة أوروبا التصدي لهجرة الحركات الإسلامية لها قياسًا على ما حدث للسوريين أمر غير وارد بالمرة، لأن الوضع هنا يختلف عن السوريين الذي بلغت أعدادهم الملايين مقابل أعداد قليلة جدًا للحركات الإسلامية، موضحًا أن أوروبا تعاني من أزمات كثيرة لديها، ضاربًا المثل بوجود تجمعات سكانية كبيرة في أوروبا مملوءة بالتطرف من فترة طويلة، وهم يعرفون ذلك جيدًا لكنهم يؤجلون فكرة التصادم معهم ويحاولون حلها بالطرق السلمية والشكل القانوني والإجراءات المنضبطة.

واصل الباحث في الحركات الإسلامية، أن أوروبا تخشى أن تتخذ أي إجراء عنيف لأن هناك مايقرب من 50 مليون مسلم هناك، وبالتالي فإن أي إجراء عنيف قد ينتج عنه صدام قوي وعنيف مع المسلمين، فضلًا عن أن ذلك قد ينتج عنه إفساد علمانية أوروبا فهم يحاولون السيطرة على الموضوع بشكل عقلاني، ضاربًا المثل بأشخاص متطرفين موجودين في أوروبا مثل السباعي.

رقابة شديدة

وأوضح أن "هولاند"، عندما حدث انفجار أوروبا، خرج ليؤكد أن ما حدث بسبب الإسلاميين المتطرفين ولم ينسبه إلى الإسلام نفسه، خوفًا من مسلمي أوروبا، مؤكدًا أن هناك عرب متطرفين موجودين بالفعل في أوروبا لكنهم يتعاملون معهم بحرص شديد.

وذكر "عيد"، أن أوروبا تفرض رقابة شديدة على الكثير من المساجد المنتشرة في أوروبا، خصوصًا التي سبق وخرج منها متطرفين وانضموا لداعش، وبالتالي فهي مرصودة طوال الوقت وفي حالة عدم الالتزام من قبل أي مسجد يرصد عبر التقارير الأمنية ويتخذ ضده قرارا فوريا.

كيانات اقتصادية

قال عمرو فاروق، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، إن الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية يخلقون امتدادات ضخمة لهم حاليًا في أوروبا وكندا، مشيرًا إلى أن ذلك نابع من وجود كيانات اقتصادية قوية، مشيرًا إلى أنهم استفادوا وبشكل كبير من مجال حقوق الإنسان وقوته هناك ولعبوا عليه بشكل إيجابي.

وأضاف فاروق لـ "بلدنا اليوم" أن شبكة المراكز الإسلامية التي بنيت من السبعينات حتى اللحظة الراهنة لعبت دورًا كبيرًا في خلق دعم كبير جدًا في الاتجاه إلى أوروبا دون غيرها من القارات، مشيرًا إلى أن دور شرق أوروبا الوضع مختلف بها بعض الشيء، فقد حدث نوع من الردة فيها بعد تفكيكها عن الاتحاد السوفيتي.

استفادة الإخوان

وتابع الباحث في الجماعات الإسلامية أنه في السابق كانت هذه الدولة تنتمي إلى الشيوعية، لكن بعده تم صبغتهم بالصبغة الإسلامية، وهذا ما استفادت منه جماعة الإخوان الإرهابية، حيث بدأوا يكون لهم دور على الأرض في هذه الدول، مشيرًا إلى أن الإخوان كتنظيم دولي لهم تواجد كبير في آسيا ومتمركزين هناك وحققوا استفادة اقتصادية كبيرة.

وأوضح أن الدول هذه تحاول أن تصبغ نفسها بصبغة أوروبية عبر هامش الحريات وحقوق الإنسان وهذا أيضًا صب في كفة الإخوان، مشيرًا إلى أن هذا بدأ يعطي منطقة شرق أسيا أهمية كبيرة لهذه التنظيمات الإسلامية، مبينًا أن التيار السلفي هو الأكثر تأثيرًا في شرق آسيا عن الإخوان، لذلك فالمتتبع للتنظيمات الجهادية التي نشأت هناك سيجد أن أصلها سلفي، وهذا ما سيعطي دول شرق أسيا مكانا مناسبا للإخوان وغير الإخوان.

حرب بالوكالة

وذكر فاروق أن إيران تلعب دوًار مهم جدًا في هذا الصدد، موضحًا أنها راعي رسمي لعدد كبير من الكيانات الإسلامية السنية الموجودة في شرق آسيا، موضحًا أنه ورغم اختلاف الأيديولوجية فإيران تلعب سياسة فقط فهي تحاول أن تشيطن المذهب السني، حتى تنشر المذهب الشيعي وفي نفس الوقت تخلق لنفسها تيارات سلفية في أماكن مختلفة تخوض عنها في نهاية المطاف حربًا بالوكالة ضد الكيان الصهيوني وأمريكا واليمن المتطرف في أوروبا.

وبين أن إيران لديها معسكرات في الهند وأخرى في أفغانستان تخرج لها هذه الأذرع، مستشهدًا باعترافات أحد قادة الحرس الثوري الإيراني الذي قال إنهم كانوا يحتون عناصر تنظيم القاعدة ويدربونهم، بل وصل الأمر أن الحرس الثوري الإيراني يهرب بعض العناصر الداعيشية في حين أنهم يحاربون نفس التنظيم في سوريا.

إيران تدعم الإخوان

وأكد الباحث في الحركات الإسلامية أن ما يحكم ذلك في نهاية المطاف لعبة التوافقات والمصالح، لافتًا إلى أن إيران داعم رئيسي للإخوان في المنطقة العربية بأكملها، وأن مشروع التقارب السني الشيعي خلقه حسن البنا الذي كان صديق شخصي للخميني، مبينًا أن منطقة أفريقيا وشرق أسيا سيبدأون في العمل عليهم خلال الفترة المقبلة عبر خلق تنظيمات إرهابية إسلامية جديدة ومنها تنظيم يسمى "أنصار البخاري" سيتمركز في الساحل الأفريقي، وسيكون هذا التنظيم امتداد لداعش.

وذكر أن كل ذلك يحدث تحت عين أمريكا، موضحًا أن هناك مبدأ دائما ما يستخد خلق عدو في المنطقة ليون للقوى الكبرى ذريعة وحق للتدخل لحل المشاكل المواجودة في المنطقة كما يدعون، ضاربًا المثل بأحداث 11 سبتمبر التي دمرت المنطقة العربية بأكملها.

اقتصاد حر

قال خالد الزعفراني، القيادي الإخواني المنشق، إن منطقة جنوب شرق آسيا مفتوحة، موضحًا أن بها اقتصاد حر والكثير من غسيل الأموال والبنوك التي من الممكن أن تقوم عناصر الإخوان بوضع أموالهم فيها، وذلك كما حدث بالفعل في وقت سابق في أحد هذه البلاد.

موجودون بكثرة

وأضاف الزعفراني لـ "بلدنا اليوم" أنهم موجودين وبكثرة في هذه الدول، لأنها دول مفتوحة لكافة التيارات السياسية المختلفة وكافة الأعراق، فدول مثل ماليزيا وسنغافورة وأندونسيا دولا تمثل وجهة رئيسة للعناصر الإسلامية ومنهم الإخوان.

وذكر القيادي الإخواني السابق أن عامل اللغة لا يمثل عائق كبير أمام عناصر الجماعة لسبب بسيط أنه عندما هاجرت عناصرها إلى أنقرة، لاقت عائق كبير في اللغة خصوصًا وأن الأتراك لا يتحدثون العربية، لكن في نهاية الأمر نجحوا في التغلب عليه وتحقيق حالة من الاستقرار والتأقلم مع الواقع الجديد.

جنسيات مختلفة

وأردف أن دول جنوب شرق آسيا فيها جنسيات مختلفة وبالتالي فعملية التأقلم أصعب، لكنهم في نهاية المطاف سينجحون في التوافق مع هذه المتغيرات كما نجحوا مع الأتراك، موضحًا أن من يتحدث عن صعوبة نقل الطبقة المتوسطة هناك فالحقيقة أنه بالفعل بعض شباب من الجماعة وعناصر الطبقة المتوسطة موجودين ومقيمن هناك، ونجحوا في التواص التأقلم مع واقعهم الجديد.

وبين الزعفراني أن إحدى جبهات الإخوان والتي تطلق على نفسها اسم المكتب العام عندما ضغطت عليهم جبهة محمود حسين وطلبت من النظام التركي التضييق عليهم نقلوا نشاطهم إلى جنوب شرق أسيا، وهنا أتت تتحدث عن عناصر موجودة بالفعل وليس أشخاص سيتم نقلهم من جديد إلى هناك كما يفكر البعض.

عدد محدود

وأكمل القيادي الإخواني السابق أن عدد الأفراد الموجودة في قطر معدود جدًا على الأصابع، وبالتالي ففي حالة مستقبلا ما إذا حدث تصالح عربي أو أي شيء فلن تتأثر عناصر الجماعة بشكل كبير، خصوصًا وأن تركيا هي المقر الرئيسي لإقامتهم كما يعرف الجميع، مشيرًا إلى أن ماليزيا وسنغافورة وكوريا الجنوبية هي الدول التي ستكون السبيل النهائي لعناصرالجماعة في حالة إذا ما حدثت ضغوطات مستقبلية عليهم من أي نوع ومن أي جهة أخرى في العالم.

مسارات متعددة

فيما قال الباحث في شئون الحركات الإسلامية، ماهر فرغلي إن جماعة الإخوان الإرهابية اتخذت عناصر مسارات متعددة للهرب عقب ثورة يونيو المسار الأول كان قطر وتركيا، أما المسار الثاني فشمل جنوب أفريقيا وأيضًا ماليزيا وأندونسيا في بعض الأحيان، في حين شمل المسار الثالث جيبوتي وكرويا الجنوبية هذا بالإضافة إلى بعض العناصر التي ذهبت إلى أوروبا.

وأضاف فرغلي أن تنظيم الإخوان ونقل عناصره يعتمد في نهاية الأمر على قدرات كل عنصر من عناصره وحسب إمكانياته ولا يعتمد على توزيع عنصار معينة طبقًا لألية ميعنة، لكن تبقى ماليزيا هي العنصر الأساسي والرئيسي في الاقتصاد الإخواني الذي يعتمد عليها بشكل لافت للنظر، مشيرًا إلى أن الإخوان في ماليزيا لهم مثلًا مشروعات اقتصادية ومن ضمنهم خيرت الشاطر، لذلك فهذه العناصر منطثة شرق آسيا ليست وجهة جديدة أو غريبة عليهم.

قوة العلاقات

وتابع الباحث في شئون الحركات الإسلامية أن عناصر جماعة الإخوان في حالة إذا ما حدث تصالح مستقبلي، فلن يتم نقل كل العناصر إلى الوجهة والأرض الجديدة للجماعة، لأن ذلك يعتمد في الأساس على مدى قوة العلاقات بين عناصر التنظيم وبعضها البعض ومدى الصلة الشخصية فيما بينهم وهذا هو ما يحسم الأمر في نهاية الأمر.

وواصل فرغلي أن من ذهب إلى تركيا من عناصر الجماعة لم يعتمد على تخطيط في نهاية الأمر بل على العلاقات الشخصية فيما بينهم، والتجمعات التي ظهرت هناك وحتى الموجودة في المنصات الإعلامية مثل الشرق وغيرها هي في الأساس أن العناصر تعرفها بعضها البعض.

وذكر الباحث في الحركات الإسلامية أنه في المستقبل في حالة إذا ما حدث تصالح من أي نوع مع عناصر الجماعة الإرهابية مع الدول القاطنين فيها فستكون ماليزيا في نهاية الأمر هي الملاذ الأمن لهم، لأن فيها الكثير من النشاطات الاقتصادية التي أثامتها عناصر الجماعة، مشيرًا إلى أن الوضع الماليزي يخدمهم في ظل تعاطف مهاتير محمد معهم على طول الخط، وتقديم كافة التسهيلات والمساعدات لعناصرها الجماعة في بلاده بشتى السبل.

اقرأ أيضا