"دمج الأحزاب المتشابهة".. ضرورة يفرضها الواقع الحزبي في مصر

الجمعة 09 اغسطس 2019 | 03:31 مساءً
كتب : مصطفى عبدالفتاح

تعتبر فكرة دمج الأحزاب السياسية قضية ليست جديدة على الساحة السياسية المصرية، حيث يوجد في مصر أكثر من 100 حزب سياسي، لكن الفاعل منها لا يتعدى الـ 20 حزبًا، وخلال السنوات القليلة الماضية طرحت الفكرة أكثر من مرة كان أبرزها على لسان الرئيس عبدالفتاح السيسي، ثم أخيرًا على لسان رئيس مجلس إدارة الأخبار ياسر رزق.

الرئيس والأحزاب

ففي نوفمبر 2017 دعى الرئيس السيسي خلال لقائه مع ممثلي عدد من وسائل الإعلام الأجنبية والمصرية على هامش منتدى شباب العالم الأحزاب إلى الاندماج قائلًا: "الأحزاب كثيرة ويجب أن تدعوهم للدمج من أجل زيادة قدراتهم".

وفي أبريل 2018 جدد الرئيس السيسي دعوته لدمج الأحزاب مرة ثانية، حيث تحدث عن ضرورة التعاون بين رؤساء الأحزاب السياسية، وإجراء مفاوضات بينهم؛ حتى يحدث تقارب بين هذه الكيانات، سواء عن طريق الدمج أو التحالف السياسي حول القضايا المختلفة، والمعارك الانتخابية.

ومؤخرًا دعا الكاتب الصحفي ياسر رزق في مقال صحفي، إلى إجراء حوار بين الأحزاب خاصة الوفد ومستقبل وطن لتنفيذ مبادرة تستهدف دمج المتشابه منها في البرامج والأفكار والتوجه السياسي.

التنفيذ مختلف

قال موسي مصطفى موسى رئيس حزب الغد إن فكرة دمج الأحزاب هي فكرة موجودة بالفعل لكن تنفذيها على أرض الواقع له شكل مختلف تمامًا عبر التحالفات التي تنشىء بين الأحزاب المختلفة، لكن الدمج القانوني يتطلب أوضاع مختلفة تمامًا.

وأضاف رئيس حزب الغد لـ "بلدنا اليوم" أن الأحزاب تختلف في حجم مواقعها ومقراتها المنتشرة في البلاد، وتختلف في حجم الأموال الموجودة وعدد أعضائها، مبينًا أن الأحزاب الضحمة هي التي تسيطر والأحزاب الصغيرة هي التي يندمج أعضائها في الأحزاب الكبيرة الأخرى.

وتابع مصطفى أن كل حزب يعرف إمكانياته وقدراته، وبالتالي فعملية الاندماج مع حزب أخر تعتمد على مدى قدرات كل حزب الفعلية، وعملية الدمج نفسها تسير بشكل طبيعي دون وجود أي عوائق أو مشاكل.

صعوبة التحقيق

وذكر رئيس حزب الغد أن الدمج حاليًا بين الأحزاب أمر صعب التحقيق على الأرض، لكن نستعيض عنه كما قلت سابقًا بفكرة التحالفات والقوائم المشتركة في الانتخابات البرلمانية، وهذه أليات مختلفة ليس لها علاقة بأليات المستندات والأوراق أو الأليات القانوينة الفعلية، موضحًا أن قصة الدمج على الأراض تحتاج إلى الكثير من الإجراءات المرتبطة بالمالية والضرائب والتأمينات، بالتالي فالأمر ليس بالسهولة التي يتخيلها البعض.

وأكد مصطفى أن حزب الغد مستعد حاليًا لانتخابات الشيوخ، مؤكدًا أن الحزب لديه برامج تخطيط وتدريب للنواب الذين يرغبون في التقدم لانتخابات الشيوخ أوحتى المحليات، وأيضًا النواب وهذه الاستعدادات وقت حدوث أي انتخابات تكون الكوادر بالفعل قدم تم تجهيزها لخوض غمار أي فاعلية انتخابية، مبينًا أن الحزب يعتمد على نفسه حاليًا لكن في مرحلة معينة قد نلجأ إلى قائمة مشتركة بأحزاب معينة وبأشخاص معينة، في الأساس في كل ذلك هو وجود كواد حزبية مؤهلة لأي انتخابات.

خطوة ضرورية

قال ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل، إن خطوة دمج الأحزاب السياسية المصرية هي ضرورة للحياة الحزبية المصرية في ظل كثرة الأحزاب الموجودة على الساحة، مشيرة إلى أنها خطوة أصبح يفرضها الواقع الحزبي المصري بشكل كبير.

وأضاف الشهابي لـ "بلدنا اليوم" أن بعض رؤساء الأحزاب يقفون في وجه هذه الخطوة لأن نتيجتها الطبيعية أنهم سيكون أعضاء في صفوف أحزاب أخرى وبالتالي يفقدون المميزات الكثيرة التي هما فيها حاليًا، مشيرًا إلى أنه يجب علينا أن نبدأ هذا الطريق خطوة بخطوة عبر إحياء الحياة الحزبية في مصر أولًا، خصوصًا وأن الأحزاب الفاعلة على أرض الواقع فعلًا لا تتعدى العشرين حزب سياسي.

كم كبير

وتابع أن هناك الكثير من الأحزاب التي لا تمتلك مقر فعلي لها على أرض الواقع، ولا تدري حتى من هم رؤساء هذه الأحزاب، موضحًا أن السبب في انتشار هذا الكم الكبير من الأحزاب أنه بعد عام 2011 وثورة يناير استغل الكثير من الناس الوضع وقاموا بتأسيس أحزاب معتقدين أن هناك كعكة ستوزع عليهم، لكن كانت النتيجة في نهاية المطاف هي هذا العدد الهائل من الأحزاب، وعندما اكتشواف حقيقة الأمر انصرفوا إلى حياتهم ومارسوا أعمالهم ونسوا الأحزاب التي أسسوها.

وواصل الشهابي أن هذا العدد الهائل غير صحي لحياة حزبية قوية، مقترحًا أنه سيكون هناك نوع من التحالفات بين الأحزاب المتقاربة فكريًا، وهذا الكلام ينص عليه بالفعل دستور 2014 ومن خلال التعامل الجدي وممارسة الحياة الحزبية بالفعل من الممكن أن تكون هذه التحالفات هي بالفعل نواة لإحداث نوع من الاندماجات الكبيرة فيما بين الأحزاب المتحالفة.

وذكر رئيس حزب الجيل أن الدستور المصري نص وبشكل صريح على عدم التدخل في شئون الحياة الحزبية المصرية من قبل السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية والذي أكد أيضًا على أنه لا يجوز حل الأحزاب إلا بحكم قضائي، إضافة إلى عدم السماح لمجلس النواب بإصدار أي تشريع يحدد الحياة الحزبية والأحزاب في مصر.

وضرب المثل بأوروبا التي لم تفرض قيود على الأحزاب أو عددها أو تشكيلها، مشيرًا إلى أن الأحزاب الموجود على الساحة حاليًا لابد لها أن تعمل بجديدة في ظل مناخ سياسي داعم للعملية السياسية والحزبية وليس طاردًا لها، خصوصًا وأن الواقع حاليًا ليس جيد للأحزاب في مصر.

مرحلة أخرى

قال جهاد سيف، نائب رئيس حزب المؤتمر، والمتحدث الرسمي باسم الحزب، إن تجربة دمج الأحزاب ليست تجربة جديدة على حزب المؤتمر الذي سبق وخاض التجربة في 2013 عندما دمجت مجموعة من الأحزاب ونتج عنها خروج حزب المؤتمر بشكله الحالي إلى الشارع السياسي.

وأضاف نائب رئيس حزب المؤتمر لـ "بلدنا اليوم" أنه يعتقد أن هناك مرحلة أخرى من الدمج ستجرى في الفترة المقبلة، خصوصًا قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة، ومن بعدها ستقوم الحياة السياسة على مجموعات الأحزاب التي ستخلص إليها عملية الدمج هذه، بحيث يكون الواقع السياسي الحزبي في مصر قد تشكل بشكل كامل وأصبحت الأحزاب الموجودة وقتها هي نواة الحياة الحزبية في مصر.

عوامل مشتركة

وتابع المتحدث الرسمي باسم الحزب، أن فكرة الدمج في حد ذاتها مرهونة بكثير من الأشياء، وهذه الأشياء ليست متوفرة بشكل كامل لدى الأحزاب الموجودة، موضحًا أن الدمج مرهون بالكثير من العناصر والعوامل المشتركة الواجب توافرها في الأحزاب التي قرت الاندماج مع بعضها البعض.

وواصل سيف أنه في الوسط السياسي من الصعب جدًا أن تجد حزب قريب من التفكير الخاص بحزبك ومشتركين في الكثير من الصفات والعوامل المشتركة فيما بينكم وهذا أمر في غاية الأهمية لتكوين تحالف حزبي قوي بين الأحزاب المندمجة فيما بينها.

وأكمل متحدث المؤتمر أن الواقع السياسي لم يعد مرتبط بالأيدلوجيات واليسار واليمن كما كان في العهود والعصور السابقة، وإنما تحول إلى أنه يجب أن تكون هناك أحزاب تتخطى الأيدلوجيات وأن تواكب نفسها مع الاقتصاد الجديد ولتغييرات الجذرية التي تحدث في مصر وفي المنطقة بأكملها، إضافة إلى ضرورة وجود أحزاب لديها مرونة كافية لفهم ما يحدث على أرض الواقع، مؤكدًا أن قضية الدمج ليست بالسهولة التي يتخيلها البعض.

وعن انتخابات الشيوخ، ذكر جهاد أن الحزب مستعد بشكل كبير لانتخابات الشيوخ التي من المقرر إجرائها في أكتوبر المقبل، قائلاً: "لدينا خطة شاملة ووضعنا سيناريوهات مختلفة للشكل الذي سيظهر عليه القانون في نهاية المطاف، موضحًا أنه أيا كان الشكل الذي سيظهر عليه القانون فالحزب مستعد بشكل كامل له.

اقرأ أيضا