القاهرة حاضنة للقارة السمراء.. علاقات راسخة بين مصر ورواندا في عهد السيسي

الثلاثاء 27 اغسطس 2019 | 01:13 مساءً
كتب : هاجر بركات

تعد مصر صاحبة الريادة في الشرق الأوسط بصفة عامة وفي إفريقيا على وجه الخصوص، فالقيادة المصرية ظلت حاضنة دوما لدول القارة السمراء وحاولت جاهدة الوصول لمنصة تكون المعبر عن مشاكل ابنائها، وبالفعل تم تكوين الاتحاد الأفريقي الذي يضم فى عضويته 54 دولة من القارة، والذى يترأسه خلال هذا العام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتسعى مصر للنهوض بالاقتصاد الإفريقي من خلال التعاون مع أبناء القارة السمراء.

ويرصد لكم "بلدنا اليوم" في سلسلة من التقارير أوجه العلاقة بين مصر والدول الإفريقية وبخاصة التعاون في المجال الاقتصادي، وإليكم علاقة مصر برواندا، تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي

قواسم مشتركة

تعد العلاقة بين مصر ورواندا قوية كونها منبع نهر النيل، لذلك فأن العلاقة بين الدولتين قوية في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتنموية، ويجمع بين الدولتين عدد من القواسم المشتركة على الساحتين الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى عضويتها فى عدد من المنظمات والتجمعات الإقليمية ومنها تجمع الكوميسا، ومبادرة النيباد، والإتحاد الأفريقي، ومبادرة حوض النيل.

أوجه التعاون

على المستوى الثنائي بين البلدين، أُنشت اللجنة المصرية الرواندية المشتركة في سبتمبر عام 1989، وعقدت الجولة الثنائية من اللجنة المصرية الرواندية المشتركة بالقاهرة فى الفترة من 7 إلى 10 سبتمبر 2009، برئاسة وزيري خارجية البلدين، حيث شهدت تلك الجولة الثانية التوقيع على 10 وثائق للتعاون في مجالات مختلفة شملت التعاون الاقتصادي والفني ، والزراعة والجمارك، والشباب، والتنمية الصناعية، والبترول والثروة المعدنية، والتعليم، والصحة، والتعاون العلمي والتكنولوجي، والتعاون الثقافي.

التعاون الاقتصادي

يعد الجانب الإقتصادى أهم ما يميز علاقة البلدين، حيث يقدر حجم الاستثمارات المصرية في رواندا بحوالي 15 مليون دولار خاصة في مجالي المقاولات والتعدين.

وكون العلاقات الاقتصادية المصرية الرواندية تتميز بوجود البلدين في دول السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا الكوميسا، حيث تعد رواندا من الدول التى طبقت تخفيض الرسوم الجمركية بنسبة 100 %، وتشهد المنتجات المصرية رواجاً متزايداً بالسوق الرواندية كالمنتجات الجلدية والأثاث والمنسوجات والسجاجيد خاصةً في ظل إقامة معارض المنتجات المصنوعة في مصر في السوق الرواندية كمعرض مصر والشرق الأوسط الذي يُعد علامة هامة على العلاقات الجيدة التي تربط البلدين من أجل تحقيق المنافع الاقتصادية المتبادلة، والاستفادة من المزايا الممنوحة لهما في إطار تجمع الكوميسا.

ويعد التوقيع على اتفاقية إنشاء منطقة التجارة الحرة الأفريقية فى قمة الاتحاد الأفريقى الاستثنائية سبب في تعزيز التجارة البينية بين الدول الأعضاء، وتعزيز القدرة التنافسية للصناعة فى إفريقيا.

والمنتظر أن يكون مشروعاً رائداً ذا أولوية وفقاً لأجندة الاتحاد الأفريقى 2063، وخطوة ملموسة على الطريق لإنشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية وفقاً لمعاهدة أبوجا لعام 1991.

الجدير بالذكر أن قيمة صادرات مصر لرواندا عام 2015 بلغت 64 مليون دولار، بينما بلغت قيمة الصادرات الرواندية لمصر عام 2014 نحو 30 مليون دولار، ويتم العمل نحو توسيع وزيادة حجم التبادل التجاري بينهما، خاصة فى ظل حرص القيادة المشتركة على تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بما يفيد ويخدم مصلحة البلدين، وتتركز أهم صادرات رواندا لمصر فى منتجات الشاي والقهوة والأناناس، والموز، ومنتجات البستنة حيث تُصدَّر مباشرة إلى مصر دون المرور عبر مومباسا، بينما تتنوع صادرات مصر لرواندا ما بين المنتجات البترولية والأغذية المحفوظة والأثاث ومواد الطلاء والبناء غيرها، يُذكر أن حجم التبادل التجاري بين مصر والدول الأفريقية بلغ 4.8 مليار دولار في عام 2016، مقابل 4.5 مليار دولار فى عام 2015، حيث بلغت قيمة الصادرات فى عام 2016 حوالى 3.4 مليار دولار، بينما بلغت قيمة الواردات 1.4 مليار دولار.

في عام 2017 ، شهدت سوق الإنشاءات والعقارات في روندا دخول تسع شركات مصرية انضمت للسوق تحت مظلة جمعية التجارة بين رواندا ومصر بعد زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لرواندا، والتى من المنتظر أن تقدم حلولا ومشروعات في مجال العقارات والإنشاءات وتوفير مواد البناء بأسعار معقولة مثل البلاط، حيث تعمل الشركات المصرية على تخفيض التكاليف المادية والوقت في قطاع العقارات الرواندي.

كما تعمل المنتديات الاقتصادية على جذب رجال الأعمال ومنحهم فرصة للتعرف عن قرب على الأسواق المتاحة والفرص ، فنجد زيارة سيدات الأعمال ورجال الأعمال الروانديين في مدينة شرم الشيخ خلال منتدى أفريقيا 2017، والتى تبعها زيارة مماثلة إلى دولة رواندا بوفد من رجال الأعمال وأصحاب المصانع المصرية

التعاون التنموي

مصر تسعى دوما للنهوض بالدولة الأفريقية وخاصة بالجانب التنموي، فهي تشارك رواندا في ما بين 55 إلى 70 دورة تدريبية تنظمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية بالتعاون مع الوزارات والمؤسسات المعنية، في مجالات عدة من بينها الشرطة والأمن، الدبلوماسية، الزراعة، الري وإدارة الموارد المائية، الصحة، الإعلام، والكهرباء والطاقة، كما قامت الوكالة بإيفاد قافلتين طبيتين إلى رواندا عامي 2012 و2014، فضلًا عن إيفادها عددًا من الأطباء المصريين المقيمين لتقديم خبرتهم للمستشفيات الرواندية.

الزيارات المتبادلة في عهد قيادة الرئيس السيسي

شارك خلال مؤتمر تنمية ودعم الاقتصاد المصري في مارس 2015 بشرم الشيخ، الرئيس كاجامي على رأس وفد حكومي رفيع المستوى، والتقى مع الرئيس عبد الفتاح السيسي وعدد من كبار المسئولين ورجال الأعمال المصريين، كما شارك رئيس الوزراء الرواندي في قمة التجمعات الأفريقية الثلاث (الكوميسا-السادك-تجمع دول شرق أفريقيا) والتي عقدت بشرم الشيخ في يونيو 2015.

أما بالنسبة لمصر فتعد زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لرواندا ومشاركته القمة الأفريقية الـ 27 التي تعقد في «كيجالي» خلال الفترة من 16 حتى 18 يوليو 2016 أول زيارة لرئيس مصري لدولة رواندا.

إلى جانب الزيارات المتبادلة التى شهدتها السنوات الأخيرة ما بين الوزراء وكبار المسئولين المصريين لرواندا، سواء في زيارات ثنائية أو للمشاركة في اجتماعات متعددة الأطراف من بينها زيارة وزير الري والموارد المائية السابق، وزيارة مساعد وزير الدفاع، كما شهدت العديد من زيارات المسئولين الروانديين والتي كان من بينها مشاركة وزير التجارة والاستثمار الرواندي في منتدى "أفريقيا 2016" والذي عقد بشرم الشيخ في فبراير 2016.

- في 4/11/2017 كانت زيارة الرئيس الرواندي بول كاجامي لمصر على رأس وفد رفيع المستوى ضم السيدة روزماري موسيمينالي وزيرة الخارجية الرواندية، وذلك تلبية لدعوة مصر، وهي الزيارة الرئاسية الأولى على المستوى الثنائي التي يقوم بها الرئيس الرواندي إلى مصر منذ 15 عاماً.

وفى 15/8/2017 قام الرئيس عبد الفتاح السيسى بزيارة لرواندا، حيث استقبله بول كاجامى رئيس رواندا، بحثا الجانبان خلالها العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، فضلا عن القضايا ذات الاهتمام المشترك. زار الرئيس النصب التذكاري لضحايا الإبادة الجماعية في رواندا، حيث قام بوضع إكليل من الزهور على النصب التذكاري، كما تفقد الرئيس المتحف الملحق بالنصب التذكاري والذي يحوي توثيقاً للمذابح التي جرت في رواندا في تسعينات القرن الماضي وقام بالتوقيع في سجل الزيارات.

افتتاح السفارة بعد غلق دام 15 عاما

افتتحت السفارة المصرية في كيجالي عام 1976، وأغلقت السفارة الرواندية بالقاهرة في ديسمبر 1999 لظروف مالية، وعقب مشاركة الرئيس كاجامى في مؤتمر تنمية ودعم الاقتصاد المصري بشرم الشيخ، اتخذ قرارًا بإعادة فتح سفارتهم في القاهرة، والتي تم إغلاقها منذ 15 عامًا.

تاريخ العلاقات

العلاقات المصرية الرواندية ذات طابع تاريخي كبير حيث تعد مصر من أوائل الدول التى اعترفت باستقلال رواندا عن الاحتلال البلجيكى عام 1962، وكانت كذلك من أوائل الدول التى افتتحت سفارة لها فى العاصمة كيجالى عام 1976، ورغم الحرب الأهلية في رواندا عام 1994، إلا أن مصر هي الدولة الوحيدة التى لم تغلق أبواب سفارتها أو تغادر البعثة الدبلوماسية طوال فترة الحرب.

وسعت مصر لإقرار الأمن والسلام في منطقة البحيرات العظمي‏ ، حيث عقدت بالقاهرة في نوفمبر ‏1995‏ قمة البحيرات العظمي وكانت بداية طيبة علي طريق إقرار المصالحة الوطنية وتحقيق الاستقرار وإنهاء الحروب الأهلية في هذه المنطقة الحيوية‏.‏ وعلي أسس بيان هذه القمة تم التوصل لاتفاقات تقاسم السلطة في رواندا وبوروندي والسعي جديا لتصفية أسباب الحرب الأهلية‏.‏

جدير بالذكر ان ثورتى 25 يناير 2011 ، و 30 يونيو كانا نقطة العودة إلى العمق الأفريقي، وإعادة ترتيب أولويات سياستها الخارجية والسعى لاستعادة دورها الإقليمي، تعد زيارة الرئيس السيسي إلى رواندا خلال مشاركته القمة الأفريقية الـ 27 التي تعقد في «كيجالي» خلال الفترة من 16 حتى 18 يوليو 2016 أول زيارة لزعيم مصري لرواندا وكان الرئيس السيسى هو أول رئيس يستقبله الرئيس الرواندى "بول كاجامى" قبيل تنصيبه رسميًا بعد فوزه بفترة رئاسة ثالثة فى انتخابات الرئاسة الرواندية، كما كان الرئيس السيسى من أوائل المهنئين بفوزه ، ويأتى قرار البلدين بعودة فتح سفارتهما دليلا بليغا على حرصهما على مداومة التنسيق المشترك ودعم وتعزيز العلاقات الثنائية.

تم إنشاء اللجنة المصرية الرواندية المشتركة في سبتمبر عام 1989، وعقدت الجولة الثنائية من اللجنة المصرية الرواندية المشتركة بالقاهرة فى الفترة من 7 إلى 10 سبتمبر 2009، برئاسة وزيري خارجية البلدين، شهدت تلك التوقيع على عشر وثائق للتعاون في مجالات مختلفة شملت التعاون الاقتصادي والفني ، والزراعة والجمارك، والشباب، والتنمية الصناعية، والبترول والثروة المعدنية، والتعليم، والصحة، والتعاون العلمي والتكنولوجي، والتعاون الثقافي.