خاص بالفيديو| "اختفت بعد القصف".. قصة توأم سوري يبحث عن أسرته منذ 4 سنوات

الاثنين 09 سبتمبر 2019 | 05:01 مساءً
كتب : سارة أبو شادي

منذ أكثر من 8 سنوات كانت حياتهم مثالية، يعيشون برفقة أسرتهم، يستيقظون على صوت أمهم تنادي عليهم من أجل الاستعداد للذهاب إلى المدرسة، جدتهم تُقبلهم كل صباح، تُعطي لهم نقودًا من أجل شراء الحلوى، والدهم كان يرافقهم حتى باب المدرسة، حياتهم لا تخلوا من السمر واللعب برفقة أبناء الحي، يرددون الأغاني التي شاهدوها ليلًا بكرتونهم المفضل ، بين ليلة وضُحاها تبدّل الحال، حلت أصوات القصف محل أغانيهم، دمرت براميل القنابل مدرستهم، حرموا من طفولتهم وهجروا باتوا أيتامًا وآبائهم على قيد الحياة.

حمزة ومصطفى شقيقان توأم من أطفال سوريا لم يتجاوز عمرهم الـ13 عشر ، يدرسون بالصف السابع، قبل عدة سنوات وتحديدًا في الفترة بين 2012 حتى 2015، كانوا يعيشون برفقة أبيهم وأمهم في مدينة اليرموك، حياتهم تحوّلت بعد الحرب، قصف منزلهم ونزحوا إلى أحد المخيمات بالمدينة برفقة أمهم، والتي وضعت صغيرًا آخر ليعيش برفقتهم تلك المأساة، كان الشقيق تلك المرة فتاة.

سوريا

"عشنا في ظروف مأساوية بالمخيم لا مدرسة ولا لعب كنا نخاف الخروج منه حتى لا نصاب بقذيفة أو صاروخ" بالمخيم لم تكن الحياة مثالية للصغيران، كانوا ينتظرون الموت كل لحظة، امتنعوا عن الخروج بعيدًا قضوا معظم أوقاتهم في مشاهدة تلفاز قديم بإحدى الخيام، يلهون برفقة من في أعمارهم ممن تواجدوا معهم، حاولوا التأقلم لما يقرب من عامين، المعاناة الكبرى بالنسبة لهم كانت تتمثل في الرضيعة، تلك الصغيرة التي لم تجد طعامًا منذ اليوم الأول من قدومها، حاولت الأم جاهدة أن تحصل على الأموال من أجل شراء اللبن، وبعد معاناة تمكنت من الحصول على بعضها، لكنّ الحرب لا تعرف معنى الإنسانية.

اطفال سوريا

حاولت الأم التسلل إلى مكان بالقرب من المخيم لشراء اللبن لطفلتها، لكنّها اصطدمت ببعض الجنود التابعين لداعش والذين منعوها من الخروج، لتعود بأدراجها إلى المعسكر مكسورة تتسابق الدموع من عينيها ، عاجزة عن توفير الطعام لطفلتها.

اطفال سوريا

لم تجد الأم أمامها سوى أن تجفف الخبز الفاسد الذي يتراقص عليه الدود، وكانت تطحنه وتضع الماء عليه الماء، وتطعمه للصغيرة فيما بعد، وظلت على هذا الحال لما يقرب من عامين، الكبار تطعمهم الأم "برغر" والطفلة تتناول الخبز المجفف بالماء.

بعدما اشتدت الحرب وكان هناك قصف شديد على المخيم، قررت الأم إرسال صغارها إلى منزل جدتهم، فذهب حمزة ومصطفى وظلت الأم برفقة الرضيعة بالمخيم، لم يكن الوضع أفضل في منزل الجد، بل كان هناك الكثير من الأقارب الذين نزحوا بعدما قصفت منازلهم يقيمون هناك، فلم يتسع سوى للطفلان فقط ورافقت الأم الأب والرضيعة في مخيم اليرموك.

لم تتحمل الجدة والأقارب المتواجدون بالمنزل مصاريف الصغار، فالحياة كانت صعبة جدا هناك، حتى تمنى الصغار العودة للمخيم من جديد، فأصوات القصف أهون من الحياة في بيت الجدة، وكأنّ أبواب السماء كانت مفتوحة، اقترح الأقارب إرسال الأطفال إلى مخيم دير البلوط القريب منهم، والذي يعيش الأطفال به الآن.

 

"بعد 3 سنين أخبرونا أن الأهالي بمخيم اليرموك اتهجروا واحنا ما نعلم شيئ حتى الآن عن أمنا ووالدنا"، انقطعت الأخبار عن الأم والأب والرضيعة، ولم يعلم الصغار شيء عنهم حتى اليوم، أخبرهم أحدهم أنّ المخيم تمّ قصفه وأنّ من به نقلوا لمكان آخر، يعيش الأطفال بالمخيم حاليًا يجدون مشقة في الحصول على الطعام، يتناولون الموز ويحتفظون بقشرة خوفًا من إلقائه فلايجدون طعامًا آخر يتناولونه، لا يملكون أموالًا لشراء الملابس أو الطعام، حتى المياه يحصلون عليها بصعوبة، الحياة في مخيم "دير البلوط" كانت لا تمتلك أي سبل العيش.

اطفال سوريا

"كان حلم حمزة في السابق أن يحقق أمل والديه، كانوا يرددون دائمًا لهم أنّهم يريدون أن يفخروا بهم، لكن اليوم، بات حلمهم الوحيد أن يجتمعا بأمهم وأبيهم، 3 سنوات لايدرو هل هم على قيد الحياة أم طالتهم قذيفة، مصطفى هو الآخر بات أمله الآن أن يخرج من المخيم، وأن يذهب للمدرسة من جديد، أصبح بحلم بأن يصبح فنانًا حتى يعرض للعالم بأكمله ما فعلته الحرب بهم وببلادهم.... لم تنتهي الحكاية بعد.

"ضربونا وحاصرونا وطخونا بالبراميل وبالطيارة " بالقرب من مصطفى وحمزة جلست فتاة صغيرة تستمع لحديثهم، لتبادر هي الأخرى بالحديث، 7 سنوات كان عمر نغم هي الأخرى تقطن بالمخيم بدون أسرتها، أقصى أمانيها تناول الطعام والشراب والحصول على لعبة كغيرها من الأطفال، لم تتفوه الطفلة بكلمات كثيرة لكنّها رددًا جملة واحدة كانت خاتمة لصورة نشاهدها يوميًا هناك على أرض سوريا.

اطفال سوريا

مابدي أعيش بالخيمة بدي أرجع البيت، وكمان أنا ماعندي مدرسة ولا شيئ انا بدي أتعلم حتى أكبر وأصير دكتورة وأعالج الأطفال الجرحى".

مصطفى وحمزة ونغم نماذج بسيطة لآلاف الأطفال ممن يعيشون بداخل المخيمات في سوريا، أطفالا أجبروا بالدخول في حرب غير مستفيدين منها، فقط قتلوا وشردوا بعيدا عن ذويهم دون مقابل .

إحصائية بعدد الضحايا من الأطفال السوريون...

اطفال سوريا

اقرأ أيضا