نيجيريا تشهد غدا الانتخابات الرئاسية الأكثر تنافسية في تاريخها

الجمعة 27 مارس 2015 | 10:06 صباحاً
كتب : بلدنا اليوم

يتوجه الناخبون في نيجيريا غدا " السبت" إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في واحدة من أهم الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي تشهدها البلاد وأكثرها تنافسية وسط اهتمام دولي وإقليمي واسع النطاق.وعلى الرغم من وجود 14 مرشحا لخوض السباق الرئاسي غير أن المنافسة الحقيقية تنحصر بين الرئيس المنتهية ولايته جودلاك جوناثان مرشح حزب الشعب الديمقراطي، والجنرال السابق محمد بخاري مرشح حزب المؤتمر التقدمي "تحالف المعارضة".وقام المرشحان الرئيسيان أمس بالتوقيع على اتفاق سلام يعدان فيه بإجراء الانتخابات سلميا وعدم التحريض على التوتر الديني أو العرقي.ومن أصل 173 مليون نسمة، فإن نحو 68,8 مليونا مسجلون على قوائم الانتخابات الرئاسية، وكذلك التشريعية وانتخابات مجلس الشيوخ التي ستتم في شكل متزامن... أما انتخابات حكام الولايات والبرلمانات المحلية فإنها ستنظم في 11 أبريل القادم.وقد تم تأجيل الانتخابات من الموعد الذي كان مقررا لها في 14 فبراير الماضي إلى غد "السبت " بسبب مخاوف أمنية من أعمال العنف التي تقوم بها جماعة " بوكو حرام" المتشددة المسلحة في شمال شرق البلاد، حيث أعلن قادة الجيش النيجيري حاجتهم إلى التركيز على العمليات التي يخوضونها لإلحاق الهزيمة ببوكو حرام في غضون ستة أسابيع.وخلال الأسابيع الماضية استطاع الجيش النيجيري، مدعوما بجيوش دول مجاورة في مقدمتها تشاد، تحقيق نجاحات ميدانية عدة حيث تمكنوا من استرداد العديد من الولايات التي كانت تحت سيطرة "بوكو حرام" خلال الأشهر القليلة الماضية.ورغم إعلان كل من الرئيس جوناثان ورئيس اللجنة الانتخابية عن اتخاذ كافة التدابير اللازمة لإجراء عملية الاقتراع داخل مخيمات النازحين أو في محيطها والعمل على توفير قدر كاف من الأمن للناخبين من أجل الإدلاء بأصواتهم بحرية ونزاهة، فأن أجواء الرعب لاتزال تخيم على أعداد كبيرة من المواطنين الذين يرون أن الحكومة النيجيرية لا تقوم بما فيه الكفاية لحماية المدنيين التابعين لها، ويخشون من قيام "بوكو حرام" بانتهاج حرب عصابات خلال عملية التصويت خاصة بعد مبايعتها لتنظيم "داعش" في أوائل الشهر الجاري.ويُخشى أيضا من اندلاع أعمال عنف ذات طابع سياسي مثل التي سبق أن شهدتها انتخابات 2011 حيث قُتل نحو ألف شخص عقب انتهاء العملية الانتخابية.وتشهد الانتخابات النيجيرية هذه المرة منافسة محتدمة بين الرئيس جوناثان ومنافسه بخاري حيث تظهر استطلاعات الرأي تقارب نسبة التأييد بين المرشحين بصورة كبيرة وهو أمر غير مألوف في المشهد الانتخابي النيجيري حيث اعتاد المواطنون على معرفة الفائز في الانتخابات الرئاسية قبل أشهر من التصويت.ورغم تقارب فرص الفوز بين المرشحين الرئاسيين غير أن المتابعين للشأن النيجيري يرون أن الدفة تميل لصالح مرشح المعارضة بخاري ويستندون في ذلك إلى عدة أسباب أولها أن الرئيس جوناثان قد فقد الكثير من شعبيته خلال الأشهر الأخيرة بسبب عجزه عن مواجهة أعمال العنف التي تقوم بها "بوكو حرام" في شمال البلاد ذي الأغلبية المسلمة، وعدم قدرته على تحقيق نجاحات ميدانية إلا بمساعدة الدول المجاورة للجيش النيجيري مؤخرا وتمكنهم من استعادة الولايات التي كانت تحت سيطرة "بوكو حرام".وتظهر استطلاعات الرأي انخفاض ثقة المواطنين في الرئيس والحكومة حيث توضح بيانات إحصائية جمعها المشروع البحثي "أفرو باروميتر" أن 45 بالمئة من النيجيريين يصفون حكومتهم بأنها "سيئة للغاية" في إدارة الاقتصاد، وأن 24% من المستطلعة أرائهم لا يثقون في الرئيس جوناثان على الإطلاق.واهتزت صورة جوناثان ليس فقط على الصعيد الشعبي بل أيضا في الأوساط السياسية والعسكرية حتى أن الرئيس السابق للبلاد أولوسيجون أوباسانجو رفض تأييده أثناء الحملة الانتخابية، قائلاً إن زميله في الحزب "فشل" كرئيس.أما ثاني هذه الأسباب هي أنه للمرة الأولى منذ عام 1999 تتحد أحزاب المعارضة وراء مرشح رئاسي واحد هو الحاكم العسكري السابق محمد بخاري وهو ما أكسبه ثقلا ملحوظا وزخما كبيرا في السباق الرئاسي ومكنه من جذب حشود واسعة والحصول على تأييد شخصيات بارزة على الصعيد السياسي والعسكري.كما أنه أولى اهتماما خاصا بالقضاء على انعدام الأمن والفساد والتفاوت الاقتصادي في البلاد وهي من أكثر القضايا التي تهم المواطن النيجيري وتشكل أولوية له... فمن ناحية يعتبر الاقتصاد من أهم القضايا التي يركز عليها الناخب النيجيري في هذه الانتخابات، فللمرة الأولى منذ انتهاء حكم الحكومات العسكرية النيجيرية في 1999 تنخفض الأجور في الدولة بهذه المعدلات، ويرجع السبب في ذلك إلى انخفاض أسعار النفط بنحو 60% ما يضع البلد في مشهد لم يعشه مطلقا في الأعوام الأخيرة خاصة وأن النفط يمثل 80% من موارد الحكومة النيجيرية.ونتيجة لذلك خفضت وكالة 'ستاندرد أند بورز' للتصنيف الائتماني، درجة نيجيريا في مجال التسديد علي المدي الطويل، نقطة واحدة لتصبح 'بي +' بعد أن كانت 'بي بي -' سابقا... ويتوقع أن يتحول فائض الحسابات الجارية في البلد في الفترة من 2010 -2014 إلي عجز بمعدل 1.8% من إجمالي الناتج الداخلي في الفترة من 2015-2018.ورغم أن نيجيريا، التي تعد أكبر قوة اقتصادية في أفريقيا، قد شهدت خلال السنوات العشر الماضية نموا سنويا بلغت نسبته حوالي 7% غير أن ذلك لم يؤد إلى تحسن مستوى معيشة الشعب الذي يعيش أكثر من نصفه تحت عتبة الفقر.وتظهر الإحصاءات المقارنة تباينا واضحا في مستويات التنمية بين كل من بين شمال البلاد وجنوبه، حيث تبلغ نسبة من يستطيعون القراءة والكتابة في مدينة "لاجوس" الجنوبية 92 بالمئة، بينما تصل النسبة إلى 49 بالمئة في مدينة "كانو"، العاصمة التجارية الشمالية، وأقل من 15 بالمئة في بورنو، حيث تتمركز أعمال العنف التي ترتكبها "بوكو حرام".ومن ناحية أخرى يمثل العنصر الأمني عنصرا أوليا في اختيار الناخب النيجيري وذلك في ظل تصاعد أعمال العنف في شمال شرق البلاد. فعلى مدار السنوات الثلاث الماضية، تخلت “بوكو حرام” عن كونها جماعة دينية، وتحولت إلى حركة إرهابية ذات قدرات متطورة، أفقدت الجيش الوطني مصداقيته.وفي عام 2013، ازداد نشاط “بوكو حرام” في شمال شرق نيجيريا حيث فرضت حالة الطواريء في ولايات :"أداماوا"، و"بورنو" و"يوبي". وكان الرئيس جوناثان يأمل في تمديد حالة الطوارىء للمرة الثالثة في نوفمبر الماضي لكن البرلمان صوت ضد هذا الإجراء.وخلال الأشهر الأخيرة، سيطرت جماعة “بوكو حرام” على العديد من البلدات، والقرى في ولايات “بورنو”، و”يوبي”، و”أداماوا”، الواقعة في شمال شرق البلاد، معلنة إياها جزءا من “الخلافة الإسلامية” التي أعلنتها بشكل أحادي بعد مبايعتها أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم "داعش"، قبل أن تعلن الحكومة النيجيرية تمكنها من استعادة الكثير من البلدات في هذه الولايات الثلاث.ومنذ بداية عام 2015، كثفت الحركة المسلحة من هجماتها داخل الدول المجاورة لنيجيريا، حيث تعرّض الجنوب الشرقي النيجيري، منذ بداية شهر فبراير الماضي، إلى سلسلة من الهجمات الدامية من قبل “بوكو حرام”، ردّا على قرار النيجر وتشاد إرسال وحدات عسكرية إلى منطقة أقصى الشمال الكاميروني.

اقرأ أيضا