الشعراوي.. مجدد الأمة الذى «تصوف » على أعتاب الحسين

الخميس 26 نوفمبر 2015 | 11:42 مساءً
كتب : بلدنا اليوم

لم يكن يعلم متولى الشعراوي، أحد فلاحى قرية دقادوس، أن ابنه البكري، سيكون أحد الذين زُرِعَتْ حُروفُ النور بينَ شِفَاهِهِم، وسيفيض مِسْكه، ويصبح أبزر مفسري القرآن الكريم في العالم الإسلامي، ووزيرا للأوقاف.   لكن الأب الريفي لمح علامات النبوغ على الفتى الضالع في حب العلم، فما أن أتم العاشرة من عمره إلا وحفظ ما بين دفتى المصحف، وأصبح ضوءا ينير بين أقرانه بدقادوس مركز ميت غمر محافظة الدقهلية. وسيظل الشعرواي بتفكيره المميز محل إعجاب من أساتذة ومعلميه، حتى وصل إلى القاهرة طالبا بكلية بكلية اللغة العربية سنة 1937م ، وانشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية، فحركة مقاومة المحتلين الإنجليز سنة 1919م اندلعت من الأزهر الشريف، ومن الأزهر خرجت المنشورات التي تعبر عن سخط المصريين ضد الإنجليز المحتلين. ولم يكن معهد الزقازيق بعيدًا عن قلعة الأزهر في القاهرة، فكان يتوجه وزملائه إلى ساحات الأزهر وأروقته، ويلقى بالخطب مما عرضه للاعتقال أكثر من مرة[بحاجة لمصدر]، وكان وقتها رئيسًا لاتحاد الطلبة سنة 1934م. ملامح الشيخ الريفي وبساطته لم تكن هى فقط  سر الجاذبية وإعجاب سامعيه، بل عذوبة اللسان، واتساع الثقافة، كان سببا في قدوم المحبين لسماع دروسه بالأزهر من كل حدب وصوب.فى 15 إبريل عام 1911 كانت دقادوس، على مولد لإستقبال عالمها الجليل الذي سيكون  الإعلامى أحمد فراج هو بوابة دخوله للعالمية، من خلال برنامجه نور على نور.  وبدأ الشيخ الجليل الملقب بإمام الدعاة، رحلتة الدعوية من مسجد الإمام الحسين بالقاهرة، وحقق منه شعبيته الجارفة،  لييطلق عليه بعد العماء لقب الإمام المجدد.  تخرج إمام الدعاة  عام 1940م، وحصل على العالمية مع إجازة التدريس عام 1943م، من كلية اللغة العربية جامعة الأزهر الشريف.  بعد تخرجه عين الشعراوي في المعهد الديني بطنطا، ثم انتقل بعد ذلك إلى المعهد الديني بالزقازيق، ثم المعهد الديني بالإسكندرية، وبعد فترة خبرة طويلة انتقل الشيخ الشعراوي إلى العمل في السعودية عام 1950 ليعمل أستاذاً للشريعة في جامعة أم القرى.   اضطر الشيخ الشعراوي أن يدرِّس مادة العقائد رغم تخصصه أصلاً في اللغة، وهذا في حد ذاته يشكل صعوبة كبيرة إلا أن الشيخ الشعراوي استطاع أن يثبت تفوقه في تدريس هذه المادة لدرجة كبيرة لاقت استحسان وتقدير الجميع.    وفي عام 1963 حدث الخلاف بين الرئيس جمال عبد الناصر وبين الملك سعود، وعاد الشعرواي برفقة بعض العلماء المصريين للقاهرة، وعين في القاهرة مديراً لمكتب شيخ الأزهر الشريف الشيخ حسن مأمون.   بعدها  سافر الشعراوي إلى الجزائر رئيساً لبعثة الأزهر،  ومكث  هناك حوالي سبع سنوات قضاها في التدريس، وحين عاد الشيخ الشعراوي إلى القاهرة وعين مديراً لأوقاف محافظة الغربية فترة، ثم وكيلاً للدعوة والفكر، ثم وكيلاً للأزهر ثم عاد ثانية إلى السعودية، ليدرس في جامعة الملك عبد العزيز.   وفي نوفمبر 1976م اختار ممدوح سالم رئيس الوزراء، آنذاك أعضاء وزارته، وأسند إلى الشيخ الشعراوي وزارة الأوقاف وشئون الأزهر، وبقي فيها  حتى أكتوبر عام 1978م.   منح الإمام الشعراوي وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى لبلوغه سن التقاعد في 15/4/1976 م قبل تعيينه وزيراً للأوقاف وشئون الأزهر.   كما منح وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1983م وعام 1988م، وحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعتي المنصورة والمنوفية.   اختارته رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، عضوًا بالهيئة التأسيسية لمؤتمر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية، الذي تنظمه الرابطة، وعهدت إليه بترشيح من يراهم من المحكمين في مختلف التخصصات الشرعية والعلمية، لتقويم الأبحاث الواردة إلى المؤتمر.   ولم يكن الشعراوي نابغة ديبنية فقط، فعرف عنه منذ صغره ولوعه بالشعره، وحسن إلقائه، وحفظ في طفولته عشرات القصائد لكبار الشعراء، كحتى أنه اختير ر ئيسًا لجمعية أدباء الزقازيق، عام 1923، بعد دخوله للمرحلة الثانوية الأزهرية.   وكان الشيخ يستخدم الشعر أيضاً في تفسير القرآن الكريم، وتوضيح معاني الآيات، وعندما يتذكر الشيخ الشعر كان يقول "عرفوني شاعراً" ويقول في قصيدته التى عنونها، بـموكب النور أريحي السماح والإيثـار               لك إرث يا طيبة الأنوار وجلال الجمال فيـك عريق            لا حرمنا ما فيه من أسـرار تجتلي عندك البصائر معنى           فوق طوق العيون والأبصا  توفي الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله في يوم الجمعة 20 من ذي الحجة 1418هـ الموافق 17 من أبريل عام 1998م.

اقرأ أيضا