صفحات من التاريخ الأسود عن جرائم العثمانيين فى مصر

الثلاثاء 26 يناير 2016 | 10:03 مساءً
كتب : رفعت سيد احمد يكتب

 لا يمر يوم، إلا ويخرج علينا بعضاً من المحسوبين على تيارات الإسلام السياسي، مشيداً بانجازات الدولة العثمانية فى مصر، وأنها كانت بمثابة فتح عظيم لبلادنا وعامل كبير من عوامل النهضة، رابطاً ذلك بإضفاء هالة من القداسة على حفيدهم الحالى (أردوغان) والذى يهاجم مصر ويؤيد الإخوان صباح مساء، رافعاً يده دائماً بعلامة (رابعة) التى سبق واخترعها عقله المريض !! وإذا ما غضضنا الطرف عن مقولات بعض (دعاة) أو (ساسة) هذا التيار لأنهم فى الأصل جهلة بالتاريخ وبمصر معاً، فهل يجوز أن نغفر لمن يطلق عليهم لقب (المؤرخين)، والذين يقدمون لنا تاريخاً مزيفاً، عندما يدعون النهضة والإحياء الإسلامى والإصلاح فى عهد تلك الدولة العثمانية سواء فى بلادنا (مصر)، أو فى بلاد الشام أو غيرها من البلاد التى ابتليت بغزوهم الهمجى وحكمهم المستبد ؟ بالقطع لا يجوز .. ولكن وحتى لا تكون أحكامنا محلقة فى الهواء، وبلا سند، دعونا نرجع إلى التاريخ كما سطره معاصروه وتحديداً إلى بدايات الغزو العثمانى لمصر وكيف سادت الهمجية والفوضى والقتل العشوائى ضد المصريين ومن تولى أمرهم من المماليك وتحديداً ضد (طومان باى) الذى اعتبر من أعظم الأبطال والشهداء فى مواجهة هذه الهمجية العثمانية، وكيف أسس الغزو العثمانى لفلسفة داعش المعاصرة من حرق للمخالفين لهم والتمثيل بجثثهم وهدم المساجد تماماً كما يجرى اليوم فى سوريا والعراق !! .   * وعندما نذكر التاريخ المصرى إبان تلك الفترة (1517م) فإن أفضل وأوثق من كتبه وسجله هو كتاب (بدائع الزهور فى وقائع الدهور) لمؤلفه المؤرخ المصرى الرائع / محمد بن أحمد بن إياس الحنفى. لقد حفل كتابه الكبير على وقائع تلك الأيام مكتوبة بلغة هى أقرب للغة المصريين (العامية) وسننقل هنا بعضاً مما ذكره عن تلك اللحظات العصيبة والمفصلية فى تاريخ مصر، لحظات تحولها من (دولة مستقلة) إلى دولة تابعة للسلطنة العثمانية بعد هزيمة كل من السلطان الغورى فى معركة مرج دابق قرب حلب بسوريا (عام 1516م) والأشرف طومان باى فى معركة الريدانية عام (1517م) فى مصر. دعونا نتأمل التاريخ ونهديه لمن يرحب اليوم بالحماية التركية له ويفرح كثيراً عندما يتحدث الطاووس الفاشل أردوغان عن (رابعة) رافعاً يده بحركة مشلولة، وماسونية شهيرة، دعونا نتأمل كيف كان الحال مع جده سليم شاه (سليم الأول) عندما عذب وقتل واستبد وأهان وحرق الشعب المصرى باسم الإسلام والخلافة وهما منه ومن ذريته براء !! . *** يقول ابن إياس فى ملحمته التاريخية بدائع الزهور : أنه بعد أن تم إلقاء القبض على أحد جواسيس ابن عثمان (يقصد سليم الأول) ومثل بين يدى حاكم مصر طومان باى وكان هذا الجاسوس اسمه (عبد البر ابن محاسن) : (وشرع يطنب فى أوصاف ابن عثمان وفى تزايد عظمته، فمن جملة ما حكى عنه أنه لما دخل إلى حلب قطع فى يوم واحد ثمانمائة رأس من جماعة أهل مصر، من جملتهم خليفة سيدى أحمد البدوى وآخرون من الأعيان ممن تخلّفوا بحلب، وأخبر أن عسكر ابن عثمان فوق ستين ألف مقاتل، وأنه خُطب باسمه من بغداد إلى الشام على المنابر، وأن معاملته فى الذهب والفضة ماشية من بغداد إلى الشام، وأنه لما دخل إلى الشام وملكها شرع فى عمارة سور وأبراج من القابون إلى آخر مدينة دمشق، وجعل فى ذلك السور أبواباً تغلق على المدينة وهو فى همّة زائدة ويقول : ما أرجع حتى أملك مصر وأقتل جميع من بها من المماليك الجراكسة، وأخبر أن ابن عثمان ينحجب عن عسكره أياماً لا يظهر فيها، ففى هذه المدة يفتك عسكره فى المدينة ويتجاهرون بأنواع المعاصى والفسوق، وأنهم لا يصومون فى شهر رمضان ويشربون فيه الخمر والبوزة، ويستعملون فيه الحشيش والشخيب، ويفعلون الفاحشة بالصبيان المرُد فى شهر رمضان، وأن ابن عثمان لا يصلى الجمعة إلا قليلاً). (وقد أشيع عن ابن عثمان هذه الأخبار الشنيعة من غير ابن محاسن، ممن يشاهد هذا من أفعال عسكره بحلب والشام، فلما أطنب ابن محاسن فى أخبار ابن عثمان حنق منه السلطان وقال له: أنت جاسوس من عند ابن عثمان أتيت لتكشف عن أخبارنا وتطالعه بذلك، فرسم بسجنه فى البرج الذى بالقلعة فسجن به). * هذا هو الفاتح (سليم الأول) كما وصفه ابن إياس نقلاً عن أحد جواسيسه، ولنقارن ما يقوله بما يدعيه بعض مؤرخى الإسلام السياسى اليوم عن عظمة وطهارة تلك الدولة العثمانية وسليم الأول، لنعلم أنهم يكذبون كما يتنفسون !! . *** الغزو والقتل وفى موضع آخر من تاريخه العظيم يقول ابن إياس واصفاً دخول العثمانيين لمصر: (ثم إن العثمانية تحابوا وجاءوا أفواجاً أفواجاً، ثم انقسموا فرقتين، فرقة جاءت من تحت الجبل الأحمر، وفرقة جاءت للعسكر عند الوطاق بالريدانية فطرشوهم بالبندق الرصاص، فقتل من عسكر مصر ما لا يحصى عددهم، وقتل من الأمراء المقدمين جماعة، منهم أزبك المكحل وآخرون منهم، وجرح الأتابكى سودون الدوادارى جرحاً بالغاً وقيل انكسر فخذه فاختفى فى غيط هناك، وجرح الأمير علان الدوادار. فلم تكن الساعة يسيرة مقدار خمس درجات حتى انكسر عسكر مصر وولى مدبراً وتمت عليهم الكسرة، فثبت بعد الكسرة السلطان طومان باى نحو عشرين درجة وهو يقاتل بنفسه فى نفر قليل من العبيد الرماة والمماليك السلحدارية، فقتل من عسكر ابن عثمان ما لا يحصى عددهم، فلما تكاثرت عليه العثمانية، ورأى العسكر قد قل من حوله، خاف على نفسه أن يقبضوا عليه فطوى الصنجق السلطانى وولى واختفى، قيل إنه توجه إلى نحو طر، وهذه ثالث كسرة وقعت لعسكر مصر، وأما الفرقة العثمانية التى توجهت من تحت الجبل الأحمر، فإنها نزلت على الوطاق السلطانى وعلى وطاق الأمراء والعسكر، فنهبوا كل ما كان فيه من قماش وسلاح وخام وخيول وجمال وأبقار وغير ذلك، ثم نهبوا المكاحل التى نصبهم السلطان هناك، ونهبوا تلك الطوارق والتساتير الخشب والعربات التى تعب عليهم السلطان وأصرف عليهم جملة مال ولم يُفده من ذلك شئ، ونهبوا البارود الذى كان هناك، ولم يبقوا بالوطاق شيئاً لا قليلاً ولا كثيراً، فكان ذلك مما جرت به الأقدار والحكم لله الواحد القهار). ويصف ابن إياس بشاعة الغزو من سلب ونهب وقتل قائلاً : (ثم إن جملة من العثمانية لما هرب السلطان ونهبوا الوطاق، دخلوا إلى القاهرة وقد ملكوها بالسيف عنوة، فتوجهوا جماعة من العثمانية إلى المقشرة وأحرقوا بابها وأخرجوا من كان بها من المحابيس، وكان بها جماعة من العثمانية سجنهم السلطان لما كان بالريدانية فأطلقوهم أجمعين، وأطلقوا من كان فى سجن الديلم والرحبة والقاعة أجمعين، ثم توجهوا إلى بيت الأمير خاير بك المعمار أحد المقدمين فنهبوا ما فيه، وكذلك بيت يونس الترجمان، وكذلك بيوت جماعة من الأمراء وأعيان المباشرين ومساتير الناس، وصارت الزعر والغلمان ينهبون البيوت فى حجة العثمانية، فانطلق فى أهل مصر جمرة نار، ثم دخلوا جماعة من العثمانية إلى الطواحين وأخذوا ما فيها من البغال والأكاديش، وأخذوا عدة جمال من جمال السقايين. صارت العثمانية تنهب ما يلوح لهم من القماش وغير ذلك، وصاروا يخطفون جماعة من الصبيان المرد والعبيد السود، واستمر النهب عمالاً فى ذلك اليوم إلى بعد المغرب، ثم توجهوا إلى شون القمح التى بمصر وبولاق فنهبوا ما فيها من الغلال، وهذه الحادثة التى قد وقعت لم تمر لأحد من الناس على بال، وكان ذلك مما سبقت به الأقدار فى الأزل،وقال الشيخ بدرالدين الزيتونى فى هذه الواقعة. نبكى على مصر وسكانها      قد خربت أركانها العامرة وأصبحت بالذل مقهـورة       من بعدما كانت هى القاهرة والسؤال هنا : ما رأى إسلاميي مصر ومؤرخيهم الكذابين فى أخلاقيات الغزو العثمانى تلك؟ وهل كانوا يريدون من أردوغان أن يفعل مثلما فعل جده الفاتح (سليم الأول) فى مصر إبان حكم محمد مرسى ؟! ولنتأمل المزيد وفقاً لابن إياس فى كتابه العظيم بدائع الزهور يقول : (فلما دخل ابن عثمان من باب النصر وشق من القاهرة وقدامه المشاعلية تنادى للناس بالأمان والإطمئنان والبيع والشرى والأخذ والعطا، وأن لا أحداً يشوش على أحد من الرعية، وقد غُلق باب الظلم وفتح باب العدل، وأن كل من كان عنده مملوك جركسى من مماليك السلطان ولا يغمز عليه شنق على باب داره، والدعاء للسلطان الملك المظفر سليم شاه بالنصر، فضج له الناس بالدعاء من العوام، فلم تسمع العثمانية من هذه المناداة، وصاروا ينهبون بيوت الناس حتى بيوت الأرباع فى حجة أنهم يفتشون على المماليك الجراكسة، فاستمر النهب والهجم عمالاً فى البيوت ثلاثة أيام متوالية، وهم ينهبون القماش والخيول والبغال من بيروت الأمراء والعسكر، فما أبقوا فى ذلك ممكن. وقد قلت فى ذلك، والقول لابن إياس : خُتم العام بحرب وكدر         وحصل للناس غابات الضرر وأتاهم حادث من ربهم         كـان هـذا بـقضاء وقـدر *** النهب والذبح على الطريقة العثمانية ثم يقول ابن إياس فى تاريخه العظيم (بدائع الزهور فى وقائع الدهور) مواصلاً كشف فضائح العثمانيين أجداد أردوغان : (ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة (1516م) فكان مستهل العام يوم السبت، ثم إن السلطان سليم شاه أرسل جماعة من الإنكشارية وأوقفهم على أبواب المدينة يمنعون النهّابة من نهب البيوت، ولما انكسر عسكر مصر حوّل السلطان سليم شاه وطاقه من ربكة الحاج ونصبه بالريدانية، وشرعت العثمانية تقبض على المماليك الجراكسة من الترب من فساقى الموتى ومن غيطان المطرية، فلما يحضرونهم بين يدى ابن عثمان يأمر بضرب أعناقهم، ثم إن بعض مشايخ العربان قبض على الأتابكى سودون الدوادارى وأحضره بين يدى ابن عثمان، فلما حضر بين يديه وبخه بالكلام فوجده قد جرح وقد كسر فخذه وهو فى حالة الأموات، فأركبه على حمار وألبسه عمامة زرقاء وجرسه فى وطاقه وقصد يشهره فى القاهرة، فمات وهو على ظهر الحمار، وقيل حزوا رأسه بعد الموت وعلقوها فى الوطاق، ثم غُمز على الأمير كرتباى الأشرفى أحد الأمراء المقدمين الذى كان والى القاهرة، فوجدوه مختفياً فى مكان فحزوا رأسه وعلقوها فى الوطاق، وصاروا العثمانية يكبسون الترب ويقبضون على المماليك الجراكسة منها، وكل تربة وجد فيها مملوك جركسى حزوا رأسه ورأس من بالتربة من الحجازيين وغيرها ويعلقون رؤوسهم فى الوطاق، فضرب فى يوم واحد ثلاثمائة وعشرين رأساً من سكان الصحراء، قيل كان فيهم جماعة من الينابعة وهم أشراف، فراحوا ظلماً لا ذنب لهم، وصاروا يكبسون الحارات ويقبضون المماليك الجراكسة من استطبلاتهم ويقبضونهم باليد ويتوجهون بهم إلى الوطاق بالريدانية فيضربون أعناقهم هناك، فلما كثرت رؤوس القتلى هناك نصبوا صوارى وعليها حبال وعلقوا عليها رؤوس من قتل من الممالك الجراكسة وغيرها، حتى قيل قتل فى هذه الوقعة بالريدانية فوق أربعة آلاف إنسان، ما بين مماليك جراكسة غلمان، ومن عربان الشرقية والغربية، وصارت الجثث مرمية من سبيل علان إلى تربة الأشراف قايتباى، فجافت منهم الأرض وصار لا تعرف جثة الأمير المقدم ألف من جثة المملوك وهم أبدان بلا رؤوس) . *** وصف سليم الأول وفقاً لكتاب ابن إياس ولنتأمل معاً فى كلمات المؤرخ ابن إياس فى وصفه لسليم الأول والأيام الأولى لحكمه مصر يقول : (إن صفته ذرى اللون، حليق الذقن، واف الأنف، واسع العينين، قصير القامة، فى ظهره حنية، وعلى رأسه عمامة صغيرة، يلبس قفطاناً مخملاً، وعنده خفة ورهج، كثير التلفت إذا ركب الفرس، وقيل إن له من العمر نحو أربعين سنة أو دون ذلك، وليس له نظام يعف مثل نظام الملوك السالفة؛ غير أنه سيئ الخلق سفاك للدماء، شديد الغضب، لا يراجع فى القول، ولما شق من القاهرة كان قدامه الخليفة وقضاة القضاة وجماعة من المباشرين الذين كانوا بمصر، فكان ينادى كل يوم فى القاهرة بالأمان والاطمئنان، النهب والقتال عمال من جماعته لا يسمعون له، وحصل منه للناس الضرر الشامل. ومما أشيع عنه أنه قال فى بعض مجالسه بين أخصائه وهو بالشام: إذا دخلت إلى مصر أحرق بيوتها قاطبة وألعب فى أهلها بالسيف، فقيل تلطف به الخليفة حتى رجع عن ذلك، ولو فعل ذلك ما كان يجد له من مانع يمنعه من ذلك، والله غالب على أمره). * ما رأى إسلاميي زماننا من الإخوان والسلفيين فى هذا الوصف لخليفتهم القديم جد خليفتهم الجديد (أردوغان) ؟! . ثم يقول ابن إياس : (فلما طفشت العثمانية فى القاهرة صارت أعيان المباشرين يجعلون على أبوابهم جماعة من العثمانية يحفظونها من النهب، وصارت العثمانية يمسكون أولاد الناس من الطرقات ويقولون لهم: أنتم جراكسة، فيشهدون عندهم الناس أنهم ما هم مماليك جراكسة، فيقولون لهم: اشتروا أنفسكم منا من القتل، فيأخذون منهم بحسبما يختارونه من المبلغ، وصارت أهل مصر تحت أسرهم، ثم صاروا الناس من عيّاق مصر يغمزون العثمانية على حواصل الخوندات والستات فينهبون ما فيها من القماش الفاخر، فانفتحت للعثمانية كنوز الأرض بمصر من نهب قماش وسلاح وخيول وبغال وجوار وعبيد وغير ذلك من كل شئ فاخر، واحتووا على أموال وقماش ما فرحوا بها قط فى بلادهم، ولا أستاذهم الكبير). *** بطولة طومان باى ولقد عدد ابن إياس بطولات طومان باى فى مواجهة الغزو العثمانى ورغم أن حكمه لم يستمر إلا ثلاثة أشهر إلا أنه أذاق العثمانيين المر عبر قتال ومعارك متعددة انتهت باستشهاده، وننقل طرفاً لإحدى هذه المعارك وفقاً لابن إياس فى كتابه بدائع الزهور : (استمر السلطان طومان باى يتقع مع عسكر ابن عثمان، ويقتل منهم فى كل يوم ما لا يحصى عددهم، من يوم الأربعاء إلى يوم السبت طلوع الشمس ثامن المحرم، فرأى عين الغلب وقد تكاسل العسكر عن القتال واختفوا فى بيوتهم، وتفرقت الأمر كل واحد فى ناحية، واستمر السلطان يقاتل فى عسكر ابن عثمان وحده بمفرده فى نفر قليل من العبيد الرماة وبعض مماليك سلطانية وبعض أمراء، منهم شاد بك الأعور وآخرون من الأمراء العشرات، فلما ظهر له الغلب هرب وتوجه إلى نحو بركة الحبش، وكان قليل الحظ غير مسعود الحركات فى أفعاله، فكان كما يقال : قليل الحظ ليس له دواء             ولو كان المسيح له طبيب وهذه رابع كسرة وقعت لعسكر مصر مع ابن عثمان،وقد غُلت أيديهم عن القتال حتى نفذ القضاء والقدر، وكان ذلك فى الكتاب مسطورا،ولما هرب السلطان طومان باى وقع فى القاهرة المصيبة العظمى التى لم يسمع بمثلها فيما تقدّم من الزمان،فلما انهزم السلطان صبيحة يوم السبت ثامن المحرم طفست العثمانية فى الصليبة وأحرقوا جامع شيخوا فاحترق سقف الإيوان الكبير والقبة التى كانت به كون أن السلطان طومان باى كان به وقت الحرب، وأحرقوا البيوت التى حوله فى درب ابن عزيز، ثم قبضوا على الشرفى يحيى بن العدّاس خطيب الجامع وأحضروه إلى بين يدى سليم شاه بن عثمان فهمّ بضرب عنقه) . * يعنى الحرق والقتل الذى تقوم به داعش اليوم ليس جديداً إذ أن جذوره موجودة لدى (سليم الأول) ومن ثم لم يكن مستغرباً أن يكون أردوغان هو أحد ممولى وصناع داعش التى تحارب العراق وسوريا !! . وفى موضع آخر يقول ابن إياس عن فظائع العثمانيين : (ثم إن العثمانية طفشت فى العوام والغلمان من الزعر وغير ذلك، ولعبوا فيهم بالسيف، وراح الصالح بالطالح، وربما عوقب من لا جنى، فصارت جثتهم مرمية على الطرقات من باب زويلة إلى الرملة ومن الرملة إلى الصليبة إلى قناطر السباع إلى الناصرية إلى مصر العتيقة، فكان مقدار من قُتل فى هذه الوقعة من بولاق إلى الجزيرة الوسطى إلى الناصرية إلى الصليبة فوق العشرة آلاف إنسان فى مدة هذه الأربعة أيام، ولولا لطف الله تعالى لكان لعب السيف فى أهل مصر قاطبة). (ثم إن العثمانية صارت تكبس على المماليك الجراكسة فى البيوت والحارات، فمن وجدوه منهم ضربوا عنقه، ثم صاروا العثمانية تهجم الجوامع وتأخذ منها المماليك الجراكسة، فهجموا على جامع الأزهر وجامع الحاكم وجامع ابن طولون وغير ذلك من الجوامع والمدارس والمزارات ويقتلون من فيها من المماليك الجراكسة، فقيل قبضوا على نحو ثمانمائة مملوك ما بين أمراء عشرات وخاصكية ومماليك سلطانية،فضربوا أرقابهم أجمعين بين يدى ابن عثمان). (وفى أواخر هذا الشهر تشحّطت الغلال من القاهرة وارتفع الخبز من الأسواق،وسبب هذا الأمر أن العثمانية لما دخلوا إلى القاهرة نهبوا المغل الذى كان فى الشون وأطعموه لخيولهم، حتى لم يبق بالشون شيئاً من الغلال،ونهبوا القمح الذى كان بالطواحين واضطربت أحوال الناس قاطبة، ثم إن الأخبار ترادفت بأن السلطان طومان باى ظهر أنه بالصعيد عند أولاد ابن عمر). *** * وكان هنا البطل المقاتل يستعد مجدداً لجولة جديدة ضد سليم الأول، ولكنه رغم بطولاته ووفقاً لابن إياس استشهد ومُثل بجثته من قِبَل العثمانيين الذين يدعون الفتح الإسلامى لمصر، رغم أن الإسلام يرفض التمثيل بالجثث ولكن (دواعش التاريخ) من العثمانيين ودواعش الحاضر من أحفادهم (أردوغان) وجماعاته الإرهابية فى سوريا والعراق، والآن فى مصر، لا يجدون حرجاً فى تكرار نفس السيناريو الإرهابى الذى قاموا به عندما غزوا مصر عام 1516م، ولولا يقظة شعب وجيش مصر اليوم لتكرر السيناريو ولظهر (ابن إياس) جديد يحكى لنا عن مظالم العثمانيين الجدد ولكن الله ستر وأنقذ مصر !! .

اقرأ أيضا