برلمان 'العكش' يترنح فى مياه القبلية

الاربعاء 27 يناير 2016 | 09:58 مساءً
كتب : بلدنا اليوم

لم يكتفى مجلس النواب الحالى بكونه أول برلمان فى مصر مابعد ثورتى 25يناير و30يونيو. وإنما إنفرد أيضاً بكونه البرلمان الأول فى تاريخ الحياة النيابية المصرية الذى يجمع هذا الطيف غير المتجانس من أطياف المجتمع المصرية. فهذا البرلمان لا يُعرف له حتى الآن أى توجه سياسى أو أيديولوجية محددة يمكن الحكم عليه منها، إنما يشمل عدد من الأعضاء الذين جمعتهم تحت القبة الشامخة خلفياتهم القبلية والعصبية مما يجعل منه برلمانا هجيناً لاشكل له. فلم يكن الصراع فى الإنتخابات البرلمانية كما كان من قبل بين الأحزاب والقوى السياسية وحدها، سواء على مقاعد الفردى أو بين القوائم، بل تطور الأمر إلى وجود صراع داخل العائلة الواحدة على مقعد البرلمان، وانتشرت هذه الظاهرة بشكل مكثف في المحافظات المختلفة خاصة محافظات الصعيد والريف التي تتحكم العائلات والعصبيات القبلية في تحديد الفائز في الانتخابات إلى حد كبير.فللعلاقة بين العصبية القبلية والعملية الانتخابية تاريخ طويل، يمتد إلى بداية تأسيس مجلس النواب ذاته؛ فدائمًا ما كانت العائلات الكبيرة، ومن قبلها الإقطاعيين، يقومون بدعم مرشح تابع لهم أو حتى على علاقة نسب أو مصاهرة بهم، بهدف رعاية مصالحهم بالأساس.لكن ومع استشراء الفساد في الدولة المصرية منذ سبعينات القرن الماضي، بدأ الأمر يأخذ منعطفًا خطيرًا، فالمرشحون بدأوا في الاهتمام بمصالحهم الخاصة والعائلات القادرة على قلب ميزان الانتخابات، حتى إنه قد اشتهر عن البعض منهم القيام بأعمال غير مشروعة مستغلين الحصانة التي يوفرها لهم البرلمان.تزوير الإنتخاباتعلق هلال عبد الحميد، منسق الأحزاب المدنية بأسيوط، على الدور الذي لعبته العصبية القبلية بالانتخابات البرلمانية على مدار عقود، قائلًا: إن العصبية القبلية كان لها تأثير كبير في انتخابات الصعيد طوال العقود الماضية.ويُرجع "عبد الحميد" هذا الدور إلى عدم ثقة الناخبين في العملية الانتخابية وإيمانهم المطلق بتزويرها، فكانوا ينصرفون عن التصويت ولا يذهبون للجان الاقتراع، مما يجعل التزوير أكثر سهولة عن طريق الزعامات القبلية، والتي تدفع بمرشح معين سواء كان من نفس العائلة أو يربط بينهم علاقات نسب ومصاهرة أومصالح مشتركة.محرك أساسىيتفق حسام حسن عبدالرحمن، عضو الهيئة العليا للحزب المصري الديموقراطي وعضو الجبهة الحرة للتغير السلمي، مع "عبدالحميد"، مؤكدًا أن العصبية القبلية كانت المحرك الرئيسي للنظام الانتخابي الفردي في القرى والمراكز، وهو ما جعل معظم عائلات الصعيد تقبل أن تعيش في ظلال النظام الواحد، لأن انحيازها للسلطه كان يعطيها السلطان والجاه ويحفظ لها هيبتها ومكانتها.عودة الحزب الوطنىمن ناحية اخرى فقد قال الناشط "أبوبكر فاضل" عضو مؤسس بحزب العيش والحرية (يسار) إن سلطة القبيلة لم تتغير بعد الثورة، ويضيف: "حذرت في مقال نشر لي بجريدة الأهرام العربي عام 2011 من عودة وجوه الحزب الوطني المنحل من محافظات الصعيد استنادا علي النعرات القبلية السائدة في تلك المحافظات".هكذا يبدو أن المشهد القبلي الذي يسيطر علي أجواء الانتخابات البرلمانية في صعيد مصر قد أدى إلى إنشاء تكتلات قبلية وطائفية داخل البرلمان لا تربطهم مشتركات سياسة قدر ماتربطهم خلفيات إجتماعية متشابهة . فقد وجد هؤلاء من العصبية القبلية بوابتهم للعودة الي المشهد السياسي في ظل تواري شباب الثورة وضعف الاحزاب السياسية الناشئة بعد الثورة التي استعان بعضها بهذه الوجوه لضمان الحصول علي مقاعد في البرلمان القادم .ويتضح من ذلك ان الإنتخابات فى كثير من أنحاء الجمهورية لا تعد منافسة بين الأحزاب السياسية و أفكارها بل هى منافسة بين قبائل الهوارة والأشراف والعبابدة و الجعافرة أكبر قبائل جنوب مصر التي يعود أصولها إلى الأشخاص الذين أتوا من شبة الجزيرة العربية مع عمرو بن العاص خلال الفتح الإسلامى لوادى النيل فى عام ٦٤١ م أو حتى خلال القرون التى تلتها.

اقرأ أيضا