وليد الغمرى يكتب.. رسائل التطبيع من غرف 'محركى الدمى' فى مصر

السبت 27 فبراير 2016 | 09:26 مساءً
كتب : بلدنا اليوم

البابا تواضرس يخالف العرف الكنسى ويزور كنيسة القيامة، ويطيح بقاعدة كنسية بعدم جواز الحج إلى بيت المقدس، قبل تحرير القدس، ثم يوسف زيدان يقلب الدنيا بتصريح حق اليهود فى فلسطين، ثم كتاب "ألف ليلة وليلة" كأول كتاب يهودى يدخل لمعرض الكتاب المصرى، ثم صورة الشاب رامى عزيز مع المتحدث باسم قوات الاحتلال، وأخيرًا طفل الفضائيات المدلل توفق عكاشة، يحمل الحصانة البرلمانية ليفتح بها منزل العائلة لزيارة سفير الكيان الصهيونى. كلها محاولات مصنوعة دون شك، لفتح أبواب التطبيع مع الصهاينة، بشكل غير رسمى، وبمحتوى لا يخطئه عقل، مفاده أن فى مصر من أخذ القرار بفتح أبواب "جهنم" أو "التطبيع" مع إسرائيل. وهنا يصبح السؤال، هل يمكن أن تدفع براجماتية الدولة الرسمية لفتح قنوات شعبية مع الكيان الصهيونى، بهدف تحقيق مكاسب، على المستوى الأمنى فى سيناء، أو على مستوى المفاوضات المتأذمة بخصوص سد النهضة الإثيوبى، أو حتى على مستوى الملف الفلسطينى ؟!، وإذا كانت حسابات الدولة تبنى على المصالح والنفعية الحدية، فلماذا يتورط مصريون فى لعبة "الحرق السياسى" ليصبحوا متهمين أمام أهلهم وأمام شعبهم وأمام تاريخهم أنهم "مطبعون" مع الكيان الصهيونى؟! وهل علينا أن نصمت حين يرفع البعض منا رايات الخيانة ؟!. بل أن السؤال الأكثر خطورة فى هذا الرصد، هل يتخيل عاقل أن فى كل ربوع المحروسة، من سيقبل تمرير نقطة مياة واحدة من نهر النيل للكيان الصهيونى، فى مقابل رفع الصهاينة يد العون عن مشاريع سدود أثيوبيا، وأن يتحقق ما عرف على أنه البنود السرية فى اتفاقية كامب ديفيد؟!. والإجابة قطعية الثبوت والدلالة، أن كل من سولت له نفسه، أن يدخل إلى.. أو يتحاورمع... أو يصافح.. أو يتعاون... أو يهادن الكيان الصهيونى، هو خائن بكل مفردات الجزم والتأكيد. ليس لدينا توصيف أخر أو أدق من لفظة "خائن" كى نلقيها فى وجه من أعتبر الكيان الصهيونى صديقً، سواء بالتلميح أو بالتصريح. وليس توفيق عكاشة غير مجرد عروسة ماريونت، يحركها محرك الدمى فى مصر منذ سنوات، شأنه فى ذلك شأن عشرات الوجوه العفنة التى تتحرك فى مرمى أضواء النخب فى مصر، فلم تكن الدكتورة هالة مصطفى، والدكتور عبد المنعم سعيد، ويوسف والى وقبلهم كان الدكتور زويل وعلى سالم ومعهم صحفيون وكتاب، ووزراء، ورؤساء حكومات، غير جزء من قائمة عفنة وخائنة، لأسماء باعوا قضية أوطانهم أسفل حزاء الصهيونية العالمية، والكيان الدولى اللقيط المسمى إسرائيل. وهنا يأتى السؤال، ماذا يريد محرك الدمى من فتح أبواب التطبيع، فأنا وغيرى لا يمكن ان نصدق ان كل هذه الاحداث المتعاقبة، ليست غير مجرد صدفة، بل ان شئ من يقين يدفعنا لكى نرى محاولة غبية، وساذجة، لتمرير أفكار التطبيع داخل الجسد المصرى، وهو مالا يمكن أن يقبله المصريون حتى ولو أعلنت اسرائيل نفسها، أنهاء الاحتلال على اراضى ومقدسات المسلمين، بأختصار فقد بات جزئ من ضمائر المصريين الى قيام الساعة، ان العدو الاول والازلى لدينا هم أبناء الكيان الصهيونى، وأن قدرنا أن نكون أحد أوطان المسلمين والعرب التى تقع على حدود المواجهة المباشرة مع هذا العدو، وأن هذا القدر وحده قد حسم قضية العداء الى ان يرث الله الارض ومن عليها. وهكذا يمكن القول، أن العلاقة الشخصية التى ربطت بين يوسف والى وموشيه ساسون حين أنهى الأخير خدمته فى القاهرة وكان يستعد للرحيل، ودعوة يوسف والى له لتناول كوب شاى معه فى مكتبه بالوزارة مساء يوم العطلة الأسبوعية، وحين ذهب السفير فوجئ بصديقه (والى) قد أعد له حفل وداع ضم كبار موظفى وزارة الزراعة، وعشرة من السفراء الأجانب، ووزيرى البترول والكهرباء، وعينة من المزارعين المصريين الذين زاروا الكيان الصهيونى فى السنوات السبع التى قضاها ساسون فى مصر، وفى الحفل تلقى السفير الإسرائيلى الهدايا، وأكل من التورتة التى كانت على صورة علم الكيان الصهيونى، فأن مثل هذه الوقائع حفرت فى ضمائرنا، بلون دماء اهلنا فى فلسطين. وحتى الدكتور كمال الجنزورى والذى كان من المتحمسين للتطبيع مع العدو الصهيونى فى الفترة التى تولى فيها رئاسة الوزراء أول مرة، وهذه الحقيقة كشف عنها ديفيد سلطان السفير الإسرائيلى فى مذكراته، فسلطان قد عاصر كمال الجنزورى فى الأشهر الأولى، من توليه رئاسة الوزراء خلفاً للدكتور عاطف صدقى، والمفارقة التى يرصدها سلطان نفسه، أن عاطف صدقى الذى لم يكن محبوباً جماهيرياً كان له موقف أكثر إيجابية من التطبيع، أو بحسب كلمات سلطان:" أما صدقى فقد أبدى تحفظاً وبروداً وابتعاداً عن كل ما يمس العلاقات مع إسرائيل، وامتنعت زوجته ـ التى على ما يبدو تشربت موقف زوجها ـ عن مصافحة الإسرائيليين، حتى تلقت ملحوظة من رئاسة الجمهورية مفادها أن إحراج الإسرائيليين ليس من السياسية المصرية". ورغم ذلك فسيظل الضمير المصرى، يغفر شئ من التطبيع الرسمى للدولة، تحت ذرائع القانون الدولى والمنافع العليا للوطن، فى نفس الوقت الذى يشيطن فيه أى محاولة مماثلة من شخصيات فى النخبة، خاصة وانه من المعلوم للجميع، ان ثمة مكاسب كبرى حققها بعض الذين تعاونوا مع الكيان الصهيونى، ولما لا وهناك من ابناء الصهيونية من يتحكمون فى مستقبل العالم الان. ومع ذلك ستظل جريمة التطبيع مع أسرائيل ليست مجرد جريمة شرف عادية، بل هى جريمة نهش عرض أوطاننا، ومقدساتنا، هى جريمة لا يمحوها حتى الدم، وستظل "اسرائيل" بكل مالها وما عليها، أسطورة العداء الكبرى فى ضمير الامة المصرية، حتى ولو كان بيننا وبينها الف مليون اتفاقية سلام... فلا سلام عليكم ايها المطبعون... ولا رحمة عليكم الى قيام الساعة.. 

اقرأ أيضا