رئيس شعبة المستوردين في حواره لـ«بلدنا اليوم»: لوبي اقتصادي داخل البرلمان يقف ضد التجارة وفتح الأسواق

الاثنين 29 اغسطس 2016 | 10:18 مساءً
كتب : بلدنا اليوم

في الأسواق الموازيّة المعروفة إعلاميًا باسم "السوق السوداء" يقال: "اسأل عن سعر الدولار، حتى لو عرفته قبل ثانية واحدة، فإنه سيّتغير في الثانية التالية". إذا دققنا النظر إلى أكثر فئتيّن يتضرران مما يجري في سوق المال مثل ارتفاع سعر الدولار، وعدم الاستقرار الذي بات السمّة الأبرز للاقتصاد المصري، فإنهما سيكونان المواطن المصريّ الذي يقع عليه عبء كل شيء في النهاية، والمستورد الذي يعتمد كل عمله على العُملة الخضراء. وفي حوار لإزاحة الستار عن بعض كواليس عالم الاقتصاد، نتحدث مع أحمد شيحة، رئيس المستوردين في الغرفة التجارية، ونطرح عليه عددًا من الأسئلة عن أهم القضايا في عالم الاستيراد والاقتصاد اليوم:- في الفترة الآخيرة صدر قرارًا بإغلاق شركات الصرافة، وهو الأمر الذي طالبت به في أكثر من وقت، هل تعد هذا القرار مثمرًا وانعكس بالإيجاب على حال الاقتصاد؟في الحقيقة الحال لم يحدث من جانب الحكومة إلغاء أو إغلاق للصرافات، لكن ما حدث هو صدور قانون من مجلس النواب مُقدم من البنك المركزي، بتغليظ العقوبات على المتلاعبين من شركات الصرافة، لحد يصل إلى الحبس. إلا إنه لا يوجد قانون بإغلاق الصرافة، لكني أطالب رئيس البرلمان، أستاذ علي عبد العال، بإغلاق الصرافات بشكل مؤقت، لكونها عنصرًا أساسيًا من أزمة الدولار، والمضاربة به. لإن أغلب تعاملات شركات الصرافة تتم عبر السوق السوداء.- هل ترى أن رجال الأعمال ممثلون بشكل عادل داخل البرلمان، وهناك من يتكلم بصوتهم ونظرتهم الإقتصادية؟في الحقيقة إنه رغم امتلاء البرلمان بالعديد من رجال الأعمال، إلا أنهم ينتمون إلى فصيل واحد له توجّه معين، وهذا الفصيل يقف ضد التجارة، وضد الاستيراد، وخلق سوق تنافسي. وهناك لوبي اقتصادي داخل مجلس النواب، إلا إنه يمثل وجهة النظر الآخرى، وهم المحتكرين المتحكمين في السوق. وغير هؤلاء، من التجار والمستوردين، لا يوجد لهم صوت في البرلمان.- يشير البعض أن من ضمن حلول أزمة الدولار وارتفاع سعره الاستغناء عن استيراد بعض العناصر "الترفيهية" ما رأيك بذلك؟لا يوجد ما يسمى بالسلع الترفيهية، وهى مجرد شماعة تُعلَّق عليها الاخفاقات الحكومية في مجال الاقتصاد. ومحاولات خداع للشعب المصري، وتصوير أن السلع غير الأساسية هى السبب الرئيسي في ارتفاع الدولار. رغم إنه لا يوجد تعريف محدد لما هو سلعة أساسية وغير أساسية. كل السلع مادام عليها طلب، وتصنع، فهى سلع أساسية من الطبيعي تداولها.- صدرت قوانين في الفترة الآخيرة تحد من حرية الاستيراد.. ما السبب وراء ذلك؟ما صدر هو القرار 43 لحماية المستهلك، والذي ينص على تسجيل المصانع التي يتم الاستيراد منها، وهو قرار وراؤه بعض المحتكرين، ومنهم رئيس غرفة الصناعة المصرية، وهو قرار غير قانوني، وله أثار سلبية كثيرة جدًا، وهو من أسباب ارتفاع الدولار، والسلع الآخرى.- تم الموافقة في الفترة الآخيرة على قرض صندوق النقد الدولي، هل تعد تلك خطوة ناجحة ؟ما ظهر هو موافقة مبدئية، ومن المتوقع مراجعة شروط القرض، وطلب ضمانات جديدة قد يكون منها فرض سياسات تقشفية. وحتى الآن هناك الكثير من التفاصيل حول القرض غير واضحة، فهل هو نقدي أم في صورة مشروعات قومية. ولم يتم الإعلان عن الضمانات المفروضة من قبل اللجنة. - ماذا إن كان من ضمن اشتراطات صندوق النقد التعويم بشكل جزئي للجنيه؟لا يوجد شيء يسمى تعويم الجنيه، ولكنه إغراق تام للجنيه، فالتعويم يرفع والإغراق يخفض، وما يحدث هو إنخفاض للجنيه، ولا داعي لاستخدام مصطلحات خادعة.وتم بالفعل تعويم الجنيه المصري في الآونة الآخيرة. وكان محافظ البنك المركزي على تواصل مع الصندوق قبل الإعلان عنها وحضور البعثة بعدة شهور. وكان لذلك بعض الانعكاسات منها رفع أسعار المياه والكهرباء والتعويم الجزئي للجنيه، أى ارتفاع سعر الدولار. وقد يحدث ارتفاع جديد للدولار إذا حصلنا على الموافقة النهائية، ومن المؤكد إنه سيتم خصخصة بعض البنوك والمؤسسات لأن ذلك من الشروط المتوقعة من جانب الصندوق.-هل ترحب بالقرض والضمانات المصاحبة له؟أرى أن لهذا القرض وضماناته انعكاسات سلبية بشكل كبير، وله آثار سلبية أكثر من إيجابياته. والقرض قيمته ضئيلة لن تساعد في تعافي الاقتصاد المصري. ذلك أن الاقتصاد يحتاج إلى 30 مليار دولار بشكل مبدئي من أجل التعافي بشكل حقيقي من الأزمة. لكن ما يمنحه القرض من 12 مليار مقسمين على ثلاثة أعوام، فهم غير مؤثرين بشكل كبير.إلا أن الوضع السيء للاقتصاد المصري، وصعوبة تغطية الالتزامات في ظل عجز الموازنة، هو ما يدفع الحكومة إلى التمسك بالقرض، مثل تمسك الغارق بقشة. ويعتبر صندوق النقد الدولي قشة. إلا أن العقل الصحيح يقول إنه على مصر رفض اشتراطات اللجنة والاستغناء عن القرض. -كررت في العديد من المرات أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة هى مجرد وهم..ففي رأيك ما الشيء الذي يمكنا الاعتماد عليه من أجل رفع قيمة الجنيه؟هناك خطأ في ادراك المشكلة الاقتصادية، فالحل ليس دائمًا الصناعة. حيث إنه ليست كل الدول متشابهة، فهناك دول يقوم اقتصادها على الصناعة، ودول يقوم اقتصادها على تجارة الخدمات، والسوق التجارية. وأرى أن مصر تكابر في شأن الصناعة حيث إنها لا تملك تصنيع أى شيء، كل ما يتم تصنيعه بداخلها يقوم على الاستيراد مما يعني إنه لا يوجد داخل مصر ما يسمى بالصناعة بالشكل الحقيقي. فنحن عند تصنيع السيارة نستورد الماتور والشاسيه وكل شيء فقط نجمعهم، ونصنع الكماليات مثل زجاج السيارة وأمور هامشية لا يصح أن تسمى صناعة. إذ أن الصناعة الحقيقة هى أن يخرج المنتج وبه 60% أو أكثر من منتجاتك. فلا داعي للضحك على البعض وتسمية أى شيء عندنا بالـ"صناعة". وعلينا انتظار إعداد بنية صناعية تحتية بشكل حقيقي لكن المشروعات الصغيرة والمتوسطة درب من الوهم.- ما رأيك في ضريبة القيمة المضافة؟عبء مضاعف على المواطن ومحاولة لتحميله عجز الموازنة من خلال زيادة الضرائب المفروضة.-في ظل الوضع الاقتصادي غير المستقر وارتفاع الدولار والتضخم وبالتالي ارتفاع الأسعار ووجود ضريبة القيمة المضافة التي سترفع من الأسعار ومع توقع إتخاذ إجراءات تقشفية جديدة.. كيف يتحمل المواطن كل ذلك، وكيف نُحسن من المستقبل الاقتصادي للدولة؟علينا إجراء تغيير الجذري لسياستنا الاقتصادية، وإيجاد طريق آخر غير الصناعة. مثل الاهتمام بتجارة الترانزيت، وإقامة منطقة حرة مثل دبي، وصناعة الخدمات. فدُبي هى مجرد مولات ومنطقة حرة وليس لديها أى صناعة، إلا أن ناتجها القومي 85 مليار دولار. الحل الحقيقي في نظري ألا نُصِر على فشلنا، وأن نعتمد على التجارة، وبدلًا من استنزاف مليارات في العمرة والحج وبعض المشاريع، يمكننا إيجاد شكل أفضل لاستخدامهم.- بالنسبة إلى المنطقة الحرة لماذا لا يبدأ العمل عليها؟ قد انتهينا من مشروع قناة السويس الثانية فلماذا لم يتم الإعلان حتى عن النية في تدشين منطقة حرة تجارية في مصر؟قناة السويس الجديدة هى ممر مائي هدفه استيعاب كم أكبر من التجارة، إلا انه علينا الاستفادة من الأمر من خلال خلق خدمات لوجيستية وتجارية ومنطقة للتجارة الحرة، هذه الأمور ستوفر دخلًا أكبر. وتسعى الدولة في الوقت الحالي إلى خلق بنية تحتية في هذه المنطقة من طرق وكهرباء وصرف. وخلق نوع من الاستقرار الاقتصادي أيضًا، وحيازة سمعة جيدة من أجل جذب الاستثمارات الخارجية. وعلينا خلق سمعة جيدة حتى لا نصبح كالفتاة الجميلة التي لا يأتي إليها عرسان لأن لا أحد يعلم عنها، فالأهم من الاستثمار تسويقه.-البعض رجح أن مصر تبتعد عن إنشاء منطقة حرة كي لا تؤثر على المنطقة الحرة بدولة الإمارات باعتبارها دولة شقيقة؟ هناك اختلاف بين البلدين. فهى إن كانت تخدم آسيا وبعض أوروبا، لكننا سنخدم العرب وشمال وغرب أوروبا وافريقيا كاملة. والكل يفكر من منطق "مصلحتي تسبق الكل". من الطبيعي إنه سيكون هناك نوعًا من المنافسة والمحاولة من جانب دبي ألا نؤثر عليها ولكني لا اتوقع أن أحدًا من دبي طالب مصر بألا تنشأ منطقة حرة مثلًا، الحب والعلاقة القوية تُنحى جانبًا في الاقتصاد، المهم المصلحة.وما يعطل مصر عن وجودد منطقة حرة هو بعض الاجراءات التعسيفية ووجود رؤى مضطربة وغياب الستقرار عن القوانين المفروضة على الاستمار . لقد اصبحنا مستقرين أمنيا وسياسيًا إلا إن ما ينقصا هو الاستقرار الاقتصادي الحقيقي. - هل تؤثر التقارير الخارجية مثل الايكنوميست وبلوم برج على صورتنا الخارجبة ؟كل هذه المؤسسات الإعلامية ومراكز التقييم المالية هى مؤسسات تدار من الغرب وتشوه صورتنا وتبعد عنا المستثمرين. ونحو 70% من اقتصادك بيد شركات خارجية بالفعل.وأنا أرى أن الحل لأزمة الإعلام تلك والصورة المشوهة التي تصدر عنا، هى أن يقوم الإعلان المصري بتداول الحقيقة، وليس العمل على التجميل و"التطبيل". إن وضع خطوط واضحة يجعل المستثمر يأتي، أن تقول له إن خطوات الاستثمار ستتضمن ذلك وغيره، والحصول على الأرض والترخيص يحدث هكذا، ذلك يأتي بالمستثمر. لكن تصوير الواقع بصورة ليس هو عليها، يخلق نوعًا من الصدمة لدى المستثمر عند التعامل مع الواقع. وجود مستثمر هنا ونجاحه أبلغ من ألف تقرير خارجي أو داخلي.وللعلم فإن الأحوال السياسية لا تهم المستثمر. يهمه الاستقفادة فقط، لا يوجد شيء اسمه رفض إيدلوجيات أو ممارسات سياسية في الاقتصاد. الاقتصاد يقوم على المصلحة في نظرهم مرسي مثل السيسي مثل مبارك لا فارق. المستثمر لديه رغبة واهتمام واحد: "يحط فلوس يكسب فلوس".- تحدثت كثيرًا في لقاءات سابقة عن فشل طارق عامر محافظ البنك المركزي في منصبه، وسوء قراراته، هل ترى أن رحيله يمثل حل للأزمة؟طارق عامر لا يعتبر المسئول الوحيد عن الازمة. المجموعة الاقتصادية كلها مسئولة عن الأزمة. طارق عامر، لم يكن يقصد أن يقوي الاحتكار، لأن قراراته أدت إلى ذلك، ووزير الصناعة والتجارة يؤيد قوانين تقتل المنافسة في السوق، وتؤيد كفة بعينها على باقي عناصر السوق. الازمة ليست في أشخاص قدر كونها متمثلة في إجراءات الاقتصادية "زفت" لا تُمكِن من الحصول على أرض أو ترخيص ،وتيسر استيراد المواد الخام، أو وضع الأموال في البنوك، أو سحبها منه. المجموعة الاثتصادية ليس لديها رؤية وكل ما يعرفوه حبر على ورق ولا يتفهموا طبيعة السوق المصرية. لذلك فهم مجموعة مُقادة من قبل المحتكرين لا غير ذلك، ومجموعة المحتكرين، هم 150 شركة يتحكمون في الاقتصاد منذ عهد الرئيس الساعات "البلد في ايدهم" ويحركون الجميع في كل المجالات من زراعة إلى تجارة وتغذية وغيرهم.والحل الوحيد تجاه تلك المجموعة الاحتكارية، هو الحسم أى إصدار قوانين ناجزة تفتح الأبواب للتنافس والاستيراد. الأمر الذي سينعكس على الأسعار وسيؤدي إلى انخفاضها ففي حال وجدت سلعة منافسة فإنك من الطبيعي ستقوم بتقليل هامش الربح بغية الحفاظ على كتلكت البيعية وعدم الخسارة أمام المنافس، لذلك فإن التنوع في صالح المواطن بكل الأشكال.- من المعروف إن المستوردين يضطرون إلى السوق السوداء من أجل الحصول على العملة الصعبة الغير موجودة بالبنوك.. من أين للسوق السوداء بكل هذه الميزانيةة من السوق السوداء ومن ورائها وكيف يمكن القضاء عليها؟ من يصنع السوق السوداء هى الحكومة في الأصل. القرارات الصادرة تحت مسمة حماية الصناعة، وقرارات البنك المركزي التي حدت من حجم الإيداع والسحب، دفعت بمك يملك الدولارات من رجال الأعمال إلى تخزينها في المنزل وبيعها لشركات الصرافة أو السوق الموازية بمبلغ أكبر من ذلك الموجود في البنك، فبدلًا من أن تبيع بـ8 جنيهات مثلًا فإنك تبيع بعشرة، ذلك مريح ويدر ربحًا ويفسر من أين للسوق السوداء هذا.البنك يفرض على العميل خمس سحبات فقط في الشهر قيمة الواحدة لا يتخطى 10 آلاف، هذه إجراءات تعسفية تجعل البنك مُقيد للعميل الأمر الذي يضطره إلى الابتعاد عن البنك والتجوه للسوق السوداء. في الحقيقة إن سياسات البنك أعطت رسالة خوف للمستثمر والتاجر من التعامل مع البنك. السوق السوداء هى بنت القرارات الحكومية، ولن تنتهي بإغلاق صرافات أو تتبع، سيعمل أهل السوق السوداء من البيوت والمقاهي، لا يمكن التغلب عليهم بالإلغاء وحده، رغم إنه من مطالبنا، إلا إنه لن يتغير الأمر بشكل حقيقي دون رفع القيود عن البنوك والإيداع والسحب، وقرارات الصناعة والتجارة.- قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن الأزمة الاقتصادية أكبر من أن تُحل على يده.. ما رأيك في الموقف الاقتصادي المصري وهل ترى سبيل للخروج من الأزمة؟ الأزمة صعبة طبعًا إلا إنها في الحقيقي مفتعلة فإذا نظرنا إلى حال مصر فهى مستقرة أمنيًا وسياسيًا. والأزمة فقط اقتصادية ناتجة عن سيطرة عدد من شركات أجنبية على مصر. وما يصنع الأزمة هو قرارات البنك المركزي ووزارة الصناعة والتجارة ووزارة التموين والمالية، هى مجموعة من التوجهات والسياسات الخاطئة، وليست بالأمر المستحيل. وعلينا أيضًا إن أردنا حلًا للأزمة الاقتصادية إعادة النظر في الدعم الموجه من مصر، واستبدال الدعم العيني المقدم في صورة خدمات بدعم نقدي. لأن ذلك سيساهم في وصول الدعم إلى مستحقيه وغلق الطريق أمام بعض المستفيدين غير الشرعيين من الدعم. الرئيس السيسي تمكن من إعادة الامن إلى الدولة ولكن البعض يضيّع مجهوداته من خلال قرارات خاطئة. فنحن استبدلنا الفوضى الخلاقة في ميدان السياسة والأمن، بفوضى في مجال الاقتصاد. - كيف رأيت الاتفاق الحكومي مع رجل الأعمال حسين سالم؟أكثر قرارات الحكومة صحة. علينا إيجار حلول للأزمة، حتى إن تصالحنا مع إبليس من أجل الأموال، فهذا صحيح. وعلى الحكومة اتخاذ النهج ذاته مع كل رجال الأعمال الممنوعين من الرجوع، ذلك يعطي رسالة طمئنة للخارج. الأمر بسيط السوق مفتوح للجميع والمخطئ يعاقب، ويعاود العمل مجددًا، لقد استنزفنا الكثير من الأموال في استرداد الضائع، ولم يحدث. ذلك يدل أن تلك هى الطريقة الصحيحة.

اقرأ أيضا