ثروة قومية مهدرة بسبب الأيادي المرتعشة.. قانون الخوف يحكم القصور الرئاسية

السبت 26 نوفمبر 2016 | 07:26 مساءً
كتب : بلدنا اليوم

المعزول أضاع هيبتها بولائم البط والإوزأمين اقترح بيع إحداها لسداد ديون مصر استراحات رئاسية بالإسكندرية تسكنها الفئران والحشرات القصور الرئاسية فى مصر ثروة قومية مهدرة، والقصور الملكية فى بريطانيا، ثروة مستغلة، ومصر تغلق القصور بالضبة والمفتاح ولا يسمح للزوار بدخولها، حتى ولو سكن بعضها الفئران، وفى بريطانيا تستخدم كمزارات وتدر دخلا بالعملة الصعبة هناك، وفى مصر تظل القصور كما لو كانت "تكيات" لا يمكن للأجهزة الرقابية الاقتراب منها، والدافع الحاكم لكل تلك التصرفات والأمور هو عامل الخوف، الخوف على القصور من سلوكيات المواطنين حال فتحها للزوار، والخوف على المسئولين عنها من فضائح الإهمال والفساد حال إخضاعها خضوعا حقيقيا للأجهزة الرقابية. ويمكن القول إن هناك تاريخا من الغموض والأسرار يحيط بالقصور الرئاسية والاستراحات فى مصر منذ عهد الملك فاروق وحتى وقتنا هذا، كانت تتبع الحكم الملكى قبل ثورة يوليو 1952، وتلك التبعية أضفت عليها مهابة خاصة لدى الرأى العام الذى دائما ما يطرح سؤالا بعد قيام الثورات "لماذا تبقى هذه القصور بعيدة عن أعين الشعب؟" ولماذا لا يشاهدها الناس كمزارات سياحية؟ من أبرز القصور الرئاسية فى مصر، عابدين، والعروبة، وحدائق القبة، والطاهرة، بالقاهرة، ورأس التين، بالإسكندرية، و3 قصور واستراحات بالإسماعيلية، واستراحة بالقناطر الخيرية، وأخرى فى أسوان. أما قصر العروبة الذى هو مقر رئاسة الجمهورية فى عهد النظام السابق، فيعد رمزا صارخا للإسراف، فقد صمم القصر المعمارى البلجيكى " أرنست جاسبار"، ويضم 400 غرفة، بجانب 55 شقة خاصة، وقاعات بالغة الضخامة، وأشرف على بناء القصر شركتان للإنشاءات كانتا الأكبر فى مصر فى ذلك الوقت، وهما شركة «ليو رولين وشركاه» وشركة «بادوفا دينتامارو وفيرو»، فيما قامت شركة «ميسس سيمنز آند شوبيرت» فى برلين بمد الوصلات الكهربائية والتجهيزات. وفى الثمانينيات من القرن الماضى وضعت الحكومة خطة صيانة شاملة لقصر العروبة، حافظت على رموزه القديمة، وتم تحويله مقر لرئاسة الجمهورية فى عهد مبارك، ولم يكن مبارك يقيم فى القصر، إلا فى أوقات العمل الرسمية، ولم يستقبل فيه الرؤساء والملوك، إلا فى الزيارات الرسمية فقط، فى حين أن معظم استقبالات مبارك للرؤساء الأجانب فى الأعوام الأخيرة لحكمه كانت تتم فى شرم الشيخ.القصور المماثلة فى بريطانيا تدر الملايين نتيجة فتح أبوابها للزائرين، تمكن الحكومات هناك من الصرف على هذه القصور بجانب ما تدفع به إلى خزانة العامة للدولة بينما فى مصر توسعت مؤسسة الرئاسة على مدار العهود المختلفة فى السيطرة على القصور والاستراحات بدءا من عهد الرئيس جمال عبد الناصر، حتى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، فى عملية اقتناص واضحة، الأمر الذى حول هذه القصور إلى مقار ينعق فيها البوم وملجأ للخفافيش والفئران والغربان، ومع مرور السنين فقدت وظيفتها الحقيقية، وأصبحت سمة من سمات العهد المباركى، وهى احتكار القصور إما لشخص الرئيس أو لمؤسسة الرئاسة، وتحول الصرف على بعضها إلى نوع من أنواع إهدار المال العام، فقصر عابدين، لم تستخدمه مؤسسة الرئاسة إلا مرات معدودة تكاد تعد على أصابع اليد الواحدة، ولو أن هذا القصر فى بلد آخر مثل بريطانيا لتم ضمه فورا إلى قائمة القصور الملكية الهامة، لتفتح أبوابها لزيارات الجمهور وتدر دخلا كبيرا. نفس الأمر ينطبق على القصور فى الإسكندرية، والإسماعيلية، والأخيرة تضم 3 قصور فخمة، اثنان منها يطلان على القناة مباشرة ولم يقم الرئيس السابق بزيارتهما إلا مرة أو اثنتين على أكثر تقدير. أما الإسكندرية فتضم عددا من القصور منها قصر رأس التين الذى يعود إلى عصر محمد على، وتم تجديده على عدة مراحل، كان آخرها فى عهد الملك فاروق، وهو قصر رئاسى ذو طابع خاص، كما يوجد أيضا قصر الصفا الذى يعد استراحة رئاسية على كورنيش الإسكندرية بمنطقة المعمورة بجانب عدد من الفيلات والاستراحات المغلقة ولا تستخدم، حيث فضل الرئيس الأسبق حسنى مبارك استخدام استراحة برج العرب. ورغم أنها قصور خاوية لا تسكنها إلا الفئران والحشرات، فإن أحدا لم يجرؤ أن يقترب منها فى عهد الرئيس الأسبق مبارك، بسبب الخوف منه، وكانت محاطة بسياج غريب جدا من الغموض والسرية، وكان المعروف للجميع أن أى شخص يحاول الاقتراب أو التصوير، فعليه أن يعد نفسه للوقوف كمتهم أمام نيابة أمن الدولة العليا طوارئ! وبرغم أنها بنص الدستور قصور الشعب. القصور فى عهد «مرسى»لكن الوضع اختلف كثيرا فى عهد الرئيس محمد مرسى العياط، فقد كانت الجماعة وبدافع الخوف متعجلة على تكريس شرعيتها بالسيطرة على القصور الرئاسية فى ممارسات أشبه بممارسات الاحتلال، حيث تم كسر ما يسمى بهيبة قصر الاتحادية وقدسيته وفتحت بوابات القصر الرئاسى على مصراعيها أمام الأهل والعشيرة، واستقبل مرسى العياط الرئيس المعزول ضيوفه من كل صوب وحدب ليعزمهم على البط والإوز ووجبات المحشى وليباركوا أيضا قراراته ويعلنوا دعمها، وقد جاء فى شهادة أحد طباخى الرئاسة وقتها الذى رفض أن يعلن اسمه. وكان القصر الرئاسى "قصر القبة" بمثابة حصن تحصن فيه محمد مرسى، من ثورة الشعب ضده فى الميادين، وخاصة فى شارع محمد محمود آنذاك، حيث خطب أمام البوابة الرئيسية لقصر كوبرى القبة، أمام حشد من الأهل والعشيرة، وهو المشهد الذى حاول أن يتحصن به من هاجس الخوف والرعب من أحكام قضائية كانت وشيكة وتوحى بإسقاطه، منها حكم كان سيصدر بتزوير الانتخابات الرئاسية، وبفوز الفريق أحمد شفيق، وهو الأمر الذى لفت حازم أبو إسماعيل انتباه الرئيس المعزول إليه. "لم أكن أحلم فى أشد كوابيس حياتى أن أرى ما حدث فى عهد مرسى من فضائح وتجاوزات ليس من الرئيس المعزول فقط، لكن من أسرته ومعاونيه الذين حولوا القصر إلى تكية"، يتذكر الرجل أول مواجهة بينه وبين مرسى، قائلا: كانت قبل أدائه اليمين بيوم واحد، فالرجل لم يصبر حتى حلف اليمين، وزار القصر ومعه 15 شخصا، وأمر بتجهيز وجبة غداء لمرافقيه، ولم يكن متاحا إلا سندوتشات لأن إدارة التموين بالقصر لم تكن جاهزة وقتها لاستقبال الرئيس فلم يكن أدى اليمين، وكان حضوره فى ذلك اليوم مفاجئاً وعندما علم بالأمر، طلب من مدير أمن القصر تجهيز وجبات سريعة سندوتشات تحية للضيوف، وبالفعل أعددنا 70 سندوتشا لحم بارد وفراخ بانيه، وتشكيلة من السلطات، لكن علمنا وقتها ما ينتظرنا خلال حكمه، فلم نكن معتادين على أن تكون هناك عزومات دون ترتيب، ولم يسبق أن حدثت مثل هذه الواقعة طوال 30 عاماً من عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك.وتابع الرجل: المعزول حضر فى اليوم التالى عقب أدائه اليمين مباشرة، وطلب تجهيز غداء فاخر من المأكولات البحرية لـ12 شخصا، واضطررنا لشرائها ديليفرى من أحد الفنادق الكبرى، وبلغت قيمة الفاتورة 12 ألف جنيه، تم سدادها بشيك صادر من الرئاسة طبقاً للوائح والقوانين، وكانت هذه سابقة هى الأولى من نوعها، فلم يسبق نهائياً فى عهد مبارك أن دخل طعام إلى قصر الرئاسة من الخارج، مشيراً إلى أنه عقب انتهاء الغداء أخبر مسئول الشئون المالية بالقصر -الذى عينه مرسى- مسئولى القصر أن ميزانية طعام الرئيس وضيوفه مفتوحة، ولا سقف لها. وأكد المصدر أن مرسى كان يشك فى أصابع يديه، لدرجة جعلته يطلب من مدير أمن القصر مراقبة ما يقدم له من أطعمة ومشروبات، مشيراً إلى أن تكلفة طعام مؤسسة الرئاسة خلال عام من حكمه، تخطت الميزانية المقررة منذ عهد مبارك بنحو 17 مليون جنيه، خاصة أنهم كانوا يقدمون 1800 وجبة يومية لـ600 موظف بسبب تعيينه عدداً كبيراً من المستشارين وأطقم الحراسة له ولأسرته، كما كان يرسل القصر 60 وجبة ثلاث مرات يومياً لـ20 من مستشارى المعزول بأرض الحرس الجمهورى، وكان من بينهم باسم عودة قبل أن يعينه وزيراً للتموين، إضافة إلى وجبات أخرى لـ40 مستشارا تابعين لرئاسة الجمهورية كانوا بدار الهيئة الهندسية.وأضاف المصدر أن المعزول كان يأكل فى وجبة الإفطار 3 سندوتشات جبنة وفول وحلاوة، وأدخل البصل الأخضر القصر لأول مرة، حيث كان يفضله مع وجبة الإفطار، هو ورئيس الديوان وقتها رفاعة الطهطاوى الذى كان يطلب الفول والبصل والطعمية صباح كل يوم، مشيراً إلى أن مكتب باكينام الشرقاوى، مستشارة مرسى، كان يطلب يومياً 7 وجبات فى كل وجبة، رغم أنه كان يعمل به 3 فتيات بالسكرتارية، إضافة إلى دستة جاتوه وتشكيلة من الحلويات الشرقية يومياً، وحدد الرئيس المعزول قائمة لوجبات الغداء الأسبوعية عبارة عن بط بلدى أو حمام أو سمك أو فراخ بلدى، فى حين كانت وجبته المفضلة هى «طاجن أرز محشى مع الحمام المخلى». وقال الطباخ الرئاسى: الغريب أن مرسى كان يطلب مع البط أو أى وجبة غداء أخرى سندوتش حلاوة وسندوتش جبنة بيضا، وهو ما كان يثير دهشة الطباخين، والخميس من كل أسبوع كان مخصصاً للسمك بجميع أنواعه، مشيراً إلى أن مدير التموين بالرئاسة كان يشترى 125 كيلو سمك مشوى من أحد مطاعم الأسماك بمدينة نصر، كما يجهز مطبخ القصر طواجن سى فود تضم جمبرى وكلمارى وسبيط، بالإضافة للأرز والسلطات بجميع أنواعها، لكافة أطقم العاملين بالقصر الذين يبلغ عددهم 600 شخص، تبذير المعزول وصل لدرجة إنشاء مصنع صغير لتعبئة العصائر الطازجة داخل القصر.قال الطباخ الرئاسى: مدير الشئون المالية أشرف شخصياً على شراء المعدات، التى كانت عبارة عن 4 آلاف زجاجة سعة لتر واحد، وماكينة كبس، لتعبئة الفواكه الطازجة بداخلها، وهى عبارة عن 3 أنواع فراولة، وبرتقال، ومانجو، لتكون جاهزة فى الثلاجات ليفتحها الرئيس بنفسه من خلال فتاحة، حيث كان يشرب زجاجة من كل نوع يومياً. وأضاف أن مدير أمن القصر كان يشرف على عملية تعبئة العصائر بنفسه بتكليف من المعزول، كما كشف عن إهداء قطر سيارة نقل محملة بالياميش لمرسى فى شهر رمضان الماضى، وقال إنه وزعها على أعوانه والعاملين بالقصر. وأشار إلى أن نوادر الرئيس المعزول لم تكن تتوقف على الطعام فقط، فقد كان يرسل ملابسه إلى مغسلة القصر داخل أكياس قمامة سوداء، ما أثار استياء موظف المغسلة الذى اشتكى لمدير أمن القصر، كما أنه كان يتجول فى القصر مرتدياً السروال، ورغم أنه كان يصلى بالعاملين بالقصر جماعة فى أول أسبوع له، فإنه عاد بعد ذلك ليصلى فى جناحه. وقال الطباخ الرئاسى إن التبذير لم يتوقف على الطعام، مؤكداً أن أسرة مرسى ومساعديه تعاملوا مع القصور ومؤسسة الرئاسة وكأنها تكية لهم، وأشار إلى أن عمر، نجل الرئيس الأصغر، كان يقيم بصفة دائمة داخل قصر الاتحادية ويعزم أصدقاءه يومياً، كما أنه كان يفتش على جراج السيارات داخل القصر وينهر العاملين إذا وجد سيارة غير نظيفة.وأضاف: كان عمر يصطحب أصدقاءه يومى الخميس والجمعة من كل أسبوع إلى استراحات السادات فى القناطر، ويخرج فى رحلة صيد باللنش، وكانت تأتى تعليمات بتجهيز كافة المأكولات والمشروبات لرحلاته، وكانت عبارة عن وجبات سمك وجمبرى، وفى إحدى المرات وجد عمر أن الجمبرى صغير الحجم ويختلف عن كل مرة، فثار غاضباً وكاد يلقى الجمبرى فى مياه النيل، واشتكى لوالده الذى نقل الشكوى إلى مدير أمن القصر وعنف الجميع.وتابع: رغم تقديم تقارير لمرسى من قبَل الحرس تشتكى من سلوك نجله الأصغر، فإنه لم يردعه عن تصرفاته، وتركه يعبث بأموال وممتلكات الدولة وكأنها عزبة خاصة ملكها عن أجداده، ووصل الأمر إلى قيادته سيارات الرئاسة، وتحطيمه سيارتى «بى إم دبليو» بسبب رعونته فى القيادة. وقال إن الأمر لم يتوقف على عمر، فمرسى خصص حراسة وسيارة لنقل حفيده، ابن نجله أسامة، كل يوم جمعة إلى المسجد بمنطقة التجمع، على الرغم من أن عمره لم يكن يتعدى 6 سنوات وقتها.وحول تصرفات السيدة الأولى وقتها، قال الطباخ الرئاسى إن زوجة المعزول دخلت قصر الاتحادية لأول مرة، وبصحبتها عدد كبير من السيدات، من أفراد عائلتها، وقالت: هاتولى العربية اللى كان بيركبها جمال مبارك، وبالفعل تم تخصيصها لها، وهى ماركة BM x5. وأضاف أنها اصطحبت شقيقاتها لرحلة لاستراحة المنتزه، لـ4 ليالٍ، وانتقل لخدمتها عدد كبير من الطباخين والعمال، وتم توفير كميات كبيرة لا حصر لها من اللحوم والدواجن والأسماك، وعلى الرغم من ذلك طلبت بيتزا وأنواعاً من الجبن الفاخر وكميات من المشروبات الغازية بمبلغ 15 ألف جنيه، تم سدادها بشيك من الرئاسة. وأضاف أن أسرة مرسى كانت تقيم بصفة دائمة فى دار الحرس الجمهورى، وبلغت تكلفة الطعام الذى كانوا يشترونه من الخارج فقط 40 ألف جنيه شهرياً، بالإضافة إلى ما كان يتم إرساله من ثلاجات ومخازن قصر الاتحادية، إلى زوجة المعزول التى كانت تطلب كميات كبيرة من البط والفراخ. القصور الرئاسية فى عهد «السيسى» وبعد سنوات من التركيز على قصر الاتحادية باعتباره مقر الحكم والاستقبالات الرسمية وتجاهل القصور الأخرى ليقتصر الحديث عنها فى المناسبات، رئاسة الجمهورية بدأت فى استغلال قصورها وتحديد دور لكل منها، ليصبح قصر الاتحادية مقرا للحكم والاستقبالات الرسمية للحكومة وبعض الضيوف، بينما يتحول قصر القبة إلى مقر لاستضافة ضيوف مصر الكبار وإقامتهم أحيانا، وعابدين للحفلات الرسمية، ويعد قصر القبة الذى اختاره الرئيس عبد الفتاح السيسى مقرا لإدارة شؤون الحكم أكبر القصور الرئاسية فى مصر كما أنه يقع على مقربة من مواقع حكومية حيوية، مثل مبنى وزارة الدفاع ومقر الاستخبارات.ويطلق المصريون عليه قصر الملوك، ويقع هذا الصرح الملكى بمنطقة سراى القبة شرق العاصمة المصرية القاهرة، وهو محاط بحدائق واسعة تصل مساحتها إلى نحو 70 فدانا.

اقرأ أيضا