«زلات السياسين».. سقطات تلوث التاريخ المصري (تقرير)

السبت 30 سبتمبر 2017 | 07:04 مساءً
كتب : مصطفى الخطيب

حلقة جديدة من سلسلة التصريحات المثيرة للجدل للمشايخ والوزراء والشخصيات العامة، بسبب تصريحاتهم وأخطائهم الفادحة التى تصدر عنهم سواء بقصد أو دون قصد، ما يثير جدلاً كبيرا فى الشارع المصرى، وقد تكون هذه التصريحات هى النفس الأخير للشخصيات العامة التى لا تأخذ فى اعتباراتها الرأى العام. وقد تسببت هذه التصريحات فى ترك المسئول منصبه بسبب «زلة اللسان». عمرو موسى يقتل بسبب هجومه على الزعيم هجوم شرس تعرض له الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية والمرشح السابق للرئاسة المصرية، بسبب ما أورده فى مذكراته التى احتفل بإصدارها قبل أيام وحملت عنوان "كتابيه" حول الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. وقد تحدث "موسى" فى مذكراته عن سيرته الذاتية فى الدبلوماسية والحياة السياسية المصرية، وذكر من ضمنها عدة وقائع تخص الرئيس الراحل. وقال "موسى": إن عبد الناصر كان يستورد طعاما خاصا له من الخارج، وتحديدا من سويسرا، لاهتمامه بنظام غذائى يؤدى لخفض الوزن، وكان يرسل من وقت إلى آخر من يأتى له بأصناف معينة من الطعام الخاص بالريجيم من سويسرا، وأضاف موسى أنه خلال عمله بسفارة مصر فى سويسرا كان رجل ضخم الجثة يأتى لاستلام الطعام وكان موسى هو المسؤول عن تسليمه له. كما وصف موسى فى مذكراته جمال عبد الناصر بالديكتاتور الذى قاد مصر للهزيمة، مضيفا أن مظاهرات التنحى مسرحية، وأن عبد الناصر اختصر مصر فى شخصه، فكل ما هو جيد له جيد لها، واعتبر أن سياساته سبب اندلاع ثورة 25 يناير2011.   انتفاضه الناصريين للرد على أكاذيب موسى مذكرات "موسى" فجرت غضب جميع الناصريين الذين انتفضوا انتفاضة عارمة للرد على أكاذيب عمرو موسى، وقد وصل الغضب إلى نجله عبد الحكيم عبد الناصر، الذى قال إن "من لا يحب عبد الناصر، عليه أن يجد له بلدًا أخرى يعيش فيها"، وعلى الرغم من هذا الهجوم الشرس الذى تعرض له عمرو موسى وتسبب فى خسارة كبيرة من رصيده السياسى فإنه لم يتراجع عما قاله فى مذكراته، التى من الممكن أن تكون قد قتلته سياسيا، بسبب الحب الجم للزعيم الراحل جمال عبد الناصر، سواء من الشعب المصرى بشكل خاص أو من الدول العربية بشكل عام.   غضب الشارع بسبب «معاشرة الزوجة الميتة» سادت حالة من الجدل الكبير فى الشارع المصرى والدول الإسلامية بسبب الفتوى التى أطلقها الدكتور صبرى عبد الرءوف، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، بأن معاشرة الزوج لزوجته الميتة جائزة. وأشار إلى أنه لا يعد "زنى" ولا يقام عليه الحد أو أى عقوبة، لأنها شرعا أمر غير محرم، والفعل الحقيقى أنها زوجته.   علماء الأزهر يثيرون الجدل بسبب فتواهم الشاذة وقد أثارت هذه الفتوى التى لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة لبعض علماء الأزهر الشريف الذين طالما يثيرون الجدل بسبب فتاواهم الشاذة التى دائما ما تخرج على النص، وقد أعلن عدد كبير من أساتذة الأزهر رفضهم هذه الفتوى، معتبرين أنها فتوى ضالة وتتعارض مع حرمة الموتى، وصيانة أعراضهم، وأنها فتوى مخالفة ويجب محاسبة من أصدرها. إدانات واسعة من الأزهر والأوقاف وأصدر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بيانا للرد على مثل هذه الفتوى، وقال إن علماء الأمة وضعوا للفتوى ضوابط وقواعد وآدابًا، وأوجبوا على المفتِين مراعاتها عند القيام بالنظر فى النوازل والمستجدات، رعاية لمقام الفتوى العالى من الشريعة، وإحاطة له بسياج الحماية من عبث الجهلة والأدعياء.   وصف مجمع البحوث الإسلامية فى مصر الفتوى بالشاذة والمرفوضة شرعا وإنسانيا وتتنافى تماما مع حرمة الموت. أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، الدكتور محيى الدين عفيفى قال إن من يصدرون تلك الفتاوى غالبًا ما يبحثون عن الشو الإعلامى، ثم سرعان ما يقدمون الاعتذار بعد تحقيق غرضهم بالبحث عن الأضواء وإثارة الجدل ليصبحوا مادة خصبة للإعلام عبر الصحف والفضائيات. من جانبه قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، إن بعض الفتاوى غير رشيدة وغير حكيمة تصدر دون فهم أو وعى أساءت للدين الإسلامى.   وزير التعليم يصف المعلمين بـ«بالحرامية» وفى هذه المرة نال الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم، هجوم شرس وموجة غضب شديدة من العاملين فى الوزارة بسبب وصفه لهم «أن نصفهم حرامية ونصفهم حرامى وغير كفء»، حسب الحوار المنشور فى إحدى الصحف القومية، وكان رد الوزير على تساؤل حول توقف مشروعات تطوير التعليم التى تحدث عنها فى حواره، حال عدم توافر التمويل الكافى لها، فجاء فى جزء من الإجابة: «أنا أستنكر المدرس الذى لا يهمه سوى زيادة راتبه ويعلو صوته مع أنه غير كفء، وأنا لست فى حاجة إليه، ونصف الوزارة إما حرامى، والنصف الثانى حرامى ومش كفء».   غضب جم وسط المعلمين وقد سادت حالة من الغضب فى أوساط المعلمين بعد تصريحات طارق شوقى، ما أدى إلى حدوث غضب جم وسط المعلمين، مستنكرين أن تخرج مثل هذه التصريحات عن الوزير، وقد وصفها البعض بالمهينة وتسببت بضرر بالغ مادى ونفسى للمعلمين وأسرهم، وقال الدكتور طارق شوقى إنه يقود معركة تغيير حقيقية فى ديوان عام الوزارة والمديريات التعليمية، وإن مشروع إعادة هيكلة الوزارة وقطاعاتها يواجه تحديات ضخمة، حيث قام تيار استقلال المعلمين، باتخاذ إجراءات عملية لمحاسبة وزير التعليم من خلال تقديم بلاغ للنائب العام أو تحريك دعوى قضائية ضد الوزير. وعلى الرغم أنه بعد تولى الدكتور طارق شوقى وزارة التربية والتعليم، لقى ترحيبا كبيرا من الرأى العام بوجه عام بسبب سيرته الذاتية، حيث شغل مناصب دولية أهلته ليكون مستشار رئيس الجمهورية لشئون التعليم، ثم دفع به الرئيس إلى الوزارة بعد أن فشل سابقوه فى تنفيذ أفكار السيسى لتطوير التعليم.   حديث موسى عن الزعيم «هراء وتخاريف» قال الدكتور خالد رفعت مدير مركز طيبة للدراسات والسياسات الإستراتيجية، إن سقطات السياسيين هى تخاريف وهراء، وخاصة عن الذين يتحدثون على الزعيم جمال عبد الناصر مثل عمرو موسى الذى تعمد الإساءة إلى رجل وطنى حرر الأمة، وقال عنه كلاما لم يحدث نهائيا، ويجب عليه أن يحاكم جنائيا بعد هذه الاتهامات، لأنه لم يسئ إلى شخص عبد الناصر وإنما أساء لتاريخ أمة بالكامل.   سقطات السياسيين تدمر تاريخهم وأوضح "رفعت" أن السقطات التى تخرج من بعض السياسيين والشخصيات العامة تكون دون قصد قد يكون خانهم التعبير عن ذلك، وفى نفس الوقت تدمر تاريخهم السياسى، ولا يمكن أن يسامحهم الشعب عن هذه الزلات التى تؤدى ببعضهم إلى ترك مناصبهم.   فى مصر نفتقد الأحزاب وبالتالى نفتقد السياسيين وأضاف مدير مركز طيبة أن هذه الشخصيات لا تتعلم من غيرها بسبب أنهم لم يتربوا على السياسة، وأن مصر لا يوجد بها سياسة أو حياة حزبية يشكل عام، مؤكدا أن السياسيين فى الخارج يتربون داخل الأحزاب بالعشرين عاما، وفى جميع دول العالم الأحزاب تخرج سياسيين وتوجد معاهد فى الدول الأوروبية تتبنى الشباب حتى تعلمه السياسة، ولكن فى مصر نفتقد ذلك، وبالتالى نفتقد التعليم والتدريب السياسى.   أخطاء السياسيين والشخصيات العامة قاتلة قالت الدكتورة هدى زكريا أستاذ علم الاجتماع السياسى، إن أصحاب المناصب والشخصيات العامة أخطاؤهم قاتلة، فكل كلمة تخرج منهم يحاسبون عليها، لأن الميكروفون سلطة فطالما المسئول والشخصيات العامة وقفت أمام الميكروفون وتحدث للعامة فعليه أن يتحمل مسئولية الكلمات التى يسمعها عامة الشعب.   المسئولون يحاسبون على كل كلمة  وأوضحت "زكريا" أن المسئول إذا خرجت منه كلمات باندفاع ودون حساب وبعد ذلك يعتذرون فهى مسألة تقلل من مكانته العامة، لأن الشخصيات العامة والمسئولين محاسبون عن كل كلمة تخرج منهم سواء عن قصد أو بدون قصد، لأن العامة تحفظ وتردد هذه الكلمات وتصبح حكما تردد حتى بعد مماتهم. وعلى الشخصيات التى تتحدث أن تحذر الشعب المصرى لأنه شعب "مكلمى"، وعنده ثقافة شفاهى ولديه قدرة على السخرية من أى شخص لا يحترمه ويتصيد لهم، وإن امتنع المتحدث عن الكلام من هؤلاء الشخصيات العامة والمسئولين أفضل له أن يخطئ أمام الشعب المصرى.

اقرأ أيضا