إبحار .. في حياة وأشعار نزار

الثلاثاء 17 أكتوبر 2017 | 07:21 مساءً
كتب : بلدنا اليوم

عندما تحبك المرأة فهي تستطيع أن تأتيك من باريس لتلبي دعوتك على فنجان قهوة في الشام ..و حين تنصرف بقلبها عنك، فهي أكثر كسلاً من أن تناولك “علبة السكر” تلك التي تبعد عن أصابعها سبعة سنتيمترات فقط .. ! هكذا قال “”نزار قباني”. شاعر “الحب والمرأة ” نزار بن توفيق القباني سوري معاصر ،الذي ولد في 1923من أسرة دمشقية عربية ؛؛وهو ذات نفسه الدبلوماسي الذي درس الحقوق في الجامعة السورية وإنخرط في السلك الدبلوماسي. أصدر أولى دواوينه بعنوان “قالت لي السمراء” وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانا أبرزها “طفولة نهد” و”الرسم بالكلمات”، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم “منشورات نزار قباني” . اما عن الجانب السياسي في قصائد الدبلوماسي نزار القباني.. حيث أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب “النكسة” مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه “شاعر الحب والمرأة” لتدخله معارك السياسة ؛؛؛ فقال نزار ” إذا خسرنا الحرب لا غرابه ؛ لأننا ندخلها.. بكل ما يملك الشرقي من مواهب الخطابه ..بالعنتريات التي ما قتلت ذبابه لأننا ندخلها بمنطق الطبلة والربابه السر في مأساتنا .. صراخنا أضخم من أصواتنا وسيفنا أطول من قاماتنا خلاصة القضيه …توجز في عباره” لقد لبسنا قشرة الحضاره والروح جاهليه”…بالناي والمزمار..لا يحدث انتصار”. وقد أثارت قصيدته هذه “هوامش على دفتر النكسة” عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام ويأتي دور حبيبته وزوحته ” بلقيس ” التي احتلت الشغل الشاغل من حياته فعاش حبا لها وفيها ومن بعدها ؛؛؛ التي ولدت بين احضان نهر دجلة وكانت جميلة جدا ؛؛ اعجب بها نزار عند مشاهدتها في احدى القاعات التي كان يلقي فيها الشعر عند زيارته إلى بغداد في ستينات القرن العشرين،، حينها قرر أن يتقدم لخطبتها ولكن لم يوافق والدها ، فغادر نزار العراق خائب الأمل حتى عاد مرة أخرى إلى العراق في مهرجان المربد الشعري ؛؛ الا ان قام الرئيس العراقي الراحل أحمد حسن البكر بالتوسط لنزار حيث أرسل لخطبة بلقيس إلى نزار كل من وزير الشباب ووكيل وزارة الخارجية وكلاهما شاعران, فوافق والدها بعد ذلك؛ وتزوجا. ليعيشوا بعد ذلك أجمل ايام حياتهم قبل ان تغتالها قوى الظلام عام 1981 حيث قتلت بلقيس خلال تفجير إنتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل. وقد نظم نزار قباني قصيدة رثاء تعد من اطول ماكتب لها، ومنها قال : “””بلقيسُ .. يا وَجَعِي ..ويا وَجَعَ القصيدةِ حين تلمَسُهَا الأنامل ..ْهل يا تُرى ..من بعد شَعْرِكِ سوفَ ترتفعُ السنابلْ ؟يا نَيْنَوَى الخضراء ..يا غجريَّتي الشقراء ..يا أمواجَ دجلةَ . .تلبسُ في الربيعِ بساقِهِا أحلى الخلاخِلْ ..قتلوكِ يا بلقيسُ ..أيَّةُ أُمَّةٍ عربيةٍ ..تلكَ التي تغتالُ أصواتَ البلابِلْ ؟أين السَّمَوْأَلُ ؟والمُهَلْهَلُ ؟والغطاريفُ الأوائِلْ ؟فقبائلٌ أَكَلَتْ قبائلْ ..وثعالبٌ قتلتْ ثعالبْ ..وعناكبٌ قتلتْ عناكبْ ..قَسَمَاً بعينيكِ اللتينِ إليهما ..تأوي ملايينُ الكواكبْ ..سأقُولُ ، يا قَمَرِي ، عن العَرَبِ العجائبْ “””. بلقيس المناضلة ….التي لن يكتشف سرها زوجها نزار إلا بعد موتها حينما ظهر الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات فجأة في مقر الحادث وهو مكلوم من شدة الحزن وأمطار الدموع تغطي عينيه ويصرخ قائلا : اين أنت يا بلقيس؟ ؛؛ أين أنت يا ابنتي؟ ؛؛ ردي على أبيك يا وردة الثورة الفلسطينية؟؛؛؛ حينها أخذ نزار يفكر هل من الممكن أن تكون زوجته العراقية التي التقاها منذ 12 عاما و اما لاولاده نجلة عرفات!!؟؟ الي ان جلس بجوار نزار ليشرح له السر الذي أخفته بلقيس منذ اليوم الأول لزواجهما ؛؛ فقد كانت من إحدى مقاتلات الثورة الفلسطينية، ذاهبة إلى ساحة الرمي حيث تتعلم إطلاق الرصاص، وأساليب القتال ؛؛ ثم دارت الأيام وانتقل النضال إلى لبنان، كما كتب لبلقيس أن تعمل في سفارة العراق في بيروت،وذات يوم كنت معزوما عند احد الاصدقاء فإذا بالفتاة العراقية ذات الضفيرتين الذهبيتين قبل عشر سنوات تدخل ومعها ذكريات نصرنا الجميل في «الكرامة» وتصافحني بحماسة، ولم تكن تلك الفتاة سوى «بلقيس الراوي» زوجتك !!! وتم تشييع بلقيس كمناضلة فلسطينية، ودفنها إلى جانب الشهداء الفلسطينيين، ولفها بالعلمين العراقي والفلسطيني؛ تكريمًا للأرض التي أخرجتها وللثورة التي نذرت نفسها لها، واختتم عرفات: «بلقيس الراوي لم تكن زوجتك فقط يا نزار، بقدر ما كانت ابنة الثورة الفلسطينية». أظهر نزار دوره في الاعتراف بالمرأة وان يثمن دورها في الحياة وجاء ذلك في قصائده ووصفه لها على أنها جزء من حياتنا التي نعيشها ونعانيها، لا فكرة قائمة في مخيلتنا المكبوتة فقط ؛؛؛ وخير دليل عشقه لزوجته بلقيس ومأساتها بعد مماتها. فاقترب من تفاصيل المراة ولغتها اليومية ، إلا أن قام بثورة في ذلك من خلال كتاباته عنها مع إدخال مصاحبات وتعببرات فنية تسهم في إنجاز قصيدة ذات جماليات رائعة يتحدث فيها عن المرأة . لذلك جاءت لغة نزار جديدة ولا تخضع لا لمألوف المتلقي العربي العادي، وأعرافه المستقرة، ولا تخضع كذلك للنمط الشعري المتداول بين أوساط الشعراء. فهو صاحب الشعار المعروف “أنا رجل يمتهن عشق النساء” ؛؛؛؛ فما كان عليه إلا أن يسلك طريقه المفضل وأن يصور المرأة كما هو موضوع لها، مع الدفاع عنها ضد أي مكروه وضد أي ظلم قد يلحقها. وتظل …. قصائد واشعار نزار قباني شاعر “الحب والمرأة “رمزا للحب والوفاء ممتدة علي مر العصور ؛ جعلت سهولة لغة قصائده والإيقاعات التي تفيض بها قصائده، تتردد في اي زمان ومكان، يستعين بعض المطربين بكلماته العطرة في اغانيهم ؛؛؛ مطربين كبار يطلبون غناءها بدءا بأم كلثوم وفيروز ونجاة الصغيرة وليس انتهاء بكاظم الساهر الذي ارتبط اسمه ارتباطا وثيقا باسم نزار قباني حيث غنى له أكثر من 20 قصيدة كانت السبب الأول في شهرته ولعل أفضل ما اختتم به من قصيدة “أشهد أن لا أمرأه إلا أنت”: أشهد أن لا امرأة ً أتقنت اللعبة إلا أنت واحتملت حماقتي عشرة أعوام كما احتملت واصطبرت على جنوني مثلما صبرت.

اقرأ أيضا