8 أشهر في مدرسة الاحتلال.. عهد التميمي تنتصر على الصهاينة: منحتموني القوة

الاحد 29 يوليو 2018 | 08:48 مساءً
كتب : محمود صلاح

في السابعة عشر من عمرها، تراها من بعيد تعتقد أنها إحدى ملكات الجمال التي يحكي عنها في المسلسلات المصرية  وبعض الروايات الأدبية، لها طلة جميلة تجعلك تدقق قليلًا في ملامحها، شعرها الأصفر فاقع اللون، وعيناها الخضراوتان الظاهرة وسط بشرتها البيضاء، التي تثير التساؤلات في رأسك كيف تعيش هذه الوردة في وسط الحقول الممتلة بالشوق؟ ابتسامتها الجميلة المرسومة على وجهها طوال الوقت، رغم المأساة والحياة البشعة التي تعيشها، والتهديدات التي تتلاقها كل حين وآخر، رغم ذلك أعلنت انتمائها لبلادها مهما حدث، وأنها لا تتراجع عن تحريرها، إنها الفتاة الفلسطينية، عهد التميمي، الأيقونة التي هزمت قوات الاحتلال.  

 

اليوم تنقش سطور السعادة من جديد، بعد 8 أشهر في ظلمات السجون الإسرائيلية، نالت اللؤلؤة الفلسطينية الحرية، وعادت بقوة نحو استكمال مسيرة نضالها التي بدأتها منذ صغرها، خرجت من الزنزانة التي تحتوي على العشرات مثلها، منتصرة رافعة علم الشجاعة والفخر، بسبب حصولها على شهادة نجاحها، داخل سجن الكيان المحتل، وبدرجة 84% فكانت خير رد على  جنود الاحتلال بأنّهم لن يستطيعوا توقفها عن مسيرتها ونجاحها في تعليمها قبل دفاعها عن وطنها.

نشأت الفتاة الفلسطينية في قلب عائلة كان النضال سلاحهم، والدفاع عن القدس عقيدة راسخة في قلوبهم، فلم تكن عهد وحدها التي رميت داخل السجون الإسرائيلية، فكان من قبل والدها "باسم التميمي" الذي اعتقل ما يقارب 11 مرة في سجون الاحتلال بسبب دفاعه عن أرضه وعرضه، والأخرى "ناريمان" والدة عهد كانت الأكثر وطنية من زوجها فاعتقلت حوالي 5 مرات بسجون الكيان الصهيوني آخرها منذ 8 شهور حينما حاولت زيارة طفلتها الصغيرة القابعة في سجونهم، ليقرروا اعتقال الفتاة وأمها.

 

لم تكن عائلتها مختلفة عن باقي الفلسطينيين، بل مجرد أسرة فلسطينية صغيرة من قرية النبي صالح إحدى قرى رام الله، تلك القرية التي باتت حديث العالم بأكمله بعد ما فعلته الصغيرة عهد، فقد وضحت للعالم أن البطولات ليست من حظ الرجال فقط، ولكن النساء في معظم الأوقات يكونوا أشد قوة، وأن تحرير الأوطان فطرة يتحلي بها الصغير قبل الكبير هنا في بلاد القدس.

 

الفتاة الفلسطينية عهد التميمي، التي أصبحت أيقونة عربية يقتدي بها جميع الفتيات، في النضال والصمود ضد الكيان الصهيوني، ظهرت في مؤتمر صحفي اليوم في قرية أبي صالح، عقب خروجها من سجون الاحتلال، وفي البداية وجهت التحية لجميع الفلسطنيين المناضلين في شتى بقاع دولتها وخاصة بالقدس العاصمة الفلسطينية، وأيضًا الصحفيين الموجودين في مقابلتها والمتابعيين حول العالم، وطالبت من جميع الفلسطنيين استكمال مسيرة العودة ضد الإحتلال، لأن السجون الإسرائيلية ما زالت ممتلئة بالمناضلين والأسرى مثلها.

 

وأعلنت الفتاة الفلسطينية، عن مدى معاناتها داخل السجون الإسرائيلية، وأنها تحمل رسالة خاصة من داخل الزنزانة الحديدة، من الأسيرة "ناهد أبي غلال" إلى المتظاهرين الفلسطينيين، وتطالبهم باستكمال مسيرتهم حتى تتمتع بالخروج مثل عهد، وأن حلمها الوحيد هو الخروج لتحمل علم الدولة فوق عنقها، وتقف في مواجهة الاحتلال ، وأيضًا أن يظلوا في صمودهم حتى تصل الرسالة إلى العالم، أن الشعب الفلسطيني لم يتخلى عن وطنيته.

 

وأكدت "عهد" خلال المؤتمر الصحفي، أن القدس سوف تظل عاصمة فلسطين الأبدية، وأنها خرجت وتركت خلفها عشرين أسيرة، وأن رسائل هؤلاء من "سجن الدامون" هى ظهور الوحدة الوطنية ودعم الأسيرات من أجل الحرية، وأشارت أن الشيء الوحيد الذي كان يقلقهم في السجون المظلمة، هو الدراسة في الثانوية العامة، ولكنها ما زالت صامدة مع الأسيرات مثلها في السجون، حتى استطاعت الفتاة الفلسطينة، الحصول على 84% في الثانوية العامة، حيث أنهم تحدوا جميع جنود الكيان الصهيوني بالتعليم والثقافة التي حصلوا عليها هناك، وانهم استطاعوا أن يجعلوا السجن مدرسة فلسطينية، يدرس فيها العادات والتقاليد العربية، التي تحض الجميع على روح النضال والصمود ضد الكيان المحتل.

وأوضحت عهد أن رحلة الأسير في السجن، صعبة للغاية، لأنهم يعيشون بين حديد ولا يشعرون بروح الحرية، لا يستطيعون التعامل مع الحياة البشعة التي يتعامل بها الجنود الإسرائيلين هناك، وأن رسالتها الواضحة هى بث روح النضال في روح جميع الفلسطنيين، وتدعوا إلى مواصلة الحملات التي تدعم الأسيرات في السجون، مردفةً أن والدتها هى التي تستحق التحية الطيبة رغم أنها كانت سجينة مثلها ولكن هى التي منحتها خيط النضال والدفاع عن الوطن.

 

وأبرزت عهد دور المرآة في المجتمع الفلسطيني، وأنها جزأ لا يتجزأ من القضية الفلسطينية، ولها دور مثل الرجال تمامًا في القضية الوطنية، ولا بد أن تمتلك جميع النساء الفلسطينيات رؤية واضحة من ناحية الاحتلال، ومعرفة العدو الحقيقي لأبنائهم، ويجب الحرص من التعامل مع وسائل الإعلام الإسرائيلية، حيث أكدت أنها مقاطعة الإعلام العبري لأنه جزء من الإعلام الإسرائيلي، وأنه لا ينقل الحقيقة والحياة المريرة التي يعيشها الفلسطنيين كما هى.

 

وأخيرًا أعربت عهد التميمي عن فرحتها الواسعة، لأنها عادت إلى أهلها وبلدتها، ولكن الفرحة لم تكتمل بسبب جزأها الآخر من الأسيرات الموجودات في السجون، ومن أجل ذلك أعلنت أنها ستدرس القانون حتى تستطيع الدفاع عن وطنها وتوصيل الرسائل المعلقة داخل السجون الإسرائيلية إلى جميع بلدان العالم، لأن السجن الإسرائيلي علمها أشياء كثيرة، من أهمها أنها عرفت الطريق الصحيح، وأيضًا كان من أهم الأشياء التي اكتسبتها من السجن الصبر وكيف تدير مجموعة نحو العدو، ورغم ظلمة السجن، وعدم الحرية بداخله، إلا أنه بث بداخها حب الحياة مهما كانت ممتلئة بالضغوط، رغم الصعوبات والضرب الذي كانت تتلقاه في السجن إلا أنها استطاعت أن تصبر حتى تخرج من سجنها، وتعود للنضال مرة أخرى.

 

وظهرت عهد في لقاء مع الجزيرة، توضح ملامح حياة الأسير داخل السجن، وأنهم يكونون على قلق أكثر من الخارج، لأنهم يعلمون ما حدث بين قوات الاحتلال والمتظاهرين الفلسطينيين، وأن الجنود الإسرائليين، يزيدون من حالات الطوارئ التي يضغطون عليهن بها، ولكن الأسيرات قويات ولن يتمكن الضعف من أجسادهن، التي تبث خلالها روح القوة في الجميع، وخاصةً الفتيات اليافعات اللواتي ينضممن إلى المظاهرات.

ووجهت عهد رسالتها إلى الكيان المحتل، أن النهاية اقتربت، لأن جميع الدول المحتلة قبل سنوات طويلة، أصبحت تتمتع بالحرية اليوم، هكذا ستكون فلسطين في يوم ما، لأنه لا بد أن يكون بعد العتمة نور، وأن الرسالة الحقيقة لا بد أن تكون لجموع الشعب الفلسطيني، أن يظهروا بقوة الأيام المقبلة، في مواجهة الكيان الصهيوني، وأن الأهم في هذا المجتمع المرآة لأنها النصف الآخر في المجتمع، وهى التي تربي الأجيال وتبث فيهم روح الوطنية.

 

وعلى غرار حديثها عن النساء والأمهات التي تربي الأجيال، ظهرت والدتها ناريمان خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد من أجلها، وأرادت أن تترك رسالة لكل الأباء والأمهات حول العالم، وبالتحديد الشعب الفلسطيني المناضل، حيث أعلنت أن قوتهم بوجودهم واتحادهم، ولا بد من جميع الأباء أن يطلقوا أبنائهم للحرية والتعبير عن آرائهم، ضد كل عدو ينتهك الأوطان، ويخرب الديار وهذا الكلام يكون بالتحديد لشعبها، لكي يستطيعوا مواجهة العدو وترجع القدس في حوزة أبنائها، وتتمتع بجمالها كعادتها، فلا بد من الوحدة والتعاون بين الشباب الصاعد.

 

هكذا استطاعت الفتاة الفلسطينية، أن تكون نجمة مضيئة في سماء الدنيا، يتحدث عنها الجميع بكل فخر واعتزاز، بدايةً من الشباب الصغار، حتى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي استضافها اليوم، وعبر عن سعادته عقب خروجها من السجون الإسرئيلية، وعلى الجانب الآخر أوصلت الفتاة رسالة للعالم أن الشهرة ليست للفنانين ونجوم الكرة، بل هناك نجوم تستطيع أن تنقش أسمائها بحروف من ذهب في كتب الأبطال التي يدونها التاريخ، في الدفاع عن الأوطان.

اقرأ أيضا