تحديات صعبة في مواجهة الإرهاب 

الجمعة 05 أكتوبر 2018 | 09:05 مساءً
كتب : أسماء دياب

للمرة الرابعة على التوالى، لم تخلو كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى أمام الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، من التأكيد على ضرورة تعاون المجتمع الدولى فى القضاء على ظاهرة الارهاب، حيث أشار  إلى أنه "لا مناص من بناء منظومة عالمية لمكافحة الأرهاب أينما وجد، وأشار الرئيس خلال  كلمته إلى العملية الشاملة سيناء 2018 لمكافحة الإرهاب ودحره نهائيا للتأكيد على أهمية دور مصر في محاربة الإرهاب نيابة عن العالم.

 

لقد نجحت مصر فى اقناع العالم برؤيتها فى السنوات الأخيرة، بضرورة المواجهة الشاملة لظاهرة الإرهاب، وعدم اقصار هذه المواجهة على الجانب الأمنى، حيث أصبح العالم الآن أكثر وعياً بضرورة المواجهة الأيديولوجية للأفكار الهدامة، وتجفيف منابع تموييل الإرهاب، وملاحقة داعميه ومموليه، وكذلك والقضاء على الأذرع السياسية لهم، والمنابر الإعلامية التى يبررون من منصاتها جرائمهم الإرهابية، ويبثون أفكارهم المسمومة من خلالها لأجيال من الشباب فى أنحاء العالم.

 

لقد نجحت مصر فى التعامل مع قضية الإرهاب على عدة أصعدة، محليًا وأقليميًا ودوليًا، فعملت على اقناع الدول الكبرى المؤثرة فى صناعة القرار الدولى بالأبتعاد عن النظرة الإنتقائية أو الجزئية فى التعامل مع الإرهاب، وتبنى نظرة شاملة تنطلق بالاقتناع بأن كل التنظيمات الإرهابية تنطلق من إطار فكرى وعقائدى واحد، على الرغم من اختلاف أهدافها ومصالحها.

 

فيما يتعلق بجهود مصر فى مكافحة الأرهاب محلياً: فقد أصدر الرئيس السيسى العام الماضى قرارًا بأنشاء المجلس القومى لمواجهة الإرهاب والتطرف، الذى يهدف الى حشد المؤسسات والمجتمع لمجابهة الإرهاب والحد من مسبباته، ومعالجت آثاره.

 

من جانب آخر لم تخلو مناسبة وإلا ناشد الرئيس فيها المؤسسات الدينية الرسمية فى مصر، بضرورة تجديد الخطاب الدينى، لتمكين الخطاب الدينى الوسطى فى مواجهة الخطاب المتطرف، هذا بالإضافة الى إعادة النظر فى التشريعات المتعلقة بمواجهة الإرهاب، وإجراء تعديلات فى التشريعات القائمة، وصولًا إلى تحقيق العدالة الناجزة، وتحقيق التعاون بين كافة الأجهزة الأمنية والمخابراتية والسياسية لتحقيق أفضل النتائج.

 

فيما يتعلق بالجهود العسكرية فقد نجحت القوات المسلحة والشرطة المصرية فى حربها ضد معاقل الإرهاب فى كافة أنحاء مصر عمومًا، وفى سيناء على وجه الخصوص، فقد واجهت البلاد منذ الثلاثين من يونيو أكثر من 1663 عملًا إرهابية من قبل جماعة الإخوان الإرهابية، وأعوانها من التنظيمات المتطرفة، فضلا عن العمليات الإرهابية فى سيناء التى لم يتم الإعلان عن أرقام بشأنها، لا بالنسبة لعدد العمليات، ولا بالنسبة لأعداد الشهداء من قواتنا المسلحة، وهذه الجهود كان لها أثرها فى تراجع ترتيب مصر فى مؤشر الدول التى يكثر بها العمليات الإرهابية من المرتبة التاسعة عالميا عام 2015، الى المرتبة الحادية عشر عام 2016 مما يعكس نجاح المجهودات  الأمنية ودورها فى تراجع معدلات الإرهاب فى مصر.

 

فيما يتعلق بجهود مصر فى مكافحة الإرهاب على الصعيد الإقليمي: مشاركة الرئيس السيسى وكلمته أمام القمة العربية الإسلامية التى أصبحت فيما بعد "وثيقة رسمية "من وثائق مجلس الأمن، بناءًا على طلب بعثة مصر لدى الأمم المتحدة، التى أكد خلالها سيادته "أن خطر الإرهاب بات يمثل تهديدًا جسيمًا لشعوب العالم أجمع"، مشيرًا إلى أن مواجهته واستئصاله من جذوره، يتطلب إلى جانب الإجراءات الأمنية والعسكرية مقاربة شاملة تتضمن الأبعاد السياسية والأيديولوجية والتنموية.

 

وفي ملف الإرهاب على مستوى المنظمات الدولية نجحت البعثة المصرية لدى الأمم المتحدة فى نيويورك فى استصدار قرار فى 25/5/2017 من مجلس الأمن باجماع أراء الدول الأعضاء بالترحيب بالأطار الدولى الشامل لمكافحة الخطاب الأرهابى ووضعه موضع التنفيذ، وصدر القرار تحت رقم2354.

 

جهود مصر فى مكافحة الإرهاب على الصعيد الدولى: ترأست مصر اللجنة الفرعية لمكافحة الإرهاب داخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة باجماع الدول الأعضاء، أيمانًا من الدول الأعضاء بجهود مصر لمكافحة الأرهاب على الصعيد العالمى.

 

فخلال ترأس مصر للمجلس عام2016، ركزت مصر على التحديات التى تواجه منظومة الأمن والسلم الدوليين، وترأس وزير الخاجية المصرى سامح شكرى، جلسة وزارية مفتوحة لجميع أعضاء الأمم المتحدة فى مجلس الأمن حول مكافحة الفكر المتطرف كأساس لتعزيز جهود مكافحة الإرهاب.

 

وطرحت مصر أثناء ترأسها للمجلس فى أغسطس 2017، مبادرة ومشروع قرار حول منع حصول الإرهابين على الأسلحة، بهدف تضييق الخناق عليهم من خلال منع وصول الأسلحة، وعكست هذه المبادرة توجيه مصر رسالة للعالم الدولى بضرورة الإلتزام بقرارات مجلس الأمن، وخاصة القرار رقم (2253) الصادر عام 2015، الذى تناول جهود منع الإرهابين من الحصول على السلاح، كما عقدت مصر عدة جلسات حول تقييم نظام العقوبات فى هذا الشأن، اذ أن ضمان عدالة منظومة العقوبات يجعلها أكثر فاعلية.

 

على الرغم من الجهود المبذولة من جانب المنظمات الدولية فى مجال مكافحة الإرهاب، إلا إن هذة الجهود لم تحقق النتائج المنتظرة المتمثلة فى تحجيم الظاهرة فى المنطقة، أو حتى على مستوى تحقيق الردع الدولى بانزال العقوبات على مرتكبيها. 

 

وتوضيحاً لما سبق، يمكن القول، أن أهم التحديات التى تواجه المجتمع الدولى لمكافحة الإرهاب والقضاء عليه تتمثل فى الآتى:

أولا- يعد الاتفاق على تعريف للإرهاب دوليا أهم التحديات التى تقف عقبة أمام التعاون الدولى الفعال لمكافحته، فغياب إستراتيجية موحدة لتحديد مفهوم الإرهاب زاد من حدة الأزمة، حيث لم تتمكن الإتفاقيات الدولية، سواء ذات الطابع الإقليمي، أو ذات الطابع الدولى، من الاتفاق على تعريف موحد للإرهاب، كما تباينت التعريفات فى التشريعات الوطنية للدول، فكلا يعرف الإرهاب من زاويته الخاصة، وفقًا لمصالحه، وخلفياته السياسية، والإيديولوجية، و التاريخية، مما خلق حالة من الإرتباك فى تكييف الأعمال الإرهابية وتميزها عن العديد من المفاهيم الأخرى.

 

ثانيا- لا شك أنه يعترض التعاون الدولى فى مكافحة الإرهاب مشكلة تنازع القوانين، فاختلاف القوانين على مستوى منظومة الدول على الساحة الدولية، قد تجعل تسليم المجرميين –مثلا- أو تبادل المعلومات من القضايا الشائكة، تحت مزاعم مختلفة كاعتبارات الأمن القومى والسيادة، مما يؤدى إلى عرقلة الاتفاق حول هذه القضايا.

 

ثالثا- عدم الاتفاق حول منظومة عقوبات دولية موحدة ورادعة سواء اقتصادية أو سياسية أو عسكرية، فى مواجهة الدول الممولة والداعمة والراعية للجماعات الإرهابية، حيث بات استخدام بعض الدول للجماعات الإرهابية فاعل رئيسى فى العلاقات الدولية، بالإضافة إلى عدم وجود آلية ملزمة لتنفيذ هذه العقوبات إن وجدت.