معركة طريف.. يوم أن ذُبح المسلمون وطارت عمائم الشيوخ بسيوف الصليبيين

الثلاثاء 30 أكتوبر 2018 | 02:42 مساءً
كتب : سارة أبوشادي

سالت دماء الأبرياء على أرضها، فقهاء وعلماء وشيوخ، أطفال ونساء، لم ينج أحد من تلك المذبحة، كانت معركة عنيفة لم يتوقع أحد الهزيمة لكنّ الغدر والخيانة كانت لهما الكلمة العليا، هنا على أرض الأندلس قبل مئات السنين وقعت معركة "طريف"، تلك المعركة التي كانت بمثابة الحلقة الأولى في مسلسل سقوط الأندلس.

 

صراخ طفل تحتضنه والدته والسيف على رقبته، وعِمّة شيخ أخفت حوافر الجياد ملامحها، وشاب يصوّب برمحه من بعيد، مشاهد لم تكن في مشهد سينمائي أو حتى فيلم وثائقيّ، بل حقيقة جسّدتها حربٌ أو مجذرة لن ينساها التاريخ مطلقّا، تلك الحرب التي كانت بمثابة الصفحة الأولى في كتاب سقوط الأندلس، إنّها معركة طريف، تلك التي التقى بها الجيش الإسلامي بقيادة السلطان أبي الحسن ملك المغرب بالتعاون مع أهل غرناطة، بالجيش الصليبي، انتهت بهزيمة وكارثة مدوّية للمسلمين، وكانت أولى الضربات الموجعة والمؤذنة بسقوط الأندلس.

معركة طريف

في الثلاثين من أكتوبر عام 1340م، نشبت معركة في الأندلس بين جيوش المسلمين الأندلسيين بقيادة السلطان أبي الحجاج يوسف بن أبي الوليد إسماعيل والمرينيين القادمين من عدوة المغرب بقيادة السلطان أبي الحسن علي بن عثمان المريني من جهة، وجيوش مملكة قشتالة بقيادة ألفونسو الحادي عشر ومملكة البرتغال بقيادة ألفونسو الرابع، تلك المعركة التي انتهت بهزيمة قاسية للمسلمين بل قتل المئات من جيش الإسلام وعلمائه وفقهائه.

 

قبل المعركة بشهور قليلة، اشتد الصراع بين مملكة غرناطة، والتي كانت تقع تحت يد المسلمين، وحليفتها دولة بني مرين في المغرب من جهة، وإسبانيا الصليبية من جهة أخرى، خاصة بعد المحاولات التي قامت بها مملكة قشتالة أكبر الممالك الصليبية في إسبانيا أن تقضي على مملكة غرناطة التي تمثل الحصن الأخير للإسلام بالأندلس، ولكن الدعم القوي من دولة بني مرين المغربية حفظ الوجود الإسلامي بل حقق المسلمون العديد من الانتصارات الباهرة على صليبي إسبانيا.

خسارة المسلمين بمعركة طريف

لم يكن سقوط الأندلس السبب فيه الصليبيون فقط، بل النزاع على العرش بين أبناء الدولة كان بداية تمهيد الطريق لسقوط دولتهم، قتل المسلمون بعضهم البعض نزاعًا على أمور الدنيا، فقد حدثت اضطرابات داخل مملكة غرناطة ذهبت باثنين من سلاطينها الأقوياء هما السلطان إسماعيل بن الأحمر، الذي قتل على يد ابن عمه حقدًا وحسدًا وغيرة منه على منصبه، والسلطان محمد بن الأحمر الذي قتل على يد بعض المتآمرين؛ بسبب إصراره على ملاحقة المفسدين والخوارج، وقد استغل الأسبان هذه الصراعات وقاموا بعدة هجمات شرسة على غرناطة.

 

بعد تلك الهجمات التي شنّها الصليبيون، أرسل السلطان يوسف بن الأحمر يستنجد بسلطان بني مرين أبي الحسن علي بن عثمان ملك المغرب، الذي أرسل بإمدادات يقودها ولده الأمير أبو مالك، ولما علم الصليبيون بقدوم جيش أبي مالك أخذوا استعدادهم واتحدت الممالك الصليبية في إسبانيا، وعند سهل بجانة سنة 740هـ، التقى الجيشان فهزم المسلمون هزيمة شديدة وقُتل أبو مالك نفسه.

 

كان مقتل أبو مالك صدمة كبيرة بالنسبة لوالده، فقرر الثأر من قتلة فلذة كبده، والذهاب بنفسه للحرب ضد الصليبيين، وجهز جيشًا ضخمًا وأسطولاً مثّله، ونزل في أوائل سنة741هـ بمنطقة سهل طريف وانضم إليه السلطان يوسف بن الأحمر ومعه خلاصة أهل غرناطة وعلمائها وقتها وفقهائها وسائر أبطالها، وكان الصليبيون قد استعدوا لمثل هذا اللقاء، فأسرعوا قبل قدوم المسلمين واستولوا على ثغر طريف وتغلبوا على حاميته، ورابط الأسطول الصليبـي في مياه المضيق بين المغرب والأندلس ليمنع قدوم الإمدادات من المغرب، واعتمد الصليبيون على أسلوب المطاولة؛ حتى تنفد مؤن الجيش الإسلامي الكبير.

وفي الثلاثين من أكتوبر بدأت المعركة، بل أقل ما يقال عنها المجذرة، على ضفاف نهر سالادو، بين جيش المسلمين بقيادة أبو الحسن، وجيش الصليبيين بقيادة ألفونسو الحادي عشر، وأثناء القتال المشتعل تسللت فرقة إسبانية من الجنوب وانقضت على مؤخرة الجيش الإسلامي، فدبّ الخلل إلى صفوفه وسقط معسكر سلطان المغرب الخاص في يد الصليبيين، وذبح من كان به من النساء والأطفال بطريقة وحشية، فعمّ الخلل بصفوف المسلمين، وفر الكثيرون ووقعت هزيمة مدوية لهم، وقتل معظم العلماء والفقهاء والصالحين في المعركة؛ حيث لم يفر منهم أحد، وكانت هذه الواقعة أولى الضربات المؤثرة والموجعة والمؤذنة بسقوط الأندلس.

 

موضوعات متعلقة..

مذبحة قبية.. هنا حوّل «الصهاينة» الآمنين إلى أطلال في «أرض البعث»

شبكة الموت .. إسرائيل تصطاد أطفال فلسطين في ظلمة الليل

اقرأ أيضا