«المجالس القومية» كيانات موازية للوزارات.. موازنة بالمليارات والحصيلة «صفر»

الاربعاء 19 ديسمبر 2018 | 10:10 مساءً
كتب : مصطفى الخطيب - مصطفى عبد الفتاح

حنفى: لابد أن يكون لها تشكيل وصلاحيات خاصة.. وإبعاد أى ممثل للسلطة التنفيذية

شكر: أغلبها لا تؤدى دورها وتكلف الدولة مبالغ طائلة.. و«حقوق الإنسان» هيئة مستقلة

أبوحامد: البرلمان أوصى منذ الانعقاد الماضى بإعادة النظر فى تقييمها

عيسى: إنشاء عدد كبير منها يسبب ازدواجية وتداخل فى الاختصاصات.. ويحدث مشكلات فى التطبيق

 

منذ أن رأى دستور 2014 النور؛ منح معه الحياة لعدد من المجالس القومية المتخصصة، والهيئات المستقلة، ومنحها صلاحيات تلعب دورًا كبيرًا فى تنفيذ مهامها على أرض الواقع بل ومنحها الشخصية الاعتبارية والاستقلال الفنى والمالى والإدارى، وأن يُؤخذ رأيها فى مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بها وبمجال أعمالها.

 

الدستور يحصنها

وينص الدستور على أن يصدر تشكيل كل هيئة مستقلة أو جهاز رقابى قانون، يُحدّد اختصاصاتها ونظام عملها، مع العمل على ضمان وضمانات استقلالها، والحماية اللازمة لأعضائها، وسائر أوضاعهم الوظيفية، بحيث يكفل لهم الحياد والاستقلال، ويُعيّن رئيس الجمهورية رؤساء تلك الهيئات والأجهزة بعد موافقة مجلس النواب بأغلبية أعضائه، ولمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة، ولا يُعفى أى منهم من منصبه إلا فى الحالات المحددة بالقانون، ويُحظر عليهم ما يُحظر على الوزراء.

 

وتقوم هذه المجالس المتخصصة بتقديم تقارير سنوية إلى كل من رئيس الجمهورية، ومجلس النواب، ورئيس مجلس الوزراء، بحيث يلزم الدستور مجلس النواب بالنظر فيها لاتخاذ الإجراء المناسب حيالها، فى مدة لا تجاوز أربعة أشهر من تاريخ ورودها إليه، كما يتم تبليغ الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، سلطات التحقيق المختصة بما تكتشفه من دلائل على ارتكاب مخالفات أو جرائم، وعليها أن تتخذ اللازم حيال تلك التقارير خلال مدة محددة، وذلك كله وفقًا لأحكام القانون.

 

دمج المجالس

قائمة هذه المجالس ضمت، "المجلس القومى للمرأة، والمجلس القومى للطفولة والأمومة، والمجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة، والمجلس القومى للشباب والمجلس القومى للسكان، لكن حين تنزل إلى أرض الواقع ستجد أن دور هذه المجالس على أرض الواقع يكاد يكون منعدما رغم أنه تخصص لها موارد من ميزانية الدولة من أجل تحقيق أهدافها، الأمر الذى دفع البعض إلى اقتراح ضم هذه المجالس إلى الوزارات التابعة لها.

 

المجلس القومى للسكان على سبيل المثال الهدف من إنشائه دراسة العلاقة بين التطور السكانى والنمو الاقتصادى على ضوء الموارد المتاحة، ودراسة الإجراءات والوسائل التى يمكن الاستعانة بها فى ترشيد الاتجاهات السكانية بما يحقق مصلحة المجتمع والأسرة، واقتراح وسائل الدعاية الخاصة بتنظيم الأسرة وإنتاج الأفلام السينمائية والتليفزيونية.

 

أما المجلس القومى للأمومة والطفولة فيختص بإبداء الرأى فى مشروعات القوانين والقرارات المتعلقة بالطفل قبل عرضها على السلطة المختصة، والتوصية باقتراح مشروعات القوانين والقرارات التى تلزم للنهوض بالطفولة والأمومة، وأن المجلسين السابقين من الممكن دمج اختصاصاتهما فى وزارة الصحة والسكان.

 

وإذا تناولنا دور المجلس القومى للشباب؛ فسنجد أنه ينحصر فى توفير الخدمات الشبابية المناسبة فى كل المحافظات، وغرس قيم المواطنة والانتماء، وتوسيع مشاركة الشباب فى الحياة العامة، ورعاية الموهوبين والمبتكرين، وهذه الأدوار مجتمعة من الممكن أن يتم اختزالها فى وزارة الشباب والرياضة، كما أن له صلاحيات الإشراف والرقابة على دور الوزارات فى خدمة ذوى الإعاقة, والتنسيق بينها فى أداء الخدمات لها.

 

أما المجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة فدوره الرقابة على المؤسسات والجمعيات التى تعمل بقضية الإعاقة، وتطبيق لغة الإشارة بجميع المؤسسات الحكومة وغير الحكومية، ورفع نسبة تعيين ذوى الإعاقة من 5% إلى 7% فى كل المؤسسات الحكومية، والعمل على تفعيل قانون كود الإتاحة الخاصة بوزارة الإسكان، وإرسال التقارير الخاصة بالجمعيات والمؤسسات العاملة فى مجال الإعاقة إلى الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية، والتعامل والمسئولية الكاملة لملف ذوى الإعاقة محليا ودوليا، وهذه الأدوار يمكن أن تقوم بها وزارة التضامن.

 

الميزانية

وحسب وزارة المالية، تراجعت مخصصات موازنة المجلس القومى للمرأة إلى نحو 31.2 مليون جنيه خلال 2017-2018 مقابل 34.5 مليون جنيه فى موازنة العام الماضى، وعلى الرغم من تراجع إجمالى موازنة المجلس خلال العام الجارى؛ إلا أن مخصصات الأجور فى موازنة العام الجارى ارتفعت بنسبة 5.8% إلى نحو 20.3 مليون جنيه مقابل 19.2 مليون جنيه بموازنة 2016-2017، أما ميزانية المجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة فبلغت خلال العام المالى 2017 – 2018، 18 مليون جنيه، فى حين تتبع ميزانية المجلس القومى للشباب وزارة الشباب والرياضة وتصل إلى مليار جنيه.

 

اتفاقيات دولية تحميها

النائب خالد حنفى عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بالبرلمان، قال إنه طبقًا للاتفاقيات الدولية فأنت كدولة ملزم بأن يكون لديك كيانات مستقلة بعيدة عن تدخل السلطة التنفيذية، فمثلًا المادة 33 من اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوى الإعاقة تناولت ضرورة التزام الدول الموقعة على الاتفاقية بإنشاء كيان أو أكثر مستقل يتابع تنفيذ أحكام الاتفاقية.

 

وأضاف حنفى أن المادة 214 من القانون تناولت المجالس القومية المستقلة وهى القومى لحقوق الإنسان والقومى للمرأة والقومى للأمومة والطفولة والقومى للأشخاص ذوى الإعاقة، وأن تتمتع بالاستقلال المالى والإدارى ويحدد القانون تشكيلها، فأنا هنا لدى مرجعية دولية ودستورية بضرورة وجود هذه المجالس.

 

وتابع النائب أن هذه المجالس لها رأى استشارى، وأن أعضاءها يكونون من ذوى الخبرة المرتبطة بمجالها، لكن أنا كمشرع مطالب بأن أضمن أن يكون أعضاء هذه المجالس من ذوى الخبرة الفعلية.

 

السلطة التنفيذية تتحكم

وتابع أن اختفاء دور هذه المجالس ليس بسبب المجالس نفسها وإنما فى طريقة تشكيل هذه المجالس، فمجلس مثل القومى لشئون الإعاقة يرأسه رئيس مجلس الوزراء أما القومى للطفولة والأمومة فيرأسه وزير الصحة فمن هنا أصبح المجلس غير مستقل لأنه موجود به عضو من السلطة التنفيذية، فمثلًا رئيس الوزراء غير متفرغ لرسم سياسات ذوى الإعاقة لأن لديه من المهام والاختصاصات فهذا غير منطقى، فلابد أن يكون للمجالس القومية تشكيلا خاصا وصلاحيات خاصة بها.

 

وأكمل عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية أن الخطأ هنا خطأ المشرع الذى لا يضع تعريفًا محددًا لهذه المجالس لكى تتمكن من تأدية عملها طبقًا لاستقلالية معينة، مشيرًا إلى أن مجلس النواب أصدر قانونين متعلقين بالمجالس القومية الأول بالقومى للمرأة والثانى بالقومى لحقوق الإنسان والأخير قانونه صادر من دور الانعقاد الثانى أى منذ عامين، وحتى الآن لم يتم تشكيل المجلس مع العلم أن القانون حدد فترة معينة لإعادة تشكيل المجلس، وألزم مجلس النواب بتحديد أعضاء هذا القومى لحقوق الإنسان، لذا عند تشكيله ستتنافس الأحزاب الموجودة فى المجلس على الوجود به، وبالتالى سيتحول إلى مجلس سياسى وليس مستقلا.

 

حلول للأزمة

وتابع أن القانون ألزم أيضًا من يكون عضوا فى مجلس حقوق الإنسان، ألا يكون عضوا فى السلطة التنفيذية أو التشريعية أو إحدى الهيئات القضائية، أما فى المجلس القومى للمرأة فتم إلغاء الشرط سالف الذكر، وعند التساؤل عن السبب؛ كان الرد أننا لا نمتلك سيدات مؤهلات لأن يكن عضوات بالقومى للمرأة وهذا تفكير خاطئ، ونفس الوضع فى القومى للإعاقة شكل منذ 4 أعوام وحتى الآن لم يشكل مرة أخرى وفى انتظار القانون الجديد حتى يرى النور.

 

وواصل حنفى أنه فى عام 2015 صدر قرار من مجلس الوزراء بنقل تبعية القومى للإعاقة من رئاسة الوزراء إلى وزيرة التضامن، فتقدمت بالطعن على القرار فتحايل رئيس الوزراء بإلغاء التبعية وجعل الوزيرة تشرف فقط على المجلس، وطعنت على القرار وحكم بوقف تنفيذه من القضاء الإدارى، ولم تلتزم الحكومة، ونفس الوضع على القومى للطفولة والأمومة الذى صدر قرار بنقل تبعيته لوزارة الصحة وتقدمت الحكومة بالطعن عليه هو الآخر.

 

وأردف أننا نحن من نصنع المشكلة فى البداية، وأن حلها دراسة التشريعات بشكل جيد، وأن أعطى هذه المجالس صلاحيات حقيقية، لأن هذه المجالس وظيفتها رسم سياسات ووضع استراتيجيات ومتابعة، وأن تتبع مؤسسة الرئاسة وليس الحكومة، وأن يكون هناك إطار تشريعى سليم، وفى نقطة الموارد من الممكن أن يكون لديها موارد بعيدة عن الموازنة العامة للدولة، فمثلا القومى للأمومة والطفولة أصدر طابع تنظيم الأسرة وقامت بزيادة قيمته 10% تخصص كموارد للمجلس لحل أزمة كبيرة وسنتمكن من توفير موارد مالية بفكرة غير تقليدية تحقق فى النهاية المصلحة للجميع.

 

ومن جانبه قال الدكتور عبد الغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن وضع المجلس لحقوق الإنسان مختلف عن باقى المجالس القومية، لأنه كى تعتمده الأمم المتحدة فى أى دولة؛ يجب أن يكون متفقا مع معايير باريس، لأن هناك معايير يجب أن تكون متوافرة فيه، وأن المجلس القومى لحقوق الإنسان هو هيئة مستقلة عن الدولة ماديا وإداريا وفنيا ومحدد اختصاصاته من قبل الدستور، وله قانون محدد.

 

قصور فى القانون

وأوضح "شكر" أنه فى حالة عدم قيام المجالس القومية بما فيها حقوق الإنسان بالدور المنوط بها؛ يعتبر هذا قصورا فى القانون الذى ينظمه، سواء من الناحية المتعلقة بالاستقلالية أو بالاختصاصات، مشيرًا إلى أن القانون يحدد اختصاصات كل مجلس.

 

مبالغ طائلة

وأكد أن أغلب المجالس القومية الموجودة لا تقوم بدورها الحقيقى على أرض الواقع وتكلف الدولة مبالغ طائلة ولا يوجد مبرر للمبالغة فى إنشائها، موضحا أن المجلس القومى لحقوق الإنسان على الرغم من الاختصاصات التى ينص عليها الدستور بشأنه؛ ولكن يوجد قصور فى تفعيل دوره لأن هناك مادة فى القانون تنص على أن المجلس مختص بتلقى الشكاوى المتعلقة بحقوق الإنسان ويدرسها ويخطر الجهة المختصة بذلك ويبصرها بالإجراءات القانونية التى تحل المشكلة ويتابع ذلك، وعلى الرغم من وجود المادة فإن أغلب الوزارات لا ترد على المجلس وهذا يعتبر قصورا، مؤكدا أن القانون لا يلزم الجهة بالرد على المجلس.

 

يجب تقييم دورها

وأكد النائب محمد أبو حامد عضو لجنة التضامن الاجتماعى بالبرلمان، أن المجالس القومية باستثناء "القومى للمرأة" تحتاج إلى تقييم دوره لأن معظمهم لا نسمع لهم صوتا مثل المجلس القومى للطفولة والمجلس القومى للسكان والشباب وغيرها ولا يوجد لهم دور.

 

تكلف الدولة مبالغ كثيرة

وتابع أنه يجب إعادة تقييم دور تلك المجالس، وإذا كانت هناك أى إشكاليات فى تكوينها أو وضعها القانونى فيجب تعديلها حتى تقوم بدورها المنوط به، وخاصة أنها تكلف الدولة بمبالغ كثيرة، وأن اللجنة فى توصياتها خلال أدوار الانعقاد الماضية كانت تدور حول أنه يجب إعادة النظر فى تقييم أداء المجالس القومية، لأن وجودها والقضايا التى تعمل عليها ذات أهمية بالغة، ولكن من المهم أن يكون هناك لهم دور على أرض الواقع.

 

وأوضح أن هذه المجالس لها ميزانية من الموازنة العامة للدولة ويوجد لديها عمالة تتقاضى رواتب بشكل منتظم فليس من المنطقى أن يتقاضوا رواتب من الدولة ولا يقومون بدورهم.

 

فقدت مصداقيتها

وأضاف النائب صلاح عيسى عضو مجلس النواب، أن إنشاء مجالس قومية بنفس اختصاصات الوزارات يُفقد مصداقيتها وبريقها، ويجب ضم الوزارات وتقليل أعدادها وليس إنشاء مجالس قومية، فإن أغلبها لا يقوم بدوره على أرض الواقع.

 

ازدواجية وتداخل فى الاختصاصات

وأوضح الدكتور صلاح فوزى، الفقية الدستورى، أن إنشاء المجالس القومية بعدد كبير؛ يسبب ازدواجية، وتداخل فى الاختصاصات ويحدث مشكلات فى التطبيق.

 

وأكد "فوزى" أن الدستور نظم عمل المجالس القومية، وهى مجالس حتمية الوجود، مثل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ومجلس الأمن القومى، ومجلس الدفاع الوطنى، كما توجد مجالس قومية نظمها الدستور فى المادة 114 على شاكلة المجلس القومى لحقوق الإنسان والمرأة والأمومة والطفولة والإعاقة، موضحا أن الدستور قال إن القانون يحدد المجالس المستقلة ويكون لها الاستقلال المالى والإدارى ولكن بشرط الإبقاء دستوريا على القومى لكل من "حقوق الإنسان، والمرأة، والطفولة، وذوى الإعاقة"، ولكن بضوابط حاكمة، أن لا تماثل اختصاصات كل منها، اختصاصات أى مجلس آخر أو وزارة.

 

وطالب فوزى بتنشيط المجالس القومية الموجودة وتفعيل دورها حتى تقوم به على أرض الواقع ولا أقوم بعمل كيان موازٍ للوزارات، ويكون هناك هيكل جديد، وأنا ضد فكرة الإصلاح الإدارى عن طريق التوسعة الهيكلية.

اقرأ أيضا