«ذكرى» و«السويدي» قتلهما الأمراء العرب

الاحد 29 نوفمبر 2015 | 12:22 صباحاً
كتب : بلدنا اليوم

«روح ظهرت في أخر أغانيها».. تشدو بـ«لو يا حبيبي تشوفك عيني وكان يطمن قلبي عليك.. كنت استنى لأخر عمري وأعشلك انت وافكر فيك..غايب عني ليه وظالمني انت ناسيني ولا ايه»، لم تك تعلم أنها ستموت ظلمًا برصاص زوجها، الذي غنت له، - حسب ما أعلنت وسائل الإعلام -، وبالفعل عاشت لأخر عمرها تنتظره حتى عاد إليها مخمورًا وأرداها هي وخادمتها رميًا بالرصاص، ولحقها هو الأخر منتحرًا.ذكرى محمد الدالي، الفنانة التى وهبت حياتها للفن، ولدت في منطقة وادي الليل في تونس، من والدتها «زهرة»، وهي أصغر أشقائها الثمانية، وكانت متعلقة بأبيها وكانت تنام في حضنه في صغرها، سمعها والدها برهة من الزمن وهي تشدو ببعض الأغاني، ومن هنا كان إيمانه بموهبتها، ولكنه سرعان ما فارقها.الروح التى غنت «وحياتي عندك»، بدأت مشوارها الغنائي، أثناء وجودها في المدرسة، وكان والدها يشجعها على الغناء، بينما لم تتقبل والدتها ذلك، لكن موهبتها الفذة جعلت لديها قدرة على أداء جميع الأغاني رغم صعوبتها.«وعشان بحبك يصعب عليا.. وأقول غرامك ما كانش ليا.. يلي غرامك كلو أسية»، بأغنية «أسأل عليا»، للراحلة ليلى مراد، شاركت في برنامج المسابقات «بين المعاهد» عام 1980، وشاركت بها مرة أخرى بعد ذلك ببرنامج الهواة «فن ومواهب».. انبهرت لجنة التحكيم، وفازت بالجائزة الكبرى يوم 23 يوليو 1983 بأداء رائع لأغنية «الرضى والنور» للسيدة أم كلثوم.فوزها أجبر عزالدين العياشي، على الانتباه لها، وكان ذلك تذكرتها لدخول كورال «فن ومواهب»، وفي سنة 1983 سجلت أول أغنية تم تلحينها خصيصاً لها من «العياشي»، «يا هوايا».شاركت في العام نفسه في أول حفلة في مهرجان «قرطاج» بتونس، انضمت بعدها إلى فرقة الإذاعة والتلفزيون التونسية، بقسم الأصوات، وهناك قابلت السيد عبد الرحمن العيادي، الذي لحن معظم أغانيها بعد ذلك.في حينها كانت «ذكرى» معروفة بقوة صوتها وإمكانيتها لأداء جميع أنواع الأغاني بما فيها القصائد والموشحات والأغاني الطربية.أمضت «ذكرى» عشرة سنوات في تونس، قبل انتقالها لمصر, صدر لها 30 أغنية 28 منها تلحين عبد الرحمن العيادي، منها: «لمن يا هوى ستكون حياتي وكيف سأعرف ما هو آتي؟، حبيبي طمن فؤادي.. إلى حضن أمي يحن فؤادي.. روحي معاه من يوم ما ودعني».مرت مثل نظيراتها برحلة احتكار، في سنة 1990 حصل خلاف بينها وبين عبد الرحمن العيادي، الذي كان خطيب «ذكرى» وقتها بسبب احتكاره لصوتها ورفضه أن يقوم شخص آخر غيره بالتلحين لها, لذلك تركته وانضمت لمجموعة «زخارف عربية» وكانت هذه آخر محطاتها في تونس قبل أن تهاجر.في سنة 1986م ذهبت ذكرى إلي سوريا، لتتعلم أصول الغناء والموسيقي برفقة الملحن عبد الرحمن العيادي، الذي رفقها بألة العود وفي يوم وعلى أنغام أغاني كوكب الشرق كان يتواجد الملحن «خليفة الزليطني» الذي كان يبحث عن صوت لأداء أعماله الغنائية، وكانت ومن كلمات الأستاذ عبد لله منصور ، عرض عليها أربعة أغاني ومن أشهرها «حبي النقي، وابحرت»، وتم تسجيلها باستوديوهات دمشق، وسرعان ما تم تصوير الأعمال من بعدها انطلقت في السوق الليبي وتواردت عليها الأعمال والتسجيلات.في سنة 1990، وأثناء تواجدها في المغرب، وافقت على تسجيل عمل غنائي للملحن محمد حسن، الذي كان يعد لسهرة مغاربية في الخيمة الغنائية، وغنت ذكرى، «عليا ادلل».لم تنتقل إلى مصر مباشرة بل انتقلت إلى ليبيا لفترة وخلالها تعاملت مع كبار عمالقة الفن الليبي مثل محمد حسن، علي الكيلاني, عبد الله منصور, سليمان الترهوني، رمضان كازوز، خليفة الزليطني، عمر رمضان، و غيرهم.واختيرت أجمل من غنى باللكنة الليبية من فنانات العالم العربي، وهي الفنانة الوحيدة التي تملك أكثر الألبومات الليبية إلى اليوم، وغنت ألوان الغناء التراثى الصعب، فأتقنته بجداره حتى أنها كانت من مؤسسى سلسلة رفاقة عمر التراثية الرمضانية لمدة 16 عام متتالية، ويقال أن آخر عمل قامت بتسجيله كان في ليبيا قبل ذهابها إلى مصر لتلقى حتفها هناك، أصدرت العديد من الألبومات: «وبحرت، شن درنالك، نفسي عزيزة» كان آخر ألبوم ليبي صدر لهافي 2003.بعد مشوارها الغنائي في ليبيا، انتقلت ذكرى لتونس وبعدها هاجرت إلى مصر لتبدأ منها شهرتها في الوطن العربي، هناك التقت الموسيقار هاني مهنا، الذي أنتج لها ألبومين وهما «وحياتي عندك» في سنة 1995، - كان البوم ناجحاً في الوطن العربي -, بعدها أنتج لها ألبوم «أسهر مع سيرتك» في سنة 1996، لم يلاقي النجاح المطلوب بسبب عدم توفير الدعاية اللازمة.قوة صوتها جعلت العديد من كبار ملحنين مصر يسعون للتعاون معها منهم صلاح الشرنوبي و حلمي بكر .والتقي بي موسيقار الكردي هلكوت زاهر من شدت اعجاب بألحانه، وطلبت منها عمل ألبوم كاملًا وتم اللقاء عن طريق الموسيقار يحيى الموجي في القاهرة، وصدر آخر آلبوماتها باللهجة المصرية سنه 2003، تحت اسم «يوم عليك» حيث سبق موعد صدوره وفاتها بثلاث أيام فقط. في ليلة 28 نوفمبر 2003 تمت إذاعة خبر مقتلها على يد زوجها «أيمن السويدي»، والذي انتحر بعد ذلك، وأعلنت السلطات المصرية أن زوجها قام بقتلها وقتل الخادمة بسلاح ناري قبل أن يقتل نفسه تحت تأثير الخمر، لكن كان هناك بعض الشكوك تشير إلى أن الجريمة وقعت لأسباب أخرى أو من قبل جهات أخرى.رحلت ذكرى باكراً، وهي صاحبة الصوت المطواع الذي كبر في تونس، ثم انتقل إلى القاهرة لشغف صاحبته بالطرب والألحان، تبناها بداية الموسيقار هاني مهنا، والذي لازمها حتى أيامها الأخيرة، فكان مهنا "مستشار" ذكرى الفني والموسيقي في القاهرة، ويكاد يكون الوحيد الذي دافع عن زوجها الذي اتُهم بمقتلها، بعد تصريح مهنا بأن أيمن السويدي زوج ذكرى كان يُحبها كثيراً.إلا أن هناك شبهات كثيرة حول هذا الحادث، بأن هناك أغنية غنتها الفنانة التي ماتت مقتولة، أغنية ثورية تقدم نقداً واضحًا لما يسمى المقدّس في السياسة وأنظمة الحكم العربية وخاصة النظام الملكي السعودية، شهدت بعض الإنتقادات من ناحية سياسية و فكرية و دينية، ليفتح سؤال هل هناك سبب سياسي وراء إغتيال ذكرى، غير الذي روج له الإعلام أم هي الصدفة البحتة؟، وهو المرجح بعد إعلانها أن زوجها كان يحبها جدًا، ليكونوا ضحايا للأمراء العرب.

اقرأ أيضا