خفنا من الجمهور.. فدفنا رأسنا فى الرمل الأمن عصا الخوف فى الملاعب

السبت 26 نوفمبر 2016 | 09:06 مساءً
كتب : منة عمر

مرتضى يرفع شعار «ولا بنخاف».. وينزل على مفيش"بلاش تروح الاستاد.. أنا خايف مترجعش"، لم يخل بيت فى أنحاء الجمهورية، من ترديد تلك الجملة، خاصة خلال السنوات الأربع الماضية، وتحديدًا بعد مجزرة استاد بورسعيد، التى وقعت أحداثها فى عام 2012، وراح ضحيتها 74 مشجعًا، وازداد الأمر تعقيدًا عام 2015، بعد وقوع أحداث الدفاع الجوى التى خلفت وراءها 20 ضحية.لم نفعل شيئًا سوى دفن رؤوسنا فى الرمال كالنعامة، وتحول المجنى عليه إلى جان، فأصبحنا نلقى باللوم على الجماهير وكأنهم قتلوا أنفسهم بأنفسهم، ظهرت ملامح الخوف على البعض تحسبًا للمُساءلة، وتحولت كلمة الجماهير إلى شبح يطارد الجميع.قرر الاتحاد المصرى لكرة القدم حينها، وقف النشاط الكروى، حدادًا على ضحايا الساحرة المستديرة، على أن يستأنف النشاط بدون جمهور، باستثناء مباريات المنتخب الوطنى، ومشاركات الأندية فى البطولات الإفريقية، طبقًا للوائح الكاف والفيفا، لتتحول الملاعب إلى أشباه قبور، ليصبح مقترح عودة الجمهور سؤالًا يؤرق المسئولين."الكرة للجماهير"، شعار رفعه مشجعو المستطيل الأخضر، فى الآونة الأخيرة، مطالبين بعودتهم لتزيين المدرجات، إلا أن المسئولين لديهم شعار آخر، وهو "الخوف من الجماهير"، عملًا بمبدأ من "خاف سلم"، على الرغم من أن الجمهور ضرب مثلًا رائعًا فى الالتزام داخل وخارج الملعب، فى مباراتين، كانت الأولى الشهر الماضى، عندما استضاف نادى الزمالك نظيره صن داونز الجنوب إفريقى، فى إياب نهائى بطولة أبطال إفريقيا، على ملعب برج العرب بالإسكندرية، وامتلأت المدرجات عن آخرها، وعبرت الجماهير بالمباراة إلى بر الأمان، بالرغم من خسارة أبناء ميت عقبة للقب على أرضهم ووسط جماهيرهم، إلا أننا لم نر خروجًا واحدًا عن النص، واستمرت الجماهير فى تشجيع لاعبيها طوال 90 دقيقة، ووجهت لهم الشكر عقب صافرة الحكم.المباراة الثانية، كانت على نفس الملعب، ولكن بين منتخبى مصر وغانا، ضمن الجولة الثانية من التصفيات الإفريقية المؤهلة لبطولة كأس العالم بروسيا 2018، والتى حسمها الفراعنة بثنائية دون رد، وتجلت الجماهير فى أبهى صورة، وزينت جنبات برج العرب بأعلام مصر، ليثبت الجمهور أنهم على قدر كبير وكاف من المسئولية، فمتى تعود شمعة الجمهور لتضىء المدرجات؟الخوف من الأمنلا غنى عن الاستعانة بقوات الأمن، من أجل تأمين المباريات، ولكن منذ اندلاع ثورة يناير 2011، تحول مفهوم دور رجال الشرطة بالنسبة للجماهير إلى مفهوم ثأرى، ففى الفترة الأخيرة وبسبب الأحداث الدامية، التى وقعت سواء مجزرة بورسعيد وما تلاها، ثم أحداث الدفاع الجوى وما تبعها، ليصبح الأمن بمثابة "بعبع" للجماهير، ورفعت القوات الأمنية عصاها من أجل تخويف المشجعين، حال الخروج عن النص، ليصبح الأمر بينهما يبدو وكأنه ثأر، لا بد أن ينتصر فيه أحدهما على الآخر، ولكن إذا وضعنا بعين الاعتبار أن يقوم كل منهم بدوره فقط، فقوات الشرطة تقوم بدورها فى تأمين المباريات، ويؤدى المشجع دوره من خلال مؤازرة فريقه كما اعتدنا، فلن يتخوف أى منهما من الآخر ولن تحدث مشكلة.عودة الثقة بين الشرطة والجماهير وإزالة هاجس الخوف تجاه بعضهما البعض، يحتاج لفترة من الوقت، خاصة وأن لافتات وهتافات المشجعين المعادية لقوات الشرطة، التى ظهرت فى المدرجات طوال الفترة السابقة، أحدثت شرخًا فى العلاقة بين الجمهور والأمن، وجعلت كلاهما ينظر للآخر على أنه عدو.رؤساء أندية بتجيب وراوتحت شعار "ولا بنخاف"، يرفع مرتضى منصور رئيس نادى الزمالك صوته عاليًا فى وجه أى مسئول، يرى أنه يلحق الضرر بمصلحة ناديه، فيخرج علينا كل يوم بتصريحات نارية يهاجم هذا وذاك، من أجل ملعب مباراة، أو رغبة فى استبعاد حكم ما من إدارة لقاءات الفريق الأبيض، فضلًا عن تهديدات كثيرة بالانسحاب من الدورى، ومن إقالة مدرب وتعيين آخر، ومهاجمة لاعب واستبعاد آخر، تنتهى معظم تلك العنتريات "فى الآخر على مفيش".فى المقابل، فإن محمود طاهر رئيس النادى الأهلى "بيجيب ورا"، يظهر عنيدًا، إلا أنه يرضخ فى النهاية لمتطلبات الجمهور، لا سيما أن اختيارات الأخير غالبًا ما تكون صائبة، خاصة أن طاهر ليس كرويًا، فخلال الأزمة الأخيرة التى أثيرت مع الهولندى مارتن يول، المدير الفنى السابق للأهلى، والإصرار العجيب الذى وصل حد العند، من طاهر للإبقاء على المدرب رغم تراجع النتائج، تعالت أصوات الجماهير مطالبة بالإطاحة بالهولندى، فضلًا عن خروج الفريق الأحمر المُخزى من بطولة أبطال إفريقيا، إلا أن رئيس القلعة الحمراء أبى الرضوخ لآراء الجميع، ولا تأتى الرياح بما تشتهى السفن، فقد خسر الأهلى أيضًا نهائى كأس مصر أمام الزمالك، وفى نهاية المطاف استجاب "طاهر" للأصوات التى طالما نادت بتغيير المدرب قبل وقوع الكارثة، إلا أن خوف "طاهر" من ظهوره ضعيف الشخصية دفعه للإصرار على آرائه.الخوف من ضياع حلم المونديالشهدت مباراة مصر أمام غانا، الأخيرة، التى أقيمت يوم 13 نوفمبر، ضمن منافسات المجموعة الخامسة للتصفيات المؤهلة لمونديال روسيا 2018، رُعبًا من قبل الجماهير المتابعة للقاء، خاصة بسبب ضعف الشخصية الذى ظهر عليه الفراعنة، فى مباراة الكونغو، التى أقيمت فى الجولة الأولى، وحسمها الفراعنة بنتيجة 2-1، إضافة إلى الأداء المتواضع، والقلق من التشكيل الفنى الذى بدأ به الأرجنتينى هيكتور كوبر المباراة، قلق الجمهور هنا كان يكمن فى الخوف من ضياع حلم المونديال أمام غانا مرة أخرى، وتكرار نفس مشهد عام 2013، فى كوماسى وبالتحديد على استاد بابا يارا، عندما مُنيت شباك الفراعنة بستة أهداف مقابل هدف، كانت كفيلة بدخول الفراعنة إلى نفق مظلم.شبح تلك المباراة كان يطارد اللاعبين أيضًا فى الملعب، خاصة مع الوجود الجماهيرى المهول الذى أضاء استاد برج العرب، فظهرت علامات الخوف والقلق على وجوه الفراعنة، لا سيما التراجع الدائم إلى المنطقة الدفاعية.الخوف ليس حلًا للمشكلات، بل إن المواجهة والتكاتف والعمل للوصول لأفضل الحلول، هو الدرب الصحيح الذى يسير عليه راغبو النجاح والتقدم.

اقرأ أيضا