في ذكرى رحيل «جمال».. «ألف رحمة علي اللي لسه قلنا وقال»

الاثنين 28 سبتمبر 2015 | 03:36 مساءً
كتب : منة الله عمر

«وألْف رحمة على اللى لِسَّه.. قُلْنا وقال، اللى مَضَى وذمِّته.. مَثَل جميل.. يتقال، ما هى نادْرة في مصر حاكم.. يطلع ابن حلال».. كلمات نعى بها الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، الزعيم الراحل «جمال عبد الناصر»، الذي مات وبقى حبه في قلوب أنصاره إلى الآن، عبد الناصر لم يكن مجرد حاكم لمصر، بل كان فكرة تجسّد للقومية العربية.غنى فيه المداحون، «ناصر ياحرية، ناصر ياوطنية، ياروح الأمة العربية يا ناصر، الشعب يريدك يا حياته يا موصل موكبه لغاياته»، لم تكن كلمات من وحي الخيال بل كانت معبرة عن حالة يعيشها الشعب المصري، ارتفعت معها كرامة المصري في الوطن العربي، وبوفاته شعر المواطن أن حاميه وسنده قد مات، رغم النكسة، ورغم ما يؤخذ على الحقبة الناصرية، إلا أن الشعب انتفض يوم رحيله.مولده:ولد جمال عبد الناصر في ١٥ يناير ١٩١٨ في ١٨ شارع قنوات في حي باكوس الشعبي بالإسكندرية، وكان جمال عبد الناصر الابن الأكبر لعبد الناصر حسين الذي ولد في عام ١٨٨٨، في قرية بني مر في صعيد مصر في أسرة من الفلاحين، ولكنه حصل على قدر من التعليم سمح له بأن يلتحق بوظيفة في مصلحة البريد بالإسكندرية، وكان مرتبه يكفى بصعوبة لسداد ضرورات الحياة.مناصب:أولى المناصب التى شغلها عبدالناصر عقب ثورة يوليو 1952 نائب رئيس الوزراء في حكومتها الجديدة، ووصل إلى الحكم عن طريق وضع محمد نجيب، الرئيس حينها، تحت الإقامة الجبرية، وذلك بعد تنامي الخلافات بين نجيب وبين مجلس قيادة الثورة، وتولى رئاسة الوزراء ثم رئاسة الجمهورية باستفتاء شعبي يوم 24 يونيو 1956. في عام 1962، بدأ عبد الناصر سلسلة من القرارات الاشتراكية والإصلاحات على الرغم من النكسات التي تعرضت لها قضيته القومية العربية، وبحلول سنة 1963 وصل أنصار عبد الناصر للسلطة في عدة دول عربية، فشارك الجيش المصري في الحرب الأهلية اليمنية في هذا الوقت، وقدم ناصر دستورًا جديدًا في سنة 1964، وهو العام نفسه الذي أصبح فيه رئيسًا لحركة عدم الانحياز الدولية.وبدأ ناصر ولايته الرئاسية الثانية في مارس 1965 بعد انتخابه بدون معارضة، وتبع ذلك هزيمة مصر من إسرائيل في حرب الأيام الستة سنة 1967. واستقال عبد الناصر من جميع مناصبه السياسية بسبب الهزيمة، ولكنه تراجع عن استقالته بعد مظاهرات حاشدة طالبت بعودته إلى الرئاسة.العالم يبكي ناصرفي الساعة السادسة والربع من مساء يوم 28 سبتمبر1970، تم الإعلان عن وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، عندما يرحل زعيم بحجم جمال عبد الناصر فجأة، ‬وقد ملأ الدنيا، ‬وشغل العالم،‮ ‬وتحدي الاستعمار العالمي، ‬ورسم صورة جديدة للعرب في العالم تتقدمهم مصر بتاريخها، وثقلها الاقليمي، والدولى بعد أن تحررت، ‬وعرفت طريقها للتقدم والتنمية، ‬عقب عملية الحراك الاجتماعي الذي قادته ثورة يوليو ‮٢٥٩١، ‬والحق الاجتماعي، والفرص المتكافئة في كل شيء« ‬لا فضل لمصري على مصري إلا بالعمل،‮ ‬وتحمل المسئولية، ‬وحب الوطن»‮.‬عندما رحل زعيم بحجم عبد الناصر، ‬فإن قلوب الناس انخلعت، ‬وانفجرت برءوسهم الظنون، والهواجس وعدم التصديق، ‬وإنكار أمور راسخة في وجدانهم عن القضاء والقدر والاعمار التي بيد الله، ‬وبمجرد الاعلان العاصف عن رحيل عبد الناصر‮، ‬انفجرت الأوهام، والتكهنات الرافضة للحقيقة التي أصبحت حدثًا عالميًا، ‬وبدأت الشكوك، والشائعات تتوالي،‮ ‬ومازالت حتى اليوم، وستظل إرثا تتناقله الأجيال‮ ‬التي لن تنسي عبد الناصر‮.‬مقتل ناصر .. روايات محلية وعالميةأصبحت الإتهامات توزع على الأطراف المختلفة‮، ‬فقد وجه البعض أصابع الاتهام إلى السوفيت‮، ‬وكان عبد الناصر عدوها الأول‮، ‬ومصدر الخطر على وجودها واستمرارها‮، ‬حيث كان عبد الناصر يعالَج في مصحاتهم‮، ‬والمفترض أنهم يعرفون كل صغيرة، وكبيرة عن مرضه إضافة عن أن تقدمهم العلمي يمكن أن يدلهم على سنوات العمر التي يستطيع الجسد أن يقاوم خلالها، ‬ويعيش‮، ‬ولو أنهم كانوا مخلصين لعبد الناصر ‬لفعلوا المستحيل‮، ‬ولكن الرجل كان وطنيًا‮، ‬كل ولائه لمصر وشعبها‮.واختلف البعض وراح كل واحد منهم ينفرد بنشر رواية عن هذه الوفاة تختلف في جوهرها ومضمونها تماما عن روايات الاخرين، فمحمد حسنين هيكل كتب عشرات المقالات يقول فيها ان عبد الناصر مات مقتولا، والقى التهمة كاملة على طبيب الرئيس الراحل في ذلك الوقت. أما الكاتب المصري عادل حمودة، والذي ألف كتابا حول هذه الوفاة بعنوان «عبد الناصر أسرار المرض والاغتيال»، فقد أفاد بوجود جاسوس اسرائيلي في مصر دارت حوله الشبهات حول اغتياله لعبد الناصر. وقد حاول الكاتب ان ينهي بكتابه هذا ويحسم الجدل الذي كان سائدا في سنوات السبعينات حول اسباب وفاته الغامضة. ولكن كان لبعض المقربين من عبد الناصر وجهات نظر اخرى. وعلق «شوين لاي» رئيس وزراء الصين،‮ على وفاته، ‬وكان‮ ‬غاضبًا جدًا عندما شارك في جنازة عبد الناصر:«‬لقد ضحيتم بزعيمكم‮.. ‬تركتموه للسوفيت‮.. ‬ولم يكونوا أمناء عليه‮.. ‬وقد استغل صانعو الشائعة الخلافات التي كانت قائمة بين النظام السوفيتي والصين‮».البيان الرسمي قدم السيد أنور السادات في الساعة الحادية عشر إلا خمس دقائق من هذه الليلة نعيًا للأمة العربية لبطلها، وقائدها الرئيس جمال عبد الناصر، وهذا نص النعي:«فقدت الجمهورية العربية المتحدة، وفقدت الإنسانية كلها رجلًا من أغلى الرجال، وأشجع الرجال، وأخلص الرجال، وهو الرئيس جمال عبد الناصر الذي جاد بأنفاسه الأخيرة في الساعة السادسة والربع من مساء اليوم 27 رجب 1390، الموافق 28 سبتمبر 1970 بينما هو واقف في ساحات النضال يكافح من أجل وحدة الأمة العربية ومن أجل يوم انتصارها.. لقد تعرض البطل الذي سيبقى ذكراه خالدًا إلى الأبد في وجدان الأمة، والإنسانية لنوبة قلبية حادة بدت أعراضها عليه في الساعة الثالثة والربع بعد الظهر، وكان قد عاد إلى بيته بعد انتهائه من آخر مراسم اجتماع مؤتمر الملوك، والرؤساء العرب الذي انتهى بالأمس في القاهرة والذي كرس له القائد والبطل كل جهوده».

اقرأ أيضا