«أردوغان» و«كولن» الصداقة التي لم تستمر طويلًا

الخميس 28 يوليو 2016 | 12:37 مساءً
كتب : عبد الحكيم محمد

لم يمهِل رجب طيب أردوغان نفسه أو أجهزة الدولة عناء البحث عن إجابة لسؤال: «من الذي يقف وراء محاولة الإنقلاب؟» كانت الإجابة جاهزة منذ اللحظة الأولى وهى بالطبع «فتح الله كولن».لا يعرف الذي يسمع لهجة «أردوغان» وهو يصف جماعة فتح الله كولن بـ«الخونة الأعداء» أن هؤلاء الأعداء كانوا بالأمس إخوة.من هو كولن.. وما هى جماعته؟ولد "كولن" في قرية بمحافظة أرضروم شرق البلاد عام 1941، وتلقى تعليمًا دينيًا منذ صباه، إضافةً لعلم الفلسفة وغيرها من العلوم، كما أطلع على الثقافة الغربية وأفكارها وفلسفاتها إلى جانب الفلسفة الشرقية.وفي العشرين من عمره، عُين كولن إمام جامع في مدينة إدرنة «شمال غرب» لكنه بدأ عمله الدعوي في مدينة إزمير، وانطلق بعدها ليعمل واعظا يلقي الخطب والمواعظ في جوامع غرب الأناضول، كما رتب محاضرات علمية ودينية واجتماعية وفلسفية وفكرية. وقام كولن بالتفكير في تشكيل كيان أكبر يقدر من خلاله نشر الفكر الإسلامي الصوفي الذي يدعي له وأسس نواته بالفعل في السبعينيات من القرن الماضي بمدينة أزمير قبل أن تتوسع لتشمل تركيا كاملة ودول آخرى في القطر العربي والإفريقي.وتهتم حركه كولن بالدرجة الأولى بالتعليم وإنشاء المدارس بمختلف مستوياتها داخل وخارج تركيا، إضافة لإنشاء مؤسسات اقتصادية وإعلامية وطبية وثقافية وإغاثية، وتعتبر هذا وسيلة لإعداد كوادر يتولون عدة مهمات في الدولة مستقبلا. وتركز الجماعة على التعليم الحداثي في جميع المستويات، ولها مدارس ومعاهد منتشرة في جميع القارات، كما أن لها أنشطة ثقافية آخرى.كيف تلاقت المصالح تحت سماء "أتاتورك"يتشارك كل من أردوغان وكولن في عداء ما خلفه مصطفى كمال أتاتورك من رفض لكل ما هو إسلامي، ومحاولتهم للوقوف أمام قوة العلمانية المتركزة فيما يسمى بالدولة العميقة والجيش.وكان هزّ ذلك الأمر يحتاج إلى تغلغل داخل بعض المؤسسات، وهو الامر الذين كان يعوزه أردوغان في بداية حكمه للبلاد، وهو الأمر الذي ساعده فيه كولن، كما ساعده في الدعاية لحكمه عن طريق المؤسسات الإعلامية التي تتبع لجماعته، ودعمه في انتخابات 2007.ومد كولن يد المساعدة إلى أردوغان بمساعدته في تقويض وجود الجيش التركي كعنصر فاعل بالحياة السياسية، من خلال تسريب بعض المعلومات عن نيّة بعض القادة العسكريين الإنقلاب على أردوغان، وهو الأمر الذي استخدمه أردوغان في الحد من نفوذ الجيش السياسي. وخلق مناخ إجتماعي عن طريق الإعلام يقلل من قوة الجيش السياسية بما يحفظ لأردوغان، الإسلامي، حكمه من الإنقلابات التي يقوم بها الجيش التركي، الذي يسمي نفسه، بحامي العلمانية الأتاتوركية ودولة تركيا الحديثة.متى افترق الإخوة؟مع أول اختلاف دب بين أردوغان وكولن. استشعر الاول خطورة الآخير وتوالت الأحداث التي زادت من الفرقة حتى وصلت بها حد العداء الواضح مؤخرًا.كانت العلاقة بين كل من أردوغان، وكولن وجماعته، مستقرة حتى حادث أسطول الحرية، حيث رفض كولن السلبية التي تصرف بها أردوغان مع استهداف الجيش الإسرائيلي لأسطول الخير المبعوث إلى غزة.ثم وصلت العلاقة إلى نهايتها بحلول عام 2013، اثر فضيحة فساد كبرى طالت أردوغان ونجله الأكبر بلال ووزراء ومقربين، واتهموا فيها بالقضايا فساد.واتهم الرئيس أنصار الداعية بالوقوف وراء الفضيحة، لإطاحته. وتبع ذلك قرار من السلطة التركية بوقف ما يسمى بالمدارس التحضيرية بتركيا التي تتحكم في نسبة كبيرة منها جماعة كولن، وكانت تلك نهاية علاقة الصديقين اللذين لم يلتقيا أبدًا بسبب بقاء كولن في بنسلفينيا منذ 1990.وجاء رد كولن على هذا القرار: اللهمّ أحرِقْ بيوتَهم، وخرِّبْ ديارَهم". ومنذ تلك اللحظة أصبح العداء واضحًا بين كل من أردوغان وفتح الله كولن.كولن شيطان بحق.. أم مجرد فزاعة تستعملها تركيالا يوجد بشكل رسمي ما يدين فتح الله كولن وجماعته، خاصة وأن كولن يقول في كافة خطاباته إن جماعته فوق السياسة. وأن جماعته تركز في قضيتان هما التعليم والخيّر وفعله.كما يجمع كثير من الخبراء على أن هذه الجمعية لا تشكل خطرا في العالم العربي بحكم توجهاتها الصوفية. وذهب رالف غضبان الخبير اللبناني في شؤون العالم الإسلامي في حوار مع DWعربية إلى حد اعتبار مؤسسات غولن "ألطف من كثير من الأنظمة القائمة في العالم العربي" معتبرا أنها لا تشكل خطرا على أحد.إلا أن أردوغان يرى في تعليم وآراء كولن ما يجعل منه خطرًا على الدولة. حيث أن الآخير لا يناصر الاتحاد الإسلامي العام، الذي يود أردوغان أن يتحقق، بل يناصر فقط الإسلام التركي القومي. كما إنه يرى أن الدين أمر شخصي، وأن تعاليمه أغلبها شخصي، ولا يجب أن نعممه ونجعل منه ركيزة للحكم، ومنبعًا للتشريعات السياسية.كما يخيف تغلل كولن وجماعته ومناصريهم في الأجهزة القيادية بالدولة، أردوغان، وهو ما دفعه إلى توقيف الآلاف من العاملين والضباط والقضاة عقب عملية الإنقلاب الآخيرة، معللًا ذلك بوجود علاقة بينهم وبين "الخائن" كولن.

اقرأ أيضا