بعضها فقط مدروس.. قرارات الحكومة الاقتصادية مطبوخة على نيران الخوف

السبت 26 نوفمبر 2016 | 09:12 مساءً
كتب : شيماء دهب

خبير اقتصادى على غرار عادل إمام : لقد وقعنا فى الفخ قوانين وقرارات فى الفترة الأخيرة تسببت فى موجة من الخوف لدى المواطنين، منها قوانين ضريبة القيمة المضافة والخدمة المدنية ومنها قرارات تعويم الجنيه ورفع الدعم عن السلع البترولية، وكلها قوانين وقرارات تم إقرار بعضها بعد دراسته جيدا، وبعضها الآخر تم طبخه بدون دراسة وافية، وإن كانت الحكومة قد اتخذتها جميعا بفضل التخلص من هاجس الخوف بخصوص تداعياتها على المواطنين. هذا وتتبع الحكومة أسلوب بالونة الاختبار بشأن بعض القرارات، كالإعلان عنها، ثم نفيها، مثلما حدث فى قرار تعويم الجنيه، وذلك بسبب الخوف من ردة فعل الجماهير، وهو نفس الشىء الذى تفعله حكومة شريف إسماعيل مع قرارات مصيرية مؤجلة، مثل قرار رفع تذكرة المترو وقرار تنقية البطاقات التموينية لضمان وصول الدعم لمستحقيه.أحمد عبد الهادى المتحدث باسم هيئة مترو الأنفاق، قال: إن هناك نية من جانب وزارة النقل لرفع سعر التذكرة قريباً، ولكن لم يتم تحديد قيمة الزيادة وموعد إقرارها حتى الآن.وأضاف عبد الهادى لـ"بلدنا اليوم" أن مترو الأنفاق يخسر خسارة كبيرة ولا تغطى تكاليف الخدمة المقدمة للمواطن، مؤكداً على جودة الخدمة التى تقدم للمواطن، كما أن الهيئة تخسر حوالى 31 مليون جنيه، فى حين أن التذكرة لم تزد منذ عام 2006 إلى الآن."تذكرة المترو"وفى سياق متصل قال الدكتور وائل النحاس، الخبير المالى والاقتصادى، إنه لا يوجد قرار اقتصادى واحد اتخذ بعد دراسة من جانب الحكومة، فنرى أن جميع قرارات الفترة الأخيرة لا تخضع لدراسة، كما أنه لا يتم اتخاذ آراء أصحاب الخبرة، حيث لا يثمر الاجتماع بهم عن أى ثمرة إيجابية تذكر، فالاجتماع يكون عبارة عن استنساخ أفكار فقط لا غير ومحاولة الاقناع بأفكار وقرارات خاطئة."اللعب بالأرقام" وأضاف النحاس فى تصريحات خاصة لـ"بلدنا اليوم" أن هناك خوفا مرتقبا من القرارات الاقتصادية التى سيتم اتخاذها خلال هذه الفترة، فاللعب بالأرقام بقرار "تعويم الجنيه المصرى" يُنذر بكارثة لا محالة، قائلاً "نحن وقعنا فى الفخ" بشكل حقيقى.ومن بين تداعيات "تعويم الجنيه" والتى ننتظرها قريباً، أشار "النحاس" إلى خروج 50 مليون مواطن مصرى من بطاقات التموين، وتخفيض الحد الأدنى لأجور الموظفين إلى 650 جنيها، كما ستزيد نسبه الفقر من 27% إلى 55%.وأوضح الخبير الاقتصادى أن الحكومة تركز على المشروعات الاستثمارية الضخمة، مما يعجز المواطن عن الشعور بنتائجها، إلا على المدى البعيد وإن شعر بها، مما يضع الحكومة فى مأزق وتعجز عن سداد ديونها بسبب هذه المشروعات الضخمة كمشروع العاصمة الإدارية الجديدة.وأضاف "النحاس" أن الحكومة فى كل قرار يتم اتخاذه تؤكد أنها "باصة لجيب المواطن"، فمشروع الألف مصنع من جانب الحكومة لم يتم اتخاذ خطوة لتحقيقه، ولو افترضنا أنه سيتم تحقيقه، هنجيب منين المواد الخام الخاصة به؟! "خفض الدعم"وفى سياق متصل قال الدكتور عاطف حرز الله، المستشار الاقتصادى، إن قرار "خفض الدعم" لم يكن سهلاً على الحكومة أن تتخذه خصوصاً مع القلق من رد فعل المواطن المصرى خاصة محدودى الدخل، ولا بد أن يسبقه تنفيذ لخطة كروت البنزين، وذلك لاستفادة الطبقة المستحقة فقط من الدعم، فكان هنا التسرع فى إصدار القرارات المصيرية الاقتصادية.وأوضح المستشار الاقتصادى أن أسباب لجوء الحكومة لقرار خفض الدعم هو الخوف من عدم الحصول على قرض صندوق النقد الدولى فمن شروطه تعويم الجنيه، وتخفيف الدعم على المحروقات، وهذا ما تم بالفعل وحصلت مصر على القرض بقيمة 12 مليار جنيه تم استلام 2 مليار جنيه و750 مليون فى خلال شهرين سيتم استلام مليار و205 ملايين جنيه، كما تم رفع مصر داخل التنصنيف الائتمانى إلى وضع مستقر.وأشار إلى أن قرارات الحكومة الأخيرة كان لا بد منها، فلولا قرار تعويم الجنيه لارتفع سعر الدولار عن ذلك بأرقام خيالية، ولكن لاحظنا بعد تطبيق قرار التعويم نجد أن الدولار بدأ ينخفض تدريجياً إلى أن وصل إلى 15 جنيهاً، كما تم إصدار شهادات استثمار لمدة 18 شهرا بفائدة 20% ولمدة 3 سنوات بفائدة 16%؛ هذا جعل حصيلة الأسبوع الحالى فقط من هذه الشهادات ما يعادل 80 مليار جنيه، كما زاد إقبال المواطن على بيع الدولار، سواء كانت بنوكا مصرية وأجنبية مما حقق عائدا وصل إلى 7 مليارات جنيه. "القيمة المضافة" أما قرار قانون "القيمة المضافة" فيرى حرز الله أن الحكومة لم توفق على الإطلاق فى صدور ذلك القرار، فكان لا بد عليها أن ترفع الأسعار على ذى الدخل المرتفع وليس العكس، كما أن هناك 5 ملايين أجنبى وسورى ومن جنسيات أخرى بمصر يتمتعون بدعم المصريين، فهذا غير منطقى على الإطلاق ولا بد من إعادة النظر فيه.وأكد الدكتور مختار الشريف، خبير اقتصادى، أن مشكلة المواطن الكبرى هو تصرفه بشكل عكسى مع تصرف الحكومة فى القرارات، فنرى عند وجود أزمة فى السكر فى الوقت الذى تضخ فيه الحكومة السكر للأماكن المحتاجة، نرى المواطن يخزن السكر بالأطنان ويمنع مواطنا آخر منه.وعلق" الشريف" على نية الحكومة فى زيادة تذكرة مترو الأنفاق قائلاً: علينا أن ندرك أن العائد الذى يأتى من المترو غير كاف لصيانته، فلا يصح أن نطالب بتوفير إمكانيات داخل المترو ولا نساعدهم فى ذلك قائلاً "اطبخى يا جارية.. كلف يا سيدى"، فالمواطن لا بد أن يتحمل جزءا من تلك الأعباء. "توقع رفع الدعم" وأضاف "الشريف" لـ"بلدنا اليوم" أن المواطن يرى أن الدعم هو قرار دائم ويتمتع به طوال العمر، وخائف طوال الوقت من رفعه ولكنه مطبق بجميع الدول أن قرار الدعم هو قرار مؤقت سيأتى يوم وينتهى، فعلى المواطن أن يتحمل جزءا من مسؤولية أعبائه.ومن جانبه قال خالد الشافعى، خبير اقتصادى، إن الحكومة لم توفق فى قرار قانون القيمة المضافة فهو سيئ السمعة، ويتم من خلاله رفع الأسعار بشكل عشوائى ومبالغ فيه وكان الأولى من صدور ذلك القانون هو العمل على تطبيق الضريبة التصاعدية، فالأخيرة تعمل على فرض الضرائب على من حصلوا على الأرباح وليس على محدودى الدخل، فالمواطن المصرى "يريد أن يعيش.. ويخاف من المجهول من قرارات أخرى للحكومة".وعن قانون الخدمة المدنية، أكد "الشافعى" أنه نوع من التأثير السلبى على الموظفين التابعين للجهاز الإدارى للدولة، فعليهم أن يتلافوا هذا التأثير السلبى بالعمل على أنفسهم العديد من الدورات التدريبية المؤهلة للمناصب التابعة لهم كى لا يكون هذا الجهاز هو منبع الفساد داخل الدولة." روشتة العلاج"وحول كيفية معالجة مشكلة الخوف من اتخاذ مثل هذه القرارات، قال الدكتور عاطف حرز الله، الاستشارى الاقتصادى، إنه على الحكومة تنفيذ بعض القرارات للخروج من أزمة الخوف من تنفيذ قرار ليس فى صالح المواطن، فلا بد من دراسة القرار أولاً والاستعانة بخبراء لذلك، مضيفاً أنه على الحكومة عودة تشغيل مصانع الغزل والنسيج وصناعة القطن المصرى "طويل التيلة" مرة أخرى، والعمل على تخصيص 3 ملايين فدان لزراعته وتصديره، فنحن نستورد الآن الشيكولاتة بقيمة 150 مليون دولار، والفول والعدس والملوخية مما ينذر بأزمة قادمة.وأضاف "حرز الله" لـ"بلدنا اليوم": علينا تشجيع العاملين بالخارج على تحويل مدخراتهم بالدولار، وأن يشترى أراضى بالدولار، كما لا بد أن يكون لموظفى الحكومة حق إعفاء سياراتهم من الجمارك مقابل الشراء بالدولار داخل البلد، وإصدار قرار سيادى بزيادة المعاشات والمرتبات بنسبة 20% كعلاوة استثائية، وتخفيفاً على المواطن من كافة هذه الأعباء.وقال خالد الشافعى خبير اقتصادى إنه لكى نصل إلى أقصى درجة من درجات الإصلاح الاقتصادى على الحكومة أن توزع العبء على كافة فئات المجتمع وليس فئة دون الأخرى.وأضاف لـ"بلدنا اليوم" أنه لا بد من استغلال قرض النقد الدولى فى عمل مشروعات جديدة بسيطة تخدم المواطن محدود الدخل، وتقلل العجز فى الميزان التجارى فالعجز وصل إلى 40 مليار دولار، كما لا بد من تقليل فاتورة الواردات على حساب زيادة الصادرات فبالتالى نعمل على زيادة معدلات النمو داخل المجتمع.

اقرأ أيضا