ننشر نص تقرير أمريكي يستعرض إخفاقات تنظيم الإخوان منذ 25 يناير 2011

الخميس 28 مايو 2015 | 02:47 مساءً
كتب : بلدنا اليوم

نشرت مؤسسة كارنيجي الأمريكية للأبحاث تقريرا مفصلا عن إخفاقات جماعة الإخوان الإرهابية من النواحي السياسية والأيديولوجية والتنظيمية. يسرد التقرير الجوانب المختلفة للجماعة الإرهابية والتي أدت إلي إخفاقها سياسيا ومجتمعيا إلي الحد الذي جعل الشعب المصري ينتفض ضدها في 30 يونيو 2013، حيث أكد التقرير أن الجماعة لم تتمكن من القيام بعملية تحول في بنيتها الأيديولوجية والتنظيمية بما يتماشي مع روح العصر، كما أن اشتغالهم بالعمل السياسي واندماجهم في النظام القائم قبل ثورة 25 يناير لم يؤد إلي تبنيهم أفكار الديمقراطية والحداثة كما توقع البعض، كذلك فإن قيادة الجماعة لم تنجح في استرضاء أركان الدولة القوية في مصر، كما عجزت عن جذب النخب والفاعلين السياسيين ذوي الأهمية والتأثير في الشارع المصري.ووصف الكاتب فكر الإخوان السياسي بالضحالة والانتهازية، مما أثر بالطبع علي ادعاءاتهم بالشرعية وبامتلاك مشروع لإقامة دولة ذات نظام حكم إسلامي، وفي هذا الإطار لم تتمكن الجماعة من ترجمة الانتصارات الانتخابية التي حققتها إلي سيطرة حقيقية علي المشهد السياسي، وقد أدي كل ما سبق إلي فقدان الثقة في” شعار “الإسلام هو الحل” الذي رفعه الإخوان.وحدد التقرير ثلاثة أخطاء رئيسية وقعت فيها جماعة الإخوان علي النحو التالي:علي المستوي السياسي، لم تتمكن الجماعة من قراءة الوضع السياسي في مصر علي نحو سليم، حيث اندفعت بقوة نحو محاولة السيطرة علي المشهد في عملية تخللها أخطاء تكتيكية فادحة، حيث لم يدرك قادة الإخوان وجود قوي مؤسسية تقليدية ممثلة في الجيش والشرطة والقضاء والجهاز الإداري للدولة ينبغي إما مواجهتها أو استرضاءها، حيث لم تتمكن الجماعة من تحقيق الاثنين، معتبرين الانتصارات الانتخابية التي نجحوا في تحقيقها بمثابة تفويض شعبي مطلق، متناسين أهمية عدم تهميش النخب العلمانية وضرورة تقديم بعض التنازلات لكسبهم في صف الإخوان. فقد خاضت الجماعة معركة لا يمكن حسمها أو تحقيق النصر فيها، متسلحين بالحماسة الأيديولوجية وأوهام العظمة وليس بناء علي تقييم واقعي للحقائق الموجودة علي الأرض. وفي ذات السياق، لم يفطن قادة الإخوان للديناميات الإقليمية المحيطة والتي تجلت في دعم السعودية والإمارات وبدرجة أقل الكويت لمؤسسات الدولة التقليدية في مصر، حيث ألقت الدول الثلاث بثقلها السياسي والاقتصادي والإعلامي خلف المعسكر المناهض للإخوان وذلك خوفا من تنامي النفوذ الإخواني داخل هذه الدول الثلاث.علي المستوي الأيديولوجي، ظهرت الانتهازية بشكل جليّ في تطويع بعض الأفكار لتحقيق انتصارات سياسية علي المدي القصير، إلا أن هذا لم يمحو من ذهن المصريين الأفكار المتطرفة التي تعتبر ركيزة أساسية في فكر الجماعة، كما أن الانفصال الواضح بين فكر الجماعة ومواقفها السياسية قد أظهر للجميع عدم التوافق بين فكر الإخوان والقيم الديمقراطية الحديثة.أخيرا علي المستوي التنظيمي، كانت الهيراركية الجامدة التي تتصف بها الجماعة من الناحية التنظيمية، فضلا عن المركزية الشديدة وعدم الشفافية في صنع القرار، والانغلاق علي الأعضاء والعزلة عن بقية أطياف المجتمع، عقبة أمام قدرة الجماعة علي التكيف مع المتغيرات المجتمعية التي شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة، حيث أن حرص الجماعة المبالغ فيه علي تحقيق الوحدة التنظيمية وإسكات الآراء المخالفة قد أدي إلي ابتعاد العقول المميزة وانشقاقها عن الجماعة، كما أن عقلية القادة التنظيميين للإخوان والتي يطغي عليها الانطواء والتحجر قد ساهمت أيضا في إعاقة قدرتها علي بناء شبكة من الحلفاء الداعمين لها.ويستعرض التقرير كيف اتسمت جماعة الإخوان وقادتها بضيق الأفق السياسي الذي لم ير في ثورة 25 يناير سوي فرصة سانحة للقفز علي المشهد والانقضاض علي السلطة، غافلين العوامل التي أدت إلي اندلاع تلك الثورة وعلي رأسها رغبة المصريين في تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية، وبالتالي كان افتقاد الإخوان للرؤية وعدم قدرتهم علي بلورة أجندة إصلاحية أحد أهم أسباب سقوطهم المدويّ. فقد وجد الإخوان في نموذج “أردوجان” مثالا يحتذي به، بغض النظر عن غياب الكوادر المؤهلة داخل صفوف الجماعة والقادرة علي تحقيق التنمية الاقتصادية وبناء التحالفات السياسية علي غرار ما قام به أردوجان في تركيا وبالتالي كان اندفاعهم نحو السلطة بمثابة انتحار سياسي سريع.ويتناول التقرير بالشرح أيديولوجية الإخوان التي يغلب عليها الجمود والتمسك بأفكار حسن البنا وسيد قطب شديدة التطرف والتي تجاوزتها الحركات الإسلامية في الدول الأخرى مثل تونس والمغرب والسودان، مثل فكرة “دولة الخلافة” وغيرها من الأفكار غير القابلة للتحقق والمتنافية مع روح العصر، بالإضافة إلي تفسيراتهم الخاصة للنصوص الدينية والتي أقل ما توصف به أنها شديدة العنصرية والتمييز ضد المرأة والأقليات وكل ما هو غير مسلم، كما لا يخفي علي أحد التناقض بين ادعاء الالتزام بالشريعة والقيم الإسلامية وبين اتباع سياسة اقتصادية تقوم علي آليات السوق والالتزام بسياسات صندوق النقد والبنك الدوليين، إلي غير ذلك من التناقضات التي يحفل بها فكر الجماعة.كان من الطبيعي بعد كل ما سبق أن ينصرف الشعب المصري عن هذه الجماعة، ويعلن لفظه لها من خلال المظاهرات العارمة التي اجتاحت محافظات مصر في 30 يونيو 2013، إيذانا ببدء مرحلة جديدة يسطر فيها الشعب المصري صفحة ناصعة من صفحات الوطنية والانتماء والتكاتف من أجل رفعة مصر داخليا وخارجيا.

اقرأ أيضا