في الذكرى السادسة.. أين وصل قطار قضية فض اعتصام رابعة؟

الاربعاء 14 اغسطس 2019 | 05:27 مساءً
كتب : محمود صلاح

حالة من الفوضى تعم أرجاء المكان، قوات الأمن تحاول السيطرة على الأجواء، ومتظاهرون يهرولون ويتبادلون الضربات مع الأجهزة الأمنية، ويختبئون في ساحات المسجد والشوارع الضيقة.. هذا المشهد سيظل عالقًا في الأذهان، لحظات عُرفت بعنوان "فض اعتصام رابعة" قبل 6 سنوات، حيث تم إلقاء القبض على العديد من المتهمين، من بينهم المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، محمد بديع، و738 آخرين، من بينهم قيادات إخوانية، تم تدوين أسمائهم في القضية التي لازالت تتداول بين ساحات المحاكم حتى الآن، رغم الأحكام العديدة التي صدرت بشأنها من قبل.

بلدنا اليوم، يرصد في السطور القليلة التالية، المحطات الكاملة في قضية "فض اعتصام رابعة" من البداية حتى اللحظات الأخيرة التي توقف عندها قطار الاتهامات والتحقيقات.

فض الاعتصام

في أغسطس عام 2013، أعلنت قوات الأمن أنها ستلجأ لفض الميدان الذي تجمع فيه المؤيدون لجماعة الإخوان المسلمين، حيث نبهت على الجميع إخلاء المكان،وذلك عقب اعتصام دام لـ47 يومًا، اعتراضًا على عزل الرئيس الأسبق، محمد مرسي، المنتمي للجماعة ذاتها في يوليو من نفس العام، بعد احتجاجات على حكم.

الفض والقبض

عقب الانتهاء من فض الميدان، تم إلقاء القبض على عددًا من المتظاهرين الذين تعاملوا بعنف وحرضوا على التصدي للقوات الأمنية، حيث قررت النيابة إحالة متهمين بالقضية للمحاكمة في أغسطس 2015، وأكدت التحريات، أن الرئيس الأسبق محمد مرسي اتفق مع قيادات التنظيم الإخواني من مكتب الإرشاد وبعض كوادر التنظيم على إجهاض الدعوات للتظاهر ضد سياسته، من خلال حشد عناصر التنظيم بالقاهرة والمحافظات لإحكام سيطرتهم على الميادين المعلن التظاهر بها من قبل جمهور المواطنين والقوى المعارضة، والتظاهر بها للحيلولة دون نجاح تلك الدعوات من قبل القوى المعارضة، وتمويلهم والإنفاق عليهم من وسائل إعاشة ونقل، وتمويلهم بالأسلحة النارية والخرطوش لإجهاض ثورة الـ 30 من يوليو.

القيادات

خلال التحقيقات التي تم إجرائها بواسطة النيابة، توجهت أصابع الاتهام إلى المتهمين في عدة تهم آخرى، من بينهم التجمهر المسلح والاشتراك فيه بميدان رابعة العدوية، و قطع الطرق، تقييد حرية الناس في التنقل، القتل العمد مع سبق الإصرار للمواطنين وقوات الشرطة المكلفة بفض تجمهرهم، الشروع في القتل العمد، وتعمد تعطيل سير وسائل النقل.

المتهمين في القضية بلغ عددهم 739 متهمًا، بينهم عددًا من قيادات الجماعة الإخوانية، كـ"عصام العريان، محمد البلتاجي، باسم عودة، عبد الرحمن البر، صفوت حجازي، وجدي غنيم، أسامة ياسين، عصام سلطان، عاصم عبد الماجد، وطارق الزمر".

أولى الجلسات

ديسمبر عام 2015 كان شاهدًا على أولى جلسات محاكمة المتهمين في القضية، حيث تم توسيع القفص لاستيعاب المتهمين،وسمحت المحكمة بخروج المتهم محمد البلتاجي من محبسه بجلسة 8 أكتوبر 2016، حيث سألت هيئة المحكمة، البلتاجي، عن مقطع الفيديو الذي تحدث خلاله عن أعمال العنف في سيناء، فأكد أنه تحدث عن قضية سياسية، والخصومة حولوها لقضية جنائية، لافتا إلى أنه لم يقدم أحد ضده أي بلاغ بشأن الأحداث التي تقع في سيناء.

ممثل النيابة بـ"فض رابعة"، أكد أن الأمن الوطني قدم 50 أسطوانة توثق أحداث العنف بالقضية، وتؤكد تحريض قيادات جماعة الإخوان على أعمال الشغب والعنف، وأضاف أن هناك مقاطع فيديو للمتهمين ظهر فيها عاصم عبد الماجد، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، أثناء إلقائه بعض العبارات التحريضية، ومقطع لـ"البلتاجى" يؤكد فيه على عدم الرحيل واستكمال الاعتصام، وكلمة صفوت حجازي الشهيرة: "اللى هيرش مرسي بالميه هنرشه بالنار"، ومقطع صوتي لـ"مرسى" يوضح فيه التمسك بما أسماه "الشرعية".

في جلسة 10 مايو 2016 بدأت أولى جلسات فض الأحراز، وعرضت المحكمة فيديوهات تظهر إطلاق المعتصمين النار على الشرطة، وعرضت أيضا فيديو يظهر لقطات من حلف محمد مرسى اليمن، ولقطات من رقص عناصر الإخوان بميدان رابعة على أغانى حركة حماس، كما عرضت لقطات بتهديد عناصر الإخوان بالقيام بأحداث عنف حال عدم عودة "مرسي" للحكم، وأخرى تظهر قيام المعتصمين بالاستيلاء على سيارات تابعة للتليفزيون المصري.

حبس سنة

في جلسة 25 فبراير 2017، قرر المستشار حسن فريد حبس جميع المتهمين سنة بتهمة الإخلال بنظام الجلسة، بعد الطرق على القفص الزجاجي، كما قررت المحكمة إحالة جميع المحامين للمحكمة التأديبية لتقاعسهم عن أداء عملهم ماعدا 15 محاميًا لم ينسحبوا.

استقوى المتهم عصام العريان بالخارج مرتين، أولها في جلسة 20 مايو 2017، حيث طالب بالتحكيم الدولي بالقضية، وذلك بعدما شكك في نزاهة القضاء المصري والمحكمة التي يمثل أمامها، كما يفعل قيادات الخارج المقيمين في قطر وتركيا.

والمرة الثانية في جلسة 2 ديسمبر 2017، حينما طالب بسماع شهود دوليين في القضية عن طريق سفاراتهم وهم الذين زاروا اعتصام رابعة وهم مبعوث الاتحاد الأوربي وقت الأحداث، ورئيس العلاقات الخارجية بالبرلمان البريطاني، ومبعوث الاتحاد الإفريقي.

الإنسانية في القضاء

رغم الاتهامات الكبرى التي وجهت إلى المتهمين، إلا أن القضية احتوت على العديد من المشاهد الإنسانية التي فعلها المستشار حسن فريد، حيث أمر بإخلاء سبيل المتهم المصاب بالسرطان "حسني الماسخ" بضمان محل إقامته، وفي جلسة 27 ديسمبر 2016، أمر بالإفراج عن 10متهمين بالقضية لظروف صحية، كما سمح لوالدة "البلتاجي" بمقابلته والتحدث معه بالجلسة، فضلاً عن السماح للأهالي بحضور معظم الجلسات ومقابلة ذويهم بعد انتهاء الجلسات.

وشهدت جلسة 12 أغسطس 2017، تناول المتهمين بالقفص قبل بدء الجلسة عصائر وحلويات وفاكهة، كما قام قيادات جماعة الإخوان المحبوسين بتوزيع العصائر والحلويات والفواكه فيما بينهم.

الإعدام والمؤبد

أصدرت محكمة جنايات القاهرة، في 8 سبتمبر 2018؛ حكمها على مرشد الإخوان محمد بديع و738 متهمًا في قضية "فض اعتصام رابعة المسلح" والتي تراوحت الأحكام فيها بين الإعدام شنقا والسجن المؤبد والسجن المشدد.

وقضت المحكمة بإجماع الآراء وعقب استطلاع رأي مفتي الديار المصرية بمعاقبة 75 متهمًا بالإعدام شنقا، ومعاقبة 47 بالسجن المؤبد، و347 بالسجن المشدد 15 سنة، ومعاقبة متهم واحد بالسجن المشدد 10 سنوات، و22 حدثا بالسجن 10 سنوات، ومعاقبة 215 متهما بالسجن المشدد 5 سنوات.

كما ألزمت المحكمة المتهمين برد قيمة الأشياء التي خربوها باستثناء المتهمين الأحداث وحرمانهم من إدارة أموالهم وأملاكهم والتصرف فيها وعزل المحكوم عليهم من وظائفهم الأميرية ووضع المحكوم عليهم تحت مراقبة الشرطة مدة 5 سنوات.

إعادة محاكمة 35 متهمًا

لا تزال محكمة جنايات جنوب القاهرة، تنظر إعادة إجراءات محاكمة 35 متهمًا في قضية "فض اعتصام رابعة"، والتي تم تأجيلها لجلسة 1 سبتمبر المقبل.

وأسندت النيابة إلى المتهمين اتهامات عديدة، من بينها: تدبير تجمهر مسلح والاشتراك فيه بميدان رابعة العدوية "ميدان هشام بركات حاليا" وقطع الطرق، وتقييد حرية الناس في التنقل، والقتل العمد مع سبق الإصرار للمواطنين وقوات الشرطة المكلفة بفض تجمهرهم، والشروع في القتل العمد، وتعمد تعطيل سير وسائل النقل.