بعد المطالبة بتطويره.. الشهر العقاري حائر بين البرلمان والحكومة والنواب: المواطن هو المتضرر

الاحد 26 يناير 2020 | 11:59 مساءً
كتب : مصطفى الخطيب

انتقد الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، عدم تعامل الحكومة مع ملف الشهر العقارى بجدية، رغم تكرار شكاوى المواطنين من التعامل معه، مطالبا بفصله عن وزارة العدل ونقله تبعيته لوزارة التخطيط كهيئة مستقلة وذلك خلال 15 يوما.

وأشار إلى تعرض المواطنين داخل الشهر العقارى لابتزاز، مرجحا تسبب تلك المصلحة فى عدم تسجيل 95% من عقارات مصر، مضيفا أنه تحدث مع وزير العدل أكثر من مرة، والحكومة أيضًا، ولكن دون جدوى، مؤكدا أن أسلوب التعامل مع الشهر العقارى يدفع المواطنين للعزوف عن التسجيل، وأن كل المحامين يشتكون من هذا الأمر.

وناشد الحكومة من خلال وزارة شئون مجلس النواب، أن تتقدم بتقرير كامل من مجلس الوزراء بشأن فصل الشهر العقارى عن وزارة العدل، ونقل تبعيته لوزارة التخطيط كهيئة مستقلة وذلك خلال 15 يوما، وإذا لم تتقدم فعلى اللجنة التشريعية والدستورية برئاسة المستشار بهاء أبوشقة، أن تعمل على إعداد مشروع متكامل لهذه الهيئة بشكل مستقل.

95% من العقارات غير مسجلة

وتابع عبد العال: "لو كل عقار تم تسجيله ودفع 500 جنيه مثلا سنكون أمام مبلغ كبير لموارد الدولة بدلا من أننا أمام 95% من العقارات غير مسجلة والموظف الذى يعقد الأمور يرتكب جريمة".

وأضاف: "للأسف الشهر العقارى تابع لوزارة العدل وأنا لم أر ذلك فى أى دولة، ومش فاهم يعنى إيه، ممكن يكون للمالية أو التخطيط بس مش العدل".

وأوضح أن "تصرفات الموظفين تؤكد أننا أمام حل وحيد فى أن يكون الشهر العقارى هيئة مستقلة تابعة لوزارة التخطيط، لمواجهة هذا التراخى الذى يتم من وزارة العدل".

استغلال مبانى الدولة المهجورة

واقترح النائب خالد أبوطالب، عضو مجلس النواب، استخدام مبانى الدولة غير المستغلة "المهجورة" فى المحافظات، كمقار جديدة لمصالح الشهر العقارى والسجل المدنى والبريد، بهدف تخفيف الضغط على المقار الحالية.

وأشار إلى أن هناك العشرات من المبانى والأصول غير المستغلة التى تم هجرها وترك العمل بها طوال سنوات فى مختلف المحافظات، حتى أصبحت "منسية" وسقطت تمامًا من حسابات الحكومة والمسئولين.

ولفت إلى أن الحكومة فشلت تمامًا فى الارتقاء بالأوضاع التى آلت إليها مصلحة الشهر العقارى فى مصر، متابعًا، أصبح ضروريا استغلال المقار الحكومية كحلول عاجلة للقضاء على الازدحام والتكدس اليومى الذى تشهده مصالح الشهر العقارى، وتيسيرًا على المواطنين.

وأكد أن هذا المقترح يصب فى صالح الدولة، حيث لا يرهق ميزانيتها ويساهم فى ترشيد النفقات ولن يتكلف أى اعتمادات مالية لإقامة مقار حكومية جديدة للمقارات القائمة.

الفصل عن الوزارة

قال سامى رمضان، عضو مجلس النواب، إن مشكلة الشهر العقارى، تكمن فى تبعيته لوزارة العدل، متابعا أن وزارة العدل تختزل مهمة موظف الشهر العقارى فى التوثيق، وهذا مفهوم خاطئ، كونه يضم كافة أملاك الدولة والأفراد.

وطالب بفصل الشهر العقارى، عن وزارة العدل؛ ليصبح هيئة مستقلة، قائلا: يجب تطبيق المادة 99 من الدستور التى تنص على أن خبراء الطب الشرعى والأعضاء الفنيين بالشهر العقارى مستقلون فى أداء عملهم.

غير آدمية

وقال النائب نبيل الجمل وكيلة لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، إن مشكلة الشهر العقارى ليست فى التنازع على الملكية أو جعلها هيئة مستقلة، إنما المشكلة الرئيسية هى فى الأماكن غير الآدمية للشهر العقارى وعدم تطوير المكاتب وعدم تأهيل وتطوير الموظفين بالتكنولوجيا الحديثة.

وأوضح "الجمل"، أن الشهر العقار يخدم قطاعا كبيرا من المواطنين ويجب أن يتم تطويره فى أسرع وقت، لافتا إلى أن تغيير الملكية ليس المعضلة الأساسية.

وأوضح وكيل اللجنة، أن المستشار عمر مروان وزير العدل عقد اجتماعا مع رئيس مصلحة الشهر العقارى لمناقشة هذه الأزمة وكيفية التعامل معها وهل سوف يتم نقل ملكيتها أو فصلها عن الشهر العقارى أو جعلها هيئة مستقلة، مشيرا إلى أنه يفضل أن يتبع الشهر العقارى وزارة العدل ولا يتم فصله ويتم التطوير فى العنصر البشرى والفنى فى نفس التوقيت.

العدل ترد

من جانبها ردت وزارة العدل على ما أثاره مجلس النواب بأن المصلحة تؤدى عملها من خلال قطاعات الشهر العقارى والسجل العينى ومكاتب التوثيق على مستوى الجمهورية، وأن هناك خطة يجرى تنفيذها بالتعاون مع وزارتى التخطيط والتنمية والإصلاح الإدارى، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وكل أجهزة الدولة المعنية، لتطوير العمل.

وأضافت الوزارة، فى بيان لها، أن بعض الأماكن التى يشغلها الشهر العقارى فى محافظات الصعيد والوجه البحرى منذ مدة زمنية طويلة، ويجرى إحلال لهذه المكاتب بمكاتب جديدة تباعًا؛ نظرًا لأنها بحالتها الحالية لا تصلح للتطوير، وأوضحت أن قطاع الشهر العقارى والتوثيق يعد من القطاعات الخدمية الجماهيرية المباشرة التابعة لوزارة العدل، وينقسم إلى أقسام "الشهر - السجل العينى – التوثيق"، وتسعى وزارة العدل سعيًا حثيثًا إلى تطوير هذا المرفق الهام لتيسير الخدمات المقدمة إلى جمهور المواطنين.

وتابعت أن قطاع الشهر العقارى يعانى من عجز شديد فى العمالة بكل أنواعها، إذ كان يبلغ تعداد العاملين به 7885 موظفًا من كل الفئات خلال عام 2016، ونتيجة لبلوغ بعضهم سن التقاعد القانونية فقد تناقص عدد هؤلاء الموظفين حتى بلغ تعدادهم 6201 نهاية عام 2019، علمًا بأن عماد العمل القانونى بالمصلحة والمختص دون غيره بإضفاء صفة الرسمية على المشهرات والمحررات واعتمادها فى كل قطاعات المصلحة، هم الموثقون - والأعضاء - والفنيون - والباحثون القانونيون، الذين كان يبلغ تعدادهم 3146 موثقًا فى عام 2016، وتناقص هذا العدد نتيجة لانتهاء خدمة البعض لظروف عدة حتى بلغ تعدادهم بنهاية عام 2019 نحو 2444 موثقًا، مقسمين على كل الأقسام والقطاعات، التى منها الأعمال الفنية بالمصلحة، والتفتيش الفنى، ومكاتب ومأموريات الشهر ومكاتب ومأموريات السجل العينى، ومأموريات المجتمعات العمرانية الجديدة ومكاتب التوثيق، وتابعت الوزارة أنه بالنظر إلى حجم معاملات التوثيق على سبيل المثال، التى أتمها بعض الموزعين على تلك المكاتب، نجدها بلغت 13 مليونًا و416 ألف معاملة خلال 2018، و10 ملايين و447 ألف معاملة من أول يناير 2019 وحتى 31 أكتوبر 2019.

القلعة الحصينة

قال المستشار أشرف رزق، مساعد وزير العدل لشئون الشهر العقارى والتوثيق، إن الشهر العقارى من أهم القطاعات فى وزارة العدل لأنه يقدم خدمات جماهيرية للمواطنين على مستوى الجمهورية.

وأضا فأن الاعتراف بوجود مشكلة فى الشهر العقارى بداية حلها، والمشاكل تنحصر فى العمالة والمقرات والتشريعات، لافتا إلى أن الشهر العقارى يعتبر القلعة الحصينة للذود عن الملكية وحماية الممتلكات الخاصة والعامة، وتحديد الملكية للأفراد، الذى يعتبر هدفا اجتماعيا وأمنا قوميا، قائلا: عدد العاملين فى الشهر العقارى حاليا 6201 موظف، بعدما كان عدد العاملين فى 2016 ، 7835 موظفًا.

وأوضح "رزق" أن الشهر العقارى تم إنشاؤه عام 1946، وما يزال يعمل بنفس القانون منذ هذا التاريخ وحتى الآن، ولا يمكن التعامل إلكترونيا به بشكل كامل، وخاصة بعد توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، بشأن التحول الرقمى، فإنه جرى إتاحة حزمة من الخدمات عبر الإنترنت، دون الانتقال إلى مقرات الشهر العقارى، متوعدًا بافتتاح عدد كبير من مقرات الشهر العقارى المتطورة فى الفترة المقبة، سيجرى افتتاح مكاتب شهر عقارى، بنظام الشباك الواحد، وهناك حاليا 54 مكتب شهر عقارى، تعمل بهذا النظام.

وأكد مساعد وزير العدل لشئون الشهر العقارى والتوثيق، أن المواطن يدخل إلى الشهر العقارى، ويحجز رقما يجرى التعامل معه من خلال شباك واحد، والغرض من خدمة الشباك الواحد، توفير الوقت والقضاء على ظاهرة السماسرة، حيث إن الخدمة عبر الشباك الواحد تتم خلال 7 دقائق.

القطاع يحتضر

قال الدكتور أشرف فليفل، المتحدث باسم نادى أعضاء الشهر العقارى، إن القطاع يحتضر فى ظل ضعف الإمكانات من مقرات بالغة السوء لا تصلح لوجود الموظفين بها أو استقبال الجمهور، بجانب العمل بقوانين منذ عام 46، مع أن معظم الموثقين والأعضاء القانونين على وشك المعاش، فخلال عامين يكون عدد الموظفين نصف العدد الحالى، نتيجة عدم الإعلان عن نتيجة مسابقات الشهر العقارى منذ 5 سنوات بجانب ضعف الحالة المادية للموظفين مع العمل بظروف صعبة وزيادة كثافه الجمهور.

وأضاف أن لدينا حوالى 400 مكتب توثيق على مستوى الجمهورية، وحوالى 3.5 ألف موثق بجانب الموظفين، فكل مكتب به من 3 إلى 4 موثقين بما فيهم رئيس المكتب وهو عدد ضئيل جدًا بالمقارنة بالأعداد المتزايدة فى العمل، مؤكدًا أن ميزانية قطاع الشهر العقارى التى تضم لوزارة العدل تصل 2 مليار جنيه سنويا، فى مقابل قلة ما تنفقة الوزارة على القطاع، بجانب الملاحقات القضائية للموثقين فى ظل الزحام والأخطاء التى قد تكون غير مقصودة، مع وجود نسبة من الاستقالات التى بلغت هذه العام 20 موظفا تقريبا، فضلًا عن الإجازات هروبا من الواقع المرير الذى يعيشه القطاع.

وأكد فليفل، محاولتهم التواصل مع الوزير ولكنه يرفض المقابلة، وأن محاولة تواصلهم مع رئيس القطاع الجديد منذ شهرين لم تأت بنتيجة حتى الآن، ولم يتم الرد عليهم أو مقابلتهم للاستجابة لهم، فنحن بحاجة لميزانية مستقلة، وموظفين ضعف العدد الحالى لكثرة ساعات العمل، وأنه بنهاية عام 2019 قد يحدث انهيار تام للقطاع إدارى والكتابى الذى لم يعين بهم أحد من 20 سنة ومعظمهم سيكونوا على المعاش خلال عامين.

اقرأ أيضا