مشايخ الأزهر: القهوة محرمة شرعًا !!

الاربعاء 26 فبراير 2020 | 05:20 مساءً
كتب : بلدنا اليوم

وكأنها محبوبته المعمرة، يتقبل من شفاتها كل صباح ومساء، لايستطيع أن يعيش بدونها، أو يترجم الواقع ومايشاهده إلى حقيقة، رشفة واحدة من فنجانها يصبح الإدمان سلوكًا يتبعه وأمرًا لامفر منه يسير به طوال حياته.

"القهوة" نالت من المدح أسطر عديدة، ومن التاريخ قصصًا طويلة، ومن العشق روايات وقصائد كثيرة، ولكنها ستظل المشروب الوحيد لدى عاشقي ومحبي هذا المشروب.

حالة واحدة، سيمتنع عنها الأشخاص في تناول مشروب القهوة، وتصيب صاحبها بالاندهاش، عندما تعلم أنه مشروب محرم شرعًا، ويعامل معاملة الخمر.

قصة مشروب القهوة

ظهر مشروب القهوة فى مصر لأول مرة فى رواق طُلَّاب اليمن بالأزهر، الذين كانوا يتناولونها لتساعدهم على الدراسة والاستيقاظ والذكر، وشيئًا فشيئًا انتشرت القهوة بين طُلَّاب الأزهر فى العقد الأول من القرن الثامن الهجرى.

وقُوبِلَت القهوة بمعارضة شديدة من رجال الدين أمثال الفقيه أحمد بن عبدالحق السنباطى، الذى قاد حملة ضد المشروب الجديد، بعدما تلقى سؤالًا حول شرب القهوة، وكان نص السؤال: «ما رأيكم فى المشروب الذى يُدعى قهوة والذى يزعم بعضهم أنه مباح، رغم ما ينجم عنه من نتائج وعواقب فاسدة؟»، فأفتى الشيخ السنباطى بتحريمها، وعارضها المجتمع المصرى بشدة. وأدت خطبة أحد الموالين للشيخ السنباطى عن القهوة إلى هياج شعبى ضدها فى منتصف عام 1572.

محرمة شرعًا

وحرمها الخطباء من على المنابر، مما دفع الناس إلى تحطيم المقاهي، وشهدت مصر حالات شغب من أجل القهوة، كما شهدت مكة واليمن وإسطنبول والبوسنة أحداثًا مشابهة بسبب التباين بين فتاوى إباحة القهوة وتحريمها، إلى أنْ اختبر شيخ الاسلام زكريا الأنصارى فى القرن التاسع الهجرى تأثير القهوة على جماعة مِمَن يتعاطونها، فأحضر البُن وأمر بإعداده، وأمرهم بشربها، ثم فاتحهم فى الكلام فراجعهم فيه ساعة، فلم يَرَ فيهم أى تأثير، فراجعهم فيه ساعة أخرى فلم ير مِنهُم لا تغيرًا ولا فُحشًا، فأفتى بحِلها.

وصارت مُباحة حتى قدمها أهل الخير فى ساحات الحرمين والمساجد، ورغم مرور قرون مِن الزمان على فتوى الإباحة بعد فتاوى التحريم، نجد اليوم من يتشددون ويتمسكون بتحريم ما أحله الله.

معارضة رجال الدين

استمرت معاداة القهوة ومحاولات تحريمها بضراوة وفي منتصف عام 1572 أدت خطبة أحد الأئمة الموالين للفقيه أحمد السنباطي عن القهوة إلى هياج شعبي ضدها.

و أصابت عدوى التحريم عموم القاهرة، حين هاجم فقيه متشدد اخر القهوة ومن يشربونها على المنابر وهو ما دفع المستمعين له لتحطيم المقاهي لتعيش القاهرة حالات شغب من أجل القهوة !!.

وفي نهاية عام 1572 صدرت فتوي بالقاهرة، من مشايخ الأزهر، تقضي بمنع المنكرات والمسكرات والمحرمات، وبغلق أبواب الحانات والخانات، ومنع استعمال القهوة والتجاهر بشربها، وهدم كوانينها وكسر أوانيها.

ولتنفيذ هذا الحكم كما يصف الجزيري: "كان العسس على الفحص وبيوتها وباعتها شديدًا جدًّا، وضربوا وأشهروا وهدموا البيوت وكسروا أوانيها المحترمة الطاهرة التي هي مال لرجل مسلم ".

فأرسل تجار البذور والبن و منتجي القهوه و البائعين وفدا إلي الشيخ احمد السنباطي يطلبوا الرجوع عن الفتوة ، فكان رده : ما دام القهوه تؤثر في العقل ايجابا او سلبا فهي حرام !.

فقامت معركه حامية الوطيس بين مؤيدي الشيخ و فتواه و بين التجار و مؤيديهم من البائعين ، و يموت احد مؤيدي التجار ، فهرب الشيخ ومؤيدوه الي مسجد ، حاصر التجار المسجد من كل جانب، وجاءهم خبر وفاة شاب آخر منهم وخبر آخر يؤكد أن هناك شاب في حالة خطرة، إلى أن علموا بموته فكانت صدمة كبيرة عليهم، و من ثم قرر التجار الاستمرار في محاصرة الشيخ ومؤيدي فتوي القهوة حرام شرعا في مسجدهم.

اشتركت أهالي القتلى في الحصار وبقدوم الليل أرسلوا أحدهم لإحضار بطاطين و عمل صوان بأعمدة لتقيهم البرد و نكاية في مؤيدي الفتوى قام التجار و وزعوا مشروب ساخن، كان قهوة سادة بدون سكر !!.

استمر الحصار ثلاثة أيام مع استمرار حالة الفوضى و الشغب حتي وصل أمر الاضطرابات إلى السلطان العثماني مراد والذي قام بتعيين مفتي جديد والذي استصدر فتوى جديدة بعدم حرمة شرب القهوة.

اعتبر التجار ومؤيدي شرعية شرب القهوه ان هذا التغيير انتصار لهم ولأرواح شهداء القهوة، و سمي مشروب البن بالقهوه التركي، ربما لأن من أفتى بجوازها مفتي السلطان العثماني .

و هكذا أصبحت القهوة من حادث جلل إلى عادة عند أهالي تجار البن في القاهرة ثم إلى كبار الأعيان ثم إلى أقاليم مصر، فكان ولا يزال أي ميت يقام له صوان، يقدم للمعزيين القهوة السادة.

وفي عام 1524م، شهدت كل من إسطنبول ومكة المكرمة والقاهرة، حالة من الاحتجاجات والشغب الضخمة بسبب فتوى تحريم شرب القهوة، وزادت حده الاحتجاجات بعد تدخل التجار في الأزمة التي كان لها صدى واسعًا في كل من الدوائر الشعبية والرسمية على حد سواء، وكادت أن تحدث فيها مجازر بين المؤيدين والمعارضين، وبالفعل سقط على أثر ذلك الخلاف أحد التجار قتيلا وأصيب الكثيرون، وتم تدمير عدد من المقاهي والممتلكات الخاصة.

اقرأ أيضا