الإفتاء تكشف حكم إعطاء الزكاة للعاملين بالأجور اليومية بسبب كورونا

الخميس 02 ابريل 2020 | 11:23 صباحاً
كتب : مصطفى عبدالفتاح

أكدت دار الإفتاء المصرية، أنه يشرع إعطاء الزكاة للمواطنين العاملين بالأجور اليومية (العمالة اليومية والأرزقية)، ومثلهم كل من تعطلت مواردهم بسبب إجراءات الوقاية من الوباء وتعليمات السلامة من العدوى بسبب انتشار فيروس كورونا.

وأضافت الدار –في فتوى لها- أن يجوز كذلك تعجيل الزكاة لهم على قدر ما يكفي حاجتهم ويسد فاقتهم، ولا يقتصر الأمر على الزكاة، بل على الأغنياء والقادرين في المجتمع أن يشملوا هؤلاء المواطنين العاملين باليومية -ومَن في حكمهم ممن قلَّت دخولهم وتعطلت مواردهم- فيتكفلوا بنفقاتهم وصدقاتهم في هذه المرحلة الحرجة من عمر الوطن.

وحثت الدار في فتواها كل المواطنين أن يستثمروا هذه الفرصة في مساعدتهم والوقوف إلى جانبهم بما يمكن من الوسائل المادية والمعنوية؛ بالمسارعة في الخيرات، والمسابقة في المكرمات، والمساهمة بالطيبات؛ مشاركة لهم في ظروفهم الحرجة، ومساعدةً لهم في تغطية نفقاتهم واحتياجات أهليهم وذويهم؛ إظهارًا للنخوة والمروءات في أوقات الأزمات، ودفعًا للمرض والوباء بمزيد الكرم والعطاء، وتوخيًا للأجر والثواب من رب الأرباب، فإن معادن الشعوب، وأخلاق الأمم، تظهر في عصيب الأوقات، ومُدْلَهِمِّ الحالات.

وأوضحت الدار أن انتشار وباء كورونا أحدث في بلدان العالم كسادًا اقتصاديًّا وركودًا ماليًّا على المستوى الفردي والمجتمعي والدولي، ومن أكثر المواطنين تضررًا بهذه الظروف: العاملون بالأجور اليومية، وأصحاب المشاريع متناهية الصغر، وذوو الدخول المحدودة؛ ممن يعتمدون في أرزاقهم على التعامل اليومي والأجور الوقتية والتجارات الصغيرة؛ حيث أدى بهم التزامُهم مع المواطنين بالمكث في البيوت، وما استتبعه ذلك من قلة الحراك المجتمعي؛ تنفيذًا لإجراءات السلامة والوقاية، إلى تعطُّل ما كانوا يعتمدون عليه في كفاية أسَرِهم ورعاية ذويهم، فهم أكثر الطبقات تأثرًا وتضررًا بذلك، وأولى الناس تحققًا بصفة الفاقة والحاجة، فهم على ذلك أَوْلَى مصارف الزكاة استحقاقًا لها بوصف الفقر والمسكنة.

وأشارت، إلى أن الشريعة الغراء قد حددت مصارف الزكاة في قوله تعالى: ﴿إنَّما الصَّدَقاتُ للفُقَراءِ والمَساكِينِ والعامِلِينَ عليها والمُؤَلَّفةِ قُلُوبُهم وفي الرِّقابِ والغارِمِينَ وفي سَبِيلِ اللهِ وابنِ السَّبِيلِ فَرِيضةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60]؛ فجعلت كفايةَ الفقراء والمساكين هو آكد ما تصرف فيه الزكاة؛ حيث كانوا في صدارة مصارف الزكاة الثمانية للتأكيد على أولويتهم في استحقاقها، وأن الأصل فيها كفايتهم وإقامة حياتهم ومعاشهم؛ إسكانًا وإطعامًا وتعليمًا وعلاجًا وزواجًا، وخصَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم الفقراء بالذكر في حديث إرسال معاذ رضي الله عنه إلى اليمن: «فَإن هم أَطاعُوا لَكَ بذلكَ فأَخبِرهم أَنَّ اللهَ قد فَرَضَ عليهم صَدَقةً تُؤخَذُ مِن أَغنِيائِهم فتُرَدُّ على فُقَرائِهم» متفق عليه.

ولفتت، إلى أنه فيما أمر به النبيُّ الله صلى الله عليه وآله وسلم معاذًا رضي الله عنه أن يعمله في توزيع زكاة أغنياء أهل اليمن على فقرائهم: دلالةٌ على أن الأصل في الزكاة أن تخرج مِن أغنياء كلِّ بلد لفقرائها، ومن القادرين إلى مواطنيهم المحتاجين؛ تحقيقًا لغاية الزكاة التكافلية، وسعيًا للعدالة المجتمعية، وتخفيفًا لوطأة الأزمات الاقتصادية، وتقليلًا من حدة الفوارق الطبقية؛ لتسري في المجتمع روح الانتماء، وينتعش بين أفراده مبدأ المواطنة والإخاء؛ فيستشعروا في بلدهم مسؤوليتهم المجتمعية، ويعيشوا قضاياه الوطنية.

وأضافت الدار: "وهذا هو الذي تقتضيه مبادئ السياسة الشرعية؛ ولذلك نص عليه فقهاؤها فيما قرروه من المحددات العامة لوظائف الدولة وسياساتها الاقتصادية والمالية؛ كما صنع قاضي القضاة الإمام أبو يوسف [ت182هـ] صاحب الإمام أبي حنيفة في كتابه "الخراج" الذي رسم به لهارون الرشيد أسس التنظيمات المالية والاقتصادية للدولة الإسلامية ومواردها ومصارفها".

وقالت الدار: "إن ظروف الوباء التي تمر بها شعوب العالم -ومن بينها مصر المحروسة- تستوجب من كل بلدٍ تعاونَ أهليه وتكاتفَ مواطنيه، وأن يأخذ أغنياؤه بيد فقرائه، ويقف موسروه مع محتاجيه؛ تفريجًا لكربتهم، ونجدة لفاقتهم، ومواساة لحاجتهم، ولو أدى أغنياءُ كلِّ بلدٍ حقَّ الله في أموالهم لسُدَّت حاجةُ فقرائهم، لما روى الإمام الطبراني في "المعجم الأوسط" عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ فَرَضَ عَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ قَدْرَ الَّذِي يَسَعُ فُقَرَاءَهُمْ، وَلَنْ يُجْهَدَ الْفُقَرَاءُ إِلَّا إِذَا جَاعُوا وَعُرُّوا مِمَّا يَصْنَعُ أَغْنِيَاؤُهُمْ، أَلَا وَإِنَّ اللهَ مُحَاسِبُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِسَابًا شَدِيدًا، وَمُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا نُكْرًا».

وكذلك ما روى سعيد بن منصور في "سننه" ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" عن سيدنا عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: "إِنَّ اللهَ فَرَضَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ فِي أَمْوَالِهِمْ بِقَدْرِ مَا يَكْفِي فُقَرَاءَهُمْ، فَإِنْ جَاعُوا وَعَرُوا جَهَدُوا فِي مَنْعِ الْأَغْنِيَاءِ، فَحَقٌّ عَلَى اللهِ أَنْ يُحَاسِبَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُعَذِّبَهُمْ عَلَيْهِ".

وأضافت الدار أنه من جهة أخرى فإنه لما كان أصحابُ العمالة اليومية ونحوهم أكثرَ طبقات الشعب تضررًا من ظروف الوباء، وأشدَّهم حاجة إلى العطاء.

إقرا أيضا:

بسمة وهبة تُهاجم إيناس عز الدين بعد إدعائها بفيروس كورونا

المغرب يعلن عن 22 إصابة جديدة بفيروس كورونا

اقرأ أيضا