فتح بابًا للسرقة.. توجيه وزاري يسمح للمخابز بالاحتفاظ بالبطاقات التموينية

الخميس 31 أكتوبر 2019 | 06:55 مساءً
كتب : مصطفى محمود

منذ 27 يوماً، تحديدا في يوم 3 أكتوبر الجاري، وقعت مشكلة في الاتصالات لدى أصحاب المخابز، مما تسبب فى مشكلة صرف الخبز للمواطنين، وهو ما دفع وزارة التموين لإصدار توجيها وزارياً، يسمح بأن يترك المواطنون بطاقاتهم لأصحاب المخابز، لحين عودة الشبكة بصورة طبيعية.

هذا المنشور وعلى الرغم من صدق نواياه، لتسهيل التعاملات مع المواطنين، إلا أن عدم تحديد مدة زمنية تسمح بإنهاء هذا المنشور أو عدم ذكر السبب الحقيقي لانقطاع شبكة الاتصالات، قد يدفع بعض أصحاب النفوس الضعيفة من أصحاب المخابز لاستغلال المواطن بعد إصدار هذا المنشور.

وجاء التوجيه الوزاري رقم (28) لسنة 2019، الصادر بتاريخ 3/10/2019 كالتالي:

"نظراً لضعف بعض شبكات الاتصالات مما أثر على ماكينات صرف الخبز فى بعض المخابز يتم استمرار العمل بالمخابز اليوم حتى الساعة الثامنة مساءً بدلاً من الساعة الخامسة، وذلك لحين استقرار شبكات الاتصالات.

مع السماح للمخابز بالاحتفاظ بالبطاقات الخاصة بالمواطنين وصرف الخبز لحين عودة الشبكة للعمل الطبيعى.

وعلى مديرى المديريات والجهات الرقابية التابعة لهم متابعة سير العمل بالمخابز، وضمان استقرار حركة الصرف للمواطنين فى سيولة ويسر".

مصدر بإحدى شركات البطاقات: القرار لم يحدد فترة زمنية أو يتعلق بأمر معين

وهذا ما أكده مصدر بإحدى شركات البطاقات، أنه وفقاً للتوجيه الوزارى، فقانوناً صاحب المخبز ليس عليه حرج إذا وجدت بحوزته بطاقات تموينية للمواطنين، مؤكداً ضرورة إصدار توجيه يلغى التوجيه الأول.

وتابع أن الوضع يدعو للقلق، خصوصاً أن القرار صدر وليس محدداً بفترة زمنية أو تعليق على أمر معين، مشيراً إلى أن القرار الذى صدر جعل المشكلة بسبب الاتصالات، فى حين أن المشكلة خاصة بالسيستم، ومشكلة الاتصالات ليست محددة بوقت ومن الممكن أن تحدث فى أى لحظة، مشدداً على أن الصيغة التى صدر بها المنشور قد تتسبب فى ضياع حق المواطن، فمفتش التموين إذا وجد عند صاحب المخبز بطاقات تموينية فلن يستطيع أن يوجه له أى اتهام.

وزير التموين يقرر مد فترة تلقي التظلمات حتى 30 نوفمبر 2019

وأشار إلى أنه من الوارد أن يخبر صاحب المخبز المفتش، بأن الشبكة قد سقطت عنده منفرداً دون الآخرين، فوفقاً للتوجيه الوزارى من حقه الاحتفاظ بالبطاقة، فالمشكلة وارد أن تكون فردية وليست جماعية مما يستلزم إصدار منشور يلغى المنشور الأول.

وتابع أن القرار عندما تحدث عن مشكلة فى الاتصالات، لم يشر إلى أنها كانت عامة، بل نص على أنه بناءً على ما يحدث فى مشكلة الاتصالات، فمشاكل الاتصالات من الممكن أن تحدث للفرد أو الجماعة أو بأى لحظة أو لأى سبب، فلم ينص المنشور على أنه بسبب المشكلة التى وقعت فى إحدى شركات البطاقات، فبالتالى التابعين لهذه الشركة يتداركون الموقف لحين انتهاء مشكلة السيستم، وبالتالى تم تحديد التابعين لهذه الشركة بالإضافة إلى الفترة الزمنية المحددة، لكن القرار صدر مفتوحاً من جميع النواحى، فمن الممكن أن يخرج صاحب مخبز من أسوان ويقول إن لديه مشكلة، ويرد عليه آخر من مطروح ويحصل على البطاقات، ومن الممكن أن يتحدثا مع بعضهما البعض على الفيسبوك بصورة طبيعية، مما يعنى أن الأمر لا يستدعى أن يعرف كلاهما الآخر، فلذلك إذا دخل عليه مفتش التموين فلن يستطيع توجيه اتهام لديه بسبب تواجد بطاقات تموينية عنده، ولن يستطيع المفتش أن يرد عليه، حتى كلمة الصباح "مطاطة"، فيمكن أن يجرى عمليات الساعة 10، فى حين أن الشبكة كانت قد سقطت فى الساعة الثامنة، لهذا يجب أن يتم إلغاء القرار.

ولفت إلى أنه قبل صدور هذا المنشور، كان ممنوع على أصحاب المخابز الاحتفاظ بالبطاقات التموينية الخاصة المواطنين، أما بعد صدور القرار فقد أصبح الأمر لهم مصوغاً قانونياً يسمح لهم بذلك، فالأمر أصبح مصيبة كبرى ليس فقط على المواطن، فمن الوارد أن يكون هناك بطاقات وهمية أيضاً وهذا أمر متوقع، بأن يكون صاحب بطاقة مات، وتم تسليمها لصاحب المخبز ولم يقم بتسليمها أو أن يسلمها للمكتب ويبيعها المكتب له مرة أخرى، فمن الوارد أن يكون لها سيناريوهات كثيرة، فبالحديث عن 17 مليون بطاقة فعلى الأقل ظهرت كل الأمثلة فى هذا الرقم الكبير، وذلك فى ظل وجود 30 ألف مخبز، فمن المؤكد أن هناك على الأٌقل واحداً ليس على صواب يطبق عليه أحد السيناريوهات فكل الاحتمالات أصبحت مفتوحة.

"غراب": صدر لواقعة معينة حدثت على مستوى الدولة

من جانبه، قال عبدالله غراب، رئيس الشعبة العامة بالمخابز بالغرفة التجارية، إن القرار عندما صدر كان لواقعة معينة حدثت على مستوى الدولة، وتحسباً فى هذا اليوم لأنه كانت هناك مشكلة فى السيستم، وحتى لا يشكل هذا شعوراً لدى المواطن ويحصل على أرغفة الخبز التى يريدها فيترك البطاقة، وفى اليوم التالى يحصل على بطاقته مرة أخرى فالقرار صدر بصورة تحسبية.

وتابع أن السيستم كان ضعيفاً، وفى اليوم الأول تم مد ساعات العمل 4 ساعات، وفى اليوم التالى 3 ساعات، والأمور صارت على ما يرام ولم تحدث أى مشاكل بعدها.

وأشار إلى أن ما صدر ليس منشوراً، بل تعليمات تم توجيهها، حتى يتم اتخاذ قرار سريع فى هذا الأمر العاجل، فالأمر صدر فقط لأجل هذا التوقيت، لكن الآن من يتم الإمساك به متلبساً ولديه بطاقات فيتم عمل محضر ضده، مؤكداً أنه ليس هناك أى مصوغ قانونى يمكن أن يستغله صاحب المخبز بالاحتفاظ ببطاقة المواطن، مؤكداً أن الورقة التى نُشرت بالتوجيه الوزارى الذى صدر ليست صحيحة على الإطلاق.

"مدكور": أمر طارئ لمدة 4 ساعات فى نفس اليوم والمشكلة تم حلها

من جانبه، قال الدكتور عمرو مدكور، مستشار وزير التموين، لنظم المعلومات والاتصالات، إن الأمر كان طارئاً لمدة 4 ساعات فى نفس اليوم، وتم حل المشكلة على الفور.

وأشار إلى أنه إذا تم ضبط بطاقات تموينية مع أصحاب المخابز، فإن مباحث التموين تلقى القبض عليهم على الفور، مؤكداً أن المواطن نفسه هو المسئول عن بطاقته التموينية، إذا حاول صاحب المخبز استغلالها.

الكومي: الأمر فضفاض جداً ويشكل فرصة لسرقة الدعم

المهندس حلمى الكومى، أحد قيادات مشروع جمعيتى، أكد ضرورة صدور منشور يلغى المنشور الأول، مشيراً إلى أن مديرى المديريات لا يعملون إلا وفقاً للتعليمات التى تصدرها الوزارة.

وأشار إلى أن المنشور لم يحدد مدة زمنية لعودة الشبكة بصورة طبيعية، على الرغم أنه حتى الآن لم تعد الشبكة بصورة طبيعية كما كانت من قبل، فالأمر فضفاض جداً، وهذا ما سيشكل فرصة لسرقة الدعم عن طريقه، لافتاً إلى أنهم موظفون حكوميون يعملون وفق تعليمات وتظل التعليمات سارية طالما لم تحدد المدة.

السيد: كان من المفترص إصدار منشوراً في حينها يلغي الأول

من جانبه قال النائب حسن السيد عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إنه كان من المفترض أن تصدر وزارة التموين منشوراً فى توقيته يلغى المنشور الأول، والآن الأمر فات عليه أكثر من أسبوعين، فبعد عودة السيستم واستقرار عملية صرف الخبز للمواطنين، فلا داعى لإصدار منشور.

وأكد أنه في الوقت الحالي لا داعي لإصدار المنشور، ولكن مستقبلاً لو تم ذلك، فإن ما يقال سيكون صحيحا بنسبة مائة بالمائة، ويجب على الوزارة حينها أن تحذر أصحاب المخابز من الاحتفاظ ببطاقات المواطنين.

اقرأ أيضا