"عشق بلا حدود".. قصة حب انتهت بـ"مياه النار"

الثلاثاء 21 يناير 2020 | 10:54 مساءً
كتب : دينا سليمان

تمتلك الأنثى قلبا مليئا بمشاعر متنوعة من حنان وطيبة وحب بلا حدود لمن يختاره قلبها، عندما يدق القلب وتلمع العين، تظهر الفرحة والسعادة على وجهها، ولن تستطيع مهما حاولت أن تخفي هذه المشاعر وتظهر عليها من «أول نظرة» - كما يقال - ويستشعر كل من يراها أنها تعيش حالة من الحب والهيام بشخص سيطر على نقطة ضعفها وهو «القلب».

في تلك اللحظات تعطي الأنثى بلا حدود، (حب، اهتمام، رعاية)، وكلما زاد الرجل في مشاعره تجاهها يأخذ المقابل «عشق بلا حدود»، ولكن إياك وخدش مشاعرها بكلمة أو تصرف، في هذه اللحظة يتحول الحمل الوديع لقطة مفترسة تغرس مخالبها في قلبه انتقامًا، رغمًا أنها مجرد مشكلة أو فعل مؤلم غير مقصود منه خسارتها.

فتخيل إذا قام الرجل بتركها، وأعطى مشاعره لأنثى أخرى، فهذه اللحظات تكتب نهايته في الحياة، أيمانًا بمبدأ «من يملكه قلبي.. لي وحدي ومحرم على غيري» وهنا تشتعل نار الغيرة، ولك أن تتخيل نار مشتعلة ماذا تفعل؟.

انتهى العام الدراسي وانتقلت «فرح» بنوتة متوسطة الطول، صاحبة الوجه الملائكي، بيضاء البشرة، من عائلة متوسطة الحال، من المرحلة الإعدادية إلى الصف الأول الثانوي، وتقابلت مع «أحمد» طالب الصف الثاني الثانوي، وسيم الملامح، طيب القلب، رجل التصرفات، ابن العز كما يقال، فلفت نظرها تلك التصرفات ودق القلب تعلقًا به، وبتعبيرات وجهه الجذابة.

وبدأت تهيم حبًا به، وكان «أحمد» يبادلها الاهتمام والاحترام، وكان دائم الدفاع عنها إذا حاول أحد مضايقتها، فكان سندا وعونا لها.

ومع كل تصرف من «الشاب الوسيم» تجاه الطالبة، يتعلق قلب «فرح» أكثر به، وبدأت تعيش حالة الهيام والعشق لفتى الأحلام.

وعاشت «فرح» على سماع الموسيقى وأهملت دراستها التي كانت متفوقة فيها على مدار الأعوام السابقة، وانشغلت بالتفكير في امتلاك قلب من تحب، ومرت أيام وليالي تعيش الفتاة العاشقة في هذه الحالة على اعتقاد أن مالك القلب متيم بها.

واستمر الحال كذلك حتى استيقظت على الصدمة، عندما أخبرتها إحدى زميلاتها في مكالمة هاتفية عن سر علمته وواجبها تجاهها يفرض عليها ألا تتركها تعيش الوهم.

وبعد حديث دام أكثر من 15 دقيقة لم تترك «فرح» المجال لصديقتها بالتحدث بسبب لهفتها في الحديث عن «حبيب القلب» والتعبير عن مشاعرها الجياشة نحوه، حتى قاطعتها الصديقة بنبرة حزن على صديقة العمر المخدوعة في مشاعرها: «اسمعيني بقا وفوقي أحمد مش بيحبك، لأنه بيحب بنت تانية زميلته».

وفي حالة من الصمت استمرت دقائق قليلة، ثم اندفع صوت صراخ فرح قائلة: «أنتي بتقولي إيه أنتي مجنونة أحمد بيحبني أنا، أنتي كذابة وغيرانة أنك مش في حياتك حد زيه».

وبدون مقدمات أغلقت الاتصال، وفي حالة من الجنون بين الصمت والتفكير في تصرفات حبيب القلب، ولحظة انهيار أخرى «لا أحمد بيحبني أنا.. هي غيرانة مني.. أمتي الصبح يجي وأشوفه وأساله علشان أعرفها إنها كذابة».

ومرت ساعات ولم يمس النوم عين «فرح» منتظرة منبه هاتفها يدق الساعة السابعة، ومع أول دقة للهاتف انطلقت لارتداء الزي المدرسي، واتجهت للمدرسة بوجه منطفئ وملامح شاحبة وعينان تملأها الدموع المتحجرة.

ولم يحالفها الحظ كي تتصل بسرعة ولكنها تعطلت في زحمة المواصلات، وعقب وصولها وجدت «أحمد» يقف مع بعض زملائه، وعندما شاهدها ذهب إليها، وعندما نظر لها ووجد حالة الغيوم تملأ وجهها تسأل: «مالك أنتي تعبانة»، وكأن سؤاله بمثابة انطلاق فيضان بحر الدموع المتحجرة بعينها وتحاول تمالك مشاعرها قائلة: «أحمد هو أنت فعلا بتحب واحدة زميلتك في الفصل، قولي إن الكلام اللي سمعته كذب، قول أنك بتحبني أنا رد عليا أتكلم»، وبصمت بارد وهدوء يرد: «هو أنا قبل كدا قولتلك إن بحبك أو وعدتك بحاجة» لترد فرح وكأن سكينًا شق قلبها طعنًا: «لا بس كل تصرفاتك بتأكد إنك بتحبني، نظرتك واهتمامك بيا وخوفك عليا» ليرد: «اهتمامي مجرد رد فعل لتصرفاتك معايا، وكنت بشوفك بنت مسكينة كدا وطيبة فكنت بشفق عليكي لما حد بيزعلك مش أكتر، لكن أنك تتخيلي إن أحبك أو أفكر فيكي دا بالنسبالك حلم وصعب يتحقق».

أطلق «أحمد» قذيفته تجاه «فرح» فأصابتها بجرح قطعي في قلبها، وتركها غارقة في دماء القهر والحسرة وذهب لزملائه، وبعد لحظات فقدت فرح الوعي لتسقط أرضًا مغشيًا عليها، وقام زملائها بإفاقتها وبعد إذن من إدارة المدرسة عادت للمنزل للراحة.

دخلت غرفتها وأغلقتها عليها موهمة والدتها أنها تريد النوم بسبب تعبها، ولكنها لم ترتاح وبدأت نار الغيرة والانتقام تشتعل بداخلها «لازم أنتقم منه وأحرق قلبه زي ما حرق قلبي ووجعني في حبي له» وفي تلك اللحظات المشتعلة بلهيب الخيانة شعرت «فرح» بألم شديد في بطنها، فتركت غرفتها لتسأل والدتها على علاج لما تشعر به من ألم، وفي ذلك الوقت كان أخوها الصغير يشاهد فيلم بالتلفزيون وشاهدت مشهد قيام أحد الممثلين بإلقاء ماء على وجه آخر فاحترق وتشوه شكله العام.

تجمدت «فرح» أمام التلفاز وشرد ذهنها عن حقيقة تلك المادة المتسببة في ذلك، وبسرعة سألت أخوها: «هو رمى عليه إيه» ليرد شقيقها بتلقائية: «مياه نار» فانطلقت مسرعة على المطبخ، وسألت والدتها: «هي مياه النار دي فعلا بتحرق الجلد؟» لترد الأم بعفوية: «أيوة دي خطر جدًا» وبلهفه في السؤال: «بنجيبها منين يا ماما؟» لترد الأخيرة بكل براءة إنها تستحضر من محلات البويات والمواد الكيماوية، دون أن تعلم تخطيط ابنتها لارتكاب جريمة يعاقب عليها القانون.

وعندما أتى المساء، طلبت «فرح» من والدتها الخروج من المنزل لشراء بعض متطلبات المدرسة، وعندما سمحت لها الأم، انطلقت وبدأت تسأل على محل البويات، وعندما توصلت له قامت بشراء كمية صغيره منه، وتوجهت للمنزل وقامت بإخفائها.

ومرت الساعات ودق منبه هاتفها بموعد استيقاظها للمدرسة، وفي حالة من الغضب الغاشم، توجهت فرح للمدرسة حاملة بحقيبتها أداة جريمتها.

وعندما رأت «أحمد» أمامها تبسمت في وجهه وكأنها ابتسامه الانتقام وفي يدها زجاجة مياه النار وبدون تفكير قامت برشها في وجهه الوسيم الذي كان بداية دقة قلبها له، فتشوه الوجه وتشوهت الملامح، وتحول المكان من فناء المدرسة إلى «مسرح جريمة» يملئه الصراخ مما حدث.

وانتهت قصة الحب بتشويه ملامح بطلها، ووضع بطلتها تحت طائلة القانون.

تنويه.. تلك السطور من وحي خيال كاتبها.. ولذا وجب التنبيه على أنها ليست وقائع حقيقية ولكنها مستوحاة من الواقع الذي أصبحنا نعيش فيه.