قبل 1400 عام.. كيف حارب الرسول الوباء والطاعون؟

الثلاثاء 04 فبراير 2020 | 07:53 مساءً
كتب : مصطفى الخطيب

يواصل فيروس كورونا القاتل إثارة القلق على مستوى العالم، حيث انتشر في أكثر من 20 بلد، وأعلنت اللجنة الوطنية للصحة في الصين اليوم الثلاثاء تسجيل 426 حالة وفاة بينهم أول حالة فى هونج كونج و20 ألفا و 471 حالة إصابة مؤكدة بالالتهاب الرئوي المرتبط بفيروس "كورونا" في شتى أنحاء البلاد، فيما أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية تسجل ثانى حالة انتقال الفيروس من إنسان لآخر.

ونفذت العديد من الدول الحجر الصحي على العائدين من الصين، بعد تفشي وباء كورونا القاتل ببعض مدن الصين، والحَجْر الصحي هو منع اختلاط مرضى الأمراض المعدية، بالأصحاء.

كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قد أرسى مبادئ الحجر الصحي قبل ألف وربعمائة عام وأكثر، حيث قال صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه"، وقال أيضًا: "الفار من الطاعون كالفار من الزحف، والصابر فيه كالصابر في الزحف".

من القرآن والسنة.. تعرف على أسباب "كورونا" وسر علاجه "فيديو"

ونبه النبي في العديد من نصوص السنة الواردة عنه صلى الله عليه وسلم عددا من المبادئ الأساسية للحجر الصحي، إذ نقلت كتب السنة عن النبي نهيه عن الدخول إلى البلدة المصابة بالطاعون، ومنع التام لأهل تلك البلدة من الخروج منها، ووجه التشدد النبوي في ذلك أن جعل الخروج من البلدة المصابة بالوباء كالفرار من الزحف وهو أمر من كبائر الذنوب، وأكد النبي أنّ للصابر على البقاء في بلدة الوباء له أجر الشهيد.

ففي هذه الأحاديث الشريفة خطة طبية محكمة وضعها النبي الأمي في وقت لم يكن هناك فيه من يعلم بـ "الحجر الصحي"أو غيره، فألزم المسلم الذي يكون موجودًا في بلد تفشى فيه الطاعون بألا يخرج منه وإن كان سليمًا لأنه ربما حمل المرض، ومن يكون خارج البلد فعليه ألا يدخلها.

وروى البخاري في صحيحه قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حين خرج إلى الشام، فلما وصل إلى منطقة قريبة منها يقال لها: (سرغ)، بالقرب من اليرموك، لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه أنّ الوباء قد وقع بأرض الشام، فقال عمر ادع لي المهاجرين الأولين، فدعاهم فاستشارهم، وأخبرهم أنّ الوباء وقع بالشام، فاختلفوا، فقال بعضهم: قد خرجتَ لأمر ولا نرى أن ترجع عنه، وقال بعضهم: معك بقية الناس وأصحاب رسول الله، ولا نرى أن تُقْدِمَهم على هذا الوباء، فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادعوا لي الأنصار، فدعاهم فاستشارهم، فسلكوا سبيل المهاجرين، واختلفوا كاختلافهم، فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادع لي من كان ها هنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح، فدعاهم فلم يختلف منهم عليه رجلان، فقالوا: نرى أن ترجع بالناس ولا تُقْدِمَهم على هذا الوباء، فنادى عمر في الناس إني مُصَبِّحٌ على ظَهْرٍ فأَصْبِحوا عليه، فقال أبو عبيدة بن الجراح: أفرارا من قدر الله؟، فقال عمر لو غيرُك قالها يا أبا عبيدة نعم، نفرُّ من قدر الله إلى قدر الله، أرأيتَ لو كان لك إبل هبطت واديا له عدوتان إحداهما خصبة والأخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟، قال: فجاء عبدالرحمن بن عوف وكان متغيبا في بعض حاجته، فقال إنّ عندي في هذا علما، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه)، قال: فحمد الله عمر ثم انصرف".

وروى الإمام أحمد عن عائشة قالت: قال رسول الله: (لا تفنى أمتي إلا بالطعن والطاعون، قلت: يا رسول الله هذا الطعن قد عرفناه، فما الطاعون؟، قال: غدة كغدة البعير، المقيم بها كالشهيد، والفار منها كالفار من الزحف)، وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله: (الفار من الطاعون كالفار من الزحف، والصابر فيه كالصابر في الزحف).

كثيرة هي الأحاديث النبوية التي دارت حول انتشار الطاعون والأوبئة وكيفية التعامل معها، وفرق علماء المسلمين بين الطاعون والوباء، حسبما ذكر نصير بهجت في بحثه "الطواعين في صدر الإسلام والخلافة الأموية" المنشور بمجلة جامعة كركوك، حيث ذكر بأن الطواعين هي أمراض غير معلومة المصدر بينما الأوبئة فمصادرها معلومة غالبًا، ولذلك صنف العلماء الطاعون ضمن الأوبئة، وفي التاريخ الإسلامي توفى عديد من الصحابة والتابعين بالطاعون، شهداء، ومن أشهرهم: أبو عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، حيث أصيبوا في طاعون عمواس الذي ضرب الشام أثناء خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

"الطاعون شهادة لكل مسلم"

حديث رواه أنس بن مالك رضي الله عنه عن حكم من مات بالطاعون، والحديث وارد في البخاري، وأيضًا روى ابن ماجة وأبو داود وغيرهما قوله صلى الله عليه وسلم: الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله"، فهكذا عد النبي صلى الله عليه وسلم المتوفى من الطاعون شهيدًا من الشهداء.

وتابع أنّ الشرع الإسلامي وضع أسس لحياة كريمة تقوم على قواعد واضحة على رأسها قاعدة "لا ضرر ولا ضرار"، وعدم اتباع التعليمات يمثل ضرر يوقعه الإنسان على نفسه وضرار لمجتمعه وبيئته المحيطة، لذا على الجميع الالتزام بتعليمات الحجر.

اقرأ أيضا