أبى أن يكتم الشهادة.. آخر ما قاله ياسر رزق قبل وفاته

الاربعاء 26 يناير 2022 | 12:41 مساءً
كتب : صافي عبد الصادق

يؤمن الكاتب الصحفي ياسر رزق، الذي توفي صباح اليوم الأربعاء، أثر تعرضه لأزمة قلبية بأهمية الصحافة الورقية، ويرى أنه بدونها لا يوجد تليفزيون ولا صحافة إلكترونية، ويقول دائمًا إنّ الجورنال من مظاهر سيادة الدولة.

كما صدر حديثا للكاتب الصحفي ياسر رزق رئيس مجلس إدارة "أخبار اليوم" السابق، كتاب (سنوات الخماسين.. بين يناير الغضب ويونيو الخلاص) والذي يتضمن رصدا دقيقا وموضوعيا لأحداث حقبة هي الأصعب في تاريخ مصر الحديث، منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011 وحتى ثورة 30 يونيو 2013 ، ومعلومات ومواقف يُكشف عنها للمرة الأولى ويرويها الكاتب من موقع الشاهد بحكم عمله الصحفي.

ويبدو أن "رزق" أبى أن يرحل عن دنيانا سوى بعد أن ينتهي من كتابة شهادته للتاريخ، وأن يذكر كل ما شاهده بعينه من مواقف وأحداث فى السنوات الصعبة التي شهدت فيها البلاد متغيرات سياسية كثيرة بداية من ثورة يناير التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل مبارك، وصولًا إلى ثورة 30 يونيو التي أنقذت مصر من السقوط فى بئر الإخوان.

ويعرض "رزق" في مؤلفه، الذي يمثل الجزء الأول من ثلاثية عن "الجمهورية الثانية" يعكف على وضعها والانتهاء منها، لمقدمات ومجريات ثورة يناير، معتبرا أنها أسقطت "الجمهورية الأولى" التي قامت في يونيو 1953 إثر زوال الحكم الملكي لأسرة محمد علي، ورصد وقائع مرحلة الانتقال الأولى حين تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة الدولة التي كانت تترنح في ذلك الوقت بفعل ثورة ومتغيرات إقليمية ومخططات قوى كبرى أرادت تغيير خريطة منطقة الشرق الأوسط بحراب أبنائها.

وينتقل "رزق" في مؤلفه، الذي يؤكد أنه ليس محاولة لكتابة تاريخ وإنما لقراءة حاضر، من لحظة التنحي ليعرض لإرهاصات الحراك الشعبي الذي دفع الرئيس الراحل حسني مبارك إلى التخلي عن الحكم، والتي يلخصها في تفاقم الأزمات المعيشية

ثم التزوير الكبير لإرادة الناخبين في انتخابات مجلس الشعب عام 2010 إلى جانب رفض الشعب والمؤسسة العسكرية لمشروع توريث الحكم من الأب الرئيس إلى ابنه الأصغر جمال، والذي كان يتم الإعداد له وفق سياق ممنهج.

ويعرض الكاتب لسلسلة الأزمات والأخطاء وأعمال الغدر بالشعب التي ارتكبتها جماعة الإخوان الإرهابية والرئيس الأسبق محمد مرسي، والتي تسببت في نقمة شعبية واسعة على الجماعة التي أرادت تغيير هوية الشعب وتقويض كيان الأمة المصرية، على نحو أدى إلى تفاقم الاحتجاجات الشعبية ضد نظام مرسي على نحو غير مسبوق، لا سيما بعد أعمال البلطجة والعنف التي نفذتها الجماعة وتسببت في إراقة دماء المصريين في الشارع،

بعد احتجاجات مناهضة لأفعال وتصرفات الجماعة التي مثلت انقلابا على جميع التعهدات وإهدارا لاستقلال القضاء وانتهاكا للدستور وخرقا للقوانين بالتوازي مع فشل ذريع في معالجة أبسط المشكلات والأزمات المعيشية للمصريين.

ويستعرض "رزق" في ربط محكم وسرد سريع للأحداث، تداعيات انسداد الأفق السياسي جراء تصرفات جماعة الإخوان وممثلها على رأس السلطة في ذلك الوقت محمد مرسي، ورفضه التام لكافة المبادرات والمخارج التي من شأنها إيجاد حلول للأزمات الخانقة التي كانت تمر بها البلاد، على نحو أدى إلى زيادة معاناة الجماهير، لا سيما مع الفشل المتلاحق لحكومة الإخوان في توفير أبسط مقومات الحياة، بعدم القدرة على توفير الخبز وانقطاع مياه الشرب والكهرباء وشُح الوقود.

ويلقي" رزق" الضوء على العديد من المواقف والمشاهد المهمة، والتي كان فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي إبان توليه منصب القائد العام للقوات المسلحة ووزارة الدفاع، يُسدي النصح الأمين على مدى 10 أشهر كاملة لرئيس البلاد في ذلك الوقت محمد مرسي، في سبيل نزع فتيل الأزمات وبما يُجنب مصر المشاكل والتناحر، غير أن جماعة الإخوان أصرت حينها على الدخول في مواجهات مع السواد الأعظم من أبناء الشعب بل وإحراق مصر إذا اقتصى الأمر في تمت حال إزاحة جماعة الإخوان السلطة.

وكشف "رزق" أن كتاب "سنوات الخماسين بين يناير الغضب ويونيو الخلاص"، جاء وفق رؤيته الخاصة وليس لكتابة التاريخ، وإنما شعر بواجب داخلي دفعه لذلك حتى بعد مرور سنوات طويلة عن تلك الأحداث.

وأضاف إلى أنه تناول أهم الأحداث من واقع تواجده بحكم عمله الصحفي في تلك الفترة ما بين ٢٠١١ وحتى ٢٠١٣، لأحداث غيرت واقع مصر، واستغرق منه عامين، كما أكد حرصه على كتابة وقائع وأحداث تقدم صورة عامة للقارئ، وتجنب تناول أشياء تحتاج للتفكير والتفحيص.

وأوضح" رزق"، أن الكتاب يعارض أفعال جماعة الإخوان، وارتكابهم الكوارث خلال توليهم حكم مصر، الأمر الذي دفعه لمحاولة تدوين الحقائق حتى لا تختلس جماعة الأخوان الحقائق ويسعوا لتزييفها مع الوقت.

وحول موقف عمر سليمان من الانتخابات، قال إن ما حدث كان خدعة، “ما يهمني الآن لماذا نجح الإخوان في الوصول للحكم، وليس لماذا فشلوا".

وتابع" رزق"، أن جبهة الإنقاذ مسئولة عن ما فعلته بالاتحادية عام 2012، وموقفهم كان بحاجة لإعادة النظر فيه والتفكير، واصفا الوضع بالخواء السياسي، محملهم المسئولية بعدما أحلوا نفسهم وأعطوا الفرصة لتشكيل أحزاب صلصالية يهدمها الريح.