قصة معاناة صحفية نيوزيلندية مع حكومة بلادها وقناة الجزيرة بسبب "الحمل خارج الزواج".. ولغز احتضان حركة طالبان لها

الاثنين 31 يناير 2022 | 05:08 مساءً
كتب : بلدنا اليوم

كتب: إبراهيم محمد

نشرت صحيفة نيوزيلندية قصة الصحفية الشابة شارلوت بيليس، التي عاصرت واقعة استثنائية فى حياتها وقت حملها مع حكومة بلادها وحركة طالبان بأفغانستان، وهي تفاصيل تحمل الكثير من التساؤلات حول حقوق الإنسان فى مجتمعات العالم الأول وحقوق الصحفيين العاملين بالشبكات الإخبارية العالمية.

بدأت شارلوت قصتها بالتعريف عن نفسها وعن موطنها ومكان إقامتها الحالي، فهي من نيوزلندا ومستقرة الآن في أفغانستان لظروف متعلقة بكورونا، "شارلوت" هي الصحفية الشابة التي بادرت بسؤال المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد، في أولى المؤتمرات الصحفية التي أعدتها الحركة بعد السيطرة على البلاد العام الماضي "ماذا ستفعلون لحماية حقوق النساء والفتيات".

لسنوات طويلة كانت تعتقد "شارلوت" أنها لن ترزق بأطفال، فلقد أخبرها الأطباء بذلك، فنصبت أعينها على العمل واستطاعت في سن مبكرة الإنضمام لفريق العمل قناة ABC World News، وفي عام 2017 انتقلت للعمل مع شبكة الجزيرة في مكاتبها بالدوحة، انتقلت شارلوت في يوليو 2021 إلى العاصمة الأفغانية كابل لتغطية أحداث انهيار الدولة الأفغانية وسقوط البلاد في يد جماعة طالبان.

بعد المؤتمر الصحفي الأول لطالبان وبعد تساءل "شارلوت" حول حقوق النساء والفتيات الأفغان، شعرت ببعض أعراض الحمل، ووصفت هذا الأمر بالمعجزة المستحيلة، في نوفمبر عادت إلى الدوحة وأجرت اختبار الحمل لتكتشف أنها بالفعل حُبلى، تواردت الأفكار السلبية في مُخيلة الفتاة، فإنه من غير القانوني أن تلد إمراة في قطر بدون وجود الزوج.

سألت "شارلوت" الطبيبة إذا كانت ستخبر شرطة الدوحة بخصوص حملها بدون زواج، وقالت الطبيبة إنها لن تفعل ذلك بالتأكيد ولكن أيضًا أنه من غير القانوني أن أساعدك في الولادة هنا، عليكي الزواج أو مغادرة البلاد فورًا.

جيم، هو مصور صحفي يعمل لدى نيويورك تايمز ويقوم بتغطية الأحداث في كابل، وهو صديق شارلوت الذي لم يستطع الخروج من كابل في تلك الأثناء، اتفقا على إبقاء الأمور سراً بينهما حتى تخرج شارلوت من قطر وتحاول الرجوع إلى موطنها في نيوزلندا، ولكن العقبة الأكبر أمام شارلوت هو أن نظام دخول البلاد أصبح أقرب لليانصيب، فعلى كل مسافر أن يقول بالتسجيل على منظومة إدارة العزل والحجر الصحي MIQ وهي منظومة تقوم على عزل المسافرين القادمين إلى نيوزيلاندا 10 أيام في غرف محددة، ونظراً لارتفاع أعداد القادمين ومحدودية تلك الغرف يصل المُتقدم لمرحلة الـVirtual Lobby حيث ينتظر أحد تلك الغرف لتكون شاغرة ليقدم طلب الحصول عليها.

تصف شارلوت أنها صُدمت أثناء قراءة الحالات التي رُفضت من على منظومة MIQ فالنساء الحوامل لم ينالوا استثناءً لدخول البلاد، اقترح جيم أن تسافر شارلوت إلى بلجيكا موطنه الأصلي فهي تحمل جواز سفر نيوزلندي ويحق لها البقاء هناك بدون فيزا شينجن لمدة تصل إلى 3 شهور ولكن بالرغم من ذلك فهذه المدة لن تستمر إلى مرحلة الولادة.

ذكرت شارلوت أنها في تلك الفترة قدمت استقالتها من شبكة الجزيرة في الدوحة ولم تذكر الأسباب، لم تتحدث شارلوت عن أي محاولة منها للحصول على دعم أو مساعدة من شبكة الجزيرة، ولم تذكر أنها طلبت مقابلة أحد المحامين من داخل الشبكة للحصول على استثناء.

عادت شارلوت إلى كابل وجهزت لقاءاً مع أحد مسؤولي حركة طالبان والتي قد اجتمعت معه في لقاءات صحفية سابقة، وأخبرته بقصة الحمل وطلبت منه أن تمكث داخل أفغانستان هذه الفترة لإنها لا تستطيع العودة إلى وطنها، ووضحت له موقف صديقا جيم وأنه ليس زوجها ولكنهما مقربان من بعضهما البعض، كان الرد الأفغاني طيباً، فحسب ما وصفت شارلوت الرد فلقد إبتسم المسؤول الأفغاني وقال أنه سعيد لها وأن حياة الأجانب هي شأنكم الخاص، فقط أخبروا الناس أنكم متزوجون وتواصلوا معنا إذا أُثيرت معكم أي مشكلات.

تعيش شارلوت في كابل وتشاهد يوماً بعد يوم تأجيل القرارات المتعلقة بفتح حدود نيوزيلاندا لإستقبال مواطنيها بدون قواعد الحجر الصحي الصارمة، مؤخراً أعلنت الحكومة تأجيل فتح الحدود مجدداً، وتصف شارلوت ذلك بأنه بالأمر المحبط فلم يعد هنالك منفذ للعودة إلى بلادها إلا من خلال التقديم على منظومة الحجر الصحي MIQ للطوارئ، وتقول شارلوت أن هذه المنظومة المصممة للطوارئ رفضت حالات حمل عديدة بالإضافة أنها وافقت على 5% من المتقدمين، حاولت شارلوت تقديم مستندات تفيد بتلقيها لقاحات كورونا بالإضافة إلى جرعاتها المُعززة، وتقديم بياناتها المصرفية وبيانات جواز سفرها لتوضيح موقفها والحصول على استثناء خاص، وفي الـ24 من يناير الماضي تلقت بريداً إلكترونياً يخبرها بأنه تم رفض طلبها.

وحسب الرد الذي استقبلته شارلوت على بريدها الإلكتروني فإن منظومة الحجر الصحي MIQ وصفت سبب الرفض بالتالي:

"لم تقدموا ما يُثبت أن لديكم أي متابعة طبية داخل نيوزيلاندا، كما أنكم لم ترفقوا أدلة تُثبت عدم قدرتكم على الحصول على الرعاية الصحية اللازمة لحالتكم في موقعكم الحالي".

تضيف شارلوت بسخرية "موقعي الحالي هو أفغانستان، وسوف أرسل لهم المرة المقبلة تحقيقاً أجريته أكتوبر الماضي في أحد مستشفيات العاصمة كابل، مستشفى الولادة لم تكن فيها كهرباء وكانت تتم العمليات على أضواء الهواتف النقالة، ولا تُجرى الولادات القيصرية، وكل ما كان لديهم من الأدوية هي عقاقير الباراسيتامول موضوعة في أوراق جريدة، وحتى مسؤولي المستشفى أكدوا على انتهاء هذه الكميات من العقاقير خلال شهر"، ذكرت الأمم المتحدة سابقاً بسبب سوء الرعاية الصحية للسيدات الحوامل أنه قد تصل عدد الوفيات للسيدات أثناء الولادة من 50 إلى 70 ألف حالة وفاة بحلول 2025.

تضيف شارلوت "أن تكوني حاملاً في أفغانستان هو حكماً بالإعدام".

على غير المتوقع استقبلت شارلوت رسالة على بريدها الإلكتروني من MIQ للطوارئ تفيد بأن جيم البلجيكي تمت الموافقة عليه ويمكنه التقدم للحصول على غرفة حجر، ولم تضف الرسالة أية معلومات حول الطلب الخاص بها.

تصف شارلوت أن محاميها قام بمقاضاة منظومة الطوارئ 8 مرات بسبب رفضه لحالات حملٍ طارئة لسيدات نيوزيلانديات، وتضيف أنه قبل جلسة النطق بالحكم وبشكل غامض يتم الموافقة على حصول السيدة الحامل على غرفة حجر صحي!.

تضيف شارلوت: "بالتأكيد الـMIQ يتعارض وبشكل واضح مع قوانين الحقوق النيوزيلاندية".

وتقول "شارلوت" إنه بفضل المصادر التي نمتلكها وبفضل الأزمة التي استطعنا إثارتها هم بالتأكيد يقومون بإعادة النظر في طلبنا المُقدم لدخول البلاد، وتضيف أن MIQ وسيلة غير أخلاقية ولا ترقى للمستوى المطلوب، فهي منظومة تضع الأفغان المتقدمين الفارين خوفاً على حياتهم أمام مواطنين نيوزيلانديين من دافعي الضرائب، من يحق له دخول البلاد أولاً؟ هل هي Hunger Games؟.

وتنهي "شارلوت" حديثها: في صباح اليوم الذي استقبلت فيه الرفض على طلبي دخول البلاد، نظرت من النافذة لأرى ثليج كابل يغطي أسطح الأبنية، لم يعتريني الإحباط والريبة، ولكنه كان الشعور بعدم الثقة، ففي الأوقات الحرجة تُرسل لي حكومة بلادي أنني غير مُرحبٍ بي، لقد بكيت، وأتمنى ألا يتكرر ذلك مجدداً، فلقد كنت أظن أننا أفضل حالاً من ذلك، ويالا السخرية، فلقد تذكرت سؤالي لحكومة كابل أغسطس الماضي ماذا ستفعلون لحماية حقوق النساء والفتيات، وها أنا الآن أسأل نفس السؤال لحكومة بلادي".

اقرأ أيضا