كيف أثرت الحرب في أوكرانيا على أسعار السلع الأساسية؟

الاربعاء 13 ابريل 2022 | 08:15 صباحاً
كتب : بلدنا اليوم

ليس هناك شك في أن حالة الحرب بين روسيا وأوكرانيا قد أثرت على السوق المالية العالمية، فقد تراجعت أسواق الأسهم الأوروبية بشكل حاد وانخفضت أسواق الأسهم والسندات الروسية بشكل عام، وكسر النفط الخام علامة 100 دولار للبرميل، تعتبر روسيا وأوكرانيا أيضًا دولتين مهمتين في العالم من حيث الموارد السلعية، فأوكرانيا مصدر مهم للحبوب في العالم أما روسيا فهي تلعب دورًا محوريًا في الإمداد العالمي بالنفط الخام والغاز الطبيعي، لهذا فإن الصراع بين الاثنين لابد أن يكون له تأثير على المعروض من السلع العالمية، لذا دعونا ننتبه إلى تأثير الوضع في روسيا وأوكرانيا على سوق تداول السلع الأساسية؟

النفط الخام والغاز الطبيعي

تعتبر روسيا منتجًا ومصدرًا مهمًا للنفط والغاز في العالم ولها أهمية كبيرة في سوق الطاقة العالمي، فهي من بين أهم ثلاث دول منتجة للنفط الخام في العالم (الولايات المتحدة وروسيا والمملكة العربية السعودية) ، مما يشكل اتجاهاً "ثلاثي الأركان".

في الوقت الحاضر، يبلغ إنتاج روسيا من النفط الخام حوالي 11 مليون برميل يوميًا، وهو ما يمثل حوالي 11% من إنتاج النفط الخام العالمي، في الوقت نفسه، تعد روسيا المصدر الرئيسي لإمدادات الغاز الطبيعي في أوروبا، يأتي حوالي 40% من واردات أوروبا من الغاز الطبيعي من روسيا ويتم استيراد ثلثها عبر أوكرانيا، يبلغ إنتاج روسيا من الغاز الطبيعي حاليًا ما يقرب من 70 مليار متر مكعب شهريًا.

جعل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية اليوم السوق العالمية أكثر قلقا بشأن إمدادات النفط الخام والغاز الطبيعي الروسي، حيث ارتفعت أسعار النفط الخام والغاز الطبيعي بشكل حاد، تجاوز عقد أبريل لخام برنت 100 دولار أمريكي للبرميل بزيادة أكثر من 6%، وارتفعت الصناديق الاستئمانية للغاز الطبيعي الأوروبي بأكثر من 30% ووصل مرة واحدة إلى 40 دولار أمريكي / مليون وحدة حرارية بريطانية.

كان التركيز في سوق النفط الخام مؤخرًا على الجغرافيا السياسية، فمع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية زادت مخاوف السوق بشأن احتمال تعطل إمدادات الطاقة في روسيا، كما أدت المخاوف الجيوسياسية إلى ارتفاع أسعار النفط الخام والغاز الطبيعي، ولكن من المتوقع أن تستمر قوة أسعار الطاقة على مدي قصير.

سينصب تركيز السوق على ما إذا كانت الجولة الجديدة من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على روسيا ستحد من صادرات الطاقة الروسية، مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية والاتجاه التصاعدي في أسعار النفط مدفوعًا بالتوترات الجيوسياسية سنواصل الاهتمام بما إذا كانت صادرات الطاقة الروسية ستُدرج في جولة جديدة من العقوبات، هناك شكوك جيوسياسية قوية والنتائج لا يمكن التنبؤ بها وتقلب أسعار النفط يتزايد.

المعادن الثمينة

مع استمرار تصاعد الموقف في روسيا وأوكرانيا ازدادت حدة كره المخاطرة في السوق بسرعة، وبصفة الذهب أحد الأصول التقليدية الآمنة ارتفعت أسعاره من حوالي 1800 دولار للأونصة إلى حد أقصى قدره 1950 دولار للأوقية، بعد أن أدى تفشي الوباء العالمي في عام 2020 إلى تحفيزات واسعة في السياسات النقدية في أوروبا والولايات المتحدة، وصل سعر الذهبإلى مستوى قياسي بلغ 2089 دولار للأونصة، من منظور الأصول الرئيسية انخفضت الأصول الخطرة مثل سوق الأوراق المالية والعملة الرقمية بشكل حاد، في حين ارتفع سوق السندات والذهب وعملات الملاذ الآمن بما في ذلك الين الياباني والفرنك السويسري والدولار الأمريكي، وهو ما يعكس أيضًا الارتفاع العام في معدلات كره المخاطرة في السوق.

من منظور توقعات السوق، سيستمر تقدم الوضع في روسيا وأوكرانيا في الهيمنة على أسعار المعادن الثمينة في المستقبل القريب، إذا هدأ الموقف أو عاد إلى مستوى التفاوض فمن المتوقع أن تتخلى المعادن الثمينة عن مكاسبها السابقة، ومع ذلك، إذا تدهور الوضع في روسيا وأوكرانيا بشكل أكبر وتحول إلى حرب شاملة فلا يزال هناك مجال كبير لارتفاع أسعار المعادن الثمينة، ولكن لا يزال السوق منقسمًا بشأن توقعات رفع سعر الفائدة الفيدرالية خلال هذا العام، في ظل استمرار الاضطرابات في روسيا وأوكرانيا قد تتضائل وتيرة تشديد السياسة النقدية التي يتبعها البنك الاحتياطي الفيدرالي بما ستؤثر بشكل ايجابي على أسعار المعادن الثمينة.

على المدى المتوسط والطويل، في ظل توقع تباطؤ نمو الاقتصاد الأمريكي ستنخفض جاذبية سوق الأسهم وستستمر نسبة الدين الأمريكي إلى الناتج المحلي الإجمالي في الارتفاع، ومن المتوقع أن تظل المعادن الثمينة قوية.

المعادن الأخري

النحاس: للجغرافيا السياسية تأثير أقل على سوق النحاس المكرر

وفقًا لبيانات ICSG، في الفترة من يناير إلى أكتوبر 2021 بلغ إنتاج النحاس المكرر في روسيا 775000 طن وهو ما يمثل 3.7 %من إنتاج النحاس المكرر العالمي،وكان الاستهلاك 342.000 طن وهو ما يمثل 1.5 % من الاستهلاك العالميوبلغ صافي فائض الإنتاج 433 ألف طن، يمكن أن نرى من البيانات أن إنتاج ومبيعات النحاس في روسيا يمثلان نسبة صغيرة من السوق العالمية ولديها القدرة على الاكتفاء الذاتي، نري أن حجم صادراتها الصافي ليس كبيرًا وله تأثير ضئيل على سوق النحاس المكرر العالمي، في الوقت نفسه، فإن بيئة الاستهلاك الأخيرة للنحاس المكرر ليست جيدة، لذلك نعتقد أن التوترات الجيوسياسية الروسية الأوكرانية لها تأثير ضئيل على سوق النحاس المكرر.

النيكل: العرض ضيق وأسعار النيكل مدعومة قليلاً

وفقًا لبيانات INSG، في الفترة من يناير إلى يوليو 2021 بلغ إنتاج روسيا من النيكل المكرر 60 ألف طنوهو ما يمثل 3.9% من إنتاج النيكل المكرر العالمي، والذي تم تصدير معظمه بشكل أساسي إلى أوروبا وبعضها إلى الصين والولايات المتحدة، لا يزال النقص في المعروض من النيكل موجودا في الآونة الأخيرة، لهذا فإن الطلب على النيكل لا يزال مرتفعًا، لذلك، نعتقد أن الوضع في روسيا وأوكرانيا قد يجعل توريد النيكل المكرر في أوروبا ضيقًا وستتلقى أسعار النيكل دعمًا طفيفًا.

الألمنيوم: يتأثر جانبي العرض والتكلفة

ينعكس تأثير الصراع الروسي الأوكراني على أسعار الألمونيوم بشكل رئيسي في جانبين: العرض والتكلفة، تعتمد المنطقة الأوروبية اعتمادًا كبيرًا على إمدادات الغاز الطبيعي لروسيا، منذ العام الماضي ومع التصعيد المستمر للوضع في روسيا وأوكرانيا، أوقفت روسيا أولاً نقل الغاز الطبيعي لخط أنابيب "يامال-أوروبا" وهو المصدر الرئيسي للغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا، وفي الوقت نفسه، ظل مشروع "نورث ستريم 2"راكدا تحت تأثير عوامل مختلفة.

وقد أدى نقص إمدادات الغاز الطبيعي إلى جانب عدم كفاية إمدادات الطاقة المتجددة الأخرى إلى ارتفاع أسعار الكهرباء في أوروبا، وتواجه مصانع الألمنيوم في أوروبا ضغوطًا ضخمة من حيث التكلفة، حتى الآن، يبلغ خفض الإنتاج الناتج عن تكاليف الكهرباء حوالي 890 ألف طن.

تعد روسيا ثاني أكبر منتج للألمونيوم الأولي في العالم، وقد شكل إنتاج شركة روسال الروسية وهي أكبر شركة لانتاج الألمنيوم في العالم في العشرين عامًا الماضية حوالي 6% من إنتاج الألمنيوم الأولي العالمي، بالإضافة إلى ذلك، تعد روسيا أيضًا أكبر مصدر للألمونيوم، في عام 2019 بلغت صادرات شركة روسال للألمونيوم وسبائك الألومنيوم الأولية 1.9 مليون طن و 840 ألف طن على التوالي وهو ما يمثل 17.4% و 6.9% من إجمالي حجم التجارة العالمية، ومن فرض العقوبات سيتأثر الإمداد العالمي لسبائك الألومنيوم مرة أخرى على المدى القصير.

اقرأ أيضا