خاص|السفير وائل نصر: مصر بوابة موسكو وبكين لأفريقيا وكسب الثقة مفتاح النجاح

الاربعاء 01 مارس 2023 | 09:07 مساءً
السفير وائل نصر مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الأفريقية
السفير وائل نصر مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الأفريقية
كتب : هبه حرب

أصبح من الواضح أن كل من موسكو وبكين يوجهان أنظارهم نحو القارة السمراء، فقد باتت أفريقيا هدف إستراتيجياً للدب الروسي والتنين الصيني، من أجل التوسع في الشراكات الإقتصادية والتنموية، ولما لا وأفريقيا هي الأرض الواعدة، التي لم تنضب خيراتها بالرغم من تعرضها للنهب منذ عشرات السنين.

ولعل ما يؤكد ذلك هو الجولات المتتالية من وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، ونظيره الصيني تشين جانج التي شملت عدة دول أفريقية على رأسها مصر، التي كانت أساسية في جولة كلا الوزيران، كما زار لافروف أيضا كل من والكونغو وأوغندا وإثيوبيا، بجانب مالي والسودان وموريتانيا في جولة تالية، فيما زار جانج خلال جولته كل من إثيوبيا والجابون وأنجولا وبنين.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أن كثيراً ما أكدت موسكو رغبتها في إنضمام العديد من دول أفريقيا لمجموعة بريكس التي تضم بين أعضائها جنوب أفريقيا، كما أن للقارة الأفريقية مكانة كبيرة في مبادرة حزام وطريق الذي أطلقتها الصين قبل سنوات، وأكدت أنها مستعدة لرفع البنية التحتية في البلدان الإفريقية من أجل ربطها بهذا المشروع الضخم.

هذا وتتزامن تحركات روسيا والصين، مع إستفاقة أفريقية حول الوجه الحقيقي للغرب ونواياه الاستعمارية المستمرة بالقارة السمراء، حيث أنه لايزال حتى الآن ينهب ثرواتها وخيراتها.

السفير وائل نصر: كسب الثقة مفتاح نجاح العلاقات الأفريقية مع موسكو وبكين

ومن جانبه، فقد أكد السفير وائل نصر مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الأفريقية في تصريحات خاصة لـ بلدنا اليوم، أن الغرب و خصوصاً بريطانيا وفرنسا وبلجيكا، أعتبر أن القارة السمراء بمثابة الحديقة الخلفية له، فأصبح يمارس الاستعمار و فساد بها بلا أي ردع، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية لم يكن لها تواجد كبير في أفريقيا، حيث اكتفت بتواجد حلفائها من الدول الأوروبية.

وأوضح مساعد وزير الخارجية للشئون الأفريقية، أن القارة السمراء كانت تعد المصدر الرئيسي من المواد الخام مثل الذهب واليورانيوم والبلوتونيوم للدول الأوروبية، وخلال تصريحاته ضرب نصر المثال بإحتياطيات الذهب المهولة لدى فرنسا، من أين بالرغم أنها لا تمتلك منجم ذهب واحد على أراضيها، فالأمر ليس خفياً أن ذلك منهوب من الثروات الأفريقية.

وخلال تصريحاته ذكر السفير وائل نصر، أن الواقع على الأرض في أفريقيا يقول أن الإحتلال الفرنسي والإنجليزي خرج من دول القارة السمراء بالشكل العسكري، لكنه باقي على المستوى الثقافي والإقتصادي، مازالت فرنسا و بريطانيا يسيطران على الثقافة في مستعمراتهم السابقة في أفريقيا، كما أنهم يتحكمان في إقتصاد هذه الدول.

فيما أفاد نصر خلال تصريحاته، أنه على الرغم من أن القارة السمراء غنية بالموارد و المواد الخام و الموارد البشرية، إلا أن الأزمة الحقيقية في أفريقيا تتمثل في الإدارة والفساد، وهذا هو الميراث الذي تركه الاستعمار للقارة.

كما تطرق مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الأفريقية خلال تصريحاته، بالإشارة إلى المعاناة التي كان يعيشها الأفارقة في أمريكا حتى ستينيات القرن الماضي، بجانب تجربة نظام الأبارتايد المريرة في جنوب أفريقيا، التي مارس فيها المستعمر الأبيض شتى ألوان الاضطهاد ضد السكان الأصليين في تسعينيات القرن الماضي، فهذه التجارب مازالت في ذهن شعوب القارة السمراء.

ولفت السفير وائل نصر خلال تصريحاته إلى أن خلال السنوات الأخيرة أظهرت بقوة، كيف ينظر الغرب إلى إفريقيا، حيث أدركت الدول الأفريقية أن الغرب ينظر إليهم بدونية ويعتبرهم أقل منه آدمياً، وتابع بقوله أن الأفارقة أدركوا أيضا أن موازين القوة في العالم غير عادلة، وأنه لابد أن يكون لهم دوراً في اللعبة السياسية على مستوى العالم.

وأضاف نصر خلال تصريحاته، أنه هذا يفسر قيام السلطات في بوركينا فاسو ومالي بالمطالبة بشكل رسمي بخروج القوات الفرنسية من بلادهم، حيث تأكدت هذه الدول أن مبررات باريس في بقاء قواتها كاذبة، فهي لم تسلح ولا تدرب قوات هذه الدول، إنما تواجد قواتها يعود إلى التغطية على أعمال النهب التي تقوم بها فرنسا في هذه الدول.

وفيما يتعلق بـ الإنتشار الروسي والصيني بالقارة الأفريقية، فقد أوضح السفير وائل نصر، أن الصين بدأت في الانتشار بالقارة السمراء مبكراً وكان ذلك في شرق أفريقيا، وتحديداً منذ عام 2007.

كما أكد نصر،أن روسيا والصين يستطيعان أن يحلوا محل الغرب في القارة الأفريقية حالياً، مشيراً إلى أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت، لكن المؤكد أن القوتين الشرقيين سيتمكنان من هذا.

كسب الثقة

هذا وقد أشار السفير وائل نصر خلال تصريحاته، إلى أن هناك قبول و ترحيب أفريقي للتواجد الروسي و الصيني في القارة، إلا أنه أوضح أن هذا الترحيب حذر، حيث أن الدول الأفريقية لا تريد أن تقع في استعمار جديد، فهي لا تريد إستبدال المستعمرين القدماء بأخرين، إنما ترغب في تحقيق شراكة وتنمية، لذا فإن هذا التواجد يتوقف على ذكائهم في قراءة العقل الإفريقي، ويعود السبب في ذلك إلى أن الأفارقة حريصين بشكل كبير.

وخلال تصريحاته أيضا، رأي نصر أن الرهان الآن على موسكو وبكين، في قدرتهم على كسب ثقة الأفارقة، مؤكداً أنه إذا حدث ذلك سيتم إقامة تكتل إقتصادي قوي، سيصب في مصالح جميع الأطراف، وذلك من خلال محاور متعددة مثل المبادرة الصينية حزام و طريق، بجانب مجموعة بريكس، الذي سيكونان ركائز الشراكة والتنمية بين الدب الروسي والتنين الصيني من جهة، و القارة السمراء من جهة أخرى.

كما تحدث السفير وائل نصر خلال تصريحاته، عن دور مصر فى هذا التقارب بين موسكو وبكين وأفريقيا، مؤكداً أنهم سيستفيدون من المصداقية المصرية في أفريقيا، حيث أن الأفارقة يعلمون أن مصر لم ولن يكن لها أجندة خفية في القارة، بجانب ما تمتلكه مصر من قوى ناعمة في الدول الأفريقية، ممثلة في البعثات التعليمية التي تقدمها الجامعات المصرية و الأزهر للطلاب الأفارقة، وايضاً بعثات الأطباء في الدول الأفريقية، وأن هذه الأمور تعد نقطة قوة في العلاقة بين القاهرة ودول القارة، ولها أثر كبير.

مبادرة مصرية

لذا فقد اقتراح مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الأفريقية، أن تقوم مصر بتقديم مقترحات ومبادرات لكل من روسيا والصين، لأن يكون هناك تعاون ثلاثي ممثل في كل من " مصر وروسيا والصين"، للشراكة والتنمية في أفريقيا، مشيراً أن هذا الطرح يمكن أن يلقي قبول واسع لدى موسكو وبكين، وذلك نظراً لما يعهدوه من مصداقية و ثقل لمصر في القارة السمراء، إلا أنه شدد على ضرورة العمل على هذا الأمر بشكل سريع من قبل الدولة المصرية.

وخلال تصريحاته أيضاً أفاد السفير وائل نصر، أن الغرب لن يقبل انحسار تواجده في أفريقيا، وسيعمل على إثارة الأزمات و الاحتجاجات والإنتفاضات والانقلابات في هذه المناطق، من أجل إفساد التواجد والتوسع الروسي الصيني بإفريقيا.

إلا أنه إختتم تصريحاته، بتأكيده على أن المؤشرات تدل على أن الدور الغربي سواء على المستوى العالمي أو الأفريقي بشكل خاص دخل في مرحلة الانحسار، وأن الفجوة تتزايد بين الغرب والقارة السمراء، فقد أصبح الغرب وجه غير مقبول في أفريقيا، وأن القادم هو الزمن الروسي الصيني سواء كان على المستوى العالمي وأفريقياً. 

اقرأ أيضا