هجوم أنقرة.. دلالات خطيرة لمحاولة استهداف البرلمان التركي بـ"تفجيرات العاصمة"

أحبطت أجهزة الأمن التركية هجومًا إرهابيًا وقع بمنطقة قزلاي وسط العاصمة أنقرة أمام مدخل المديرية العامة للأمن التابعة لوزارة الداخلية، حيث كان مقررًا أن يعقد البرلمان التركي جلسته، اليوم، في منطقة قريبة من الهجوم.

وقال وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا إن الهجوم وقع بالقرب من مقر الوزارة، وإن أجهزة الأمن استطاعت تصفية أحد المهاجمين فيما فجر الآخر نفسه خلال الهجوم.

وبحسب المعلومات المتوافرة عن الهجوم فإن منفذيه وصلا أمام مدخل المديرية العامة للأمن قبل دقائق معدودة من الهجوم وشرعا في إلقاء القنابل تجاه أفراد الأمن المتواجدين في المنطقة.

وحتى الآن، لم تتهم الحكومة التركية أي جهة أو تنظيم بالوقوف وراء الهجوم، بينما أصدرت النيابة العامة التركية قرارًا بحظر البث والوصول إلى المحتوى المتعلق بالحادثة، بحسب ما أعلنته وكالة الأناضول الإخبارية التركية، فيما يقول مراقبون إنه لا يمكن الجزم في الوقت الحالي بالجهة المسؤولة عن الهجوم.

بين داعش وحزب العمل الكردستاني

وشهدت تركيا، خلال السنوات الماضية، عددًا من الهجمات الإرهابية تبنى تنظيم داعش بعضها واتهمت السلطات التركية حزب العمال الكردستاني، المدرج على قوائم الإرهاب في تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بالمسؤولية حول هجمات أخرى.

ففي يونيو عام 2016، نفذ داعش هجومًا داخل مطار أتاتورك الدولي في مدينة إسطنبول وخلف الهجوم عشرات القتلى والجرحى، وقال التنظيم، المدرج على قوائم الإرهاب العالمية، إنه شن الهجوم انتقامًا للدور الذي تلعبه تركيا في محاربته ومشاركتها في التحالف الدولي لدحر داعش.

وعلى خلفية الهجوم أطلقت أجهزة الأمن والاستخبارات التركية حملة اعتقالات واسعة النطاق في صفوف مناصري داعش، ونجحت في القبض على عدد من قادته.

غير أن التنظيم غير نهجه، بعد ذلك، واعتمد على تحويل تركيا إلى ولاية لوجيستية يدير منها شبكات الدعم اللوجيستي لخلاياه، وأسس فيها واحدًا من مكاتبه الخارجية الذي عُرف بمكتب الفاروق، وذلك بحسب تقرير سابق صادر عن فريق الدعم التحليلي بمجلس الأمن الدولي.

وأُجبر التنظيم على حل مكتب الفاروق بسبب كثرة الاعتقالات وسقوط عدد من خلاياه في قبضة الأمن التركي، وجرى نقل سلطة المكتب إلى مكتب الشام المعروف أيضًا باسم مكتب "الأرض المباركة"، وفقًا لوثائق تنظيمية مسربة من أرشيف داعش.

وذكرت الحكومة التركية، في مناسبات متفرقة، أنها قبضت على قادة بارزين بتنظيم داعش من بينهم زيد العراقي المعروف باسم "الأستاذ زيد"، وهو أحد كبار قادة داعش ممن هربوا من سوريا إلى تركيا بالتزامن مع سقوط الخلافة المكانية في 2019.

وفي مايو الماضي، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن الاستخبارات الوطنية التركية MIT نجحت في الإطاحة بخليفة داعش أبو الحسين الحسيني القرشي في عملية منسقة نفذتها داخل سوريا، غير أن المتحدث الرسمي باسم داعش، أعلن في كلمة بثتها مؤسسة الفرقان الإعلامية التابعة للتنظيم في أغسطس الماضي، بأن خليفة التنظيم قُتل في هجوم نفذه مسلحون من هيئة تحرير الشام، ثم جرى تسليم جثمانه للجانب التركي، على حد قوله.

وتوعد داعش، في حينها، بالانتقام من تركيا لدوره في محاربة التنظيم واستهداف قادته، وكذلك توعد باستهداف هيئة تحرير الشام، على حد تعبير متحدثه الرسمي أبو حذيفة الأنصاري.

وعلى صعيد الجانب الآخر، ما زال حزب العمال الكردستاني يخوض صراعًا ضد الحكومة التركية، منذ عقود، وتتهم تركيا الحزب بالوقوف وراء هجمات إرهابية عديدة في البلاد.

وفي نوفمبر 2022، وقع انفجار في شارع الاستقلال الشهير بمدينة إسطنبول التركية ، وألقت قوات الأمن التركي، في وقت لاحق، القبض على سيدة سورية قال إنها مسؤولة عن الهجوم وإنها تلقت تدريبات وتعليمات من حزب العمال الكردستاني.

وبدوره، نفى حزب العمال الكردستاني مسؤوليته عن الهجوم شارع الاستقلال، قائلًا إن سياسته لا تقوم على استهداف المدنيين، وذلك وفقًا لبيان رسمي صادر عنه.

خبراء: هجوم أنقرة يحمل دلالات هامة.. وقد يكون له رسائل سياسية

وفي هذا الإطار، قال إيهاب نافع، الكاتب الصحفي، إن هجوم أنقرة الذي وقع صباح اليوم له دلالات هامة مضيفًا أنه وقع بالتزامن مع الجلسة الافتتاحية لدورة برلمانية جديدة وكان مقررًا أن ينعقد البرلمان في مقر قريب من الموقع الذي شهد الهجوم.

وأضاف "نافع" لـ"بلدنا اليوم" أنه لا يمكن الجزم بالجهة التي تقف وراء الهجوم حتى الآن، ولا سيما أن هناك العديد من السيناريوهات المطروحة حوله، لكن كل هذا لا ينفي أن الهجوم له دلالة واضحة تهدف لإظهار تركيا بأنها عاجزة عن تأمين المناطق الحيوية داخل قلب العاصمة.

وأشار الكاتب الصحفي إيهاب نافع إلى أن الرئيس التركي سيسعى للاستفادة من الزخم الذي خلفه الهجوم لإظهار أن بلاده مستهدفة من القوى الإرهابية، وذلك لكسب الدعم والتعاطف في الوقت الراهن.

ومن جهتها، قالت لامار أركندي، الصحفية والباحثة السورية المختصة في الشؤون الكردية، إن العملية قد تكون مدبرة لخدمة غرض سياسي، بدليل ما كُشف في أوقات سابقة عن هجمات إرهابية استهدفت تركيا وتبين لاحقًا أنها كانت بتوجيه من بعض الجهات لخدمة أجندة معينة، مؤكدةً أنه لا يمكن الجزم بهوية منفذي الهجوم أو الجهة المسؤولة عنه حتى الآن لوجود حظر من النيابة العامة التركية في الوصول للمعلومات بشأنه.

وأشارت "أركندي" لـ"بلدنا اليوم" إلى أن الهجوم لا يمكن فصله بالحال من الأحوال عن التطورات الحاصلة، مؤخرا، في الشمال السوري ووجود رغبة من أنقرة لتقوية بعض الفواعل من دون الدول هناك، مردفةً أن هذا الهجوم سيوظف لخدمة أغراض سياسية تصب في مصلحة النظام التركي، على حد قولها.